LCCC/ المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

نشرة الأخبار العربية ليوم 17 آيار/2019

اعداد الياس بجاني

في أسفل رابط النشرة على موقعنا الألكتروني

http://data.eliasbejjaninews.com/eliasnews19/arabic.may17.19.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

اقسام النشرة

عناوين أقسام النشرة

عناوين الزوادة الإيمانية لليوم

أَيُّهَا الإِخْوَة، فلا تَمَلُّوا عَمَلَ الخَير. وإِنْ كانَ أَحَدٌ لا يُطِيعُ كَلِمَتَنَا في هذهِ الرِّسَالة، فلاحِظُوهُ ولا تُخَالِطُوه، لَعَلَّهُ يَخْجَل! لا تَحْسَبُوهُ كَعَدُوّ، بَلِ ٱنْصَحُوهُ كَأَخ

 

عناوين تعليقات الياس بجاني وخلفياته

رسالة من الياس بجاني إلى غبطة البطريرك صفير سلمها له خلال زيارته الرعوية لمدينة تورنتو الكندية عام 2001 تتناول أخطار الإحتلال السوري وأوضاع  وممارسات غير إيمانية وغير وطنية لرعاة في بعض الكنائس المارونية الكندية

الياس بجاني/الدينونة والحساب: من يتعامى عن يوم الدينونة يصبح عبداً لغرائزه ونزواته

أهم عناوين مقابلة الدكتور نبيل خليفة من تلفزيون المر/تلخيص وتفريغ الياس بجاني بتصرف وحرية كاملين

الياس بجاني/رابط مقالتي المنشورة اليوم في جريدة السياسة وهي تحت عنوان: البطريرك صفير… صخرة لبنانية

الياس بجاني/عيد الأم في كندا وأميركا: تهانينا القلبية لكل الأمهات

 

عناوين الأخبار اللبنانية

تقرير عن مراسيم وداع لبنان الرسمي والشعبي، للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير

الراعي في وداع البطريرك صفير: بطريرك الاستقلال الثاني والمصالحة لا يتكرر

البابا فرنسيس: البطريرك صفير أرسى السلام والمصالحة وسيبقى وجها لامعا في تاريخ لبنان

التقدمي: الجبل لبى دعوة جنبلاط للمشاركة في وداع صفير

مطران يكشف خبايا لقائه برستم غزالي...وصفير ردّ بالقول: كذّابين... قريباً رح ينقلعوا من هون!

يا للصدف ... أو ربما ليس صدفة

4 محطات سياسية لا تُنسى في حياة البطريرك صفير

مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الخميس في 16/5/2019

 

عناوين المتفرقات اللبنانية

لو دريان بعد جنازة صفير: مستعدون للموعد ولما بدأناه معا في مؤتمر سيدر وآمل أن يكون اللبنانيون كذلك

مصادر اسرائيلية تعلق على ما كشفه السيد نصرالله عن كمين مغنية - بدر الدين في انصارية: كنا نطرح هذا الاحتمال وحزب الله حصل على معلومات استخبارية ونصب الكمين

قلق لبناني من التوتر بين الولايات المتحدة وإيران

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

تصعيد أميركي إيراني.. و"حزب الله" تحت مجهر واشنطن

ترمب: واثق أن إيران سترغب في المحادثات قريباً

الغارديان: سليماني طلب من ميليشيات عراقية الاستعداد للحرب

هل يتفادى ترمب فتح جبهة جديدة بمعاركه التجارية؟

ترمب قد يرجئ قراراً بشأن فرض رسوم على السيارات لـ6 أشهر

إحباط عملية إرهابية للحوثيين بمطار الحديدة

الخرطوم.. الإعلان عن ميلاد الحراك القومي السوداني

إيران تلتف على العقوبات الأميركية وتصدر النفط للصين

هل انتهت حاجة الدولة العميقة لورقة حسن روحاني/عين المتشددين وراء روحاني

رئيس البرلمان الكويتي: المنطقة تستعد للحرب

السعودية تحمّل إيران مسؤولية الهجوم على منشآتها النفطية والرياض تضاعف الضغوط على طهران وسط تحذيرات متزايدة من الخطر الإيراني.

تقارب فرنسي إيطالي بشأن ليبيا يمهد للعودة لاتفاق أبوظبي

سياسة غريفيث تسلك مسارا عكسيا بجهود السلام في اليمن

أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين في السودان

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

انتقال البطريرك مار نصر الله بطرس صفير إلى بيت الآب/الخوري: غطاس خوري

إحياء "نكبة الموارنة" في الحملة المملوكية: الغرق والحرق والسحل/أورنيلا عنتر/المدن

إلى بكركي عاد بطريركها الدائم/جليل الهاشمالمدن

لا توظيف في الدولة والبطالة تتفشى.. ما هي البدائل/خضر حسان/المدن

في وداع بطريركنا الذي علّمنا السياسة/منير الربيع/المدن

لبنان ساحة تفاوض أميركية إيرانية: عقوبات على أسماء جديدة/منير الربيع/المدن

هذيان "باسيلي": رسوم على الزواج المدني والمهاجرين لسد العجز/وليد حسين/المدن

توظيفات وتنفيعات في الجامعة الأميركية/عزة الحاج حسن/المدن

مراهق الساحة الحمراء/سمير عطا الله/الشرق الأوسط

العرب ليسوا في حسابات صفقة ترامب مع إيران/محمد قواص/العرب

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والتفاهات السياسية من ردود وغيرها

رئيس الجمهورية استقبل ممثل الرئيس الفرنسي

دريان في ذكرى استشهاد المفتي خالد: كان أكبر خصوم الانقسام الداخلي وعمل ما بوسعه لإنهاء النزاع

 

في أسفل تفاصيل النشرة الكاملة

الزوادة الإيمانية لليوم

أَنْتُم جَميعًا شُرَكائِي في نِعْمَتِي، سَواءً في قُيُودِي أَو في دِفَاعِي عَنِ الإِنْجِيلِ

رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيلبّي01/من01حتى13/:”يا إخوَتِي، مِنْ بُولُسَ وطِيمُوتَاوُس، عَبْدَي المَسيحِ يَسُوع، إِلى جَميعِ القِدِّيسِينَ في المَسِيحِ يَسُوع، الَّذِينَ في فِيلِبِّي، مع الأَساقِفَةِ والشَّمامِسَة: أَلنِّعْمَةُ لَكُم، والسَّلامُ منَ اللهِ أَبينَا والرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح! أَشْكُرُ إِلهِي، كُلَّمَا ذَكَرْتُكُم، ضَارِعًا بِفَرَحٍ على الدَّوَامِ في كُلِّ صَلَواتِي مِنْ أَجْلِكُم جَمِيعًا، لِمُشَارَكَتِكُم في الإِنْجِيلِ مُنْذُ أَوَّلِ يَومٍ إِلى الآن. وإِنِّي لَوَاثِقٌ أَنَّ الَّذي بَدأَ فِيكُم هذَا العَمَلَ الصَّالِحَ سَيُكَمِّلُهُ حتَّى يَومِ المَسِيحِ يَسُوع. فَإِنَّهُ مِنَ العَدْلِ أَنْ يَكُونَ لي هذَا الشُّعُورُ نَحْوَكُم جَمِيعًا، لأَنِّي أَحْمِلُكُم في قَلبي، أَنْتُم جَميعًا شُرَكائِي في نِعْمَتِي، سَواءً في قُيُودِي أَو في دِفَاعِي عَنِ الإِنْجِيلِ وتَثْبِيتِهِ، فَإِنَّ اللهَ شَاهِدٌ لي كَمْ أَتَشَوَّقُ إِلَيكُم جمِيعًا في أَحْشَاءِ المَسِيحِ يَسُوع. وهذِهِ صَلاتي أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُم أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ في كُلِّ فَهْمٍ ومَعْرِفَة، لِتُمَيِّزُوا مَا هُوَ الأَفْضَل، فتَكُونوا أَنْقِيَاءَ وبِغَيْرِ عِثَارٍ إِلى يَوْمِ المَسِيح، مُمْتَلِئِينَ مِن ثَمَر البِرِّ بِيَسُوعَ المَسِيحِ لِمَجْدِ اللهِ ومَدْحِهِ. أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا، أَيُّهَا الإِخْوَة، أَنَّ مَا حَدَثَ لي قَد أَدَّى بِالحَرِيِّ إِلى نَجَاحِ الإِنْجِيل، حتَّى إِنَّ قُيُودِي مِن أَجْلِ المَسِيحِ صَارَتْ مَشْهُورَةً في دَارِ الوِلايَةِ كُلِّهَا، وفي كُلِّ مَكَانٍ آخَر.

 

تفاصيل تعليقات الياس بجاني وخلفياته وتغريدات متفرقة

رسالة من الياس بجاني إلى غبطة البطريرك صفير سلمها له خلال زيارته الرعوية لمدينة تورنتو الكندية عام 2001 تتناول أخطار الإحتلال السوري وأوضاع  وممارسات غير إيمانية وغير وطنية لرعاة في بعض الكنائس المارونية الكندية

http://eliasbejjaninews.com/archives/74876/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B3-%D8%A8%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%A8%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%83/

*يا سيدنا بعض رعاتنا في كندا يمنعوننا من توزيع رسائلكم على المؤمنين في كنائسنا المارونية

*كنائس الإغتراب بحاجة إلى رعاة صالحين لا إلى محبي جاه ولاهثين وراء المراكز والمصالح الذاتية.

21 آذار/2001

أهلاً بغبطة البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير في كندا،

أهلاً بحامل عبيق قنوبين وشذا  قاديشا،

أهلاً بسيد الأديار والمنارات الروحية المتناثرة فوق تلال لبنان المقدسة، وحامل هموم وطن الأرز وأهله،

أهلاً برافع مشعل الاستقلال والسيادة والقرار، الحريات والتعايش والمحبة،  بمجسد نضال، تاريخ وعطاء 76 بطريركا مارونياً.

أهلاً بالصوت الصارخ في وجه قوى الاحتلال والشر،

أهلاً بسيد بكركي التي أُعطيت مجد لبنان،

أهلاً بكم يا سيدنا في كندا بين أبنائكم وأفراد رعاياكم فأنتم وكما قيل لكم سابقاً لم تعطوا دور القيادة، بل أصبحتم قائداً من نوعية أعمالكم، ونزاهة نياتكم، وصفاء فكركم، وقدسية عطائكم، ومجاهرتكم بالحق، وشهادتكم للحقيقة دون خوف أو مساومة.

 إن المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC  تؤيد مواقفكم الوطنية والإنسانية وتطلب منكم وكما فعل السيد المسيح أن تحملوا السوط وتطردوا من بعض هياكلنا قلة من الرعاة الذين جعلوا منها مرتعاً للمصالح الخاصة بعد أن كفروا بالقيم والثوابت الوطنية وأصبح همهم إبعاد السياديين المؤمنين بقدسية لبنان وهويته عنها، وفرض قوانين جائرة لا تمت بصلة لتاريخ كنيستنا العريق وانفتاحها على أبنائها. قوانين تغرب ولا تقرب ولا تتماشى مع مفهوم الشباب وطبيعة البيئة المتواجدة فيها الكنيسة.

إننا بحاجة إلى رعاة صالحين لا إلى محبي جاه ولاهثين وراء المراكز والمصالح الذاتية.

أنتم يا سيدنا وقائدنا ومعك المخلصين من رموزنا وقادتنا المقيمين والمعتقلين والمبعدين أملنا في تخليص وتحرير وطننا الغالي المحتل الذي شُرعت حدوده لشذاذ الآفاق،

وأُعطيت جنسيته لمن لا يستحقها،

وضرب اقتصاده، وهجر شبابه،

 وزلزلت ديموغرافيته فاختل توازن مجتمعه.

أُبعِّد قادته، نكل بأحراره سجناً واعتقالاً وارهاباً، هُمّشت هويته، وفُرض عليه حكام لا يمثلون تطلعات وأماني شعبه.

اللبنانيون في بلاد الانتشار هم خزان الوطن الحالي والمستقبلي الذي لن ينضب، وهم بإذن الله الذين سيحفظون وحدته ويؤمنون بقائه كدولة مستقلة ضمن حدوده المعترف بها دولياً،ً والتي كان الفضل في رسمها لسلفكم البطريرك الحويك، وهم الذين سيصدون عنه أطماع الطامعين، ولنا في نجاح العديد من الشعوب التي عانت ما نعاني منه واعتمدت على مغتربيها لاسترداد أوطانها خير مثال.

لكن هذه المهمة لن تصبح واقعاً ملموساً نستفيد منه إن لم يتم الانتباه إلى شباب المغتربات وأجيالهم الطالعة بغرس محبة لبنان في عقولهم وقلوبهم، وتربيتهم على مفاهيم وطنية واضحة نواتها تاريخ ال 6000 سنة حضارة وعطاء، والهوية المميزة، والفرادة والدور الحضاري والإنساني، والانفتاح، والتمسك بتعاليم الكنيسة وبروحية مبدأ ال 10452 كلم مربع.

إن الجهة الرئيسية المهيأة للقيام بهذا الدور الريادي هي الكنيسة المارونية ببطريركها، باساقفتها القياديين، بكهنتها برهبانها، براهباتها وعلمانييها، وهنا تأتي أهمية اختيار الرعاة الصالحين المعدين روحياً وعلمياً وأخلاقياً لهذه الرسالة المقدسة.

لا شك بأن غبطتكم على علم بالمحاولات الجارية منذ مدة لإبعاد كنائس الاغتراب عن الصرح البطريركي والتنصل من مواقفكم الوطنية بحجج لم تعد خافية على المهتمين بالشأن الوطني الاغترابي والديني، وقد وصل غي بعض الرعاة لدرجة منع توزيع مواعظكم الموسمية داخل الكنائس، وقد انتقموا من بعض العلمانيين المخلصين الذين رفضوا هذه الهرطقة وأقصوهم بالإبعاد المتعمد عن لجان ومجالس الرعايا.

لقد وجهت إلى صدورنا سهام الاتهام لأننا جاهرنا بالحق وانتقدنا ممارسات بعض رعاتنا التي رأينا فيها تعدياً على حقوق رعايانا، علماً أننا اتبعنا توصية الإنجيل في مقاربتنا للأمر حرفياً والتي نصها: " إذا خطى أخوك فأذهب إليه وانفرد به ووبخه، فإذا سمع لك فقد ربحت أخاك، وإن لم يسمع لك فخذ معك رجلاً أو رجلين لكي يحكم في كل قضية بناءً على كلام شاهدين أو ثلاثة، فإن لم يسمع لهما فأخبر الكنيسة بأمره، وإن لم يسمع للكنيسة أيضاً فليكن عندك كالوثني والعشار (متى 18-15).   

من أجل مستقبل أجيالنا وللحفاظ على مارونيتنا وروحانيتها، وحتى لا تنقطع صلة بكركي بكنائس بلاد الانتشار، نطلب من غبطتكم التنسيق مع قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الذي يحب لبنان ويعمل دون كلل على صيانة كيانه لإتباع كنائسنا خارج انطاكية إلى سلطة بكركي وليس لسلطة المجمع الشرقي.

أنتم يا سيدنا الصخرة التي ستبنى عليها البيعة اللبنانية في بلاد الانتشار ولبناننا سيبقى بإرادة بنيه المقيمين والمغتربين قلعة للصمود وموئلاً للحرية والتعايش والانفتاح.

أما الظروف القاسية التي نمر بها اليوم فهي وكما قلتم، "ليست جديدة على شعبنا وكنيستنا ووطنا، هكذا كانت أيام الصليبيين والأتراك والمماليك وغيرهم على ممر العصور، وهي ستستمر طالما بقينا وبقي لبنان"، لكننا بإذن الله وبقوة إيماننا وحكمة رعاتنا، ونعم أمنا مريم العذراء، وتشفعات قديسينا وأبرارنا سنصمد وننتصر باستمرار، ولن ننقرض كقليلي الإيمان بأوطانهم وهويتهم طالما بقيت كنيستنا صامدة وبقينا نحن ملتفين حولها وبقي لنا رعاة من أمثالكم بررة وقديسين.

نستحلفكم باسم أخيكم الشهيد البطريرك حجولا، وباسم البطريرك الدويهي، وباسم العلامة يوسف سمعان السمعاني، وباسم البطريرك الحويك، وباسم البطريرك عريضة ومن قبلهم باسم الكنعانية ابنة صور أن تتابعوا رعاياتكم لبلاد الانتشار لتبق أوصال الإيمان والوحدة قائمة وثابتة بين لبنان المقيم ولبنان المغترب.

مسؤول المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية في كندا

الياس بجاني

كندا 21/3/2001

 

الدينونة والحساب: من يتعامى عن يوم الدينونة يصبح عبداً لغرائزه ونزواته

الياس بجاني/14 أيار/2019

في داخل كل إنسان وحش غرائزي مفترس يبقى نائماً ومكبوتاً طالما بقي مؤمناً بربه ويخافه في أعماله وأقواله وأفكاره ويحسب حساباً ليوم القيامة، يستيقظ هذا الوحش ويخرج إلى العلن في حال كفر الإنسان وتعامى عن حتمية يوم القيامة وأخرج الله من داخله. لا يمكن للإنسان أن يأخذ معه ليوم القيامة، غير أعماله فإن كانت روحانية يخلُص ويعود إلى بيت أبيه السماوي، وإن كانت شريرة يقذف به إلى جهنم حيث البكاء وصريف الإسنان.

 

الياس بجاني/رابط مقالتي المنشورة اليوم في جريدة السياسة وهي تحت عنوان: البطريرك صفير… صخرة لبنانية/13 أيار/2019/اضغط هنا  أو على الرابط في أسفل لقراءة المقالة

http://al-seyassah.com/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d8%b1%d9%83-%d8%b5%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%b5%d8%ae%d8%b1%d8%a9-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9/

 

Elias Bejjani/Happy & Blessed Mathers Day To All Mothers/May 12/2019

عيد الأم في كندا وأميركا: تهانينا القلبية لكل الأمهات

الياس بجاني/12 أيار/2019

http://eliasbejjaninews.com/archives/74778/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B3-%D8%A8%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%A7-%D9%88%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%AA%D9%87/

مما لا شك فيه فإن كل أم انتقلت إلى جوار الرب هي اليوم من السماء تبارك عائلتها وتتضرع وتصلي من أجلها.

إلى روح أمي وإلى أرواح كل الأمهات الذين رحلوا نصلي مع تقديم كل واجبات الامتنان والعرفان بالجميل على تضحياتهم وعطاءاتهم الجليلة.

من القلب والوجدان والضمير والإحساس بالمسؤولية، وبفرح وامتنان نقول بصوت عال لكل أم في عيدها اليوم: باركك الله، أطال بعمرك، وأبقاك لنا زخراً وكنزاً ونبعاً وشعلة وبركة ونعمة ومثالاً نقتدي به في الاستفادة من عطايا المحبة والحنان والتفاني والتجرد.

نقول لها صادقين وبامتنان بأننا نصلي لله باستمرار حتى يُديِّم عليها نِعّم العقل والبصيرة والضمير والإيمان.

نُقبل وجنة وأيادي كل أم وننحني إجلالاً أمام هامتها وهي صاحبة الدور المقدس الذي تمارسه بإيمان وتجرد.

نقول لكل أم أننا نقدر ونجل أهمية دورك الرائد والمحوري في حياتنا، ونصلي من أجل أن يُعطيك الرب القوة حتى تتابعي القيام بواجباتك المقدسة بتواضع ووداعة.

أنت يا أمنا عماد العائلة، وأنت حجر زاويتها، وأنت بركتها وكل نعمها.

أنت وكما أراد الرب رباط العائلة المقدس وسياجها الواقي والحامي والمنيع والمبارك.

نقول للأم المصرة على أن تبقى أماً برسالتها المقدسة رغم مختلف التحديات والعوائق والصعاب، نقول: معك العائلة الصالحة تستمر وتتكاتف، وبمحبتك وتضحياتك وتفانيك تقوى، وبرعايتك تنمو وتتضاعف، فيزيدها الرب من عطاياه ويباركها ويباركك.

إن وزنة الأمومة وزنة كبيرة وثمينة جداً، والله حباها بها وقدسها وباركها.

الأم هي تجسيد حي لتفانِ وعطاءات ومحبة أمنا البتول مريم العذراء التي قدمت وحيدها من اجلنا ومن أجل عائلاتنا وأوجدت لنا نموذجاً مقدساً للأم المثالية.

إن الرب الذي يُنعم على الأم بنعمة الأمومة ويأتمنها عليها يريدها أن تسير على دروب العذراء وتقتدي بها دون تردد وقد خصها مع الأب في وصية من وصاياه العشرة وطالب البنين بإكرامها: “أكرم أباك وأمك”.

إن الأم لا تقول أبداُ “أنا”، ولكن دائما “نحن”، لأن دور الأم مهم جداً في بناء المجتمعات التي منها تتكون الأوطان.

نبارك للأم بعيدها ونشكر الله على ما أعطاها من وزنات.

الأم تجمع العائلة تحت جناحيها لأن وزناتها هي وزنات المحبة والعطاء، وكمريم العذراء تتحلى بعطايا التضحية والجلد والصبر والفرح، فليبارك الرب كل أم اليوم في عيدها، وصلاتنا الحارة والإيمانية الصادقة لكل أم انتقلت إلى جوار الرب.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

رابط موقع الكاتب الألكتروني

http://www.eliasbejjaninews.com

عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

تقرير عن مراسيم وداع لبنان الرسمي والشعبي، للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير

الراعي في وداع البطريرك صفير: بطريرك الاستقلال الثاني والمصالحة لا يتكرر

البابا فرنسيس: البطريرك صفير أرسى السلام والمصالحة وسيبقى وجها لامعا في تاريخ لبنان

الخميس 16 أيار 2019/وطنية

http://eliasbejjaninews.com/archives/74941/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%8A%D8%AD%D9%83%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%85-%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%B9-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A-%D9%88%D8%A7/

ودع لبنان الرسمي والشعبي، اليوم، البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، بمراسم شارك فيها أركان الدولة اللبنانية وممثلون لعدد من الدول العربية والأجنبية، بالتزامن مع قرع أجراس الكنائس ورفع لافتات وداعية للراحل في عدد كبير من المناطق.

باكرا بدأ تقاطر المواطنين والحشود الحزبية إلى الصرح البطريركي في بكركي حيث سجي جثمان صفير الذي نقل بعيد الرابعة والنصف عصرا من الكنيسة إلى الساحة الخارجية للصرح، ووضع على المذبح.

الصلاة

وعند الساعة الخامسة عصرا، ترأس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مراسم صلاة دفن صفير، في الباحة الخارجية في بكركي، يحيط به بطريرك الروم الكاثوليك يوسف الأول عبسي، بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، ممثل البابا فرنسيس رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، السفير البابوي جوزف سبيتري وعدد كبير من المطارنة والرؤساء العامين والرهبان والراهبات ومثلي الكنائس المختلفة.

وحضر رتبة جناز الأحبار، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ممثلا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، السفير السعودي وليد البخاري ممثلا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الوزير محمد بن عبد العزيز الكواري ممثلا امير قطر تميم بن حمد، القائمة بأعمال سفارة الأردن وفاء الأيتم ممثلة ملك الأردن عبدالله الثاني، السفير الفلسطيني أشرف دبور ممثلا الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكريستينا رافتي ممثلة رئيس قبرص نيكوس أناستاسيادس.

كما حضر رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل وعقيلته جويس، الرئيس ميشال سليمان وعقيلته وفاء، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس فؤاد السنيورة، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، الوزراء: غسان حاصباني، علي حسن خليل، اكرم شهيب، وائل ابو فاعور، منصور بطيش، محمد شقير، ريا الحسن، جبران باسيل، الياس ابو صعب، ريشار قويمجيان، مي شدياق، كميل ابو سليمان، اواديس كيدانيان، ألبير سرحان، محمد شقير، فادي جريصاتي، ندى البستاني وفيوليت الصفدي، المبعوث الأميركي الخاص ديفيد هيل، السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشار، السفير البريطاني كرس رامبلنغ، سفير روسيا الكسندر زاسبكين، سفيرة الإتحاد الأوروبي كريستينا لاسن وعدد من السفراء، النواب: فريد الخازن، شامل روكز، ابراهيم كنعان، الآن عون، حكمت ديب، سليم عون، الكسندر ماطوسيان، فريد البستاني، مصطفى الحسيني، نقولا نحاس، ميشال موسى، ابراهيم عازار، هاغوب بقرادونيان، انور الخليل، نهاد المشنوق، نزيه نجم، هادي حبيش، محمد الحجار، سامي فتفت ونعمة افرام ممثلا بعقيلته زينة.

كما حضر عدد من الوزراء والنواب السابقون منهم: طارق متري، بطرس حرب، نايلة معوض، صولانج الجميل، فارس سعيد، ونائب رئيس المجلس الاعلى للروم الكاثوليك الوزير السابق ميشال فرعون.

وحضر وفد كبير من "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"اللقاء الديمقراطي" برئاسة النائب تيمور جنبلاط، ضم النواب: فيصل الصايغ، هادي أبو الحسن، مروان حمادة، بلال عبدالله، نعمة طعمة، أكرم شهيب وهنري حلو، قادة من الحزب ورجال دين وفاعليات.

وحضر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وعقيلته النائبة ستريدا جعجع على رأس وفد ضم: نائب رئيس الحكومة الوزير غسان حاصباني، وزير العمل كميل أبو سليمان، وزير الشؤون الإجتماعية ريشار قيومجيان ووزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية مي الشدياق، النواب: جورج عدوان، بيار بو عاصي، جورج عقيص، زياد حواط، سيزار معلوف، شوقي الدكاش، أنطوان حبشي، عماد واكيم وفادي سعد، الوزراء السابقين: ملحم الرياشي، طوني كرم وجو سركيس، النواب السابقين: فادي كرم، جوزيف المعلوف، إيلي كيروز، طوني زهرا وطوني أبو خاطر، الأمينة العامة ل"القوات" شانتال سركيس والأمناء المساعدين: غسان يارد، جوزيف أبو جودة، مارون سويدي وجورج نصر، وأعضاء الهيئة التنفيذية والمجلس المركزي والهيئة العامة للحزب وآلاف المحازبين، وغاب بداعي المرض النائب وهبي قاطيشا.

كما حضر رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل على رأس وفد كبير وضم النائبين نديم الجميل والياس حنكش، نائب رئيس الحزب سليم الصايغ والأمين العام نزار نجاريان ونواب الحزب والوزراء السابقين واعضاء المكتب السياسي الكتائبي واللجنة المركزية للحزب.

كذلك حضر رئيس "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية على رأس وفد ضم النائبين طوني فرنجية، اسطفان الدويهي والوزير السابق يوسف سعادة وعدد كبير من المنتسبين الى التيار.

وحضر أيضا رئيس "حركة الإستقلال" النائب ميشال معوض على رأس وفد كبير.

كما شارك رئيس الرابطة المارونية النائب السابق نعمةالله أبي نصر، السيدة منى الهراوي، مدير عام المراسم في القصر الجمهوري الدكتور نبيل شديد، مدير عام المراسم في مجلس النواب علي حمد، مدير عام المراسم في القصر الحكومي لحود لحود، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، مدير المخابرات طوني منصور، مدير الدفاع المدني ريمون خطار، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، ممثل نقيب الصحافة عوني الكعكي جورج بشير، نقيب المحررين جوزف قصيفي، رئيس المؤسسة المارونية للإنتشار شارل الحاج، عميد السلك القنصلي جوزف حبيس، عميد الصناعيين جاك صراف، مدير عام الجمارك بدري ضاهر، رئيس نقابة المقاولين مارون حلو، رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الاشقر، رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد، المديرة العامة للتعاونيات غلوريا ابو زيد، المدير العام لوزارة الاتصالات باسل الايوبي المديرة العامة للنفط "اورور" الفغالي منعم، المدير العام لمصلحة سكك الحديد زياد صعب، عضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، المديرة العامة للمواصفات والمقاييس لانا ضرغام، المدير العام للاسكان روني لحود، المدير العام للمهجرين احمد محمود، مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان، المفتشة العامة نضال الراعي، رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للأسواق الاستهلاكية ياسر ذبيان، رئيس مجلس إدارة الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء في رئاسة مجلس الوزراء ايلي عوض، مدير مكتب الإعلام في القصر الجمهوري رفيق شلالا، وفد تجمع موارنة من اجل لبنان برئاسة المحامي بول يوسف كنعان،عائلة البطريرك الراحل صفير، طبيبه الخاص الدكتور الياس صفير، ووفود كبيرة من مختلف المناطق اللبنانية.

العظة

وألقى الراعي عظة بعنوان "أنا الراعي الصالح. أعرف خرافي، وهي تعرف صوتي"، جاء فيها:

"فخامة رئيس الجمهورية، دولة رئيس مجلس النواب، دولة رئيس مجلس الوزراء، نيافة الكردينال Sandri Leonardo الموفد الشخصي لقداسة البابا فرنسيس، أصحاب القداسة والغبطة البطاركة ونيافة الكردينال السفير البابوي في دمشق، أصحاب المعالي الوزراء، ممثلي كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسعادة ممثلة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، وسعادة ممثلة رئيس جمهورية قبرس Nicos Anastasiades، وسعادة ممثل رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن حضوركم يعزينا، وأنتم محاطون بهذا اللفيف من المطارنة والوزراء والنواب وسفراء الدول، والرؤساء العامين والعامات، ورؤساء الأحزاب، ومن ممثلين عن مرجعيات دينية وسياسية ومدنية، وهذا العدد الغفير من المؤمنين والمؤمنات. لقد أتينا كلنا لوداع البطريرك الكبير، عميد الكنيسة المارونية، وعماد الوطن، المثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، أيقونة هذا الكرسي البطريركي. ومعنا كل الذين يشاركوننا الأسى وصلاة الرجاء عبر وسائل الإعلام في لبنان وسائر البلدان شرقا وغربا، وأولئك الذين أموا هذا الصرح البطريركي منذ صباح الأحد من رؤساء كنائس وطوائف، وشخصيات مسيحية وإسلامية وحزبية، وكهنة ورهبان وراهبات، وطلاب مدارس وجامعات مع هيئاتها الإدارية والتعليمية، وأخويات ومنظمات رسولية.

في مثل يوم أمس من بداية مئة سنة، 15 أيار 1920، وهو عيد سيدة الزروع، زرع الله في كنيسة الأرض المجاهدة، في تربة ريفون العزيزة، نصرالله إبن مارون صفير وحنه فهد من غوسطا، وحيدا على خمس شقيقات سبقه منهن ثلاث إلى بيت الآب. فكان مثل حبة الخردل في الإنجيل (لو13: 18-21) التي نمت ونضجت حتى أصبحت شجرة كبيرة أعطت ثمارا وفيرة في كل مراحل حياته: الكهنوتية والأسقفية والبطريركية والكردينالية. فكان راعيا صالحا على مثال المسيح "راعي الرعاة العظيم" (1بط4:5). وبخبرة السنوات الثلاث والستين التي قضاها في هذا الكرسي البطريركي، من دون انقطاع، "كان يعرف خرافه، وهي تعرف صوته" (يو10: 11و27). واليوم، يزرعه الله شفيعا للكنيسة وللبنان في كنيسة السماء الممجدة لأبدية لا تنقضي.

عرف كيف يبني حياته على الأساس الثابت وهو الإيمان المسيحي الثابت، والصلاة، وكلام الله، والتجرد والتواضع. فعلا بنيانه، ولمع في الكهنوت، فعينه المثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار بولس بطرس المعوشي أمين سره في سنة 1956، في أول عهده. وواصل في آن تدريس الأدب العربي وتاريخ الفلسفة العربية والترجمة في مدرسة الإخوة المريميين في جونيه، قبل انتقالها إلى الشانفيل. ويوجد من بين الحاضرين معنا اليوم كثيرون من الذين تتلمذوا على يده ويشهدون لنبله الكهنوتي ومقدرته العلمية ونباهته.

بفضل هذه الخصال رأى فيه البطريرك المعوشي وجه الأسقف، فقدمه للسينودس المقدس في دورة 1961 فانتخبه مطرانا نائبا بطريركيا عاما، وهو في سنيه الإحدى والأربعين. لقد تعلم من هذا البطريرك الكبير، إبن جزين، صلابة البطاركة في الحفاظ على الأغليين: الإيمان المسيحي بكل قيمه الأخلاقية والحضارية، ولبنان السيد الحر المستقل، والشجاعة في قول كلمة الحق من دون مسايرة. تعرف إلى الناس، كبيرهم وصغيرهم، وإلى السياسيين بألوانهم وتبدلاتهم وفقا لمصالحهم الآنية، الأمر الذي ولد عنده الكثير من الفطنة في التعاطي حتى الحذر.

تولى إدارة الأبرشية البطريركية بكل نياباتها: جبيل والبترون وجبة بشري وإهدن- زغرتا ودير الأحمر. فكان الراعي الساهر المتفاني الذي لم يجد مجالا للراحة. وقام في الوقت عينه بأعمال الدائرة البطريركية بصمت وتجرد وحسبه أن يعطي من دون أن يطلب لنفسه أي شيء، كما درج في كل حياته. مع كل ذلك، كان يجد متسعا من الوقت للكتابة. فألف ثلاثة كتب، وترجم كتبا روحية، وثلاثا من وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، وعشر رسائل عامة وإرشادات رسولية للبابا يوحنا بولس الثاني.

ثم كان الساعد الأيمن للمثلث الرحمة البطريرك الكردينال مار أنطونيوس بطرس خريش، كنائب بطريركي عام مع زميل منتخب ودعناه الأسبوع الماضي بكثير من الألم والأسى هو المثلث الرحمة المطران رولان أبو جوده. فقاد الثلاثة عملية احتضان المهجرين وسائر ضحايا الحرب اللبنانية المشؤومة التي اندلعت في 13 نيسان 1975، بعد شهرين من تنصيب البطريرك. وقادوا المقاومة الروحية والاجتماعية والسياسية والديبلوماسية داخليا وفاتيكانيا ودوليا، بوجه الحرب الأهلية ومخططات الهدم، والقضاء على المؤسسات الدستورية والإدارية العامة، ومشاريع التقسيم. وأسسوا مع بطاركة الكنائس رابطة كاريتاس- لبنان، كجهاز الكنيسة الراعوي الإجتماعي.

وعندما انتخب بطريركا في نيسان 1986، وهو ما لم يطلب البطريركية ولا سعى إليها بل أعطيت له مع مجد لبنان، كان على أتم الإستعداد لحمل صليبها، بفضل ما اكتنزت شخصيته من روح رئاسي وراعوي وقيادي. لقد بنى خدمته البطريركية على أساس الصليب المتين. وكان مدركا أن عليه حمله ككل أسلافه البطاركة ليجعلوا من هذا الجبل اللبناني معقل إيمان، وكلمة حرية، وحصن كرامة، وقدس أقداس حقوق الإنسان. وراح للحال يعمل على إسقاط الحواجز النفسية ثم المادية، وشد أواصر الوحدة الوطنية وأجزاء الوطن، وإعادة بناء الدولة بالقضاء على سلطان الدويلات، وتعزيز العيش المشترك الذي كان يعتبره جوهر لبنان ورسالته الحضارية. ذلك أن لبنان هو البلد الوحيد في المنطقة الذي يتساوى فيه المسلم والمسيحي على قاعدة الميثاق الوطني والدستور.

وتأتي اليوم الشهادات عن هذا البطريرك الكبير من كل فم وعبر جميع وسائل الإعلام. فالكل يجمع على أنه "خسارة وطنية". ورأوا فيه بطريرك الإستقلال الثاني، والبطريرك الذي من حديد وقد من صخر، وبطريرك المصالحة الوطنية، والبطريرك الذي لا يتكرر، المناضل والمقاوم من دون سلاح وسيف وصاروخ، وصمام الأمان لبقاء الوطن، وضمانة لاستمرار الشعب. وأنه رجل الإصغاء، يتكلم قليلا ويتأمل كثيرا، ثم يحزم الأمر ويحسم الموقف. وكجبل لا تهزه ريح، أمديحا كانت أم تجريحا أم رفضا أم انتقادا لاذعا. فكان في كل ذلك يزداد صلابة، على شبه شجرة الأرز التي تنمو وتقوى وتتصلب بمقدار ما تعصف الرياح بها وتتراكم الثلوج على أغصانها. أما الشهادة الناطقة الكبرى فهي الوفود من جميع المناطق اللبنانية ومن الخارج التي ما فتئت تتقاطر للتعزية والصلاة منذ صباح الأحد، والحشود التي لا تحصى، وقد وقفت لوداعه على الطرقات في خط متصل من مستشفى أوتيل ديو إلى بكركي. هذا الحزن العارم الذي عاشه اللبنانيون، ترجمته الحكومة اللبنانية مشكورة بإعلان يوم أمس يوم حداد وطني تنكس فيه الأعلام، واليوم يوم إقفال عام للمشاركة في وداع هذا الراعي المثالي.

لقد شاركته معاناته في السنوات الأربع الأول من بطريركيته كنائب بطريركي عام مع المثلث الرحمة المطران رولان أبو جوده. وقد لاقى فيها، على التوالي ومنذ البداية، مرارة الرفض والتهميش والإساءة والإعتداء الجسدي والمعنوي، بالإضافة إلى ويلات الحرب والضياع. فكان لنا قدوة في صبره وصمته وصلاته وغفرانه وقوله: "لن أكون الحلقة التي تنكسر". وهو المؤمن أن الصليب يؤدي حتما إلى القيامة. وهكذا كان، وإذا بالوطن ينجو، وبالجميع يعودون للإلتفاف من حوله وسماع صوت هذا الراعي. فانطبقت عليه الآية الإنجيلية: "سينظرون إلى الذي طعنوه" (يو27:19). وفهمنا أكثر فأكثر كلمة بولس الرسول: "لو لم يقم المسيح، لكان إيماننا باطلا، وتبشيرنا باطلا، ولكنا أمواتا في خطايانا" (1كور17:15). بهذا الإيمان الصامد على صخرة الرجاء، راح يملأ الفراغ السياسي، مجاهدا من أجل تحرير أرض لبنان من كل احتلال ووجود عسكري غريب، وشعاره مثلث: "حرية وسيادة واستقلال"، وهو صدى لصوت أسلافه البطاركة العظام، بدءا من خادم الله البطريرك الياس الحويك أبي لبنان الكبير، والبطريرك أنطوان عريضه صانع الإستقلال وضامن الميثاق الوطني.

وشاء بطريركنا الراحل لقاء قرنة شهوان إطارا جامعا للقوى المسيحية المؤمنة بسيادة الوطن، وصدى لصوته في المحيط السياسي. بهذا الهدف كان على تنسيق دائم مع القديس البابا يوحنا بولس الثاني الذي تبنى قضية لبنان بنداءاته ورسائله وديبلوماسية الكرسي الرسولي، وعقد جمعية خاصة لسينودس الأساقفة الروماني" من أجل لبنان سنة 1995، وأصدر إرشاده الرسولي موقعا في بيروت بتاريخ 12 أيار 1997، وهو بعنوان: "رجاء جديد للبنان"؛ وجالس رؤساء الدول الكبرى من مثل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وروسيا والأمين العام للأمم المتحدة، فضلا عن لقاءاته مع بعض أمراء دول الخليج ورؤساء دول آخرين.

مع كل ذلك ظل شغله الشاغل شأن كنيسته المارونية والكنائس في لبنان وبلدان الشرق الأوسط. ففي الكنيسة المارونية، أنشأ أبرشيات جديدة، وأعاد ترسيم حدود بعضها، وسام أربعة وأربعين مطرانا. وقاد الإصلاح الليتورجي بتعيين اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية، وحل قضية الشراكة في الديمان ووادي قنوبين وبلوزا وسرعل. وأنشأ المؤسسة الاجتماعية المارونية، والصندوق التعاضدي الاجتماعي الصحي، والمركز الماروني للتوثيق والأبحاث، والمؤسسة المارونية للانتشار، وصندوق ضمان المطارنة المتقاعدين، ومؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية في ريفون. وأضاف إلى كرسي بكركي أجنحة جديدة، وكنيسة القيامة الفنية في الباحة الخارجية، واستحدث متحفها، وأعاد إحياء الحياة الرهبانية في كرسي قنوبين. وشيد المجمع الاداري والقضائي والكنسي في زوق مصبح، وأجنحة جديدة في المدرسة الإكليريكية في غزير، وخص بعنايته المؤسسات والأوقاف العائدة إدارتها إلى البطريركية. وفي الخارج، أعاد فتح المعهد الحبري الماروني في روما، ورمم وحسن الوكالات البطريركية في روما وباريس ومرسيليا والقدس.

وافتقد أبناء كنيسته المنتشرين، فقام بثماني عشرة زيارة راعوية، وخص فرنسا بأربع منها، أما الكرسي الرسولي فكان يزوره أكثر من مرة في السنة لأعمال تختص بالبطريركية، ولتعاونه مع قداسة البابا في خدمته البطرسية ككردينال منذ سنة 1994، من خلال عضويته في أكثر من مجمع ومجلس حبري. وفي عهده أعلنت قداسة وتطويب قديسي كنيستنا المارونية الخمسة.

أما على صعيد الكنائس في لبنان والشرق الأوسط، ففعل أعمال مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وخص أمانته العامة ولجانه بمبنى خاص في المجمع البطريكي. وأسس مع البطاركة مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك وشارك في مؤتمراته السنوية.

لا نستطيع أن نغفل التعاون الأخوي الوطيد بينه وبين المثلث الرحمة المطران رولان أبو جوده، على مدى أربع وأربعين سنة، ملؤها التفاني في تحمل المسؤولية، والخدمة، وحمل صليب مآسي لبنان والشعب اللبناني وانقسام السياسيين، وصليب الفقر والتهجير والهجرة. وكأن المسيح الإله، الذي أشركهما في صليبه، شاء أن يشركهما معا في مجده السماوي، فدعاهما إليه في غضون أسبوع. فتذكرت رثاء داود الملك لابنيه بعبارة تنطبق عليهما، إذ قال: "كيف تصرعت الجبابرة!" (2صمو19:1)، وكلمة جبران خليل جبران: "ولدتما معا، وستظلان معا إلى الأبد، عندما تبدد أيامكما أجنحة الموت البيضاء" (النبي).

إن أبانا البطريرك الكردينال مار نصرلله بطرس، إذ يغيب عنا بالجسد، فهو يبقى مرافقا لنا بتشفعه من قرب العرش الإلهي، ونحن نظل نسمع صوته في أعماله الكاملة المنشورة من عظات وبيانات ورسائل ومذكرات. إن "الوزنات الخمس" التي منحه إياها مجانا الله الغني بالرحمة: وزنات الكهنوت والأسقفية والبطريركية والكردينالية، قد ثمرها بإخلاص، وهو يعيدها اليوم إلى سيده مضاعفة، فيستحق أن يستقبله بحنان رحمته: "هلم أيها الخادم الأمين! كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير. أدخل فرح سيدك" (متى 23:25). فله كل مجد وتسبيح وشكر الآن وإلى الأبد، آمين. المسيح قام حقا قام".

كلمة البابا

ثم تلا المطران حنا علوان كلمة البابا فرنسيس باللغة العربية، والتي استهلها بالقول: "إلى صاحب الغبطة والنيافة الكردينال بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية للموارنة، لقد تلقيت، بأسف شديد، خبر وفاة غبطة البطريرك الكردينال مار نصر الله بطرس صفير، البطريرك السابق لأنطاكية للموارنة، عن عمر تسعة وتسعين سنة".

أضاف: "أتقدم بأحر التعازي منكم، كما ومن العائلة، وكل أبناء الكنيسة البطريركية الإنطاكية المارونية، التي رعاها هو، لسنين عديدة بكل وداعة كما وبكل حزم. رجل حر شجاع، الكاردينال صفير، قام برسالته في ظروف مضطربة، وكان عنصرا مؤثرا في جمع الصفوف وإرساء السلام والمصالحة، مدافعا غيورا عن سيادة واستقلال بلده، وسيبقى وجها لامعا في تاريخ لبنان".

وتابع: "أسأل أبا كل المراحم، أن يستقبل في دياره مساكن السلام والنور، هذا الراعي الحكيم والملتزم، الذي عرف أن يظهر حب الله للشعب، الذي أوكل إلى عنايته".

وختم "وتعبيرا عن تعازينا، أمنحكم يا صاحب الغبطة، البركة الرسولية، ولكل عائلة الكاردينال الراحل وأقاربه، ولكل الأشخاص الذين رافقوه في سنيه الأخيرة، ولكل الذين يشتركون في مراسيم هذه الجنازة. فرنسيس راعي الرعاة".

وسام رئاسي

بعد ذلك أعلن مدير المراسم في رئاسة الجمهورية الدكتور نبيل شديد: "ايها الحضور الكرام، اليوم، حيث يودع لبنان والكنيسة المارونية المثلث الرحمة غبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، صخرة قيامة وأرزة خلود وزيتونة سلام للبنان، وطن الله، على ما يذكر الكتاب المقدس،

وتقديرا لما قدمه للبنان وأبنائه من مختلف الطوائف، وقد كان المدافع عن حقهم جميعا بالحياة الحرة، السيدة والمستقلة، وفعل ايمان حي للكنيسة ومؤمنيها،

قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منح الراحل الكبير، الوشاح الأكبر من وسام الاستحقاق اللبناني".

وبعد ذلك، قدم الرؤساء عون ، بري والحريري التعازي للبطريرك الراعي ، فيما نقل جثمان البطريرك صفير الى مثواه الاخير في مدافن البطاركة في بكركي.

بخاري

يشار إلى أن السفير السعودي قال لدى وصوله إلى الصرح البطريركي: "حضرنا بتكليف من خادم الحرمين الشريفين لتقديم التعازي والمشاركة في مراسم التشييع، ورسالته نحن نقتدي بها في لبنان والعالم العربي".

 

التقدمي: الجبل لبى دعوة جنبلاط للمشاركة في وداع صفير

الخميس 16 أيار 2019 /وطنية - أعلن "الحزب التقدمي الاشتراكي"، في بيان، أن "الجبل لبى دعوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للمشاركة في وداع البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، بوفد كبير تقدمه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، وشارك فيه وزراء اللقاء الديمقراطي ونوابه، وقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي، اضافة الى رؤساء بلديات ومخاتير ورجال دين ورؤساء اندية وجمعيات اهلية وعدد كبير من المواطنين الذين تحركوا منذ الصباح في الحافلات الى بيروت ومنها الى بكركي".

وأشار الحزب إلى أن "التحضيرات للمشاركة كانت قد تواصلت قبل يومين في القرى والبلدات التي رفعت فيها لافتات تحمل عبارات الوفاء والتقدير للراحل الكبير ودوره في المصالحة".

 

مطران يكشف خبايا لقائه برستم غزالي...وصفير ردّ بالقول: كذّابين... قريباً رح ينقلعوا من هون!

ام تي في/16 أيار/2019/لطالما عُرف البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير بالمواقف البطوليّة التي اتّخذها. فقد كشف المطران منجد الهاشم في حديث عبر mtv بعد ظهر اليوم الاربعاء ان رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في نظام الأسد، رستم غزالي، زاره قبل يومين من نداء المطارنة الشهير، حاملاً رسالة خطية من رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى البطريرك صفير فيها مديح استثنائي لشخصه وطالباً فتح صفحة جديدة والتعاون... ويقول الهاشم:"نقلت الرسالة الى البطريرك، ردّة فعله كانت عنيفة: "كذّابين، استحقوها هلق، وقريباً رح ينقلعوا من هون... روح قلو لرستم غزالي انو الجواب رح يكون بعد يومين في نداء المطارنة". ويضيف الهاشم:"اتصلت برستم غزالي وتوجّهت إلى عنجر، وصلت كان في استقبالي، دخلنا فوجدت إيلي الفرزلي ومحمد عبد الحميد بيضون جالسين... نظر إليهما رستم وقال لهما بطريقة ونبرة فيها إهانة: قوموا فلّوا من هون!! بدي احكي مع المطران ع رواق، انفعلت وقلت له: "كيف بتحكي بهالطريقة مع نائب رئيس مجلس النواب ومع وزير، أسلوبك هذا فيه رسالة لي، وانا أرفض الدخول والإجتماع بك".ويختم الهاشم بما قاله غزالي: "أعتذر منك سيادة المطران، لم أقصد ذلك".

 

يا للصدف ... أو ربما ليس صدفة

خليل حلو/16 أيار/2019/يا للصدف ... أو ربما ليس صدفة! في مثل هذا اليوم منذ 30 سنة إغتالت أيادي الغدر المفتي الشيخ حسن خالد. واليوم نودع البطريرك صفير. والجدير ذكره انه بعد يومين من إغتيال المفتي حسن خالد فتح البطريرك صفير بكركي لتقبل التعازي بالمفتي الشهيد. البطريرك صفير والمفتي خالد لا بد أنهما التقيا الآن ... هذا هو لبنان الحقيقي.

 

4 محطات سياسية لا تُنسى في حياة البطريرك صفير

الأنباء الكويتية/16 أيار/2019/كانت حياة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير التي قاربت 100 عام، غنية بالمواقف المهمة، لاسيما خلال ترؤسه لبطريركية انطاكيا وسائر المشرق للموارنة الكاثوليك، من العام 1986 الى العام 2012 حيث تقدم باستقالته بسبب تقدمه في السن.

البطريرك صفير كان مرجعا دينيا كبيرا، وكان سياسيا وطنيا بامتياز. تعامل مع الأحداث السياسية والأمنية خلال حقبة توليه سدة المسؤولية، كما لو أنه أحد المرجعيات التي تدير الشأن الوطني.

ومن أبرز مواقفه، 4 محطات لا يمكن أن تنسى لأنها جنبت البلاد الانقسام والتوتر، وساهمت في إنهاء الحرب الأهلية وذيولها السوداء.

أولى هذه المحطات، تأييده للاجتماع الذي حصل بين من كان على قيد الحياة من النواب اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية في 30/9/1989، وشكل موقفه غطاء ضروريا للنواب المسيحيين الذي شاركوا في المؤتمر، لأن قوى مسيحية مؤثرة كانت تعارض هذا الاجتماع الذي أنهى الحرب الأهلية، ومنهم العماد ميشال عون رئيس الحكومة الانتقالية التي استقال منها الوزراء المسلمون في حينها.

وقد تعرض صفير لمضايقات كبيرة جراء هذا الموقف.

أما المحطة الثانية التي لا تقل أهمية، فكانت رفض صفير لزحف الحشود الشعبية التي فاق عددها مليونا ونصف المليون لبناني الى قصر بعبدا للمطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية أميل لحود بالقوة، وكانت هذه الحشود غاضبة ولديها كامل الاستعداد للذهاب الى بعبدا سيرا على الاقدام.

هذه الجماهير التي تجمعت في ساحات وسط بيروت في 14 مارس 2005، كانت تطالب بإجراء تحقيق دولي بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، وبانسحاب القوات العسكرية السورية التي كانت تقبض على مفاصل الأمن في لبنان، وباستقالة الرئيس لحود الذي فرض السوريون تعديل الدستور والتمديد له لثلاث سنوات تبدأ في 3/9/2004.

 وكان البطريرك صفير بمنزلة الأب الروحي لحركة 14 مارس ووكان مؤيدا لها.

والمحطة الأساسية الثالثة التي كان لها أثر كبير، وقد تكون جنبت البلاد انقساما واسعا، هو معارضة صفير لانتخاب رئيس الجمهورية في جلسة لأعضاء مجلس النواب تحضرها الأكثرية المطلقة (أو النصف + 1) بعد شغور مركز الرئاسة في 23/11/2007، وبعد أن تعذر حضور ثلثي الأعضاء للجلسة، بسبب مقاطعة نواب قوى 8 مارس الذين يعارضون وصول رئيس من قوى 14 مارس، وهؤلاء كانوا يشكلون أكثرية مطلقة، ولكن أقل من ثلثي أعضاء المجلس.

والدستور غير واضح في هذه المسألة، لأن المادة 49 منه تنص على انتخاب الرئيس بأغلبية ثلثي الأعضاء في الجلسة الأولى، وبالأغلبية المطلقة في الجلسات التي تلي، من دون أن يذكر شيء عن نصاب الجلسة، لكن البطريرك صفير، استشرف خطرا كبيرا جراء انتخاب رئيس بهذه الغالبية، وبمقاطعة القوى الشيعية الرئيسية، خوفا من التأثير السلبي على الوحدة الوطنية في المستقبل.

والمحطة الرابعة في حياة صفير والتي كان لها وقع كبير في لبنان، هي المصالحة التي حصلت في المختارة مع النائب وليد جنبلاط في 3 أغسطس 2001 وحضرها حشد كبير من أبناء الجبل من مختلف الطوائف.

وهذه المصالحة أنهت رسميا ذيول الحروب التي حصلت بين المسيحيين والدروز في الجبل عبر التاريخ، خصوصا منها حرب الجبل التي حصلت بعيد الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، وقد كان لهذه المصالحة تأثير على مجمل الوضع في لبنان، وأسست فعليا لانتفاضة الاستقلال في العام 2005. البطريرك صفير كان يتمتع بفرادة شخصية واضحة، ومواقفه الوطنية في المحطات الصعبة لا تنسى.

 

مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الخميس في 16/5/2019

* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"

بطريرك السلام إلى الدنيا الآخرة، تاركا في الأرض بصماته في العطاءات الإنسانية والروحية والسياسية.

البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ساهم في تكريس المصالحات وتغليب مصلحة الوطن، والشواهد على ذلك كثيرة، وهو الذي قال يوما: كفانا تشرذما.

بطريرك السلام شيع جثمانه في بكركي في مأتم رسمي وشعبي مهيب، بمشاركة كل من أحبه وأيضا كل من خاصمه.

في مجال آخر، يعود مجلس الوزراء إلى الإنعقاد غدا، لبلورة أرقام الموازنة العامة، وقد قالت أوساط وزارية إن هذه الأرقام لن تبنى على مصالح الناس غير القادرين وغير المقتدرين، وإنما هي أقرب إلى هندسة لمصروف الدولة. في وقت ينفذ موظفو الادارة العامة إضرابا غدا، مهددين بالاضراب المفتوح في حال المساس بالرواتب والتقديمات.

وفي شأن آخر، يعود مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد إلى بيروت، آتيا من تل أبيب، في سياق البحث عن آلية ترسيم الحدود البحرية والبرية برعاية الأمم المتحدة.

وفي المنطقة، الوضع متوتر بين الأساطيل الأميركية والقوات الإيرانية، غير أن بعض المدركين للتطورات يتحدثون عن مفاوضات قد تجري بين واشنطن وطهران.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"

لبنان في حداد وطني، ومؤسساته العامة والخاصة مقفلة، في يوم وداع جامع للكاردينال نصرالله صفير.

الوداع جرى في مأتم احتضنه الصرح البطريركي في بكركي، وتميز بمشاركة رسمية وسياسية وروحية وشعبية لبنانية تقدمها الرؤساء الثلاثة. ومن خارج لبنان برز حضور ممثلين للبابا وللرئيس الفرنسي.

في يوم الوداع، تغيب جلسات مجلس الوزراء المخصصة للموازنة على أن تستأنف ظهر غد. وعشية الجلسة المقبلة بدت وزارة المالية كخلية نحل لا تهدأ لإنجاز الأرقام النهائية للموازنة.

وزير المال علي حسن خليل أكد للـ NBN جهوزيته الكاملة مع فريق عمل الوزارة، لعرض الأرقام النهائية للموازنة بعد إنجازها وطبعها، كاشفا أن الفرق المحقق إيجابي والتخفيض كبير جدا و"بلاس PLUS" وفق المراجعة الأخيرة لكل النقاشات والتعديلات.

وإذا كانت ثمة آمال بإنجاز درس الموازنة الجمعة، فإن مواصلة النقاشات الأسبوع المقبل، تبقى من الاحتمالات الواردة وخصوصا أن قطوع التدبير الرقم ثلاثة لم يتم تجاوزه ويفترض أن يخضع اليوم لنقاش بين وزيري الدفاع والداخلية.

على مستوى الملف الحدودي، ينتقل مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد في الساعات المقبلة من بيروت إلى القدس المحتلة، بعد محادثات إيجابية أجراها مع المسؤولين اللبنانيين حول ترسيم الحدود البحرية والبرية. لكن الإيجابيات السائدة تبقى حذرة بانتظار نتائج زيارة ساترفيلد لكيان العدو الإسرائيلي.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المستقبل"

لعلها الصدفة التي زاوجت بين التاريخ والجغرافيا والطهارة، القداسة هي نفسها التي شاءت أن تجمع بين رجلين من كبار لبنان، الأول كان مفتيا للجمهورية والثاني كان بطريرك انطاكية وسائر المشرق. كبيران كلبنان المفتي الشهيد حسن خالد والكاردينال ما نصرالله بطرس صفير. جناحا وطن من جبل وساحل.

في السادس عشر من ايار 2019 شيع لبنان البطريرك صفير إلى مثواه الأخير في بكركي، اليوم نفسه، من العام 1989، حين اغتال النظام السوري المفتي حسن خالد. الذي قتل لأنه كان يدافع عن لبنان وسيادته وحريته واستقلاله، تماما كما فعل البطريرك الراحل صفير، الذي شرع قبل ثلاثين عاما أبواب الصرح البطريركي أمام الوفود لتقبل التعازي بالمفتي الشهيد.

حضر لبنان بكل أطيافه وطوائفه وتناقضاته وخلافاته، وبحضور رسمي كبير، محلي وخارجي، وبمشاركة شعبية كثيفة. وحال لسان المشاركين يقول كم غابة أرز في جبته. ما أعطي مجد لبنان مشى إليه المجد صاغرا.

مشهد بكركي عبر عن وزن المواقف الوطنية للبطريرك صفير، الذي رسم بصراحته وبوضوحه ومبادئه صورة الوطن الذي أراده لجميع أبنائه، قاعدته الحرية، وركنه السلم الأهلي، وعماده السيادة والاستقلال ودستوره الطائف.

يترقرق الوطن منتفضا. دم الرفيق أشعل ثورة. وعباءة قديس حضنت استقلالا. فمع أقواله كبرنا. وبحكمته قوينا. وحين تعددت الاتجاهات اختار قرنة في شهوان لنحلق منها نحو وطن منشود. فهات يا سيدي من زيتك. إرفع هذا اللبنان إليك. كم سنفتقد هامتك. كم سنتلو صلاة الأرز. لا فضل للبناني على آخر إلا بالنخوة... وقد قلنا ما قلناه فسلاما لمن أحبنا وسلاما لمن كان معنا حين صار بكركي مزارا ومقاما للبنان.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"

ثوب صنعاء مطرز بالدم بين السحور والفجر، والافطار في حي الرباط اليوم رغيف غصة وريا من أحزان.

إنه ديدن الجبناء والضعفاء، ووسيلة المهزومين، أن يمطروا الأبرياء بالصواريخ والنار في شهر رمضان، فيحصدوا أرواح عائلة بأكملها ويصيبوا العشرات، كما فعلوها مرات كثيرة منذ بداية عدوانهم.

خبرت صنعاء صنيعة المجرمين، وتعرف كيف وأين ترد، واليوم عاصمة الاباة تقول: الدم اليمني المسفوك سيلاحق أهل العدوان والاجرام في عقر دارهم، وأبعد من رياضهم، وسيكون أشرس على أنابيبهم ، وحقولهم ومصافيهم، والأيام أسلفت الخبر والرسالة وستشهد على المزيد منها، كما تؤكد مصادر اليمنيين.

في لبنان، وداع البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير في بكركي، أجل الانشغال الحكومي بمشروع الموازنة إلى يوم غد الجمعة. وفيما يلاحظ ازدياد العقد في بعض البنود مع تقدم النقاش، فإن الجلسة التي تعقد في السراي ستكون تحت أعين موظفي القطاع العام والادارات الذين أعلنوا الاضراب رفضا لقضم الحقوق وتحميل الفقراء جريرة السياسات الخاطئة.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"

للمرة الأخيرة، قبل البطريرك الماروني السادس والسبعون مذبح الرب في باحة الصرح البطريركي في بكركي، قبل أن ينضم إلى أسلافه البطاركة في أحضان الآب.

للمرة الأخيرة، اجتمع لبنان كله حول البطريرك صفير، الذي حقق في يوم وداعه ما تمنى أن يراه وسعى لأجله، على مدى ربع قرن تولى فيها رئاسة الكنيسة.

السادس والسبعون انتقل، أما الكنيسة والوطن فباقيان: كنيسة يتوالى على قيادتها منذ القرن السابع، ومن دون انقطاع، بطريرك تلو بطريرك، لا بالوراثة ولا بالقوة، بل بالاقتراع والاتكال على مشيئة الله. ووطن، كان للكنيسة دور في رسم حدوده الجغرافية في سنة ولادة البطريرك صفير عام 1920، وفي تكريس رسالته التي تتخطى حدود الجغرافيا، في زمن تولي البطريرك صفير سدة المسؤولية، وبصوت البابا القديس يوحنا بولس الثاني بالذات.

السادس والسبعون انتقل، لكن المسيرة مستمرة، والعثرات الكثيرة "سنتخطاها جميعا كما تخطينا سواها في زمن الآباء والأجداد"، والكلام للبطريرك صفير.

أما غدا، فيوم آخر... يوم، يأمل كثيرون أن يحمل معه إقرارا لمشروع الموازنة في مجلس الوزراء، على أن تكون برائحة الإصلاح وطعم مكافحة الفساد ولون تفعيل الانتاج، على وقع أمل متجدد بحسم مسألة الحدود البرية والبحرية، بعد الأجواء الإيجابية التي رافقت جولة دايفيد ساترفيلد أمس على المسؤولين اللبنانيين.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"

لما فر ذاك الصبي الوحيد نصرالله صفير، من منزله الوالدي أولا، وثانيا إلى الإكليريكية، فإنه كان يستجيب لدعوة ربانية مركبة، فالرب لم يرد له الإنغلاق في بيت زوجي ولا التقوقع داخل جدران الدير، لقد اختار له مهمة كهنوتية، عمادها الإلتزام الكنسي ولكن بأفق وطني.

وهكذا ارتقى السلم الكهنوتي وصولا إلى السدة البطريركية. وكان صفير يعلم أن إعتلاءه إياها لم يكن ترفا ومكافأة، بقدر ما كان تكليفا صعبا وامتحانا قاسيا، فطائفته كانت مشلعة الأوصال تنهشها الاقتتالات الداخلية والتهجير والهجرة، ولبنان الكبير صنيعة سلفه العظيم البطريرك إلياس الحويك تتضاءل مساحات التلاقي والمشترك بين مكوناته، بفعل تآكل مساحات الدولة أمام هجمة القبائل والطوائف، وطمع الجارين، وتخلي العالم عن لبنان.

لكنه لم يستسلم، فقرر البطريرك المواجهة بسلاحي الحكمة والإيمان، وذلك على محورين مترابطين، إخراج السوريين بعد الإسرائيليين من لبنان واستعادة السيادة، ولتحقيق ذلك يفترض ربط الجسور بين اللبنانيين مهما تطلبت المعركة من جهد وتضحيات. ولم تكن المهمة سهلة إطلاقا، لأن لا سلطة دستورية له ولا جيش، لكنه حفر جبال الصعوبات بإبرته الفولاذية ومسبحته وحرر لبنان.

من غريب الصدف، أن قدر هذا الرجل الإستثنائي يشبه قدر صديقه يوحنا بولس الثاني القديس وغاندي ومانديلا والإمام الأوزاعي، فقد بدأ مسيرته من بلد محتل، زوادته إيمانه وعناده واقتناعه بأحقية لبنان بالحرية والسيادة والإستقلال. مثل كل الكبار، استخف به معظم من عاصروه وشككوا بشرعية دوره على الصعيدين المسيحي والوطني واستهانوا بقدراته، لكنه كذب كل المعادلات المعلبة وانتصر.

وتجليات الإنتصار شاهدناها اليوم عظيمة مضيئة في ساحة بكركي، التي تحولت إلى ساحة لكل الوطن ومعظم العالم، وطرقات كل لبنان ما عادت توصل إلا إليها. نعم سيدنا البطريرك الوديع المتواضع، لبنان كله حولك اليوم، من أحبوا نهجك ومشروعك الوطني ومن عارضوك، فوجود ممثلي الفئة الثانية في لحظة وداعك يمنحهم شرعية ولا يزيدك لا عزا ولا رفعة، يكفيك إن إعترفوا أو انكروا أنهم لم يكونوا هنا لو لم تحفظ لهم أنت هذه ألمساحة ألحرة التي اسمها لبنان، والتي لا يزالون يمعنون في تمزيقها.

سيدنا البطريرك، بيد مرتجفة وقلم من قصب، نسعى إلى كتابة رقيمك، أنت سيد من كتب في الكبار، لكن اسمح لنا أن نخدش تواضعك فنقولها جهارا: لقد أعطيت مجد لبنان الذي هو من مجد الرب، فاستثمرت وزناتك في الوطن، ورددت له المجد مضاعفا، إذ حفظته وأرجعت له سيادته. سيدنا لن نودعك لأن مثلك لا يغيبون.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"

وداع تاريخي لرجل تاريخي. الجميع كانوا في حضرة غبطته ونيافته. صمته الأبدي كان الصوت المدوي، هذا الصوت الذي صدح في زوايا الصرح على مدى ثلاثة وستين عاما من دون انقطاع، أمينا للسر ومطرانا وبطريركا وكاردينالا.

هذا الصوت الذي وصل إلى أرجاء المعمورة: العواصم القريبة كما العواصم البعيدة. هذا الصوت الذي دك أسوار الظلم والقمع، وسلاحه قلم وورقة وعظة وبيان ونداء.

موقفه لم يتزحزح قيد أنملة في كل عظاته وكل نداءاته وكل مواقفه: ما كان يقوله في بكركي هو ما كان يقوله في الديمان، وهو ما كان يقوله في الفاتيكان وواشنطن ونيويورك وباريس وكل عاصمة زارها.

منهم من كانوا يؤيدونه، منهم من كانوا يخاصمونه، لكنهم جميعا أدوا فروض الإحترام له، وكانوا جميعا غروب اليوم في وداعه.

مار نصرالله بطرس صفير، البطريرك السادس والسبعون وصفه البطريرك الراعي بأنه عميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن وأيقونة الكرسي البطريركي.

البطريرك صفير قال مرة: لن أكون الحلقة التي تنكسر، ومعناها أنه على خطى البطاركة الذين سبقوه، تسلَّم الأمانة من الخامس والسبعين ليسلِّم الأمانة إلى السابع والسبعين لتستمر السلسلة من دون كسر أي حلقة منها.

البطريرك صفير كان على خطى البطريرك الحويك الذي سعى للبنان الكبير، وخطى البطريرك عريضة الذي ساهم في الاستقلال، وهو سلَّم الأمانة والبطريركية في ذروة عطائها: كنسيا ووطنيا.

وفي كلمة البابا فرنسيس أن البطريرك صفير قام برسالته في ظروف مضطربة، وكان رجل السلام والمصالحة مدافعا عن سيادة بلده واستقلاله.

وفي تقدير رئيس الجمهورية له أن منحه وسام الاستحقاق اللبناني من رتبة الوشاح الأكبر.

وعند السادسة والثلث من مساء السادس عشر من أيار من عام 2019، في اليوم الأول من السنة المئة، أدخل البطريرك صفير مدافن البطاركة في بكركي، ليدخل التاريخ على وقع نشيد "مجد لبنان أعطي له".

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"

قبل عشرين سنة أطلق الكارينال مار نصرالله بطرس صفير نداء بكركي الأول، فقال ما قال، داعيا سوريا إلى الخروج من لبنان. وعلى يوم وداعه الأخير، كان نداؤه الثاني فاستدعى الدولة إليه وأقام عليها جنازه المهيب.

خميس الكاردينال جاء بحياكة جامعة رصت الصفوف على الصفوف، وتدافعت الأحزاب لتأدية مراسم الحضور، وتنافست حشودها على السباق إلى بكركي. قمة لبنانية، بابوية، أوروبية وعربية تلاقت تحت شمس الصرح تحية لبطريرك الأيام الحالكة، الذي تقدمت خصال استقلاله على ما عداها من مزايا.

ولأن اسمه طبع بالمصالحة، فقد وافاه الجبل إلى الجبل، فكان وفد "الحزب التقدمي الاشتراكي" حاشدا وإن بغياب زعيمه وليد جنبلاط. وباحة الصرح جاورت جعجع وفرنجية المتصالحين قبل أشهر في كنف الكنيسة. ومجد الرئاسة الأولى أعطي للراحل بمنح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الكاردينال صفير الوشاح الأكبر من وسام الاستحقاق اللبناني.

وفيما أعلن ممثل البابا فرنسيس أن صفير قام برسالته في ظروف مضطربة، تولى البطريرك الراعي شرح بعض من هذه الظروف وعلى مرأى صانعيها، وقال إنه شارك صفير شخصيا في معاناته. وأضاف الراعي: لقد لاقى صفير في السنوات الأربع الأولى مرارة الرفض والتهميش والإساءة والاعتداء الجسدي والمعنوي، رافضا أن يكون الحلقة التي تنكسر، وإذا بالوطن ينجو وبالجميع يعود للالتفاف من حوله، فانطبقت عليه الآية الإنجيلية "سينظرون إلى الذي طعنوه".

نكأ الراعي جرحا من زمن الصراع الماروني- الماروني الذي كان حاضرا بفرعيه، لكنه ألبس بنفسه البطريرك الراحل ثوب قرنة شهوان، وقال إن صفير شاء لقاء القرنة إطارا جامعا للقوى المسيحية وصدى لصوته في المحيط السياسي، وكان لهذا الهدف على تنسيق مع القديس البابا يوحنا بولس الثاني.

تجنب الراعي تسمية الاحتلال السوري، عنوان النداء الأول، لكنه قال إن صفير كان يملأ الفراغ السياسي مجاهدا من أجل تحرير أرض لبنان من كل احتلال ووجود عسكري غريب. ولم ينج غير الحاضرين في الجناز، من غمز الراعي الذي وصف صفير بأنه مقاوم من دون سلاح وسيف وصاروخ.

وبلغة الصواريخ الأبعد مدى، اتهمت السعودية إيران بأنها وراء الهجمات الحوثية على مضخات النفط في المملكة. في وقت كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينتظر قرب الهاتف، مترقبا اتصالا من زعماء إيران. وترامب الذي فشل في إقناع أي دولة في السير معه بالانسحاب من الاتفاقية النووية مع طهران، ترامب الخارج من إخفاقات دولية في فنزويلا وكوريا الشمالية، وجد أنه إذا قرر الحرب على إيران فلن يعثر له على معين سوى إسرائيل وبعض دول الخليج ممن تدين بالولاء له ولا ينفك عن استخدمها منصات ضخ مالية للابتزاز.

وواقع حال الرئيس الأميركي اليوم، هو طلب وساطة سويسرا. ترك البيت الأبيض رقم هاتف مع السويسريين، الذين يمثلون إيران في علاقتها الديبلوماسية، ليكون صلة التواصل في حال رغبت طهران في مفاوضة واشنطن. وقال ترامب: "ما عليهم فعله، هو الاتصال بي، ثم الجلوس من أجل إبرام اتفاقية"، والجمهورية الإسلامية التي لم تبد مستعجلة على حمل سماعة الهاتف، لن تقطع الخط في المقابل، فديبلوماسيتها تتبع فن الصبر وحياكة التواصل بأسلوب متأن.

ترامب يناجي "الوسادة الخالية"، وايران تفرض عليه عقوبات الانتظار، وسويسرا وسيطا بين "الحبيبين اللدودين".

 

تفاصيل المتفرقات اللبنانية

لو دريان بعد جنازة صفير: مستعدون للموعد ولما بدأناه معا في مؤتمر سيدر وآمل أن يكون اللبنانيون كذلك

الخميس 16 أيار 2019 /وطنية - قال وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان، بعد مراسم جنازة الكاردينال نصر الله بطرس صفير، في الصرح البطريركي في بكركي، ممثلا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "جئت إلى لبنان اليوم، لأعرب عن تعازي الرئيس ماكرون، وتعازي الشعب الفرنسي للسلطات الدينية والكاردينال الراعي والطائفة المارونية والسلطات اللبنانية والشعب اللبناني، بعد رحيل البطريرك صفير، الذي كان شخصية عظيمة". أضاف: "كان أولا، رجل الكنيسة. كان حريصا جدا على مكانة المسيحيين في المجتمع اللبناني، وبشكل عام في الشرق الأوسط، وأنتم تعرفون حرص فرنسا على مسيحيي الشرق. كما كان أيضا وطنيا، فأكد باستمرار على ضرورة قيام لبنان مستقل، لبنان سيد، لبنان موحد. وهذا أيضا، ما تدافع عنه فرنسا. وأخيرا، كان رجل سلام، لأنه كان طوال حياته صانع المصالحة الوطنية اللبنانية. وكان أيضا صديقا لفرنسا. لكل هذه الأسباب، أردت أن أكون هنا اليوم، لتمثيل الرئيس ماكرون، والقول للبنانيين إن فرنسا موجودة دائما إلى جانبهم في الأوقات السعيدة، ولكن أيضا في الأوقات الصعبة، واليوم في لحظة الحداد هذه". وأكد أن "استقلال لبنان واستقراره وأمنه مبادئ حتمية. وكان الكاردينال صفير قد رسم الدرب في هذا الاتجاه، ومن الضروري أن تسير جميع الجهات السياسية اللبنانية المسؤولة، عن هذا البلد الجميل على هذا الدرب. فرنسا ستكون دائما على الموعد. ويعتمد هذا الموعد أيضا على ما بدأناه معا في مؤتمر CEDRE، الذي يمنح لبنان الوسائل اللازمة للتعافي، ولإيجاد طريق الصفاء والوحدة. نحن مستعدون لهذا الموعد وآمل أن يكون اللبنانيون كذلك".

 

مصادر اسرائيلية تعلق على ما كشفه السيد نصرالله عن كمين مغنية - بدر الدين في انصارية: كنا نطرح هذا الاحتمال وحزب الله حصل على معلومات استخبارية ونصب الكمين

موقع القناة 23/16 أيار/2019/علّق المحلل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هرئيل على ما كشفه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في الاحتفال الذي أقيم لمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للقائد الجهادي مصطفى بدر الدين، حيثُ تحدّث عن تفاصيل جديدة عن كمين، قُتل فيه 12 من قوة خاصة بحرية، مسماة بـ"الشيطيط" عام 1997. ولفت هرئيل الى أنّ المحللين العسكريين الإسرائيليين كانوا يطرحون هذا السيناريو، إلا أنّ نصرالله أكّد ذلك وكشف بعض التفاصيل عندما قال إنّه تمّ رصد القوة التي تأتي الى الساحل ثمّ ينطلق منها 3 جنود، ويتجهون نحو منطقة انصارية، ثمّ البساتين، وناقش حينها القائد الراحل عماد مغنية الذي كان مسؤولاً أمنيًا آنذاك مع مقاتلين بأنّ لديهم فرصة لنصب كمين لهؤلاء الثلاثة ثمّ صبروا وانتظروا قبل تنصب الكمين لمجموعة مكوّنة من 12 جنديًا. وقال نصرالله: "السيد ذو الفقار لم يجلس ويخطط لعملية الانصارية، بل ذهب الى الأرض مع مغنية وآخرين واستطلعوا البساتين، للتخطيط لتنفيذ العملية". وأشار الكاتب الى أنّه بحسب المعلومات الإسرائيلية، كان 16 جنديًا في 4 أيلول 1997 بقيادة الضابط يوسي كوراكين، مكلفين بوضع القنابل على طول الطريق الساحلي في لبنان بين صور وصيدا. وبعد وصولهم الى الشاطئ، تم تفجير عبوة ناسفة تسببت في إصابات خطيرة وقسمت القوة إلى قسمين، فقُتل حينها كوراكين و10 من الكوماندوس، وأفاد الناجون بأنهم تعرضوا لإطلاق النار بعد الانفجار. وقال إنّه تم حينها إجلاء الناجين وجثث رفاقهم بواسطة مروحية، كما قُتل خلال الإجلاء طبيب من الجيش الإسرائيلي، ولفت الى أنّ جثة أحد القتلى بقيت مع "حزب الله" وأعيدت إلى إسرائيل ضمن عملية تبادل جرت مع "حزب الله" بعد تسعة أشهر.وكشف هرئيل أنّ عددًا من اللجان الإسرائيلية عملت على التحقيق في ذلك الكمين، وأظهرت تفسيرات متناقضة، ففيما قال البعض إنّ "حزب الله" خطّط للكمين، توقع آخرون أن يكون أحدهم قد سرّب معلومات إستخباراتية لـ"حزب الله"، فيما رأت إحدى اللجان أنّ عطلاً قد يكون طرأ على إحدى قاذفات القنابل التي تحملها قوات الكوماندوز.

 

قلق لبناني من التوتر بين الولايات المتحدة وإيران

خليل فليحان/الشرق الاوسط/الخميس 16 أيار 2019 /يزداد القلق لدى المسؤولين اللبنانيين على مختلف المستويات من سياسيين وعسكريين كلما ارتفعت التهديدات بين الأميركيين والإيرانيين. وهو يتصاعد على الأخص لدى تكرار التهديد الأميركي بضرورة إنهاء خطر التنظيمات التي تجندها إيران للعب أدوار تتجاوز مهمة القوات المسلحة التابعة لبعض دول المنطقة. ومما قالته الخارجية الأميركية قبل 78 ساعة «إننا ملتزمون باستراتيجية تجاه إيران تتمتع بأفضل فرص إزالة التهديدات التي نراها تمتد من لبنان إلى اليمن». مصدر لبناني يرصد سلسلة التحديات المتصاعدة بين واشنطن وطهران قال لـ«الشرق الأوسط» معلّقاً إن ما يضاعف قلق المسؤولين عمليات التخريب التي تعرضت لها ناقلات نفط في الفجيرة وغيرها، واستعجال وزارة الخارجية الإيرانية بإصدار بيان وصفت فيه ما وقع في الفجيرة بأنه «مزعج». وتابع المصدر أن «مثل هذا الوصف قد لا يقنع دولة الإمارات وسواها». وأشد ما يقلق سواء القيادة السياسية أو العسكرية أن الخريطة الاستراتيجية الأميركية حددت أهدافا للقضاء على التهديدات التي يمكن أن تنجم عن التنظيمات التي تمولها وتدربها وتسلحها إيران تقع بين لبنان واليمن. وأضاف: «هل هذا يعني أن الولايات المتحدة الأميركية ستنفذ عملية عسكرية ضد (حزب الله) اللبناني الذي تعتبره تنظيماً إرهابياً، أم أنها ستكلف إسرائيل بهذه المهمة... وعندئذ لن تكون المهمة محدودة بل ستتوسّع إلى حرب بين لبنان وإسرائيل لأن الجيش اللبناني سيتصدى لأي استهداف». وأشار المصدر إلى أن أكثر من مسؤول حاول الاستفسار من الموفد الأميركي ديفيد ساترفيلد، الذي جال على المسؤولين أمس دون أن يعطي أي تفاصيل دقيقة، وذلك لأن ساترفيلد مكلف بمهمة مقتصرة على ترسيم الحدود البحرية والبرية والجوية مع إسرائيل لإتاحة الفرصة أمام لبنان باستثمار حصصه في المنطقة الاقتصادية الخالصة، حيث النزاع قائم بين لبنان وإسرائيل في البلوك 9.وتوقّع المصدر أن يسعى قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون إلى تجنيب لبنان أي هجوم على «حزب الله» «لأن ذلك سيتوسّع وسيؤدي إلى دفاع الجيش اللبناني وصد أي عدوان على الأراضي اللبنانية بسلاح أميركي». غير أنه استبعد أن يقدم المسؤول الأميركي لعون أي معلومات عن مخطط عسكري يستهدف الحزب في لبنان الذي ورد اسمه كهدف على خريطة الهجمات المُحتملة على «حزب الله». وما يذكر أن عون موجود حالياً في واشنطن، حيث هو في مهمة تقييم المساعدات الأميركية للجيش، والتداول بما يمكن أن يكون للبنان من دور في حال وقوع تطورات عسكرية أميركية إيرانية وتفرّعها إلى انضمام إسرائيل إليها، إذ إن الحزب في حينه لن يقف مكتوف الأيدي.

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

تصعيد أميركي إيراني.. و"حزب الله" تحت مجهر واشنطن

 بيروت - جوني فخري/العربية/17 أيار/2019/تبقي الولايات المتحدة الأميركية "حزب الله" تحت مجهرها على الرغم من انشغالها بمواجهة التهديدات الإيرانية للمنطقة والعالم، والتي اتخذت في الأيام الماضية أبعاداً عسكرية واضحة مع حشدها قوى عسكرية وأساطيل حربية وازنة في بحر الخليج. وبرز قبل يومين نشر وزارة الخارجية الأميركية مقطعاً مصوراً تحت عنوان "بمنتهى الوضوح- فيلق القدس الإيراني"، تتحدث فيه عن قواعد تدريب يُقيمها الحرس الثوري في لبنان والعراق. وقال حساب "فريق التواصل الإلكتروني" التابع للخارجية الأميركية عبر "تويتر"، إن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يدرب ويسلح ويجهز ميليشيات تابعة له بمعسكرات تدريب في لبنان (البقاع تحديداً)، كذلك داخل إيران، مشيراً إلى أن الهدف من ذلك استخدام هذه الميليشيات في حروب "الوكالة"، وإشاعة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.ويأتي في الفيديو أيضاً أن طهران لديها قواعد مماثلة لقاعدة البقاع في إيران، مثل "منشأة الإمام علي للتدريب" في ضواحي طهران، والتي تستخدمها للتدريب على حرب العصابات والحروب غير التقليدية.

معسكرات قرب الحدود السورية

وبحسب معلومات "العربية.نت"، فإن هذه المعسكرات موجودة في جرود السلسلة الشرقية في البقاع على الحدود مع سوريا، وتحديداً في منطقتي جنتا التي تُعتبر "عرين المقاومة" والنبي سباط قرب بلدة بريتال المتاخمة للحدود مع سوريا، وأُنشئت بدعم من الحرس الثوري الإيراني، الذي كان يُرسل في البداية عناصر منه لتدريب كوادر ومقاتلي "حزب الله". وتعرضت تلك المعسكرات التي تم تشييدها منذ العام 1982 مع انطلاقة "حزب الله" لعدة غارات من الطيران الحربي الإسرائيلي، وفي كل مرة كان حزب الله يعيد ترميمها.

أميركا لن تتساهل مع لبنان!

ويأتي نشر وزارة الخارجية الأميركية للمقطع المصور عن معسكرات "حزب الله" مع زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، دايفيد ساترفيلد، إلى بيروت، والمعلومات المتداولة عن أنه أبلغ المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم بأن الولايات المتحدة ليست في وارد التساهل مع ترك "حزب الله" على حاله من القوة والنفوذ، أكان سياسياً أو عسكرياً، في لبنان والمنطقة العربية، وأن واشنطن التي تعتزم فرض مزيد من العقوبات عليه، لتجفيف منابع تمويله وتخفيف قدرته على التحرك والتوسع إلى حد شلها نهائياً، تحث الحكومة اللبنانية على القيام بواجباتها في التصدي لأي مراكز تدريب للحزب على أراضيها، وإلزام الحزب بالعودة من سوريا والتقيد بسياسة النأي بالنفس، أو أقله أن تعلن رفضها لممارساته.

ولا ينفصل الفيديو عن تصاعد التوتر العسكري في المنطقة في ظل "الكباش" بين الولايات المتحدة وإيران بسبب الخروج من الاتفاق النووي، وهو ما يطرح علامات استفهام عن تحرك حلفاء طهران في المنطقة، خصوصاً "حزب الله" إذا ما شنت أميركا حرباً ضد إيران.

الأنظار نحو جنوب لبنان

وتشير مصادر سياسية مطلعة إلى أن "حزب الله" يتحضر لكل السيناريوهات، وأمينه العام، حسن نصرالله، أكد في أكثر من إطلالة "سنكون حيث يجب أن نكون"، أي إلى جانب إيران التي يُجاهر علناً بأنها الداعم الأول للحزب مالياً وعسكرياً.

وفي هذا المجال، تتجه الأنظار إلى جبهة جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل، إذ ستشكل منطلقاً للعمليات العسكرية التي سيشنها "حزب الله" باتجاه إسرائيل إذا ما تعرضت إيران لهجوم عسكري من واشنطن. ونصرالله سبق وهدد بأن "حزب الله" سيُمطر تل أبيب بالصواريخ إذا اعتدت على لبنان. ولفتت المصادر لـ"العربية.نت" إلى أن "حزب الله" لن يكون بمنأى عن المواجهة الأميركية-الإيرانية، خصوصاً أن طهران بالنسبة له هي "الأب"، وهو يعلم جيداً أنه متى ضُربت إيران فإن المعركة ستكون مفتوحة في أكثر من ساحة تنشط فيها أذرع طهران العسكرية، وبالتالي سيكون من ضمن بنك الأهداف الذي ستطاله الضربات العسكرية".

كذلك أكدت المصادر أن "الحرب المقبلة إذا وقعت ستكون شاملة ولا يُمكن لحزب الله أن ينأى عنها".

لبنان قد يدفع الثمن

ومع أن قائداً في الحرس الثوري الإيراني أعلن أن بلاده "تمر بأكثر لحظة حاسمة في تاريخها بسبب ضغط العدو"، قللت المصادر السياسية من قدرة طهران على الذهاب حتى النهاية في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، فهي تعلم جيداً أن "هذا سيكون بمثابة انتحار".

في المقابل اعتبرت المصادر أن "إيران قد تلجأ إلى سياسة الهروب إلى الأمام لتخفيف الضغط عليها ومنع واشنطن من تحقيق هدفها تصفير العائدات النفطية لها، وذلك من خلال فتح جبهة عسكرية ضد حلفاء أميركا. ولعل أكثر هذه الجبهات سخونة جنوب لبنان، حيث هدد حزب الله أكثر من مرة بفتحها إذا تعرضت الجمهورية الإسلامية لهجوم من أميركا وحلفائها". ونبهت المصادر إلى أن "الأمور في المنطقة على حافة الهاوية وخيارات إيران تضيق، وجبهة جنوب لبنان قد تكون هي المتنفس لها من خلال حزب الله لقلب المعادلة، بحيث تنتقل من مرحلة الضغط إلى مرحلة فرض الشروط على المجتمع الدولي لإيقاف الحرب في مقابل الحصول على مكاسب جديدة". ويبقى السؤال: هل سيضرب حزب الله مجدداً عرض الحائط بموقف لبنان الرسمي المتمسك بالنأي بنفسه عن مواجهات المحاور في حال وقعت المواجهة، فيدفع بالتالي هذا لبنان مجدداً فاتورة حروب وصراعات الآخرين؟!

 

ترمب: واثق أن إيران سترغب في المحادثات قريباً

واشنطن - فرانس برس/العربية/17 أيار/2019/قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، إنه "واثق" أن إيران "سترغب قريباً في إجراء محادثات" مع واشنطن، وذلك خلال تغريدة له على حسابه في "تويتر". ونفى ترمب أيضاً أي "خلاف داخلي" في الإدارة حول "سياسة الحزم (التي ينتهجها) في الشرق الأوسط"، وقال: "يتم التعبير عن آراء مختلفة واتخاذ القرار النهائي والحاسم، إنها عملية بسيطة جداً". وأبدى ترمب مراراً في تصريحاته انفتاحاً حيال طهران التي يعتبرها العامل الأكثر زعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن من دون أي نتيجة. والعلاقات المتوترة أصلاً بين واشنطن وطهران تأزمت كثيراً منذ أسبوع. وبعد عام من إعلان واشنطن انسحابها من اتفاق إيران النووي المبرم في 2015، أعلنت طهران في 8 مايو تعليق العمل ببعض الالتزامات الواردة فيه. أفاد مسؤولون أميركيون كبار، الأربعاء، أن سحب الدبلوماسيين الأميركيين غير الأساسيين من العراق سببه "تهديد وشيك" على "صلة...وفي اليوم نفسه شددت واشنطن عقوباتها على الاقتصاد الإيراني. وأعلن البنتاغون إرسال سفينة حربية وبطاريات باتريوت إلى منطقة الخليج إلى جانب حاملة طائرات. وحيال هذا التصعيد الذي يثير قلق الأوروبيين والروس، الذين يؤيدون الحفاظ على الاتفاق النووي، أكد المرشد الأعلى علي خامنئي الثلاثاء أن "الحرب لن تندلع" مع الولايات المتحدة.

 

الغارديان: سليماني طلب من ميليشيات عراقية الاستعداد للحرب

العربية.نت/17 أيار/2019/بالتزامن مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، نقلت صحيفة "ذا غارديان The Guardian" البريطانية، الخميس، عن مصادر استخباراتية رفيعة قولها إن قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، اجتمع قبل 3 أسابيع بعناصر من الميليشيات الموالية لإيران في العراق، وطالبهم بـ"الاستعداد لحرب بالوكالة". وأثار تحرك سليماني المريب مخاوف أميركا وحلفائها من تعرض مصالحهم في المنطقة لتهديدات، الأمر الذي جعل الخارجية الأميركية تطلب من موظفيها "غير الأساسيين" مغادرة العراق، كما رفعت بريطانيا الخميس مستوى التأهب لقواتها ودبلوماسييها، نظراً لمخاطر أمنية كبيرة من إيران.

ورغم الاجتماعات المستمرة بين سليماني والميليشيات الموالية لإيران على مر السنوات الخمس الماضية، إلا أن حديثه هذه المرة كان مختلفاً، بحسب قول أحد المصادر التي نقلت عنها صحيفة "ذا غارديان": "رغم أنها لم تكن دعوة صريحة للحرب إلا أنها في المقابل لم تكن بعيدة كثيراً عن ذلك السياق". وطبقا للمصادر الاستخباراتية، فقد حضر الاجتماع جميع قادة الميليشيات التي تنضوي تحت لواء "الحشد الشعبي". ويلعب سليماني باعتباره قائدا لفيلق القدس دوراً مهماً في توجيه تحركات الميليشيات الموالية لإيران وتنسيق عملياتها، حيث مثّل على مرّ السنوات الـ15 الماضية يد إيران الضاربة في كل من العراق وسوريا، والتي عززت من تدخل طهران في هذين البلدين العربيين. وتأتي الأنباء عن اجتماع سليماني مع قادة الميليشيات الموالية لإيران في العراق لتزيد من المخاوف المتعلقة بأنشطة إيران الخبيثة بالمنطقة. وتتصاعد المخاوف من أن يتحول العراق إلى ساحة مواجهة تنطلق منه إيران بعيداً عن أراضيها ضد الولايات المتحدة.

يأتي ذلك فيما كشف مصدر أمني عراقي لقناة "الحدث" أن إيران زودت عدداً من الميليشيات العراقية بشحنات صواريخ لاستهداف قوات التحالف الدولي والسفارة الأميركية في بغداد والشركات النفطية الغربية العاملة في مدن الجنوب. تجاهل التلفزيون التركي بث مباراة في الدوري الأميركي لكرة السلة، الثلاثاء الماضي، بسبب وجود اللاعب التركي أنيس كانتر في... وأكد المصدر أن الصواريخ دخلت عبر 3 منافذ حدودية بين العراق وإيران، هي الشيب والشلامجة وزرباطية، بشاحنات محملة بالمواد الغذائية ووصلت إلى مخازن الميليشيات في جرف الصخر.

وفي وقت سابق، الخميس، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يأمل ألا تندلع الحرب مع إيران، وذلك رداً على سؤال لأحد الصحافيين أثناء استقباله الرئيس السويسري في البيت الأبيض، حول ما إذا كانت واشنطن في طريقها للحرب مع طهران. وكان ترمب قال، الأربعاء، إنه "واثق" أن إيران "سترغب قريباً في إجراء محادثات" مع واشنطن، وذلك خلال تغريدة له على حسابه في "تويتر". وأبدى ترمب مراراً في تصريحاته انفتاحاً حيال طهران التي يعتبرها العامل الأكثر زعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن من دون أي نتيجة. والعلاقات المتوترة أصلاً بين واشنطن وطهران تأزمت كثيراً منذ أسبوع. وبعد عام من إعلان واشنطن انسحابها من اتفاق إيران النووي المبرم في 2015، أعلنت طهران في 8 مايو تعليق العمل ببعض الالتزامات الواردة فيه. وفي اليوم نفسه شددت واشنطن عقوباتها على الاقتصاد الإيراني. وأعلن البنتاغون إرسال سفينة حربية وبطاريات باتريوت إلى منطقة الخليج إلى جانب حاملة طائرات.وحيال هذا التصعيد، أكد المرشد الأعلى علي خامنئي الثلاثاء أن "الحرب لن تندلع" مع الولايات المتحدة.

 

هل يتفادى ترمب فتح جبهة جديدة بمعاركه التجارية؟

ترمب قد يرجئ قراراً بشأن فرض رسوم على السيارات لـ6 أشهر

 واشنطن - رويترز/العربية/17 أيار/2019/قال ثلاثة مسؤولين من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرويترز، إن من المتوقع أن يرجئ ترمب قرارا بخصوص فرض رسوم على واردات السيارات وأجزائها لما يصل إلى ستة أشهر، متفاديا فتح جبهة جديدة في معاركه التجارية العالمية. وأضاف المسؤولون أن من المتوقع صدور إعلان رسمي بحلول يوم السبت، وهو الموعد المقرر أن يتخذ فيه ترمب قراره بناء على توصيات من وزارة التجارة لحماية صناعة السيارات الأميركية من الواردات لدواعٍ تتعلق بالأمن القومي. وامتنع متحدث باسم البيت الأبيض عن التعليق. وقالت رويترز الأسبوع الماضي، إن شركات #صناعة_السيارات توقعت أن يرجئ ترمب القرار، مع إجراء مفاوضات تجارية مع الاتحاد الأوروبي واليابان. وحذرت شركات جنرال موتورز وفولكسفاغن وتويوتا موتور وغيرها من الآثار الضارة المترتبة على فرض رسوم تصل إلى 25% على واردات السيارات وأجزائها. وعقد البيت الأبيض سلسلة من الاجتماعات عالية المستوى حول هذا الموضوع في الأيام الماضية، وأبلغ مسؤولو الإدارة الأميركية شركات صناعة السيارات أكثر من مرة أنهم يخططون لإرجاء القرار. ويقول القطاع إن فرض رسوم تصل إلى 25% على ملايين السيارات والمكونات المستوردة سيضيف آلاف الدولارات على تكاليف السيارات، وربما يؤدي إلى فقد مئات الآلاف من الوظائف في مختلف قطاعات الاقتصاد الأميركي. وقال تحالف مصنعي السيارات، الذي يمثل جنرال موتورز وفولكسفاغن وتويوتا ومنتجين آخرين "السيارات لا تشكل تهديدا للأمن القومي. نشعر بقلق بالغ من استمرار الإدارة بالنظر في فرض رسوم على السيارات".

 

إحباط عملية إرهابية للحوثيين بمطار الحديدة

أوسان سالم/العربية/17 أيار/2019/أعلنت قوات المقاومة اليمنية المشتركة، اليوم الخميس، عن إحباط عملية إرهابية للميليشيات الحوثية في مطار الحديدة غربي اليمن. وأفاد الإعلام العسكري التابع للمقاومة أن الميليشيات الحوثية دفعت بـ6 من عناصرها لتنفيذ عملية إرهابية في مطار الحديدة، لكنها باءت بالفشل.

وأكد أن المتسللين الانتحاريين لقوا مصرعهم قبل وصولهم إلى الهدف المرسوم لهم. ولفت الإعلام العسكري إلى أن كل تحركات الميليشيات الحوثية، التي لم تلتزم يوماً واحداً باتفاق وقف إطلاق النار، مرصودة بدقة وأي محاولة تسلل مصيرها الفشل. يُذكر أن معظم أجزاء مطار الحديدة تحت السيطرة النارية للمقاومة المشتركة، فيما تتمركز الميليشيات الحوثية داخل المباني في الجهة الشمالية للمطار. وكان مقطع فيديو مصور من الجو، وزعه الإعلام العسكري مطلع الشهر الجاري، كشف جرائم جسيمة ارتكبتها الميليشيات الحوثية بحق مطار الحديدة، حيث حفرت أنفاقاً تحت المدرج الرئيسي، الأمر الذي أخرج المطار عن الجاهزية.

 

الخرطوم.. الإعلان عن ميلاد الحراك القومي السوداني

العربية/17 أيار/2019/تبقي شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، الأربعاء، ميلاد "الحراك القومي السوداني"، وذلك من خلال تدشين نشاطه رسمياً بحضور عدد من الصحافيين. وقال نائب رئيس الحراك، محجوب الأحمدي، لدى مخاطبته المؤتمر الصحافي الذي نظمه الحراك "إن الحراك يسعى إلى دولة سودانية مدنية حديثة بمشاركة كل الأطياف"، مضيفاً أن من أهداف الحراك "بناء دولة حديثة على أساس المواطنة والعدالة وبمشاركة فاعلة من كل مكوناته والحفاظ على البلاد من التشرذم". من جانبه، قال خالد آدم، ممثل الحركات المسلحة، إن الحراك يضم 46 حركة مسلحة، مشيراً إلى أنهم يأملون أن تخرج الثورة بتحقيق متطلبات الشعب السوداني، ومشدداً على مشاركة كل أطياف السوادن في الحراك. وأشار إلى نبذ القبلية وأنهم "أتوا إلى الحراك بقلوب راضية"، مناشداً كل الحركات المسلحة الانضمام للسلام. وأضاف أنهم يساندون المجلس لتحقيق أهداف السودان، متمنياً من قوى إعلان "الحرية والتغيير" ضرورة تقبل الآخر.

أعلن الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، في بيان بثّه التلفزيون الرسمي فجر الخميس،...ومن جهته، دعا عابدين عيد الله، أحد قيادات الحراك، دعا كل القوى السياسية إلى التوحد لمصلحة البلاد، مشيراً إلى أن الحركات غير الموقعة على السلام تحتاج إلى ترتيب مختلف، مؤكداً السعي إلى تمكينهم من الانضمام إلى مظلة الحراك القومي. وأشار إلى أن الحركات الموقعة على السلام لا يتم ذكرها خلال الحوار مع المجلس العسكري وقوى "الحرية والتغيير"، مؤكداً رفضهم لأي اتفاق بين الجانبين، وقال إن هناك حركات تعرضت لكثير من المضايقات خلال فترة الحكم السابق ولم يتم ذكرها.

فيما طالب ممثل الطائفة المسيحية بالحراك بضرورة إرجاع كل الكنائس للمسيحيين، والعمل على فصل إدارة الكنائس من وزارة الإرشاد، وتعيين معلمين مسيحيين وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وأن يكون يوم الأحد عطلة رسمية لكافة الطوائف المسيحية، وضرورة تمثيل المسيحيين في المفاوضات الجارية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى "الحرية والتغيير" لتحقيق شعار الثورة حرية سلام وعدالة. نجلاء أوهاج، ممثل الحراك النسوي، من جانبها أشادت بالقوات المسلحة في صون البلاد وحفظ الدماء، مطالبة بضرورة حفظ كرامة المرأة وأن يتم تمثيل المرأة بصورة أكبر خاصة في المفاوضات.

 

إيران تلتف على العقوبات الأميركية وتصدر النفط للصين

سنغافورة - رويترز/العربية/17 أيار/2019/كشفت بيانات تتبع لسفينة على "نظام تتبع عبر الأقمار الصناعية" أن ناقلة تحمل زيت #الوقود_الإيراني قامت بتفريغ الشحنة في صهاريج تخزين بالقرب من مدينة تشوشان الصينية في انتهاك للعقوبات الأميركية. ويمثل تفريغ ما يقرب من 130،000 طن من زيت الوقود الإيراني على متن الناقلة، المارشال Z، الذي أكده ممثل محطة تخزين النفط، نهاية رحلة معلقة للبضائع التي بدأت قبل أربعة أشهر. وكان بعض زيت الوقود الإيراني قد نجح في التهرب من عقوبات الولايات المتحدة على #صادرات_النفط باستخدام عمليات النقل من سفينة إلى أخرى التي تشمل أربع سفن مختلفة، بما في ذلك المارشال Z، وباستخدام وثائق مزورة تحجب الشحنات. وقال ممثل آخر من مشغل المحطة "تشوشان جينرون" لنقل البترول، إن الشحنة لا يمكن أن تكون نفطاً إيرانياً ، لأن المحطة لم تتلق شحنات رسمية من إيران خلال السنوات الأربع الماضية على الأقل. ورفض كل من ممثلي "جينرون" تحديد هويتهم بسبب حساسية المسألة.

انتهاك للعقوبات

ويأتي تفريغ زيت الوقود بعد أقل من أسبوعين من تصعيد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتحركات #تصدير_النفط_الإيراني بإلغاء الإعفاءات التي منحتها إلى كبار المشترين من النفط الخام في البلاد بما في ذلك الصين. ولم يتم تغطية المنتجات المكررة مثل زيت الوقود، والتي تستخدم بشكل رئيسي لتشغيل محركات السفن وتوليد الكهرباء، بالإعفاءات المؤقتة الممنوحة بشأن العقوبات التي أعيد تقديمها في نوفمبر 2018 حيث تسعى واشنطن إلى الضغط على إيران للتخلي عن برامجها النووية والصاروخية. وكشفت وكالة رويترز أنها تتبعت تحركات Marshal Z منذ يناير باستخدام بيانات تتبع السفن المتوفرة يوميًا إلا عندما كانت السفينة في المياه العميقة وخارج نطاق الأقمار الصناعية. يتجه اليوان الصيني لتسجيل أسوأ انخفاض يومي في تسعة أشهر، اليوم الاثنين، في وقت توقفت المفاوضات التجارية بين الولايات...من 22 مارس وحتى الوصول إلى محطة "جينرون" في جزيرة ليوهينغ في 8 مايو، حافظت السفينة على مسودة ثابتة - مدى عمق السفينة في المياه - من 15.9 متر (52 قدم) ، وفقاً لبيانات التتبع. يشير ذلك إلى أن الشحنة لم يتم تفريغها قبل الوصول إلى المحطة، على بعد حوالي 30 كم جنوب تشوشان، بالقرب من شنغهاي. ويقدم موقع Jinrun، المملوك لشركة Herun Group، تخزيناً مستوعباً في المحطة، وفقاً لموقعه على الويب، مما يعني أنه يمكن تخزين الوقود هناك دون تخليص الجمارك الصينية والدخول الرسمي للبلاد. وانتهت السفينة من تفريغ زيت الوقود في 12 مايو كما هو موضح من خلال تغيير في مشروعها إلى 9 أمتار، وتركت المحطة، كما أظهرت بيانات التتبع. وأوضحت البيانات أن السفينة متجهة إلى المياه خارج سنغافورة مباشرة، ومن المقرر أن تصل في 21 مايو.

من ماليزيا إلى الصين

واستغرقت المارشال Z الشحنة من ناقلة أكبر قبالة ساحل الإمارات في يناير. وأظهرت بيانات تتبع السفن أنها نقلت زيت الوقود إلى ناقلة ثانية في ليبيا، قبالة ميناء ملقا الماليزي في وقت لاحق من ذلك الشهر. لكن المشترين المحتملين الذين كانوا حذرين من #العقوبات_الأميركية تخطوا حمولة المارشال Z. بحلول 22 مارس، استعاد المارشال Z زيت الوقود من ليبيا ورسوا قبالة السواحل الماليزية والسنغافورية. وانطلقت السفينة قبالة سنغافورة وماليزيا في مارس وأبريل، وتظهر بيانات تتبع السفينة، قبل الإبحار إلى هونغ كونغ وأخيراً إلى جزيرة ليوهينغ، قبالة مقاطعة تشجيانغ بشرق الصين. وقال مات ستانلي، وسيط النفط في شركة Star Fuels في دبي: "كانت الشفافية هي الشوكة في بدن المارشال Z لبعض الوقت، الآن وبسبب القضايا المتعلقة بالأصل المزعوم لشحنتها، لم يتمكن أحد من لمسها". وقال ستانلي وسيط Star Fuels: "قرر شخص ما في الصين أن الخصم الحاد الذي استفادت منه هذه الشحنة على الأرجح كان صفقة جيدة للغاية ولا يمكن تفويتها".

 

هل انتهت حاجة الدولة العميقة لورقة حسن روحاني/عين المتشددين وراء روحاني

كان الاتفاق النووي، بما سيحمله من انفتاح، الورقة الرابحة للرئيس الإيراني حسن روحاني في سباق الانتخابات الرئاسية، والتي فاز فيها بولاية ثانية على حساب مرشح المتشددين. لكن اليوم، يجد روحاني نفسه كبش فداء لسياسات الدولة العميقة التي لم تتواءم أجندتها مع شروط الانفتاح، وصرفت أموال الاتفاق على ميليشياتها في الخارج، وانتهى بها المطاف في دائرة العقوبات من جديد. جنيف - بابك دهقان بيشه - أدت الضغوط الأميركية المتنامية على إيران إلى إضعاف موقف الرئيس حسن روحاني وتعالي أصوات منافسيه المتشددين، ضمن وضع يخشى الشارع الإيراني أن ينتهي به بين مطرقة رئيس متشدد شبيه بأحمدي نجاد وسندان الحرس الثوري، الذي اكتسب نفوذا سياسيا إلى جانب قوته الاقتصادية والعسكرية. ويدفع المتشددون وفي مقدمتهم الحرس الثوري في إيران باتجاه تحميل روحاني، الذي كان الهدف من إيهام الغرب بأن إيران تتغير، فشل سياسة الانفتاح على الغرب، واعتبار الأزمة التي تعيشها البلاد نتاج فشل خياره الإصلاحي، وذلك بهدف امتصاص غضب الشارع، خاصة بعد تشديد العقوبات وبوادر عودة إيران إلى مصاف الدول المارقة. عند انتخابه، خلفا للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد المتشدد في آرائه عام 2013، كان روحاني يعتبر شخصية من داخل المؤسسة الحاكمة لن ينجز شيئا يذكر لإنهاء حالة المواجهة القائمة منذ فترة طويلة بين إيران والغرب. وبعد عامين وقّعت حكومته الاتفاق النووي مع القوى العالمية، الأمر الذي أثار الآمال في تغيير أوسع نطاقا. أما الآن فإن سلطة روحاني بدأت تنحسر. وحكم على شقيقه الذي كان من المستشارين الرئيسيين في الاتفاق النووي لعام 2015 بالسجن باتهامات غير محددة تتعلق بالفساد، وأصبح منافس رئيسي من منافسيه يرأس القضاء كما أن حكومته تتعرض لانتقادات بسبب فتور ردها على الضغوط التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على البلاد من خلال العقوبات. وقد قال ترامب إن رفع العقوبات في مقابل فرض قيود على برنامج إيران النووي لم يمنع طهران من التدخل في شؤون الدول المجاورة أو من تطوير قدراتها الصاروخية، وإن سعي روحاني للتواصل مع الغرب مجرد ستار. غير أن الانسحاب الأميركي قبل عام من الاتفاق النووي وما تلاه من محاولات لوقف صادرات النفط الإيرانية أدى إلى زيادة حادة في التوتر الإقليمي. وقال الجيش الأميركي إنه يتأهب “لتهديدات ربما تكون وشيكة للقوات الأميركية” من قوى تدعمها إيران في العراق.

صلاحيات محدودة

الحرس الثوري الإيراني يروج لنفسه كبديل قادر على التحايل على العقوبات الدولية وحل ما تعجز عنه الحكومة في الداخل

حث روحاني قوى المعارضة على التعاون وأشار إلى حدود صلاحياته في البلاد، حيث تعمل الحكومة المنتخبة في ظل نظام الحكم الديني وأجهزة الأمن القوية والقضاء الذي يتمتع بنفوذ كبير. ونقل موقع رئاسة الجمهورية على الإنترنت عن روحاني قوله “لا مناص من فحص مدى السلطة التي تتمتع بها الحكومة في المجالات التي تثار التساؤلات حولها”، وذلك في محاولة في ما يبدو لدرء الغضب الشعبي من تراجع مستويات المعيشة. ورد إبراهيم رئيسي، الذي أصبح رئيسا للقضاء في مارس، الذي يعد من المرشحين لخلافة المرشد الأعلى آية الله على خامنئي، بأن كل فروع نظام الحكم لديها سلطات كافية لتنفيذ مهامها. وفسرت وسائل الإعلام المحلية هذا التصريح بأنه تعنيف مباشر من رئيسي الذي خاض السباق الانتخابي أمام روحاني في انتخابات الرئاسة عام 2017. أمام روحاني عامان قبل أن تنتهي فترة رئاسته غير أن بعض المحللين يقولون إنه إذا اعتبره الإيرانيون مسؤولا عن مشاكلهم فسيأخذ من يخلفه في المنصب على الأرجح موقفا متشددا من الغرب. وقال علي واعظ، مدير مشروع إيران بمجموعة الأزمات الدولي، إن المحافظين “لا يمكنهم أن يطلبوا حليفا أفضل من إدارة ترامب”. وعندما أعلن روحاني أن إيران لن تواصل العمل ببعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الدولي بعد عام من انسحاب ترامب منه وصفت صحيفة كايهان اليومية المتشددة هذه الخطوة بأنها “متأخرة وتافهة”. وجاء في مقال في الصحيفة “لو أن حكومة روحاني ردت بالمثل من البداية على وعود الولايات المتحدة وأوروبا لما وصل (الأميركيون والأوروبيون) إلى هذا المستوى من العداء والغطرسة”. كذلك فإن قيودا على وسائل التواصل الاجتماعي أيدها مسؤولون ورجال دين من التيار المتشدد تفرض المزيد من الضغوط السياسية على روحاني الذي وعد في حملتيْ الدعاية في انتخابات 2013 و2017 برفع هذه القيود. وفي العام الماضي تم حجب تطبيق تليغرام للتراسل وكان من التطبيقات شائعة الاستخدام في إيران. كذلك حُجب موقع تويتر ووجه المتشددون أنظارهم إلى موقع إنستغرام الذي يستخدمه حوالي 24 مليون إيراني. وفي تعليقاته السبت قال روحاني إن الحكومة لا تملك السلطة الكاملة على الفضاء السيبراني مؤكدا على حدود صلاحياته. وله ولمسؤولين آخرين من بينهم الزعيم الأعلى خامنئي حسابات نشطة على تويتر رغم الحظر المفروض.

وفي الشهر الماضي أغلق موقع إنستغرام عدة حسابات تحمل أسماء الحرس الثوري الإيراني الذي يمثل قوة عسكرية واقتصادية ذات نفوذ كبير في البلاد، وذلك بعد أن أدرجت واشنطن الحرس الثوري في قوائم التنظيمات الإرهابية. ويسعى بعض النواب الآن إلى فرض حظر شامل على إنستغرام الذي يعد من منصات التواصل الاجتماعي القليلة التي لم يشملها الحجب. ونقلت وكالة فارس للأنباء عن جواد جاويدنيا، النائب المسؤول عن شؤون الفضاء السيبراني بمكتب المدعي العام في طهران، قوله الشهر الماضي، إنه سيتم حجب إنستغرام ما لم تتوصل الحكومة إلى وسيلة فعالة لمراقبة محتواه. وفي الشهر الماضي أيضا قال محمد جواد أزاري جهرومي وزير الاتصالات في مقابلة مع وكالة رويترز إنه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كثيرا بما فيها تويتر ويريد تقليل القيود. لكنه أضاف أن قرارات فرض القيود تصدر بمرسوم قضائي. وأضاف “آية الله رئيسي بدأ في الآونة الأخيرة عمله في هذا المجال وسيتعيّن علينا معرفة رأيه في ذلك”، لكن وبالنظر إلى خلفية رئيسي لا يتوقع الإيرانيون تغييرا، بل تشدّدا أكثر.

ملء الفراغ

استغل المتشددون رد السلطات على السيول العارمة التي شهدتها البلاد في مارس لانتقاد الحكومة، فيما وجدها الحرس الثوري الإيراني وسيلة للدعاية لقدرته على الإنجاز والتدخل في مثل هذه الأحداث. وانتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوجه فيه قائد القوات البرية بالحرس الثوري انتقادا لاذعا للحكومة بعد زيارة منطقة منكوبة في كارثة السيول في غرب إيران أوائل أبريل. ونشرت مواقع إخبارية تابعة للتيار المتشدد صورا لأعضاء من الحرس يقدمون المساعدة في القرى النائية. واتهم ساسة متشددون وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، وهو من حلفاء روحاني وحاول جذب استثمارات بتبديد ثروة البلاد، وتعرض الوزير لانتقادات لعدم بذل المزيد للتحايل على العقوبات. واكتسب الحرس الثوري خبرات في الالتفاف على العقوبات من خلال خبراته على مر السنين وأصبح الآن يتطلع للفرص التي قد تسنح من القيود الاقتصادية الأميركية الجديدة. وتسيطر شركة خاتم الأنبياء ذراع الهندسة والإنشاءات الضخمة التابعة للحرس على أكثر من 800 شركة تابعة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن سعيد محمد، رئيس الشركة في معرض للنفط والغاز ، قوله إن الشركة لديها القدرة على تطوير مرحلة من حقل فارس العملاق أكبر حقول الغاز في العالم. وقال “هدفنا هو سد المساحة الخالية التي تركتها الشركات الأجنبية”.

 

رئيس البرلمان الكويتي: المنطقة تستعد للحرب

العرب/17 أيار/2019/قال مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي إن الأوضاع في المنطقة “خطيرة وليست مطمئنة”، مشيرا إلى أن وزراء الحكومة شرحوا للنواب الخميس في جلسة سرية استعدادهم لمواجهة أي حالة حرب بالمنطقة. وأضاف الغانم للصحافيين عقب الجلسة أنه تبين من العرض الذي قدمته الحكومة حول الأوضاع بالمنطقة “مدى دقة وحساسية وخطورة المرحلة القادمة ووجوب الاستعداد واتخاذ كافة الإجراءات استعدادا لكل الاحتمالات الواردة”. وقال إن الوزراء قاموا “بشرح استعدادات الدولة لمواجهة، لا سمح الله، أي حالة حرب في المنطقة”. وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك فرص للحرب بالمنطقة قال الغانم “بناء على المعلومات الموجودة التي ذكرت من إجابات المعنيين في الحكومة، نعم هناك فرص للأسف للحرب.. هذه الاحتمالات نسبتها عالية جدا وكبيرة والأمور ليست ماشية في المسار أو الاتجاه الذي نتمناه”. ووضعت الكويت ضمن حساباتها إمكانية نشوب حرب في المنطقة على خلفية تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وأقرّت ضرورة وضع خطة طوارئ لمواجهة تبعاتها، وذلك بحسب ما تمّ التوصل إليه خلال جلسة سرية لمجلس الأمة (البرلمان) انعقدت الخميس بطلب من حكومة رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، بهدف بحث التطورات الإقليمية وحضرها النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الشيخ ناصر الصباح. وبمجرّد تصاعد التراشق بين طهران وواشنطن وما أعقبه من أحداث وتحرّكات عسكرية، خصوصا تحريك الولايات المتحدة لبعض قطعها البحرية الضخمة، أبدت الكويت قلقا من تلك التطورات عبّر عنها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح بدعوته قوات بلاده إلى أخذ أقصى درجات الحذر في ظل “المستجدات الخطيرة التي يشھدھا المحيط الإقليمي”. وتخشى الكويت التي تعتمد في مواردها المالية بشكل شبه كامل على النفط من تعطيل طرق تصديره في حال تطوّرت الأحداث إلى نزاع عسكري بين الولايات المتحدة وإيران. لكنّ الكويت تشعر أيضا بحرج سياسي وهي التي حاولت دائما مسك العصا من وسطها والحفاظ على حدّ أدنى من العلاقات مع إيران رغم اكتشافها أكثر من مرّة تورّط طهران بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء لها في مؤامرات ضدّ أمنها، ولعل أبرزها ما عرف في السنوات القليلة الماضية بقضية “خلية العبدلي” نسبة إلى منطقة في شمال البلاد اكتُشف فيها مخزن للأسلحة تبين أنّ وراء تخزينها هناك حزب الله اللبناني بالتعاون مع دبلوماسيين إيرانيين عاملين في الكويت.

 

السعودية تحمّل إيران مسؤولية الهجوم على منشآتها النفطية والرياض تضاعف الضغوط على طهران وسط تحذيرات متزايدة من الخطر الإيراني.

العرب/17 أيار/2019

الأمير خالد بن سلمان: أعمال الحوثيين تضع الجهود السياسية على حبل المشنقة

الرياض - أنهت السعودية وعلى مستوى عال الشكوك بشأن الجهة التي تقف وراء استهداف منشآتها النفطية، ووجهت أصابع الاتهام إلى إيران معتبرة أن قرار الهجوم اتخذ في طهران وأن الحوثيين ليسوا سوى ذراع للحرس الثوري.

ويأتي هذا الاتهام ليزيد من الضغوط على السلطات الإيرانية التي سعت للاستفادة من تأخر نتائج التحقيقات بتعويم الأمور وقيد المسؤولية على جهات مجهولة مع أن مؤشرات كثيرة تقول إن لتهديدات إيران صلة مباشرة بما جرى، في وقت ترتفع فيه قائمة الدول المحذرة من الخطر الذي تمثله التهديدات الإيرانية. واتهم الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي إيران الخميس بإصدار الأوامر بشن الهجوم بطائرات مسيرة مسلحة على محطتين لضخ النفط في المملكة الثلاثاء.

وقال الأمير خالد على تويتر إن هجوم الحوثيين على محطتي ضخ تابعتين لشركة أرامكو يؤكد أن الجماعة “ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران وخدمة مشروعها التوسعي في المنطقة”.

وأضاف “ما يقوم به الحوثيون من أعمال إرهابية بأوامر عليا من طهران، يضعون به حبل المشنقة على الجهود السياسية الحالية”.

ويرى محللون سياسيون أن السعودية تقول عبر شخصية رسمية ذات ثقل، أي ابن الملك وشقيق ولي العهد، بما لا يحتمل أي شك إن الهجوم بتدبير إيراني وتنفيذ حوثي، وهو ما يعني أن إيران خرقت المحظور ولا يمكنها بأي شكل التبرؤ من هذه الورطة أو الزعم بأن الحوثيين، وهم أقرب إلى المجموعة البدائية في إمكانيات ووعي قياداتها، هم من نفذ الهجمات دون مساعدة. وجاءت تصريحات عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، لتؤكد تصريحات الأمير خالد بن سلمان بالتزامن والتوقيت مما يعني أنها ليست مجرد تصريحات لنائب وزير الدفاع، وأنها تعبر عن الموقف الرسمي للمملكة. وقال الجبير إن الحوثيين جزء لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني. وكتب في تغريدة على تويتر “الحوثيون جزء لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني ويأتمرون بأوامره وأكد ذلك استهدافهم منشآت في المملكة”.

وكتب مسؤولون سعوديون آخرون تغريدات مماثلة على تويتر في محاولة لتكثيف الضغوط على إيران في وقت تتزايد فيه التوترات بينها وبين واشنطن في أكثر من ملعب، وخاصة في الملعب العراقي. وكشف فيلم لكاميرات المراقبة من الموقعين النفطيين الدقة البالغة في عملية الاستهداف مما يؤكد أن تقنيات إيرانية متطورة استخدمت في الهجوم وأن الحوثيين تلقوا تدريبا فنيا كافيا من خبراء إيرانيين أو من حزب الله اللبناني للوصول إلى هذا المستوى في التحكم بالطائرات المسيرة الحاملة للمتفجرات. ويشير محللون إلى أن السعودية عملت على تحميل إيران المسؤولية الكاملة عن الهجمات، وهي خطوة مهمة خاصة في ظل استمرار دول أوروبية في المدافعة عن إيران والسعي لإنقاذها من بوابة الدعوات إلى التهدئة وضبط النفس، ما يطلق يدها في استهداف إمدادات النفط طالما لم تتلق ردا قويا بعد هجمات الأحد والثلاثاء.

جيريمي هانت: نتفق مع واشنطن بشأن التهديد الذي تشكله إيران

وحملت التصريحات السعودية تحذيرا قويا من أن الهجوم على محطات الضخ يمكن أن ينهي جهود السلام في اليمن، وهي رسالة إلى إيران كما إلى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يقارب الأزمة بشكل غير واقعي ويفصلها عن عمقها الإقليمي. ومن شأن اتهام السعودية لإيران، وبشكل لا لبس فيه، أن يزيد من الضغوط على طهران التي تعمل على امتصاص الغضب الدولي المتصاعد على استهداف إمدادات النفط وتجنب ضربات أميركية خاطفة. ويطلق المسؤولون الإيرانيون تصريحات متناقضة بشأن الأزمة وسط ميل إلى التهدئة واختيار المفردات بعناية ودقة، خاصة بعد الحشد الأميركي المتنوع باتجاه المياه الإقليمية، وما تبعه من دعوات إلى سحب الرعايا وإنهاء مهام فرق تدريب الجيش العراقي سواء من هولندا أو ألمانيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارة إلى طوكيو الخميس إن “ما تقوم به الولايات المتحدة من تصعيد غير مقبول”. وأضاف ظريف في مستهلّ اجتماع مع نظيره الياباني تارو كونو “نحن نتصرّف بأقصى درجات ضبط النفس (…) رغم انسحاب الولايات المتحدة” من الاتفاق النووي. ومن الواضح أن إيران وقفت ولو بشكل متأخر على أن إطلاق التصريحات القوية لا يتناسب مع محدودية إمكانياتها، وأن رهانها على تحريك ميليشيات تابعة لها، لن يجعلها بمنأى عن ردة فعل أميركية قوية، وهو ما أشار إليه ليمان تيرم الباحث المختص بالشأن الإيراني في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حين قال إن تصعيد الخطاب من الجانب الإيراني يتعارض مع الوسائل العسكرية المحدودة للجمهورية الإسلامية، مشددا على “صعوبة تنفيذ تهديدات باستهداف القوات العسكرية الأميركية في المنطقة”.

ويميل دان بلاش، من مركز الدراسات الدولية والدبلوماسية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، إلى أن إيران ستعمل على تعبئة نفوذها الإقليمي، في إشارة إلى أذرعها في العراق على وجه الخصوص. لكنه حذر من أن فتك القوات الأميركية، الذي يكمن في تدمير للبنية التحتية العسكرية والمدنية والسياسية والاقتصادية بسرعة، لا يقدر ويجب أن يؤخذ في إيران بعين الاعتبار كما يجب. وانضمت بريطانيا إلى قائمة الدول التي تحذر من لجوء إيران إلى استعمال ميليشياتها في العراق في عمليات انتقامية، إذ رفعت مستوى التهديد الأمني لقواتها وموظفيها الدبلوماسيين في العراق بسبب “الخطر الأمني المتزايد من إيران”، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية، الخميس.

وأعلن جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني أن بلاده تتفق مع الولايات المتحدة في تقييم مستوى الخطر المتصاعد من إيران.

دان بلاش: على إيران أن تحسب قدرة الفتك الأميركية ببنيتها العسكرية

وكانت سفارة واشنطن لدى بغداد، حذّرت الأحد مواطنيها من ارتفاع حدة التوتر في العراق، ودعتهم إلى اليقظة. وقال الكابتن بيل أوربان، المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأميركي، في بيان، إن بعثة بلاده “في حالة تأهب قصوى الآن، ونواصل المراقبة عن كثب لأي تهديدات حقيقية أو محتملة وشيكة للقوات الأميركية في العراق”. وقال مصدران بالحكومة الأميركية إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن إيران شجعت الحوثيين اليمنيين أو فصائل شيعية متمركزة في العراق على تنفيذ الهجمات. وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية مشترطين عدم كشف هوياتهم إن التهديد يأتي من ميليشيا عراقية “يأمرها ويسيطر عليها” الحرس الثوري الإيراني، فيما أشار أحدهم إلى أنها مرتبطة بشكل مباشر بإيران، وتهديدات عدة مرتبطة بشكل مباشر بإيران.

ولفت آخر إلى أن هناك “تهديدا وشيكا لموظفينا (…) وطلب لمغادرة جزئية (من السفارة) هو الشيء المنطقي”. وتحاول الميليشيات الحليفة لإيران التخفيف من حالة التركيز الكبرى على تحركاتها في العراق، ما قد يجعلها الهدف الأول لأي ضربات أميركية.

وأكد فصيلا “عصائب أهل الحق” و”حركة النجباء” المنضويان في ميليشيا الحشد الشعبي الخميس أن حديث واشنطن عن وجود تهديدات لمصالحها في العراق ليس إلا “ذرائع”.

وأكد هذان الفصيلان أن واشنطن “تحاول صنع ضجة في العراق والمنطقة تحت أي ذريعة”.

 

تقارب فرنسي إيطالي بشأن ليبيا يمهد للعودة لاتفاق أبوظبي

العرب/16 أيار/2019

كونتي يبحث مع حفتر وقف إطلاق النار في طرابلس على ضوء وجود تقارب فرنسي إيطالي بشأن الأزمة الليبية.

روما تعدل البوصلة في اتجاه حفتر

دعوة روما إلى ضرورة وقف المعارك في طرابلس واستئناف المفاوضات دون الإشارة إلى شروط حكومة “الوفاق” تعكس تبنيا للمقترح الفرنسي لوقف إطلاق النار وهو ما يقلص التباين بين البلدين في طريقة التعامل مع التصعيد العسكري في طرابلس الذي ظهر خلال بداية انطلاق المعارك في 4 أبريل الماضي. روما – يعكس موقف روما الداعي إلى ضرورة وقف إطلاق النار في طرابلس واستئناف العملية السياسية دون الإشارة إلى مطالب حكومة “الوفاق” وميليشياتها بانسحاب الجيش من مواقعه، وهو نفس الموقف الذي تتبناه باريس، وجود تقارب فرنسي إيطالي بشأن الأزمة الليبية من شأنه التعجيل بالتوصل إلى تسوية سياسية على قاعدة اتفاق أبوظبي. وقال رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي عقب لقائه بالقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر الذي استمر ساعتين في روما “لقد دعوت إلى وقف إطلاق النار ونثق في أنه يمكن السير في طريق الحل السياسي”. وأكدت الرئاسة الفرنسية الخميس أن إيمانويل ماكرون سيجتمع مع خلفية حفتر في باريس الأسبوع المقبل

وتبدد جولة حفتر في روما وباريس آمال رئيس حكومة “الوفاق” فايز السراج بإدانة العملية العسكرية للجيش لتحرير العاصمة من الميليشيات. ويتوافق الموقف الإيطالي مع المقترح الذي قدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوقف إطلاق النار دون شروط، عقب لقائه بفايز السراج الأسبوع الماضي. وقال المكتب الإعلامي للرئاسة الفرنسية حينئذ إن ماكرون شدد على ضرورة حماية السكان المدنيين، وقدم مقترحا لتحديد خط لوقف إطلاق النار تحت إشراف دولي. كما اقترحت الرئاسة الفرنسية إجراء تقييم لسلوك المجموعات المسلحة في ليبيا بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة وهو ما اعتبر خطوة تكتيكية من باريس لإثبات تخفي حكومة “الوفاق” خلف جماعات فوضوية ومتطرفة. وظهر نوع من التباين بين روما وباريس في طريقة التعامل مع التصعيد العسكري في طرابلس في بداية انطلاق المعارك في الـ4 من أبريل الماضي. وعرقلت باريس في بداية المعركة مشروع قرار أوروبي، تتهم روما بالوقوف خلفه، يهدف إلى إدانة الجيش الليبي. وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني حينئذ “لن أقف متفرجا إن كان هناك من يمارس لعبة الحرب لأجل المصالح في ليبيا”. وأضاف قائلا “إنها مسألة ساعات لمعرفة ما إذا كانت فرنسا تدعم أحد الطرفين اللذين يتقاتلان أثناء هذه الساعات في ليبيا”. واتهم الناطق باسم الجيش أحمد المسماري روما بدعم ميليشيات مصراتة قائلا “تقلع طائرات من قاعدة مصراتة العسكرية لتقصف قواتنا وتتسبب في سقوط ضحايا من بينهم مدنيون ونعتقد أن للإيطاليين دورا في تدريب الميليشيات. إنه ليس بالأمر الجيد، عليهم المغادرة”. دعم إيطاليا للمقترح الفرنسي بوقف إطلاق النار الذي لا يرضي الميليشيات يشير إلى تغيير في موقفها من حكومة "الوفاق"

واحتدم الصراع بين إيطاليا وفرنسا بشأن ليبيا، في الآونة الأخيرة، وتحوّل إلى معركة ثنائية حول أحقية التدخّل في هذا البلد. ويعترف الليبيون والبعثة الأممية والاتحاد الأوروبي بدور هذا التنافس في عرقلة التوصل إلى تسوية للأزمة العاصفة بالبلاد منذ سنوات. ويشير دعم إيطاليا للمقترح الفرنسي بوقف إطلاق النار الذي لا يرضي الميليشيات، إلى تغيير في موقفها منها ومن حكومة “الوفاق” التي ساندتها بقوة خلال السنوات الماضية. وأعربت حكومة “الوفاق” في أكثر من مناسبة عن رفضها لوقف الاقتتال والرجوع إلى طاولة المفاوضات قبل عودة الجيش إلى مواقعه مطالبة المنطقة الشرقية بتقديم شخصية أخرى للتفاوض معها، في محاولة لتصوير الصراع على أنه صراع جهوي وقبلي، متناسية أن الجيش وقائده يحظيان بدعم عدة مدن وقبائل في المنطقة الغربية ومناطق في العاصمة. ولا يريد الإسلاميون من خلال رفضهم وقف إطلاق النار، منح الجيش فرصة للتفاوض من موقع قوة، ذلك أنهم يدركون أن وقف القتال سيضع الجيش في قلب طرابلس بشكل سلمي. وتدعم فرنسا منذ 2014 الجيش الليبي في محاربته للمجموعات المتطرفة في مختلف أنحاء البلاد، وتراهن على خليفة حفتر كشخصية قوية بإمكانها إرجاع الاستقرار إلى ليبيا. ويربط مراقبون تغير الموقف الإيطالي ببروز دعم أميركي للجيش بعد المكالمة التي جرت بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وخليفة حفتر في 19 أبريل الماضي. وأكد ترامب على دور حفتر في محاربة الإرهاب وتأمين قطاع النفط. وبدأت ملامح التقارب الإيطالي الفرنسي تتبلور منذ اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الإيطالي إينزو موافيرو ميلانيزي، مساء الاثنين، بنظيره الفرنسي جان إيف لودريان، حيث بحثا مستجدات التطورات العسكرية في طرابلس. وأشارت تغريدة للبعثة الدبلوماسية الدائمة لإيطاليا لدى الاتحاد الأوروبي إلى أن “اللقاء شهد تقاربا واسعا في وجهات النظر حول ليبيا”.

والأربعاء، ناشدت فرنسا أطراف النزاع في لیبیا تنفیذ التزاماتهم التي توصلوا إليها في مؤتمرات باریس وبالیرمو وأبوظبي. وأعربت الناطقة باسم وزارة الخارجیة الفرنسیة أغنیس فون دیر مول في مؤتمر صحافي بباريس عن أسفها “لعدم استكمال اتفاق أبوظبي في مارس الماضي”.

ويتهم الجيش وداعموه السياسيون حكومة الوفاق بالتراجع عن تطبيق ما جاء في اتفاق أبوظبي. ويقول هؤلاء إن حفتر اضطر للتحرك عسكريا بعد أن تراجع السراج عن اتفاق دخول الجيش إلى طرابلس سلميا. وكشف فتحي المجبري عضو المجلس الرئاسي اللیبي حقیقة مخالفة بنود اتفاق أبوظبي الذي جرى بین المشیر خلیفة حفتر وفايز السراج. وأكد المجبري أن عملیة الجیش اللیبي في طرابلس لا تعد إخلالا باتفاق أبوظبي، وأن فايز السراج هو من أخل بالتزامات أبوظبي. وأضاف أن السراج لم یذهب إلى اللقاء الذي كان مرتقبا في جنیف لاستكمال هذه الاتفاقات، وأن نتیجة عدم التزامه بعهوده أكثر من مرة، لم یكن أمام الجیش سوى الدخول إلى العاصمة بهذه الطریقة. واتفق السراج وحفتر خلال لقاء في أبوظبي نهاية فبراير الماضي على إنهاء المرحلة الانتقالية بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. وتضمن الاتفاق بين الطرفين بنودا لم تنشر لكن بعض المطلعين عليه يؤكدون أنه جرى الاتفاق على دخول الجيش سلميا إلى طرابلس وهو ما لقي معارضة شرسة من قبل الميليشيات في طرابلس ومصراتة ما يبدو أنه دفع السراج للتراجع عن اتفاق أبوظبي. وأمام هذا الوضع لم يكن أمام حفتر سوى التحرك العسكري لمنع التوصل لأي صفقة سياسية خلال المؤتمر الجامع الذي كان المبعوث الأممي غسان سلامة يستعد لعقده في 14 أبريل الماضي، قبل دخول طرابلس. ويقول المحلل السياسي محمد الجارح إن “إصرار حفتر على دخول قواته إلى طرابلس نابع من رفض الدخول في أي صفقة سياسية أو اتفاق سياسي قد تتبلور في ملتقى غدامس دون أن يكون له تواجد عسكري على الأرض في طرابلس لحماية المؤسسة العسكرية ولممارسة نوع من السلطة في طرابلس، وخلق توازن في القوة مع المجموعات المسلحة المسيطرة على طرابلس”.

 

سياسة غريفيث تسلك مسارا عكسيا بجهود السلام في اليمن

صالح البيضاني/العرب/16 أيار/2019

إحاطة المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن الدولي تثير حفيظة الحكومة اليمنية التي اتهمته بالانحياز إلى الميليشيات.

جلسة مجلس الأمن استكملت كشف المستور

عدن (اليمن) - فشلت اجتماعات اللجنة الاقتصادية بين ممثلي الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في العاصمة الأردنية عمّان في التوصّل إلى أي نتائج عملية. وقالت مصادر مطّلعة لـ”العرب” إنّ الاجتماعات وصلت إلى طريق مسدود نتيجة رفض الحوثيين المقترحات التي تقدم بها الجانب الحكومي وتعهد بموجبها بصرف رواتب موظفي الدولة في كافة مناطق اليمن كجزء من استحقاقات اتفاق السويد. ووفقا لمصادر رسمية فقد طالب ممثلو الحكومة في الاجتماعات، بربط فرع البنك المركزي في محافظة الحديدة بالمركز الرئيسي للبنك في العاصمة المؤقتة عدن وإيداع كافة الإيرادات في الحسابات الحكومية حتى تتمكن الحكومة من الاستمرار في تغطية رواتب موظفي الدولة وخصوصا في محافظة الحديدة. يحيى أبوحاتم: هناك جبهات ستفتح وستكون رأس حربة لتحرير العاصمة صنعاء

يحيى أبوحاتم: هناك جبهات ستفتح وستكون رأس حربة لتحرير العاصمة صنعاء

وشدد الوفد الحكومي في الاجتماع على ضرورة إلغاء الإجراءات الأحادية التي اتخذتها الميليشيات الحوثية وما يترتب عليها في ما يتصل بالإيرادات بما في ذلك إلغاء قرارات التعيين االحوثية في المؤسسات الإيرادية، ووقف مختلف أنواع الجبايات التي استحدثها الحوثيون.

كما طالبت الحكومة بتحرير مسالك الإيرادات من أي نفوذ مباشر أو غير مباشر للميليشيات الحوثية في الحديدة. ووفقا لمصادر “العرب” فقد أثارت إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي حفيظة الحكومة اليمنية التي اتهمته بالانحياز إلى الميليشيات الحوثية ومحاولة شرعنة سيطرتها على موانئ الحديدة، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على اجتماعات عمّان التي رعاها المكتب الخاص لغريفيث. وشهدت محافظة الحديدة توترا عسكريا في أعقاب جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت الأربعاء، حيث تبادلت قوات المقاومة المشتركة والميليشيات الحوثية الاتهامات بخرق الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في الثامن عشر من ديسمبر 2018. وقالت مصادر إعلامية تابعة للمقاومة إنّ الحوثيين ارتكبوا أكثر من 18 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار خلال الساعات التي تلت الجلسة عبر استخدام قذائف الهاون والأسلحة الرشاشة في قصف مواقع قوات المقاومة المشتركة جنوب الحديدة وفي الأحياء المحررة شرق المدينة. وطالب ناشطون وسياسيون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة اليمنية باتخاذ موقف حازم من المبعوث الأممي عقب حديثه في الأمم المتحدة عن انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وهو ما عده مراقبون يمنيون انحيازا إلى الحوثيين. وشن رئيس الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار اللواء صغير بن عزيز هجوما غير مسبوق على المبعوث الأممي مارتن غريفيث، ووصف في سلسلة تغريدات على تويتر حديث المبعوث عن امتنانه للحوثيين وزعيمهم لانسحابهم المزعوم من الموانئ بأنه امتنان “للميليشيات الحوثية وزعيمها لقتلهما الشعب اليمني” لافتا إلى أن غريفيث “لم يأبه بالقرارات الدولية التي صدرت ضدهما”. وعلق اللواء بن عزيز على إحاطة المبعوث الأممي بالقول “سعى غريفيث لإنقاذ الحوثيين ويحاول فرضهم على الشعب اليمني وشرعنة وجودهم بكل وسيلة.. هو يدعم وجود ميليشيا خارج القانون ويحاول أن يظلل عليها بالمظلة الدولية”.

واعتبر مراقبون سياسيون أن المبعوث الأممي إلى اليمن تحوّل إلى جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل في اليمن، نتيجة لمواقفه الملتبسة التي يتناقض الكثير منها مع قرارات مجلس الأمن الدولي، والسعي لتنفيذ أجندة غامضة على صلة بمراكز القوى الدولية وسياساتها في المنطقة.

وقال الباحث السياسي اليمني علي حميد الأهدل في تصريح لـ”العرب” إن الإحاطة التي تقدم بها غريفيث في جلسة مجلس الأمن الدولي تزيد من تعقيدات المشهد اليمني وتعيد إلى الواجهة خيارات الحسم العسكري في ظل الشعور المتزايد لدى المناهضين للحوثي بأن كل ما يفعله غريفيث بات يصب في اتجاه دفع الشرعية للتعايش مع الانقلاب الحوثي كأمر واقع ومحاولة تجميله أيضا.

ووصف الأهدل ما يحصل من تطورات أحادية في الحديدة بأنه جولة جديدة من المراوغة التي تقوم بها ميليشيا الحوثي والتي تهدف إلى التحايل على تنفيذ بنود اتفاق السويد، مشيرا إلى قيام الميليشيات الحوثية باستقدام مئات المقاتلين إلى المديريات الجنوبية بالمحافظة، واستمرارهم في حفر الخنادق واستحداث الأنفاق الملغومة التي تصاعدت بوتيرة عالية وبشكل يومي، مستغلين الهدنة الأممية لتعزيز قدرتهم داخل المدينة والمديريات التي ما زالت تحت سيطرتهم. وأشار الأهدل إلى أن انعدام ثقة الحكومة الشرعية والتحالف العربي في المبعوث الدولي، يعزز فرص استئناف الخيارات العسكرية في مواجهة الحوثيين، في ظل التطورات المتسارعة التي شهدتها المنطقة والتي كان آخرها تبني الحوثيين للهجمات التي استهدفت منصات ضخ النفط السعودي من خلال سبع طائرات مفخخة دون طيار يعتقد أنها إيرانية الصنع.

وتعليقا على تلك التطوّرات عبّر الخبير العسكري ومستشار وزير الدفاع اليمني يحيى أبوحاتم عن اعتقاده أنّ ما بعد 13 مايو ليس كما قبله، قائلا لـ“العرب” إنّ “هناك رسما لخارطة عسكرية جديدة في اليمن، ابتداء من استهداف وتكثيف العمل الاستخباراتي والجوي وتفعيل الجبهات”، ومؤكّدا وجود “معلومات مؤكَّدة تفيد بأن هناك جبهات ستفتح وستكون رأس حربة لتحرير صنعاء من بينها جبهة نهم”. كما عبّر عن اعتقاده أن “الحديدة سيكون لها نصيب كبير من الضغط السياسي الذي ستقوم به السعودية ودول التحالف نتيجة القناعة التي وصلت إليها دول المنطقة بأن الحوثيين أصبحوا مصدر قلق دولي وخصوصا بعد أن باركت الأمم المتحدة عن طريق مارتن غريفيث المسرحية الهزلية في الحديدة وأرادت أن تشرعن وجود جماعة الحوثي في المنطقة”. كما توقّع أبوحاتم “أن يكون هناك عمل عسكري خاطف لفرض أمر واقع في محافظة الحديدة”.

 

أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين في السودان

العرب/16 أيار/2019

مراقبون يرجحون أن تستأنف المفاوضات خلال اليومين القادمين، ويرون أنه على الطرفين تجاوز حالة عدم الثقة في الآخر.

المعارضة تتمسك بالاعتصام

الخرطوم - يعكس قرار المجلس العسكري الحاكم في السودان تعليق مفاوضاتهم مع قادة الحراك الشعبي الممثلين في تحالف “قوى الحرية والتغيير عن أزمة ثقة بين الجانبين، رغم أنّ الطرفين أظهرا رغبة جدية في التوصل إلى اتفاق. وعبر تحالف الحرية والتغيير الخميس عن أسفه لقرار المجلس العسكري تعليق مفاوضاته معهم حول الفترة الانتقالية، متعهدين بمواصلة اعتصامهم أمام مقرّ القيادة العامة للجيش في العاصمة. وكان من المفترض أن يعقد المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير مساء الأربعاء الجلسة النهائية للمفاوضات بشأن الفترة الانتقالية وتشكيل ثلاثة مجالس للسيادة والوزراء والتشريع لإدارة البلاد خلال هذه المرحلة. لكن إطلاق نار مساء الأربعاء حول مكان اعتصام المتظاهرين في الخرطوم أدى إلى قيام المجلس العسكري الانتقالي الحاكم بتعليق الجولة الأخيرة من مباحثاته مع قوى الاحتجاج لمدة 72 ساعة لتهيئة المناخ للحوار، حسب بيان ألقاه الفريق عبدالفتاح برهان رئيس المجلس وبثه التلفزيون الرسمي. ويصرّ تحالف الحرية والتغيير على استمرار الحراك الذي دخل شهره السادس رغم الأشواط الكبيرة التي قطعها في المفاوضات مع المجلس العسكري الذي أبدى حرصا على الوصول إلى تفاهم يرضي المحتجين.

ويرى مراقبون أن إصرار التحالف على موقفه يعود لتجارب سابقة مع المؤسسة العسكرية، وهم يخشون أن يؤدي إنهاء الاعتصام إلى تراجع المجلس العسكري عن تعهداته، والالتفاف على مطالبهم. في المقابل فإن الإبقاء على هذا الاعتصام يشكّل فرصة لمعارضي التغيير لإرسال مجموعات من المندسين لخلق حالة من الفتنة بين المؤسسة العسكرية والمدنيين، وهو ما ترجم في إطلاق نار الأربعاء وقبله أعمال العنف التي اندلعت الاثنين وأدت إلى سقوط قتلى. وجاء في بيان صدر عن قوى الحرية والتغيير الخميس “سيستمر اعتصامنا بالقيادة العامة وكافة ميادين الاعتصام في البلاد”. وأضاف أن “تعليق التفاوض قرار مؤسف ولا يستوعب التطورات التي تمت في هذا الملف”.وجاء بيان برهان إثر إطلاق نار مساء الأربعاء في محيط اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة للجيش، ما أدى إلى إصابة 8 أشخاص بجروح، بعد يومين من مقتل ستة أشخاص في المنطقة نفسها نتيجة إطلاق نار من مسلحين. الإبقاء على الاعتصام يشكّل فرصة لمعارضي التغيير لإرسال مجموعات من المندسين لخلق حالة من الفتنة بين المؤسسة العسكرية والمدنيين

ودعا الجنرال المتظاهرين إلى “إزالة المتاريس جميعها خارج محيط الاعتصام”، وفتح خط السكة الحديد بين الخرطوم وبقية الولايات ووقف “التحرّش بالقوات المسلّحة وقوات الدعم السريع والشرطة واستفزازها”. وبدأ الاعتصام أمام المقر العام للجيش السوداني في السادس من أبريل كاستمرار للحركة الاحتجاجية التي انطلقت في ديسمبر للمطالبة برحيل الرئيس عمر البشير، وقد أزاحه الجيش بعد خمسة أيام. ومنذ ذلك الحين يطالب المتظاهرون المجلس العسكري بنقل السلطة.

وأكد بيان الخميس للحرية والتغيير أن “خطوط السكة الحديد مفتوحة منذ 26 أبريل وقبل أي طلبٍ، وقد قررنا مسبقاً تحديد منطقة الاعتصام وقمنا بخطوات في ذلك (..) وبذلك تنتفي كل مبررات وقف المفاوضات من طرف واحد”.

وشهدت حركة المرور في وسط العاصمة السودانية الخميس انفراجا بعد ما تم رفع الحواجز التي أغلقت طرقا حيوية عديدة بقلب الخرطوم، خلال اليومين الماضيين. وتم رفع الحواجز من شوارع الجمهورية والبلدية والمك نمر وأصبحت مفتوحة للسيارات والحركة المرورية، كذلك تم رفع الحواجز من شارع بنك السودان المركزي والذي يحد منطقة الاعتصام من الناحية الغربية.

وبالنسبة لشارع النيل الذي شهد إطلاق النار وإصابة بعض المواطنين والمتظاهرين، تمت إزالة المتاريس والحواجز من الناحية الغربية. وكان تجمّع المهنيين طالب المعتصمين بالالتزام بخارطة الاعتصام الموضّحة. وقال في بيانه إنّ “الالتزام بهذه الخارطة يقلّل من إمكانية اختراق الثوار بأيّ عناصر مندسّة ويسهّل عمل لجان التأمين في السيطرة والتأمين”. وصرح شاهد عيان ليل الأربعاء أنّه “تمّ بالفعل إزالة بعض الحواجز من المناطق الخارجة عن حدود الخارطة. ويرجّح مراقبون أن تستأنف المفاوضات بين الجانبين مساء الجمعة أو السبت، معتبرين أن على الطرفين تجاوز حالة عدم الثقة في الآخر لاستكمال حل النقاط الخلافية. وسجل مسار المباحثات تقدّماً مهماً منذ الاثنين، وكان من المتوقّع أن تتناول المباحثات الأخيرة تركيبة المجلس السيادي، إحدى المؤسسات الثلاث التي ستحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية التي اتفق الطرفان على أن تكون مدتها ثلاث سنوات.

وتشمل المفاوضات إنشاء مؤسسات تتولى مسؤولية التحضير لنقل كل السلطات إلى سلطة مدنية.

وسبق أن توصّل الطرفان إلى اتفاق على تشكيل مجلس سيادي، حكومة، ومجلس تشريعي لإدارة المرحلة الانتقالية.

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

انتقال البطريرك مار نصر الله بطرس صفير إلى بيت الآب

الخوري: غطاس خوري/16 أيار/2019

راعي أبرشية سيدة الوردية في سكرامنتو/كاليفورنيا/الولايات المتحدة

http://eliasbejjaninews.com/archives/74937/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%BA%D8%B7%D8%A7%D8%B3-%D8%AE%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%83-%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%86/

سنة واحدة بقيت قبل اكتمال اليوبيل المئوي لإعلان دولة لبنان الكبير وكأن الزمن هجع فوقف إجلالاً للبطريرك الكبير الذي ولد متواضعا وعاش في ظل الكبار ثم رفعه الرب ليسطع نجما عظيما في سماء الشرق الداكنة سماؤه بالإرهاب ونيران الحروب.

وسطع قبله نجم عظيم ففرحنا بظهوره وما لبث أن اختفى.

أما الشيخ الجليل فقد سطع نجمه ليبقً منيرا في هذا الشرق كما سطع النجم منذ ما يزيد عن الألفي سنة في سماء بيت لحم.

نبت كبنفسجه متواضعة في ارض ريفون القرية الكسروانية لأب تقي هو مارون نصرالله صفير ولأم مؤمنة هي حنة فهد من بلدة غسطا الكسروانية أيضاً.

تنشق هواء القرية الجبلية التي أعطت لبنان طانيوس شاهين الذي كان على رأس ثورة الفلاحين.

طبيعته الهادئة وإيمانه المتوقد وفكره النير جذبوه إلى الحياة الكهنوتية وكان نسيبة الخوري منصور صفير مثاله الأعلى في تفانيه في خدمة الكنيسة.

تعلم في مدرسة القرية وفي مدرسة البطريرك مسعد في عشقوت حيث كان يتنقل سيرا على الأقدام، ثم قرر الأهل أن يرسلوه إلى معهد الأخوة المريميين ومن بعدها دخل مدرسة مار عبدا وعقب ذلك دخل المدرسة اليسوعية في غزير حيث تعلم اللغات الحديثة إضافة إلى اللاتينية، لغة الكهنوت في التنشئة اليسوعية.

فيما بعد قررت الكنيسة أن تنقله إلى المعهد الشرقي للاهوت ليدرس اللاهوت والفلسفة.

كان والده يأمل أن يتزوج ابنه نصرالله، وكيف لا وهو ابنه الوحيد لكنه خيب أمله ولذلك رفض الوالد استقبال ابنه بعد رسامته كاهناً.

هذه عادة حميدة تبعها الموارنة على مر العصور بحيث يعطون أهمية للعائلة وللنسل، وغالبا ما يشعرون بقرب الكاهن منهم لأنه يقاسمهم همومهم.

لا اعرف كيف تعرف البطريرك المعوشي على الكاهن الشاب الذي اختاره ليكون أمين سره ويستقر في البطريركية المارونية وليصبح ذاكرة البطريركية على ما يقارب الستين سنة.

وما يُعجب له معاصروا البطريرك المعوشي كيف أن الكاهن نصرالله صفير استمر مخفيا وصامتا ووديعا أمام أمراء الكنيسة المارونية وعلى رأسهم المعوشي نفسه.

وما يُعجب له أيضاً معاصروا البطريرك المعوشي كيف أن الكاهن نصرالله أصبح مرشده الخفي وكاتماً لأسراره بالرغم من طبع البطريرك الصلب والعنيد.

نجح الكاهن نصرالله في أن يدخل إلى عقل وفكر البطريرك المعوشي وعرف كيف يتعامل معه بنجاح وهو، "الذي في نظراته ساعة الغضب قسوة الفولاذ، وساعة الرضا رقة النسيم كأنه شلال جزين الهادر في الشتاء،ء ورقراقا في الصيف، وهو البطريرك الذي اختلف الناس في مواقفه وامتدحوا رجولته"

إن الهدوء والبعد عن الأضواء جعل من الكاهن نصرالله صفير والذي رقي فيما بعد إلى رتبة مطران وأصبح مستشارا حقيقيا للمعوشي ليس في الكلام فحسب بل بالمسلك أيضًا وبطريقة أخرى في معرفة التزام الحدود كما كانت ردة فعل الرسول بطرس عندما شاهد الصليب العجيب فركع هاتفا أمام قدمي يسوع قائلاً: " ابتعد عني يا رب فأنني رجل خاطيء"

كان البطريك صفير بنكا كبيرا لا للمال، لكن للمعلومة التي ترد إلى بكركي، هو المراسل الذي يُترجم ويجيب على الرسائل. أضف إلى ذلك اتقانه اللغات ولاسيما العربية الذي درّسها مترجماً في مدرسة فرير جونية.

وكان ملفتاً في كلامه المشبع بروحانية الكتاب المقدس وخبرة الحياة.

كان المطران صفير لا يأبه بالمناظر وكان شماسه جورج صليبا متواضعا مثله يحسن الخدمة أكثر مما هو حسن الصوت وغالباً ما كان يأتي إلى المشاركة في مراسم الدفن في مطلع حبريته بسيارة الأجرة.

يوم انتقل البطريرك المعوشي إلى بيت الأب توجهت الأنظار إلى أساقفة معروفين بتدخلاتهم السياسية ونفوذهم ليخلفوه في السدة البطريركية، لكن العناية الإلهية شاءت أن تقدم للكنيسة المارونية بطريركا متواضعا هو مار انطونيوس بطرس خريش الذي واجه وضعاً صعباً لا يحسد عليه بعدما تكاثر الطامعون والغزاة للاستيلاء على لبنان وإذلال شعبه بشتى الوسائل من خلال الحروب المحلية والخارجية وهنا كلنا نذكر ظروف مجزرة اهدن وكيف خسر الموارنة عنفوانهم بعدما أذلوا بعضهم البعض.

لم يستطع الأقوياء حقن الدماء والوقوف بوجه الشر العاتي الذي أرهق قوانا وزد على ذلك عدم التطلع إلى البعيد بعدما أصبح القريب حربا ونارا ودما ودخانا.

شعر البابا القديس يوحنا بولس الثاني عندها بان الكنيسة المارونية بحاجة للتغير بعدما تفاقمت الأمور، فنادى إلى استقالة الأساقفة الذين بلغوا العمر القانوني وعين المطران الصامد في أبرشيته إبراهيم الحلو مدبرا رسولياً، وكما حدث في السابق تنافس المطارنة الصقور فيما بينهم ولم يصلوا إلى انتخاب أي منهم بطريركاً.

وعند ذلك وربما بوحي من الروح القدس تم الاختيار من الصف الخلفي واجمع الأساقفة على النائب البطريركي نصرالله صفير ليكون بطريركا على الطائفة وهو الذي لم يكن معروفا إلا من قبل النيابة البطريركية.

البطريرك الجديد كان في منتهى التواضع والانسحاق وهنا تعود بي الذاكرة إلى احد الانسباء الذي شاهده يتنقل بين "الحفافي" وقد قال [إن هذا المطران يشبهنا في حياته.

واجه البطريرك الجديد شعبا لا يعرفه وفراغاً في الرئاسات الرهبنية وانقساما بين المسيحيين في الشمال والمتن، وكذلك فراغا في رئاسة الجمهورية بعد الاتفاق الثلاثي المشؤوم.

العماد عون، قائد الجيش والرئيس العسكري في تلك الحقبة لم يتصرف بروية كالمدبر الرسولي إبراهيم الحلو، لكنه سعى إلى اقتلاع المليشيات من جذورها وعلى تحرير لبنان من الاحتلال السوري بالقوة، ففشل لأنه لم يهيئ نفسه بالتعبئة العامة التي كانت سبب نجاح الموارنة في مواجهة المماليك.

كان البطريرك صفير غير مسموع الكلمة بمواجهة قوى عسكرية مارونية شرسة حاربت بعضها البعض وكادت أن تقضي على ما تبقى من وجود للمسيحيين في لبنان.

في هذا الوقت انعقد مؤتمر الطائف وكان البطريرك صفير في طليعة المؤيدين له والمدافعين عنه بهدف إنقاذ ما تبقى من شعبه ومن وطن يحترق ويزول.

آمن البطريرك صفير بلبنان السيد والحر ووطن التعايش الذي كانت فكرته تبلورت في عهد فخر الدين مع تلاميذ المدرسة المارونية وتحققت من خلال إعلان دولة لبنان الكبير وقد كانت البطريركية المارونية الراعية دائماً لهذا الحلم لإيمانها بالحرية والكرامة هما في صلب الدعوة الإنجيلية.

قام الغيارى من الموارنة بالانقضاض على بكركي وعلى سيدها لأنه تبنى اتفاق الطائف ولم يسمع صوت الزعماء، بل استلهم ضميره وأمانته حافظا الأمانة البطريركية.

هاجمه رعاع القوم وأهانوه وأذلوا من أُعطي مجد لبنان فانكفئ إلى الديمان حيث تجذرت الكنيسة هناك وترعرع مجد لبنان في ظلال الأرز والصخور.

لم تكن حادثة التعدي على البطريرك صفير لتسلمه إلى اليأس والقنوط لكنها بقوة الإيمان قوت عزيمته، وهنا أتذكر ما حدث للأب يعقوب الكبوشي الذي تعرض لحادثة قضت على معظم من كان بمعيته، أما هو فنجا بأعجوبة وقد زادت من رجائه وعزيمته، وكذلك كان حال البابا القديس يوحنا بولس الثاني الذي نجا من الاغتيال وشعر بان الله معه. أما الرئيس ريغن الأميركي وبعد محاولة لاغتياله وكما الأبرار اخذ المطرقة وضرب بها حائط برلين وحطمه.

هكذا شعر البطريرك صفير بقوة مركزه وسطوة سلطانه وتكلم بنبرة عالية ولاسيما بعد لقاء المطارنة وبيانهم الشهير وكيف لا ، وكان المونسينيور طوق رحمه الله يتلو البيان وكأنه بلاغاً عسكرياً.

تميز البطريرك صفير بالصلابة والعزم والقوة وكذلك بالتواضع والوادعة والبساطة ومن أشهر أقواله، "لقد قلنا ما قلنا وكفى".

فشل المغرضون في إيقاعه في أي تجربة، وكما حدث للسيد المسيح حيث أراد الكتبة والفريسيين أن يصطادوه بكلمة فلم يفلحوا.

قرر الكتبة والفريسيين في لبنان وخارجه اللعب على العواطف وسعوا جاهدين استدراجه لزيارة سوريا يوم زارها قداسة البابا السعيد الذكر يوحنا بولس الثاني، ففشلوا ووقف في وجههم كالصخرة رغم كل المغريات والتهديد.

نجح البعض بإقناعه بالتنحي والاستقالة وهو على عتبة التسعين، فاستجاب بتواضع ودون ضجيج.

يبقى أن العظماء غالباً ما يستريحون بعد رحالات النضال لأنهم إلى وجه ربهم يطمحون، كما فعل البابا بنيدكتوس الثالث عشر، وكما فعل مؤرخ حياة مار مارون تواريدتس القورشي حيث قرر العزلة ليتفرغ أكثر للصلاة والكتابة وهو كاتب "تاريخ أصفياء الله".

هذا البطريرك الذي ولد في أول أيام الانتداب، وترعرع في زمانه، وارتسم في أول عهد الاستقلال، وصار بطريركا في عز الأزمات عاصر باباوات عظام، وفي زمانه طوب الحرديني، وتقدس الأخ اسطفان نعمة، وفي زمنه أيضاً تحولت بكركي إلى مركز الثقل بعدما كان اختفى دورها في السبعينيات.

في زمن العولمة والانتشار وزمن التحديث والابتكار، وفي زمن قالوا فيه لقد خفت وهج المسيحيين في لبنان، ها هم مع البطريركية المارونية يتطلعون إلى اليوبيل الكبير المئوي على إعلان دولة لبنان الكبير إلى بطريرك الاستقلال والأمل الجديد الذي لبس سلاح البر وحمل سيف الروح.

إلى بيت الأب أنت ذاهب أيها البطريرك العظيم، ونحن نتطلع إلى المجد الذي أعدته إلى البطريركية المارونية، ونحن نعلم أن الله يستجيب لتضرعات شعبه وهو وحده القادر أن يبقي أرض لبنان أرض قداسة وحرية وإيمان وصلاة.

 

إحياء "نكبة الموارنة" في الحملة المملوكية: الغرق والحرق والسحل

أورنيلا عنتر/المدن/الخميس 16/05/2019

قبل أيّام قليلة من خسارة لبنان والموارنة أهمّ بطريرك ماروني عرفه التاريخ المعاصر، البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، قام خمسة وأربعون شخصًا بتقفّي أثر البطريرك لوقا البنهراني، أي لوقا من بنهران، استنادًا لنصّ ورد في "تاريخ الأزمنة" للبطريرك اسطفان الدويهي، أب التاريخ الماروني. على مدى يومين، سلك سمير غصن وفريقه الدرب نفسها التي سلكها الموارنة هربًا من مجازر المماليك في العام 1283، في مبادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ لبنان. تحت عنوان "الحملة المملوكية على جبّة بشرّي – من الكتلة إهدن إلى عاصي الحدث"، انطلقت المسيرة التي هدفت إلى إحياء ذكرى أكبر مجزرة عرفها تاريخ الموارنة، والتي ارتكبت بحق الموارنة من أتباع البنهراني. سمير غصن هو أستاذ فلسفة ولد في الديمان في قضاء بشرّي، ويمضي الجزء الأكبر من وقته، منذ أكثر من 15 عاما، في وادي قنّوبين.

الحملة كما رواها الدويهي

جاءت الرواية حول الحملة المملوكية في "شْحِيمة"، كتاب الصلاة في اللغة السريانية، وجدها البطريرك الدويهي في مغارة قطّين الرواديف، ووثقّها في "تاريخ الأزمنة"، ونصّها الحرفيّ كما نقله الدويهي: "في شهر أيار (العام 1283)، سارت العساكر الإسلامية إلى فتح جبة بشري فصعد شرقي طرابلوس العسكر في وادي حيرونا وحاصر إهدن حصاراً شديداً، وفي نهار الأربعين ملكها بشهر حزيران، فنهبوا وقتلوا وسبوا ودكوا للأرض القلعة التي بوسط القرية والحصن الذي على رأس الجبل، ثم انتقلوا إلى بقوفا وفتحوها في شهر تموز، وقبضوا على أكابرها وأحرقوهم بالبيوت ونهبوا وسبوا ودكوها إلى الأرض، وبعدما ضربوا بالسيف أهالي حصرون وكفرصارون في الكنيسة، توجهوا في الاثنين وعشرين من شهر آب إلى الحدث، فهربوا أهلها إلى العاصي، وهي مغارة منيعة فيها صهريج للماء، فقتلوا الذين لحقوهم وخربوا الحدث، وبنوا برجاً قبال المغارة، وابقوا فيه عسكر يكمن عليهم، ثم هدموا جميع الأماكن العاصية. واذ لم يقدروا يفتحوا قلعة حوقا التي قبال الحدث، أشار عليهم ابن الصبحا من كفرصغاب بجر النبع الذي فوق بشري وتركيبه عليها، فملكوها بقوة الماء لأنها داخل الشير، وأذنوا لابن الصبحا بلبس عمامة بيضه يانس وان تقيم العبيد بخدمته. ولما رجع العسكر وتاب عن سوء فعله عمر دير سيدة حوقا لسكنة الرهبان، وهو بالقرب من برج الذي كان في الشير".

يشير الدويهي في نصّه إلى "القلعة وسط القرية" وهي "الكتلة" في إهدن، أي التلة التي تقوم فوق ساحتها كنيسة مار جرجس الكبرى، والذي نوى (وربما لا يزال ينوي) مجلس كهنة رعية زغرتا-إهدن تجويفها برّمتها، هدم أسوارها الدهرية واستبدالها بجدران جديدة من حجر التلبيس، بهدف إقامة موقف كبير للسيارات داخلها، وسط اعتراض شعبي كبير. أمّا "الحصن الذي على رأس الجبل"، فهو كنيسة سيّدة الحصن التي أطلق المسيحيون عليها هذه التسمية كي تشفع العذراء مريم لمن يلتجئ إليه كملاذ أخير في فترات الحروب منذ المماليك، والتي تعرّضت منذ حوالى ثماني سنوات لخطر تشويهها عبر فكرة مشروع يقضي بإنشاء مبنى من ثلاث طبقات من الباطون المسلح على رأس الجبل وراء كنيسة السيدة شرقاً، وصولاً إلى الكوع على مساحة 3000 متر مربع، لكنه لم يبصر النور. أمّا العاصي فهي مغارة في وادي قاديشا، المدرج على قائمة منظمة يونيسكو للتراث العالمي. وهو الوادي الذي يُعرف محلياَ بـ"الوادي المقدّس". في الوقت الذي ينكب فيه الموارنة، قادة سياسيين وروحيين، إلى تحويل كل بقعة من الأرض التي لجأوا إليها إلى مواقف للسيارات، أو مقلع للصخور أو فندق بنجوم كثيرة لا لزوم لها، تجمّع فريق سمير غصن على ساحة الكتلة عند الساعة الخامسة صباحًا ومشى.

اقتفاء أثر البنهراني

"اسمعوا صراخ النساء، بكاء الأطفال وأنين العجزة"، قال سمير غصن لفريقه في طريقهم إلى عاصي الحدث. في حديث لـ"المدن"، يقول غصن أن رواية الدويهي تفيد بأنّ المماليك شنّوا في العام 1283 حملة على جبة بشري في شمال لبنان، وحاصروا إهدن، ثم توجّهوا إلى الحدث: "لا تحدّد الرواية ما إذا كانت الكتلة سقطت أولا أو الحصن الذي على رأس الجبل، لكن الأكيد أن الكتلة صمدت في وجه المماليك أربعين يوماً، فيما سقط الحصن في غضون أيام معدودة"، ويضيف: "كان سقوط الكتلة فاجعة كبيرة إذ تفاجأ الموارنة بامتلاك المماليك لسلاح المنجنيق، وهو عبارة عن مدفع بدائي يُطلق الحجران والصخور، حيث تمكّن المماليك من إحداث ثغرتين في سور الكتلة ودخول القلعة عبرهما". يتحدث غصن عن فرقة عسكرية تابعة للمماليك أطلق عليها تسمية "التركمان"، وكانت مؤلّفة من صبيان احتفظوا بهم المماليك أثناء غزواتهم الكثيرة، فدرّبوهم وحوّلوهم لآلات للقتل. يقول غصن أنّ "التركمان فرقة من الخيّالة، لا يترجّلون عن الخيل. يقاتلون عليه ويموتون عليه". عندما دخل المماليك إلى القلعة، يقال إن بعض المقاتلين الموارنة تمكنوا من الفرار عبر نفق يربط القلعة بالحصن، لم يتم التأكد من صحة وجوده، فيما قطع "التركمان" رؤوس المقاتلين الموارنة. بعدها، وحسب غصن، وضعت جماجم المقاتلين الموارنة على رؤوس الرماح وجابوا فيها قرية إهدن مروّعين الأهالي، قبل أن يضرموا النار بالقرية، فبقيت إهدن تحترق لثلاثة أيام متواصلة. عندها، هرب الأهالي نحو بقوفا، لكنها سقطت بعد يومين أو ثلاثة كحدّ أقصى. فلجأوا من بعدها إلى جبة بشري من دون أي قدرة قتالية.

"سفر خروج" الموارنة

قبل انطلاقة المسيرة من الكتلة في إهدن، قام كل من أعضاء الفريق البالغ عددهم 45 شخصا بتقديم وردة بيضاء تخليدًا لذكرى المقاتلين الذين دفنت أشلائهم في ساحة الكتلة. ووجه الفريق تحية خاصة إلى الأرملة الهدنانية، وهي رواية حاضرة في الذاكرة الجماعية للأهالي، والتي تجرأت وحيدة على دفن أشلاء المقاتلين الشهداء عند الكتلة قبل أن تتجه نحو كفرصغاب، حيث قرعت جرس كنيسة مار أوتل حزنًا، إكراما للأموات وإنذارًا للأحياء كي يلوذوا بالهرب. يعلّق غصن: "إذا كان للموارنة في تاريخهم سفر الخروج، فهذا هو". عندما لجأ الموارنة إلى مغارة عاصي حوقا، عمد المماليك إلى إغراق المغارة بالمياه، فمات الأهالي غرقًا. أمّا الذين خرجوا منها هربًا من الغرق، فقتلوا فورًا. في مغارة عاصي الحدث، حيث انتهت المعركة بتسليم البطريرك لوقا البنهراني نفسه، عمد المماليك إلى قطع المياه عن هذه المغارة المنيعة التي تحوي صهريجا للماء. لكن المياه المخزنة كانت تكفي الأهالي أياماً عدة. وبما أنّ المماليك كانوا على عجلة من أمرهم لإنهاء الحملة والقبض على البطريرك، إذ كاد يقترب فصل الشتاء ولا قدرة قتالية لهم في الثلوج على عكس أبناء الجرود، عمدوا إلى تسميم المياه عبر رمي جثث الحيوانات فيها، فتوفي الأطفال والعجزة وسلّم عندها البنهراني نفسه للماليك.

الذاكرة والجغرافيا

في هذا السياق، يذكّر غصن بالدعاء الشهير لدى المسيحيين الموارنة "ربي لا تمتني لا حريق، ولا غريق، ولا تشحشط عالطريق"، ويتساءل: "من أين للموارنة، في عزلتهم في الجرود، هذا الخوف من الغرق، هم الذين لم يعرفوا البحر يوما؟". حسب غصن، يعود هذا الدعاء للحملة المملوكية هذه، فالحريق يشير إلى إضرام القرى بالنار، والغريق إلى تغريق المغارة، و"التشحشط" إلى ربط الأهالي بالخيل وسحلهم خلفه طوال الطريق إلى أن يموتوا. استمرت المسيرة ليومين عبر فيهما سمير وفريقه أربعين كيلومترا. يصف غصن التجربة بالرائعة، وهي في حسبانه نوع من إحياء للذاكرة الجماعية، في صلب وجدان المسيحيين الموارنة. يقول: "كنّا نصرّ على أنّ يكمل الفريق كاملا الدرب كما فعل الموارنة في العام 1283، لكن 18 شخصا فقط وصلوا إلى عاصي الحدث، تماما كما لم ينج من المجزرة سوى القلائل". يعتبر سمير غصن، الذي أعاد خَلْق المسار من خلال اقتفاءه لأثر المسارات في الوادي من قرنة الحريقة، إلى درب المشاحر والبيدر الخربان مرورا بهوّة ميليا، أن "لا تاريخ للموارنة من دون الجغرافيا".

 

إلى بكركي عاد بطريركها الدائم

جليل الهاشمالمدن//الجمعة 17/05/2019 0

غابت "المنار" وتخلف العونيون وتدفق القواتيون واحتشد دروز الجبل (علي علّوش)

إلى بكركي عاد بطريركها الدائم مار نصرالله بطرس صفير، المكان الأحب إلى قلبه بعد قنوبين، ملجأ الموارنة زمن الاضطهاد، وريفون مسقط رأسه.

الصورة في مكانها

يوم "تقاعد"، وهو بكامل قواه العقلية، قال "نفضل أن نرحل وعقلنا معنا، على أن نرحل وقاد غادرنا". ونقل عنه كثر رغبته بالتقاعد في أحد الاديار للتأمل والصلاة، وبدأ يعد العدة للانتقال من الصرح البطريركي. وعملاً بالتقاليد الكنسية والبطريركية، أزيلت صورة البطريرك صفير من صالون الصرح، لتوضع مكانها صورة البطريرك الجديد مار بشارة بطرس الراعي، إلى جانب صورة قداسة البابا، ونقلت صورة صفير إلى مقر إقامته في الصرح. وكان أن دخل البطريرك بشارة الراعي إلى صالون الصرح فانتبه إلى أن صورة سلفه لم تعد موجودة، فطلب بإعادتها فورا إلى مكانها، منبها العاملين إلى أن الصورة ستبقى معلقة إلى جانب صورته وصورة قداسة الباب، وقال لهم "إنه البطريرك الدائم". موقف الراعي هذا حمل البطريرك صفير على إعادة النظر في قرار انتقاله إلى الدير المرتقب، وقرر البقاء في الصرح، وهو قرار أثلج صدر خلفه، فخصص له جناحاً، حرص على توفير جميع مستلزمات الراحة فيه للسلف. وينقل زوار الصرح أن البطريرك الراعي حرص على التعاطي مع سلفه على قاعدة "البرّ بالوالدين"، فكان يزوره باستمرار ويتابع وضعه الصحي، خصوصاً في السنوات الأخيرة، حين أمر بتخصيص ممرضين إثنين يلازمانه لأكثر من خمس سنوات.

نعش الزيتون والأرز

إلى الصرح الأحب إلى قلبه، عاد البطريرك صفير، محمولا على نعش من خشب الزيتون والأرز، يعلوه مجسم نصفي له. حتى أن نعشه، جاء تعبيراً عن مكنونات قلبه الروحانية، فخشب الزيتون له رمزيته المسيحية من بستان الزيتون الذي صلى فيه السيد المسيح في القدس، إلى وادي قنوبين، حيث كان يمضي البطريرك الراحل، أوقات صفاء وتأمل، فكان خشب الزيتون من قنوبين، ومن أرز الرب الذي ذكر في العهد القديم، يعلو الكل مجسم نصفي للبطريرك، نحت من صخرة من وادي حريصا، المقر الجغرافي للصرح البطريركي. لكأنه أراد في رحلته الأبدية أن يحتضن جسده النحيل كل ما يرمز إليه لبنان، الذي أحبه من خلود الأرز، إلى قداسة شجرة الزيتون، فصخور حريصا. النعش العابق برمزية البطريرك صفير، أخفق في التعبير عن نمط حياته الزاهد والمتقشف. فجاء تعبيراً عن عظمة ساكنه الزمنية وليس الروحية، فكان أن استبدل في الجنازة بنعش متواضع، جاء أكثر انسجاماً مع نمط حياة البطريرك الراحل.

الموكب إلى الصرح

على مدى 36 ساعة، بدأت جنازة الراحل الكبير، فانقسمت بين شعبية ورسمية، حين بدأ تقاطر وفود المشاركين في الموكب، الذي حمل جثمان البطريرك إلى مستشفى أوتيل ديو، صباح الأربعاء، وانتشرت على طول الطريق إلى الصرح البطريركي، جموع المواطنين لإلقاء نظرة الوداع على الراحل، حاملين الورود وناثرين الأرزّ على الموكب. ولولا الترتيبات البروتوكولية التي أعدها الصرح البطريركي، لكان جثمان الراحل حمل في محطات عدة، أبرزها من مفرق غدير إلى بكركي، وهي مسافة تزيد عن 2500 متر، تطوع لها أكثر من ألف شاب، أبرزهم محازبي "القوات اللبنانية" ومحبي البطريرك صفير.

بكركي بكل ما فيها من بشر وحجر، انحنت إجلالاً لسيدها العائد إليها للمرة الأخيرة، لتحتضنه في رحلته إلى الأبدية، بعد ما قال ما قاله للتاريخ. عند مدخل الصرح انتظره البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، مع المطارنة والكهنة والسفير البابوي، ونواب من كتلة القوات اللبنانية، حيث أنزل النعش، الذي رافقه في موكبه من مستشفى اوتيل ديو، النائب فريد الخازن (فآل الخازن، تاريخياً، هم "حراس بكركي") وعائلة الفقيد، وعدد من نواب القوات، وحمله المطارنة والكهنة على وقع قرع اجراس بكركي حزناً، والصلوات الجنائزية، وعبق البخور الذي رافق جمهور المشيعين. وفي لفتة خاصة بالراحل الكبير، عزفت موسيقى قوى الأمن، بإيعاز من مديرها العام، تحية للبطريرك الراحل، النشيد الوطني اللبناني، ونشيد التعظيم، الخاص برؤوساء الجمهورية، فكان الاستثناء للبطريرك الاستثنائي. إلى كنيسة الصرح المتواضعة، حمل جثمان صفير، حيث سجي لإلقاء النظرة الأخيرة، فترأس البطريرك الراعي صلاة رفع البخور لراحة نفس الفقيد الكبير، ثم انتقل إلى صالون الصرح لتقبل التعازي من الرسميين والمواطنين.

حماقة "العونيين" واستدراكهم

جموع المشيعيين والمودعين غاب عنها أنصار "التيار الوطني الحر"، الرسميين منهم والمحازبين، فوصل الجثمان إلى بكركي بغياب ممثل للتيار ونواب التيار عن منطقة كسروان، فتعالت الأصوات المنددة بهذا الغياب المتعمد، لكأنهم ما زالوا يعيشون ترددات "غزوة "بكركي، إثر توقيع اتفاق الطائف، فأرادوا الاستمرار في "تأديب" البطريرك على وقوفه داعما للاتفاق وللمصالحة، ولإنهاء الحروب اللبنانية العبثية. التردد العوني تم استدراكه لاحقا، فوصل النائب ابراهيم كنعان إلى بكركي بعد ساعة من تسجية جثمان البطريرك. ثم تعاقب وصول الرسميين منهم، فكان أن وصل نائب كسروان العميد شامل روكز السادسة مساءً!

وكان لافتا أن مسؤولي التيار العوني وصلوا منفردين إلى بكركي، في حين أن الوفود اللبنانية الأخرى كانت تصل بكامل عدتها وعديدها. فالرئيس ميقاتي وصل على رأس وفد من أكثر من 200 شخصية ومناصر لـ"تيار العزم"، وأمين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري أتى أيضا على رأس وفد كبير، وكذلك النائب فيصل كرامي الذي ترأس وفداً من أكثر من خمسين مناصراً، علماً أن وفود "القوات اللبنانية" كانت الأكثر حضوراً على المستوى المسيحي،  وكذلك جماعة الرهبان والكهنة والقساوسة وجماهير المؤمنين من المسيحيين و"السياديين"، الذين لطالما عبّر عن هواجسهم غبطة البطريرك الراحل.

بطريرك العيش المشترك

كان لافتاً أيضا المشاركة الرسمية والشعبية الإسلامية، التي قاربت نظيرتها المسيحية، فحضر رجال الدين المسلمين من كل المذاهب والطوائف، يعبرون عن حزنهم وأسفهم لرحيل "بطريرك العيش المشترك" والمصالحة والاستقلال والحرية والسيادة. وهو مسجى، حافظ على وقاره، وزاده الموت هيبة، وفي لحظاته الأخيرة، "أرهب" من خاصموه، فحضروا إلى بكركي ليلقوا عليه نظرة الوداع، ربما ليكتشفوا سر صلابة هذا المقاوم السلمي، الذي سار بين الأشواك ورذاذ المطر، ليعبر بالبلاد والموارنة إلى أقرب شط أمان. وفي حين وحدها غابت محطة "المنار" التابعة لحزب الله عن الحدث، استدرك العونيون هول قرار مقاطعة موكب التشييع رسمياً وشعبياً، فأصدر "التيار الوطني الحر" ليل الأربعاء بياناً دعا فيه الأنصار والمحازبين إلى المشاركة بكثافة في تشييع البطريرك. ربما أيضا للتنافس مع جمهور "القوات" الذي بدا كخلية نحل تتقاطر إلى قفيرها في بكركي، لتودع البطريرك الذي حمل على منكبيه قضية لبنان، التي تعتبرها "القوات" قضيتها الأولى والوحيدة.. ومع ذلك، تخلف أنصار التيار الوطني الحر عن المشاركة في التشييع، واقتصر الأمر على نوابهم ووزرائهم، ربما لفداحة الحرج التاريخي مما اقترفوه عام 1989. 

مسيرة الوفاء الجنبلاطية

واللافت في تشييع غبطة البطريرك الراحل، كان مسيرة الوفاء من الجبل، بدعوة من الزعيم وليد جنبلاط، شريكه في المصالحة التاريخية، التي سعى إليها صفير وجنبلاط معاً بشراكة تامة وناجزة، فأنهت صراعاً درزياً مسيحياً حمل جروحه، المسيحيون والدروز منذ العام 1860. ويحرص جنبلاط اليوم أكثر من أي يوم مضى على التمسك بها، وتعزيزها، رغم محاولات التشويش عليها، التي بدأت فور إنجازها، من سلطات "الوصاية" سورية حينها، كونها مصالحة بقرار لبناني صرف، نابع من إرادة صفير وجنبلاط معاً، من دون حتى إعلام الأوصياء من سوريين ووكلائهم اللبنانيين.. وصولاً إلى من تضرر منها ويسعى إلى تشويهها ويعتاش على تظهير وتسعير الخلافات و"نبش القبور"، ويتمنى حرف المصالحة عن أهدافها الأصلية والإفادة منها بأسوأ أسلوب شعبوي. ولأنه وليد جنبلاط الوفي لمسيرة النضال مع البطريرك الراحل، زحف الآلآف من الجبل لوداع "بطريرك المصالحة". بعد انتهاء مراسم التشييع، حُمل جثمان البطريرك صفير إلى مثواه الأخير في مدافن البطاركة في الصرح البطريركي في بكركي. وهي المدافن التي امر هو بتشييدها بطريقة عصرية وحديثة، لتضم رفاة اربعة عشر بطريركا من بعده. مع رحيل صفير، تطوى صفحة من تاريخ لبنان. فهل هي صدفة أن يرحل في أقل من شهر، مع أبرز معاونيه المطران رولان أبو جودة وأمين سره الأب ميشال العويط؟ وهو سيلتقي حتما صديقه الذي "تركه وحيدا"، مفتي الجمهورية اللبنانية حسن خالد، الذي صادفت ذكرى استشهاده يوم تشييع البطريرك المقاوم.

 

لا توظيف في الدولة والبطالة تتفشى.. ما هي البدائل؟

خضر حسان/المدن/الجمعة 17/05/2019

لا جدال في أن وقف التوظيف في القطاع العام بات ضرورياً، كخطوة أساسية من خطوات وقف استنزاف القطاع العام وخزينة الدولة، حتى وإن لم يكن وقف التوظيف شرطاً إصلاحياً من شروط مؤتمر سيدر، التي على الحكومة اللبنانية الالتزام بها للحصول على الأموال. ووقف التوظيف لا يعني بالضرورة استتباعه بعملية المّس برواتب وأجور ومستحقات موظفي القطاع العام، على اعتبار أن عدداً كبيراً منهم دخل إلى ملاك الدولة أو تعاقد معها، عبر التنفيعات السياسية. فذلك ذنب الطبقة السياسية وليس الموظفين. وعلى تلك الطبقة تحمّل مسؤولية فائض الموظفين، وليس العكس.

الترفيعات ضرورية

ترزح مؤسسات الدولة تحت ثقل فائض الموظفين، وفي الوقت عينه، تعاني من شغور يصل في بعض المؤسسات إلى 50 في المئة. وذلك يعكس حجم الخلل في هيكلية الإدارة العامة، بالتوازي مع حجم الهدر الحاصل في المالية العامة. ويُضاف إلى هذا الخلل، توظيف نحو 5000 شخص خلال العام 2018، باعتراف وزير المال علي حسن خليل. وعليه، تقوم القوى السياسية بالتوظيف العشوائي، وتطالب هي نفسها بوقف التوظيف، مع استمرار الشغور في مناصب وإدارات، لأسباب سياسية وطائفية. ملء الشغور في الإدارات العامة قد يكون محطة أولى، لتخفيف وطأة الضغط على الإدارات. وتلك العملية لا تتطلّب توظيف أشخاص جدد، بل إطلاق عملية الترفيعات الروتينية، بدل تقييدها والاستعاضة عنها بانتداب موظفين غير أصيلين إلى مراكز جديدة بالوكالة. لكن التدقيق أكثر في هذه العملية، وربطها بالسجالات السياسية بين قوى السلطة، ومحاولة البعض بناء إمبراطوريات خاصة على حساب الانتظام العام لمؤسسات الدولة، يُقدّم التفسير الواضح لاعتماد التعيين بالوكالة بدل ملء الشواغر بالأصالة. فالإجراء الأخير يعني تقليص سلطة الوزير (في كل الوزارات) على سير العمل الإداري، خصوصاً بالنسبة إلى التدخّل في وضع دفاتر الشروط وإجراء المناقصات ومراقبة تنفيذ المشاريع، في حين يعني الإجراء الأول (التعيين بالوكالة) بسط يد الوزير عبر الموظفين المعيّنين بقرار منه. فأي مخالفة للقرارات، تعني تهديد منصب الموظّف. وهنا يُفضّل الموظّف المواءمة بين مصلحته ومصلحة الوزير، وفي الحالتين، على حساب الانتظام العام.

والغريب ان نقاش موازنة العام 2019، وما يرافقه من سجال حول التوظيفات والهدر، لم يقترب من مسألة الشواغر. علماً أن الوفد اللبناني إلى مؤتمر سيدر "قدّم دراسة كاملة لحاجات الدولة، تتضمّن معلومات حول الموظفين الحاليين وكفاءاتهم وما إلى ذلك، بهدف تقديم تصوّر حول إعادة توزيعهم بشكل يتناسب مع المعايير الدولية"، وفق ما يقوله لـ"المدن" الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، الذي يشير إلى أن "مؤسسات الدولة ستبقى بحاجة إلى توظيف بعض الأشخاص الجدد في إختصاصات تقنية". ويمكن القول بأن نجاح عملية ملء الشواغر ووقف التوظيف، تقترن بضرورة إعادة النظر بهيكلية القطاع العام، كشرط أساسي لمعالجة وضع المالية العامة في السنوات المقبلة.

وظائف القطاع الخاص

إنسداد أفق التوظيف في القطاع العام، سيعني حكماً توجّه الأنظار نحو القطاع الخاص. لكن حجم هذا القطاع ومستوى استثماراته ونوعيتها، غير قابل لتعويض الفارق، واستقبال كافة طلبات العمل، أو حتى الجزء الأكبر منها. فضلاً عن أن القطاع الخاص لا يقدّم الأمان الوظيفي ولا التقديمات الاجتماعية التي يمنحها القطاع العام. وبالتالي، لن يكون الوجهة المثالية لطالبي العمل. ومع إقفال باب التوظيف الرسمي، والحاجة إلى بديل سريع، يواجه القطاع الخاص ضعف الاستثمارات في لبنان، بسبب "غياب البيئة الملائمة، وذلك بفعل الواقع السياسي والقوانين المتردية والمخاطر الأمنية المحتملة، نتيجة التوتر الأمني الإقليمي.. والكثير من الأمور الطاردة للإستثمارات"، حسب عجاقة. مع ذلك، "الحل ليس صعباً إن وُجدت النية السياسية للحل. فما زالت القوى السياسية تتقاتل بالسياسة في حين أن الأزمة اقتصادية، والكل يوافق على أنها اقتصادية". وعموماً، يتخوّف عجاقة من تفاقم الأزمة مع بقاء طريقة المعالجة على ما هي عليه. إذ من الممكن إيصال لبنان إلى "حالة تدهور مالي، تنخفض معه التصنيفات الائتمانية وترتفع الفوائد ويتراجع الوضع الاقتصادي ليدخل في حالة ركود".

دعم الصناعات الوطنية

صعوبة الوضع لا تؤدي حكماً إلى إستحالة الحل، فلبنان لم يبلغ مرحلة الانهيار الإقتصادي أو المالي. والحديث عن هذه النتيجة اليوم، هو محض جهل بالعمليات المالية والاقتصادية. كما أن البلاد ليست شركة تُقفل أبوابها فجأة، ويرحل أصحابها بعد إعلان إفلاسهم. لكن ما وصل إليه القطاع العام من تضخّم في وظائفه وهدر في أمواله، وإصرار من الطبقة السياسية على عدم توجيه "ماكينة" الإصلاح نحو الأملاك العامة والمصارف والتهرّب الضريبي والفساد في الجمارك.. وغير ذلك من مكامن أسباب الأزمة الحقيقية، يمكن للحكومة إجراء إصلاحات سهلة ذات نتائج إيجابية سريعة، أهمّها، حسب الخبير الاقتصادي غازي وزني "استبدال النمط الاقتصادي القائم حالياً، والذي لا يساعد في خلق فرص عمل، بنمط اقتصادي يقوم على خلق قطاعات إنتاجية جديدة ودعم القطاعات الحالية". ويرى وزني، في حديث لـ"المدن"، أن الاستبدال يكون بخطوات متتابعة وليس فجائياً. فليس سهلاً الانتقال من اقتصاد خدماتي ريعي إلى اقتصاد إنتاجي. وفي معرض الانتقال التدريجي، على الدولة "التركيز على قطاع اقتصاد المعرفة، ووضع رسوم على الاستيراد، وتشريع زراعة الحشيشة لأغراض طبية. فضلاً عن الاهتمام بقطاع الصناعات الدوائية".

 

في وداع بطريركنا الذي علّمنا السياسة

منير الربيع/المدن/الجمعة 17/05/2019

كان صدى صوت أجراس الكنائس يتردّد بين الجبال. وامتد من الوديان والجبال إلى كل القرى المحيطة بالشوف من جزين إلى إقليم الخروب. ظننا أن قوة الصوت هي من عرس في إحدى البلدات القديمة. إذ لم نكن نعرف يومها غير كنيسة القديسة تقلا، العملاقة والتاريخية، في ساحة بلدة بكاسين بقضاء جزّين. لم تكن أجراس تلك الكنيسة، هي التي تدقّ. وكنّا حينها أطفالاً، نلهو على كتف بلدة صغيرة إسمها بنواتي في قضاء جزين. يطلّ الكتف على مرج بسري الشهير، الذي سيتحول إلى سدّ يعدم الطبيعة ويمحو جمالها. كان دوي الصوت يتردد من ذلك الوادي السحيق، الذي يفصل بين قضاء جزين والشوف. مسافة خطّ النار، تسمح للناظر بأن يرى مواكب السيارات، لا أن يسمع فقط أصوات الأجراس.

ما بين جزين والشوف

اختلطت أصوات الأجراس مع أبواق السيارات وأبواق "الخطر" المطلقة العنان، لتشدّ انتباهنا وحيرتنا مما يحدث. فنحن لم نعتد على سماع أصوات كهذه طيلة الأشهر السابقة، منذ الانسحاب الإسرائيلي من جزين عام 1999، ومن الجنوب كلياً عام 2000. كان يومها الخامس من آب 2001. كنت في الثانية عشرة من عمري، في ملعب مدرسة القرية، المقفلة منذ سنوات. الملعب المطلّ على طريق باتر جزّين، ذاك المعبر الشهير الذي نفّذت فيه "زوبعة باتر" سناء محيدلي عمليتها الاستشهادية، والتي نشأنا على سماع سيرتها، كلّما مررنا على ذلك الطريق ذهاباً إلى بيروت أو إياباً منها، فأثناء الإحتلال كانت طريق الشوف وحدها المتاحة باتجاه العاصمة.

امتدّ "حبل" السيارات على طول طريق باتر جزين، ليأتي الجواب على الحيرة، أن البطريرك الماروني نصر الله صفير، يزور وليد جنبلاط في المختارة. يومها لم نكن نعي من السياسة  سوى سناء محيدلي، وعمليات "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" ضد الإحتلال الإسرائيلي، ثم عمليات "المقاومة الإسلامية" التي كنّا نتحمّس لها لتحرير الجنوب، ونركض خلف أصوات الإنفجارات وعمليات الإغتيال التي كانت تستهدف سيارات العملاء. كنا نعرف أيضاً قصر المختارة ووليد جنبلاط، حافظين في الذاكرة الموقف التاريخي الذي اتخذه الرجل، كما والده الشهيد كمال جنبلاط، مع زعيم من جزّين اسمه جان عزيز، لحماية البلدة السنية الوحيدة في محيط مسيحي، بلدتي بنواتي. موقف المختارة كان حاسماً منذ العام 1976، لحماية البلدة وأهلها من التهجير، خصوصاً بعد التخوف الذي ساد في تلك الفترة، على إثر مجزرة العيشية، أن يتم تهجير أهالي بنواتي إلى العيشية التي تقع في محيط مسلم، واستقدام أهالي العيشية بدلاً منهم إلى المحيط المسيحي. يومها، تدخّل كمال جنبلاط مع جان عزيز لحماية القرية الصغيرة، وبعدها أيضاً حافظ وليد جنبلاط على حمايتنا في منازلنا. وللأمانة التاريخية أيضاً، كان أهالي البلدات المجاورة من رافضي أي مساس بأبناء تلك البلدة "المسلمة". فتوّلت مجموعات منهم الدخول إليها ليلا وحراستها من أي إعتداء.

من المقاومة إلى المصالحة

يوم أصداء أجراس الكنائس ذاك، كان هو يوم مصالحة الجبل. هكذا، تعرّفنا إلى إسم "سياسي" جديد هو البطريرك مار نصر الله بطرس صفير. وكنّا قد خرجنا لتوّنا من حالة الإحتلال، فكنّا مهجوسين ونحن صغار، بقراءة تجربة المقاومة. كان أول كتاب قرأته في السياسة، هو كتاب محمود غزالة عن عملية خالد علوان في الحمراء، عنوان الكتاب: "على رصيف الويمبي، وقفات عزّ أخرى". فبدأ الأفق السياسي لديّ بالاتساع، من تجربة المقاومة إلى معنى المصالحة، والتي تحدث بعد سنوات على حروب شهدها جبل لبنان بين الدروز والمسيحيين.

تلك المناسبة الغامضة بالنسبة إلى من هم في أعمار بين الطفولة والمراهقة، والتي اتخذت شكل أعراس القرى وأهازيجها، شكّلت بداية التكوين السياسي في اللاوعي. الانتقال من المقاومة إلى المصالحة، كان تحوّلاً لم نكن قادرين على فهمه يومها. لكّنه على غموضه وبساطته انحفر في الذاكرة وفعل فيها أفاعيله، والذي سرعان ما ستنميه أحداث أخرى مشابهة، توالت على امتداد السنوات اللاحقة.

الزلزال

من العام 2001 إلى العام 2004، حين وقعت محاولة اغتيال مروان حمادة، سمعنا أن الحادثة هي "رسالة إلى رفيق الحريري ووليد جنبلاط". لم نكن نعرف كيف أن "الرسالة" تكون عملية تفجير. عندها، كان لا بدّ من ملاحقة الأسئلة والبحث عن إجابات عليها . لجأنا إلى نشرات الأخبار التي لم تكن كثيرة في تلك الفترة كما هو اليوم، بمعدّل ثلاث نشرات يومياً على الأقل. كنّا نعرف نشرة الأخبار المسائية لا غيرها، وأدمنّاها. تخطت همومنا معرفة معنى "الرسالة" وأسبابها، إلى الخوف من تجدد الحرب الأهلية. خوف ترسّخ أكثر يوم زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي رمانا في دوامة السياسة وعناوينها، لننشغل في تحصيل وعينا السياسي الجديد. وعي جيل كامل قام على تلك الواقعة. مع تسارع الأحداث، بدأ الربط ما بين الوعي واللاوعي، والرجوع إلى اللحظة التي كنّا نلعب فيها حين سمعنا صوت الأجراس. لحظة مصالحة الجبل، التي وُصفت في العام 2005، أنها هي التي مهّدت لهذا الزلزال، وما تلاه من تظاهرات أُطلق عليها انتفاضة الاستقلال أو "ثورة الأرز". كان لا بد من العودة إلى زمن المصالحة، والانتباه إلى ما لازمها وجاورها من "لقاء قرنة شهوان"، و"بيان المطارنة الموارنة"، والحديث عن سعي النظام السوري لضرب رموز المعارضة الناشئة ، إما وليد جنبلاط  أو رفيق الحريري.

بذرة الحماسة بدأت بالنمو في دواخلنا، لتتحول السياسة معها من هواية معرفية إلى قضية والتزام. بعدما كانت تشغلنا قضية واحدة ومركزية هي المقاومة. وعندها بدأت تنازعني الأفكار والأيديولوجيات، ما بين "سوريا للسوريين والسوريون أمة تامة" ومقولة "الزعيم" أنطون سعادة، بأن "الدماء التي تجري في عروقنا ليست لنا إنما هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها".. وبين مقولة رفعها البطريرك نصر الله صفير: "إذا ما خيّرنا بين الأمن والحرية نختار الحرّية"، و"عبثاً نحب الوطن اذا كنا لا نحب المواطنين الساكنين فيه". وقوله الآخر: "لتبقى لنا الحرية التي إذا عدمناها، عدمنا الحياة". الفارق جذري بين الدماء فداء للأمة والزعيم، وبين حبّ الوطن ليس للوطن بل لمواطنيه. هذا التشكّل السياسي تدعّم مع قراءات لكمال جنبلاط، عن واجب الدولة في خدمة الإنسان لا العكس.

انكشاف الحقائق والأكاذيب

هنا حصّل التحول الفكري، من الأمة التامة القائمة على نظرية العرق السوري، إلى إعلاء إنسانية الإنسان، التي تقوم على مرتكزين أساسيين، الحرّية، والمواطنية العابرة للطائفية أو المذهبية. وربّما من الواجب الذهاب أبعد من ذلك، إلى رحابة "إسقاط جواز السفر" على ما يقول محمود درويش.. تتشكّل تلك التسوية الوجدانية ما بين المقاومة، والحرية، والمواطنية الإنسانية بلا تناقض. في تلك السنة المصيرية انشقّ لبنان عمودياً. علت اتهامات التخوين بالعمالة والعمالة المضادة. مجموعة عملاء للغرب، وفق منطق النظام السوري وحلفائه، ومجموعة عملاء للنظام السوري وفق منطق الفريق الآخر. عندها أيضاً، كانت العودة ضرورية إلى حقبة التسعينيات، لنكتشف سر "التكامل" ما بين الإحتلال الإسرائيلي ونظام الوصاية السوري. فانسحب الإسرائيليون، وكان لا بد من انسحاب السوريين، الذين رفضوا ذلك، إلى جانب وقائع أخرى، كرفض انتشار الجيش في الجنوب، والموقف السوري المدوّي في لحظة الإعلان الإسرائيلي عن الانسحاب من جنوب لبنان في العام 2000، إذ اعتبر وزير الخارجية السوري يومها فاروق الشرع أن الانسحاب "مؤامرة على لبنان وسوريا معاً". ما يشي في مضامينه إلى علّة وجود النظام الأسدي في لبنان واتساقه مع وجود الاحتلال. تلك المعادلة لا تنفصل عن أحداث أخرى كنّا قد سمعناها في الصغر، حول الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتحديداً في منطقة جزين ومحيطها، حين عملت القطعات السورية قبل ساعات قليلة من الانسحاب، إلى تبديل القوات العسكرية، فتم سحب من كانوا منذ فترة في المنطقة وخبروا طرقاتها وتضاريسها، مقابل استقدام أفواج جديدة، كانت كحال أبناء عكار الذين استقدمهم "تيار المستقبل" في أحداث السابع من أيار 2008 إلى بيروت، وسُلّم كل واحد منهم عصا، للدفاع عن العاصمة ومواجهة حزب الله في زواريب لا يعرفونها. أسهم تبديل أفواج الجيش السوري، بوقوع مجزرة بالقوات الجديدة، وعملت الدبابات الإسرائيلية على اصطيادهم كالعصافير.

في وداع البطريرك

اختطلت مقارنة أحداث العام 2005، وتعاطي النظام السوري مع لبنان، مع تلك الأحداث التاريخية، ومنهما اتساعاً نحو البحث عن أسرار التكامل بين الاحتلالين السوري والإسرائيلي، نسبة إلى "إتفاقية الخط الأحمر" التي نسجها وزير الخارجية الأميركي هنري كسينجر، لترسيم حدود السيطرة الإسرائيلية على جزء من الجغرافيا اللبنانية، وحدود السيطرة السورية على جزء آخر، ربطاً بمعادلة حافظ الأسد حيال خسارة الأرض (إشارة إلى الجولان) مقابل بقاء النظام. وأبعد من ذلك، حول الترابط بين الإلتقاء الإسرائيلي والسوري على ضرب منظمة التحرير الفلسطينية والحركة والوطنية وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وضرب كل ما هو وطني أو "يساري"، لصالح تكريس الانقسامات الطوائفية، والتلاعب في ساحاتها. مثّل البطريرك نصر الله صفير ذروة المعنى الاعتراضي الذي واجه الواقع المرير والرديء، طوال مساره الطويل، والذي حفل بأحداث استثنائية، فشكّل نبراساً لها، وملهماً لتكوين فكرنا السياسي، الذي تجلّى في طروحاته من قرنة شهوان إلى البريستول وما بينهما بيان المطارنة ومصالحة الجبل. بوداع البطريرك ينسلخ شيء منّا ويأفل، ونختم معه ذاكرة تكوّن وعينا السياسي. ليبقى صوته كصدى يتردد في جبال لبنان ووديانه.

 

لبنان ساحة تفاوض أميركية إيرانية: عقوبات على أسماء جديدة

منير الربيع/المدن/الخميس 16/05/2019

لا تلقى طبول الحرب، التي تقرع في المنطقة، أي صدى لها في لبنان. كان لبنان يتلقى تلك الأصداء بل ويردد بعضها قبل سنوات، مع اشتعال الحرب السورية، وكذلك عند تكريس معادلة "ضربة مقابل ضربة" مع العدو الإسرائيلي... تماماً كما حدث بعد اغتيال اسرائيل لجهاد مغنية، فردّ الحزب بعملية في مزارع شبعا.

تجنب الحرب

بعد تكريس تلك المعادلة، التي أعلن عنها أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، بوصفها سياسة معتمدة أساسها الردّ المناسب في حال تعرّض الحزب أو إيران إلى خسائر بشرية مباشرة. أي إن كل عملية اغتيال ستقابلها عملية اغتيال مضادة. أما في حال بقاء العمليات في إطار الغارات على مواقع يتبلغ بها الإيرانيون قبل حدوثها، فيعملون على إخلائها وتركها فارغة، فهذا لا يستدعي أي ردّ. بموجب تلك المعادلة المكرسة، والتداعيات العسكرية في سوريا والسياسية في لبنان، خرجت إيران معلنة تحقيق انتصارها في المنطقة. كما أعلنت سيطرتها على أربع عواصم عربية هي بغداد، دمشق، بيروت وصنعاء. معادلة الانتصار التي رفعتها طهران، لن تجازف بها عبر إعادة إشعال جبهاتها، كي لا تفتح باب احتمال الخسارة. وربما هذا أحد ابرز الأسباب التي تدفع المسؤولين الإيرانيين أو حلفائهم إلى نفي احتمال وقوع حرب في لبنان مثلاً، خصوصاً أن طهران لا تزال تلتزم بمبدأ تجنب الانزلاق إلى حرب مباشرة مع إسرائيل وأميركا.

ساحة تفاوض لا احتراب

لهذا السبب بالتحديد، لم تصل أصداء طبول الحرب إلى لبنان، بالإضافة إلى سبب آخر أن كل الأطراف الإقليمية والدولية تريد من لبنان (حتى الآن) أن يكون ساحة "تجاذب" أو "تفاوض" مع الاميركيين لا ساحة اقتتال. فزمن استخدام لبنان من قبل إيران كصندوق بريد لرسائل عسكرية قد ولّى. تخطّت إيران تلك المعادلة بعد تحقيقها الانتصار فيه. فالحروب التي كانت تخاض في لبنان أو انطلاقاً منه، كانت في حقبة التنافس غير المحسوم بين "الغرب" (وإسرائيل) من جهة، وإيران (وسوريا وحزب الله) من جهة ثانية، وكان هذا التنافس مترجماً أيضاً بالصراع الداخلي بين القوى السياسية اللبنانية. وهذا ما انعدم اليوم، واستتب الأمر والسيطرة لصالح حزب الله، الذي يحرص ويهتم بحماية هذا المكتسب الاستراتيجي، وعدم إضاعته بأي "مغامرة" حربية غير محسومة النتيجة. هذا ما يوجّه الأنظار نحو التطورات الراهنة في منطقة الخليج. إذ تعتبر طهران أنها حققت ما تريده حتى الآن في كل من سوريا العراق ولبنان، وبقيت المعركة الأساسية مفتوحة في اليمن. ولذا، فحلبة الملاكمة وتبادل الضربات هناك، في بحر الخليج.

الحرب النفسية والإعلامية

لكن، وعلى الرغم من كل ذلك، لا يبدو أن لبنان سيكون بعيداً عن التداعيات السياسية للمعركة المفتوحة، خصوصاً في ضوء الإجراءات الاميركية ضد حزب الله، سواء في العقوبات أو غيرها. والاهتمام الأميركي بالشأن اللبناني هذه الأيام واضح، على أكثر من مستوى، سواء عبر استمرار الدعم للجيش والأجهزة الأمنية، أو عبر تولي الوساطة لترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل، أو عبر الزيارات المتكررة للمسؤولين الأميركيين، الذين يبدون اهتمامهم بالحفاظ على الاستقرار في لبنان، تماشياً مع تشييد الأميركيين لسفارتهم الضخمة على الساحل اللبناني، والتي تؤشر إلى البعد الاستراتيجي الذي يوليه الأميركيون لتواجدهم وحضورهم في البلد. كما لا يمكن إغفال جانب أساسي في جدول الأعمال الأميركي محلياً، وهو حماية حدود إسرائيل من صواريخ حزب الله. وهذا ما يسعى الاميركيون إليه عبر ضغطهم المركّز على الحزب وإيران، لتحقيق أهدافهم بلا أي معركة عسكرية. ولا تخرج لغة التهديد والحرب النفسية والإعلامية عن سياق الضغط المستمر على حزب الله، وآخرها بث المقطع المصور، الذي نشره "فريق التواصل الإلكتروني" التابع للخارجية الأميركية عبر "تويتر"، عن أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يدرب ويسلح ويجهز ميليشيات تابعة له في معسكرات تدريب في لبنان وفي البقاع تحديداً. فاللافت أن نشر هذا الفيديو يأتي بالتزامن مع زيارة قائد الجيش جوزيف عون إلى واشنطن ولقائه المسؤولين هناك، حيث تركزت مباحثاته على استمرار الدعم العسكري الأميركي للجيش اللبناني، وتعزيز دوره، كي يصبح هو صاحب القوة العسكرية الوحيدة في لبنان، بالإضافة إلى كلام أميركي عن عدم التساهل مع سطوة حزب الله في لبنان، والذي تراه واشنطن كأقوى ذراع لإيران في المنطقة.

العقوبات: لائحة أسماء جديدة

بموازاة زيارة قائد الجيش إلى الولايات المتحدة، كان وفد من جمعية المصارف قد زار العاصمة الأميركية والتقى مسؤولين في وزارة الخزانة، حيث سمعوا تشدداً أميركياً، لجهة تطبيق العقوبات على حزب الله وبعض المرتبطين به، مع تحذيرات لجمعية المصارف بوجوب التقيد بالإجراءات الأميركية لتنفيذ هذه العقوبات، من دون أي مناورات التفافية على العقوبات. وحسب ما تتحدث بعض المعلومات من واشنطن، فإن لائحة جديدة تضم بعض الأسماء، تستعد الخزانة الاميركية لإدراجها على لائحة العقوبات، بينهم شخصيات بارزة. وتكشف المعلومات أن شخصية حاولت زيارة واشنطن لـ"ترتيب" وضعها وتجنب إدراج إسمها على تلك اللائحة، من دون معرفة إذا ما كانت نجحت في مسعاها حتى الآن.

مخاطر "حافة الهاوية"

ويظهر الاهتمام الأميركي بالوضع اللبناني مع استمرار زيارة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد إلى لبنان، ولقائه مختلف المسؤولين، للبحث بعملية ترسيم الحدود البرية والبحرية. وتشير المصادر إلى أنّ الجانب اللبناني قدم لساترفيلد عددًا من المخارج التي تحفظ للبنان كامل حقوقه البرية والبحرية، وتحقق مصلحته الوطنية. ومن بين النقاط التي جرى تقديمها، هي أن يستثمر لبنان بنسبة  60 بالمئة من المنطقة المتنازع عليها في البحر، على أن يترك الجزء الباقي منها معلقاً، إلى حين ترسيم الحدود البحرية رسمياً بين لبنان وإسرائيل. أما على صعيد تطورات الوضع في المنطقة، فتلفت المصادر إلى أنها شكلت جزءاً من مباحثات ساترفيلد مع المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً بعد التطورات التي وقعت في الخليج. وحسب ما تشير المصادر فإن ساترفيلد أبلغ المسؤولين اللبنانيين أن بلاده ليست مهتمة بالتصعيد مع إيران، وعلى الإيرانيين أن يفهموا بأن الولايات المتحدة ستتعامل بجدية مع أي تهديد. وينطبق هذا الكلام على بقاء الوضع على حاله، أو ضمن إطار الضربات الموضعية بين طهران وواشنطن، في حرب بالوكالة في الخليج. تبقى الخطورة، في سياسة حافة الهاوية، أنها قابلة للسقوط والتغير إن وقع حادث غير محسوب، قد يؤدي إلى اشتعال حرب شاملة. وعندها بالتأكيد لن يكون لبنان بمنأى عن شظاياها ولهيبها.

 

هذيان "باسيلي": رسوم على الزواج المدني والمهاجرين لسد العجز

وليد حسين/المدن/الخميس 16/05/2019

لعل أبلغ توصيف لاقتراحات وزير الخارجية، جبران باسيل، بغية سدّ عجز ميزانية الدولة من خلال تغريم العمّال الأجانب "المخالفين"، أو فرض رسوم على عائلات "الشرعيين" منهم، وإقرار الزواج المدني الاختياري لقاء فرض رسوم عليه، أنّنا "غارقون في فقاعات هذيان يومي متواصل"، كما كتب الزميل محمد أبي سمرا في مقالة له في "المدن". فباسيل الذي يُتحفنا يوميّاً بمواقف واقتراحات وعراضات سياسيّة، من دون أيّ وازع حقوقي وأخلاقي، يدفعنا مرغمين إلى المزيد من معايشة الهذيان.

شراء شقة بكسر القجّة

كان لاقتراح باسيل إقرار الزواج المدني في لبنان، كونه "آن أوانه"، كما قال، أن يحمل بشرة خير للبنانيين الطامحين إلى إقرار أبسط حقوقهم المدنية، وهو أحد واجبات الدولة البديهيّة تجاههم، كونهم يدفعون الضرائب ويموّلون استمراريّتها. وكان من شأنه أن يفرج أسارير الراغبين بالزواج المدني على الأراضي اللبنانية إسوة ببقية المواطنين، لكن أن تصبح حقوقهم مادة لتحصيل الضرائب والرسوم من أجل سدّ عجز الدولة، فهذا يفتح الباب على المزيد من تهميش هؤلاء المواطنين، المختلفين عن غيرهم في مزرعة الطوائف وقوانين أحوالها الشخصية. لكن وقبل مناقشة اقتراح باسيل الذي يجعل من هذه القضية الحقوقية مادة للبازار السياسي الحالي، ولعرض قدرات الوزير الخارقة في علاج مديونيّة الدولة من خلال "المدخول الإضافي"، كون الراغبين بالزواج المدني سينفقون الأموال في لبنان لا في الخارج، هل فكّر معالي الوزير بأنّ "العلاج" المقترح أشبه بأفكار عجائز القرى الذين يريدون "شراء الشقق لأولادهم عبر كسر القجّة"!

ربما أراد باسيل تسجيل موقف لكسب ودّ المجتمع المدني والمطالبين بإقرار الزواج المدني في لبنان، وتسديد هدف في مرمى "الممانعين" له، خصوصاً أنّه ألبسه "هندام" سدّ معضلة العجز الدائرة في مجلس الوزراء. لكن خطوته "الملعوبة" من شأنها تكريس واقع التهميش لا حل قضية حقوقية يعاني منها "المدنيّون" وما تبقى من أفراد يسيرون عكس رغبات وأهواء طوائفهم في الزواج المختلط. فخطاب تحصيل حقوق المسيحيّين، الذي ينتهجه الوزير وتيّاره، لا يؤدّي إلّا إلى المزيد من "غيرة الدين" لدى بقية الطوائف. "غيرة" أدّت وتؤدّي ليس إلى إنكار حق الزواج المدني في لبنان، بل إلى رفض وجود قانون أحوال شخصية يرعى الشؤون الحياتيّة للمتزوّجين مدنياً.

نسف الأسس

على المستوى الحقوقي تستغرب الناشطة الحقوقية والمحامية منار زعيتر زجّ الزواج المدني في السجال السياسي القائم على إقرار الموازنة العامة وكيفية سدّ العجز. فتناول الموضوع برأيها من ناحية تحصيل الضرائب والرسوم ينسف أسس الزواج المدني في كونه قضيّة حقوقيّة بالدرجة الأولى، يجب أن تترافق ورؤية واضحة لدى كل القوى السياسية بضرورة وضع حلول لها. وبمعزل عن أنّ الوزير كان محايداً أو متجاهلاً أو رافضاً للزواج المدني، في كل السياقات العامة والتحديات التي مرّت بها هذه القضية، المسألة لا تعالج بمواقف آنيّة وعفويّة أو لتحصيل الرسوم، وفق زعيتر. فالمقاربة يجب أن تؤكّد دور الدولة في استعادة سلطتها على الفضاء المدني وتنظيم شؤون الأسرة، وتطبيق الدستور، لا من منطلق الصراع السياسي وتحصيل الضرائب، خصوصاً في ظل وجود 15 قانوناً للأحوال الشخصية. 

رهاب الغريب

بعيدا من المنطلقات العنصرية لتلك الاقتراحات بحق الأجانب، وتحديداً الفلسطينيّين والسوريّين. وبعيداً من كون كلامه هو نبش في خطاب الدولة القوميّة التي باتت من مخلّفات الماضي، والتي تجعل من لبنان دولة رافضة لكلّ آخر، كونه يعتبر مصدراً للتهديد، سواء من خلال عائلة المهاجر أو من خلال اللاجئين، هل فرض ضرائب على العاملات المنزليّات، اللواتي يتقاضين150  دولار شهرياً، سيسدّد عجز الدولة؟ وهل "مضاعفة الرسوم على العامل الأجنبي الذي يعيش وعائلته في لبنان، لتشجيعه كي لا تبقى عائلته معه" تسدّ عجز الميزانية؟ حتى في المنطق الاقتصادي، هذه المقاربة غير سويّة، خصوصاً أن وجود العائلة مع العامل الأجنبي تقلّل من تحويلاته الماليّة إلى الخارج وترفع مستوى إنفاقه في لبنان. ما يُعيدنا إلى أصل المشكلة: "رهاب الغريب" والأجنبي الذي يأتي إلى لبنان لسلب اللبنانيين قوتهم، بالتالي يجب "تطفيشه" عبر فرض الضرائب والتضييق عليه أكثر.

حقوق إنسانية أصيلة

عن حقوق المهاجرين اعتبرت زعيتر إنّ في وسع الدولة التشدّد في ما يتعلق بالحقوق السياسية، لكن ليس في الحقوق المدنيّة، خصوصاً تلك التي تعتبر من الحقوق الأصيلة للإنسان. فاتفاقيات العمل الدولية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لا تنصّ على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والأجر العادل للعمال الأجانب فحسب، بل تشدّد على عدم نسف أحد أهم الحقوق المدنية الأصيلة للإنسان، أي تكوين أسرة. لذا، وفي ظل الخطاب الرافض للمهاجرين واللاجئين، وفي ظل قوانين لبنانية لا تؤمّن لهم الحماية كونهم غير مشمولين بقانون العمل، وفي ظل خطاب سياسي مناهض لهم، تصبح مسألة فرض الرسوم الإضافية عليهم عبارة عن إمعان في رفضهم وفي انتهاك حقوقهم. وهذا ينطبق على اقتراح "تغريم كل عامل أجنبي يعمل خلافاً للقانون"، فعلى سبيل المثال هناك آلاف من النساء العاملات في الخدمة المنزلية اللواتي هربن من أصحاب العمل بسبب الانتهاكات التي تعرّضن لها، وبتنا يعملن "خلافاً للقانون"، لكن تنظيم أوضاعهنّ لا يأتي من خلال فرض الرسوم عليهنّ، بل من خلال التزام لبنان بالاتفاقيات الدولية، ووضع استراتيجيات مناسبة وتأمين الحقوق المناسبة لهنّ كي لا يصبحن مخالفات للقانون، كما شدّدت زعيتر.

تغريم الفئات المهمّشة

هكذا، وببساطة، بات حلّ معضلة فساد وهدر الدولة الذي انعكس عجزاً في الميزانية العامة، فرض ضرائب على فئات مهمّشة في المجتمع، بعدما أدّى الكباش السياسي إلى عدم المسّ بحقوق موظّفي القطاع العام والمصارف والعسكريّين المتقاعدين. ففي ظل هذا الهذيان الباسيلي، من يعلم، ربما يأتي اليوم الذي نرى فيه "فرمان" صادر عن باسيل يقضي بتغريم "المثليّين"، أو مدخّني النرجيلة أو حشيشة الكيف، أو حتى الأطفال المتسربين من المدارس، في حال لم تكفِ الضرائب المحصّلة من العمال الأجانب لسدّ عجز الميزانية.  

 

توظيفات وتنفيعات في الجامعة الأميركية!

عزة الحاج حسن/المدن/الجمعة 17/05/2019

من يشهد على تصويت مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت، في شهر آذار الفائت، بالإجماع، لتجديد رئاسة الدكتور فضلو خوري للجامعة لولاية ثانية، ممتدّة لخمس سنوات، يظن أن هذه المؤسسة التي لطالما أثبتت تقدمها وارتقائها، لا زالت ترقى بنفسها فوق الإعتبارات السياسية والشخصية المتجذّرة في المؤسسات اللبنانية عموماً.. غير أن الواقع يرجّح أن الجامعة الأميركية لحقت بركب المؤسسات المدارة بعقلية الإقطاع، ولا تخلو من التجاذبات والتنفيعات وحتى التوظيفات العشوائية.

تهنئة... وعتب

بعد التجديد للرئيس الحالي فضلو خوري لولاية ثانية، وجهت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة في الجامعة الأميركية (بطلب من الجمعية العمومية للرابطة التي انعقدت في شباط الماضي) رسالة إلى خوري تهنئه فيها بتجديد عقده، إلا أن الرسالة تضمنت الكثير من الإنتقادات لإدارته وأدائه في الفترة الأخيرة، لاسيما لجهة عدم الشفافية في اتخاذ القرارات الأكاديمية والمالية، وكذلك لجهة اعتماد المحسوبيّات والتنفيعات في توظيفات الجامعة الاميركية، حسب وصف مصدر رفيع في الجامعة في حديث إلى "المدن". وينقل المصدر عن أساتذة في الجامعة حالة تململ من التوظيفات الإدارية والأكاديمية الأخيرة، منذ تسلُّم الرئيس فضلو خوري مهامه في أيلول 2015، إذ "لم تعد تعتمد الجامعة معيار الكفاءة بالدرجة الأولى، وسادت معايير أخرى للتوظيف والترقية أبعد ما تكون عن الكفاءة والجدارة". ويعترض عدد كبير من الأساتذة، وفق معلومات "المدن"، على إدارة خوري للجامعة، لاسيما لجهة تجاوزه لآلية التوظيف الشفافة، من خلال توظيف أشخاص بشكل "انتقائي"، من دون الإعلان عن الوظائف وإفساح المجال أمام المتنافسين، عملاً بمبدأ تكافؤ الفرص أو إخضاعهم لمباريات مفتوحة.

توظيفات ومحسوبيات

وبين يدي الأساتذة الكثير من الحالات التي تثبت عدم الشفافية في ملف التوظيفات بالجامعة الأميركية، لعل أبرزها تعيين نائب رئيس الجامعة من قِبَل خوري وبموافقة مجلس الأمناء، من دون الإعلان عن الوظيفة والتقيُّد بشروط المباراة التوظيفية، ما أحدث بلبلة بين أساتذة الجامعة وإدارييها واصفين الممارسات المذكورة بـ"المضرة" بسمعة الجامعة.

أما الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من الأساتذة وكبار الإداريين، فهو ترفيع خوري لإحدى الإداريات م. ج، وتعيينها مساعدة نائب الرئيس للشؤون الإدارية، من دون الإعلان عن الوظيفة. والمدهش بالأمر، أن منصب مساعد نائب الرئيس للشؤون الإدارية استُحدث، في حين أن منصب نائب الرئيس للشؤون الإدارية نفسه غير مشغول. الأمر الذي أثار اعتراضات كبيرة من قبل إداريين ورؤساء دوائر يتمتعون بكفاءات عالية. ويستغرب عدد كبير من أساتذة كلية الآداب والعلوم كيف تم اختيار ن.أ. أولاً لتشغل منصب مساعد نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية، ومن ثم الطلب إليها من قبل الرئيس خوري ونائبه محمد حراجلي للتقدم لمنصب عميدة كلية العلوم والآداب، بعد الإعلان عن الوظيفة، وقد تم بالفعل اختيارها بالرغم من افتقارها للكفاءة الإدارية، حسب المصدر.

لا كفاءة

وقعت ن.أ. بالعديد من الأخطاء الناتجة، وفق المصدر، عن عدم كفاءتها وتدني خبرتها الإدارية. ولعل بين أخطائها ما هو أكثر خطورة من عملية توظيفها، حتى أن البعض وصف الأخطاء التي وقعت فيها بـ"التلاعب". فقد أخفقت ن.أ. بتحديد رواتب الأساتذة الجدد، وعمدت إلى رفعها بنسبة 20 في المئة، على نحو باتت تفوق رواتب قدماء الأساتذة وأكثرهم خبرة وتراتبية ومكانة أكاديمية. غلطة عميدة كلية العلوم والآداب ن.أ. أحدثت موجة غضب عارمة بين أساتذة الجامعة، حتى أن مجموعة من الأساتذة اتجهت إلى فتح قناة اتصال مباشرة مع مجلس الأمناء، للبحث بموضوع رواتب أساتذة كلية العلوم والآداب. على الأثر، وعد رئيس مجلس الأمناء الدكتور فيليب خوري، بعد تلقيه رسالة مُوَقَعة من قبل عدد كبير من أساتذة الكلية، ببحث الموضوع بجدية خلال اجتماع مجلس الأمناء المقبل. وإذ يستنكر أحد الأساتذة في حديث إلى "المدن" تعيين نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية، من دون الاعلان عن الوظيفة، وفتح المجال للجميع من داخل الجامعة وخارجها للتقدم والتنافس الشريف، يسأل: كيف يمكن تعيين مدير يتولى مسؤولية إعطاء الحوافز وتعويض نهاية الخدمة من دون الإعلان عن الوظيفة، وهو مركز حساس للغاية يحتاج إلى الكثير من الخبرة، لاسيما أن تعويضات الأساتذة ومستحقاتهم تصل إلى حدود 150 مليون دولار.

"محسوبيات"

ولم تقتصر أخطاء ن.أ. على الرواتب بل أنها تجاوزت الأصول المعمول بها في الجامعة الأميركية لجهة التوظيفات أيضاً، وعمدت إلى توظيف خالها الأستاذ الجامعي ج. ص. (80 عاماً) مديراً لمركز فاروق جبر للدراسات الإسلامية، وإِلحاقه في قسم التاريخ، متجاهلة رفض قسم التاريخ والآثار لتوظيفه، إضافة إلى توظيف زوجته الدكتورة إ.غ. وإدخالهما في ملاك الجامعة، وهما من ذوي القربى المباشرة. علماً أن ج. ص. هو عضو هيئة تدريس متقاعد من الولايات المتحدة منذ أكثر من 10 سنوات.

رد الجامعة

تلك التجاوزات وغيرها توجهت بها "المدن" إلى إدارة الجامعة الأميركية، التي اكتفى مكتبها الإعلامي بنفي الاتهامات واعتبارها "غير صحيحة وغير دقيقة".

 

مراهق الساحة الحمراء

سمير عطا الله/الشرق الأوسط/16 أيار/2019

في مايو (أيار) 1987 هبط شاب ألماني في التاسعة عشرة من العمر يدعى ماتياس روست، بطائرة سيسنا ذات محرك واحد، في الساحة الحمراء، قرب الكرملين. كان الطيار المراهق قد قطع مسافة 750 كيلومتراً فوق الاتحاد السوفياتي، الذي بنى أهم نظام دفاعي في العالم، من دون أن تلحظه الرادارات. شعر وزير الدفاع السوفياتي وجنرالاته بالإهانة. وحكم على المغامر الألماني بالسجن لمدة عام.

... وبدأت علامات الخوف على الاتحاد في الظهور. الدولة الكبرى لم تسقط أمام قوة خارجية. بالعكس. لقد ربحت الحرب العالمية الثانية، واكتسبت معنوياً الكثير من شعوب العالم. لكنها سقطت من الداخل. صدئ نظامها وفقد شعبها حماسه ويقظته. ونجح في حروب الواسطة التي خاضها، لكنه خسر حروب التكنولوجيا والزراعة والعلم والاقتصاد. عكّر الحياة على أنظمة كثيرة وأثار الفوضى في بلدان عدة، لكنه أفاق ذات يوم، ليشاهد مراهقاً ألمانياً يهبط في الساحة الحمراء وكأنه في فيلم ديزني.

تكرر إيران، فصلاً فصلاً، تاريخ نشوء وسقوط الاتحاد السوفياتي. مثله حملت آيديولوجيا تختفي وراءها. ومثله تشعل الحروب بالواسطة. ومثله تعكر حياة الشعوب. ومثله تتحدى وتهدد، بمناسبة وغير مناسبة، فيما يعنيها وفيما لا يعنيها. ومن فنزويلا إلى البحرين، ومن سوريا إلى باب المندب، تطل كل يوم بتهديد أو سفينة حربية أو صاروخ. بدأت الثورة الإسلامية باحتلال السفارة الأميركية لأربعة وأربعين أسبوعاً. بلا أي مناسبة أو ذريعة. وطابت لها سياسة الرهائن. واليوم تهدد أميركا بأن بلدان الخليج رهائن في مرمى أسلحتها. الحرب المباشرة لا مكان لها في الاستراتيجية الإيرانية. تترك الآخرين يتحاربون ويحاربون وتكتفي بإرسال اللواء سليماني للصور التذكارية. لم أعد أذكر من هو الجنرال الذي رد على ترمب يوم الجمعة الماضي، بتهديد دول الخليج. يا مولانا، خليك على أميركا. قادمة ومعها قاذفات بي 52 التي تهبط من 15 ألف متر (وليس قدماً) في انحدار مستقيم. ومعها حاملات تدفعها قوة نووية قادرة على العمل 20 عاماً. وما هي مناسبة إثارة هذا الفيل الأميركي منذ 40 عاماً إلى اليوم؟ ولماذا خلخلة استقرار المنطقة والعالم؟ وإذا كانت إسرائيل حقاً هي المسألة، فما دخل باب المندب ودول الخليج واليمن وحلب؟

تكرار عجيب للمسيرة السوفياتية التي ظنت أن العالم مجرد لعبة بلا خسائر، لأنه يخاف الصراعات ويريد الهدوء والاستقرار. سياسة الرهائن قصيرة النظر. وكذلك الحروب بالواسطة. لكن الحرب مع الفيل الأميركي هذه المرة مباشرة وطاحنة. وماذا بقي من المنطقة في أي حال.

 

العرب ليسوا في حسابات صفقة ترامب مع إيران

محمد قواص/العرب/17 أيار/2019

ربما على الدول العربية، خصوصا تلك القريبة من إيران والمُستهدفة مباشرة من سلوك طهران، أن تقرأ بشكل آخر كتاب التصعيد العسكري الذي تدفع به الولايات المتحدة صوب مياه الخليج.

تصعيد أميركي لا علاقة له بمستقبل أمن المنطقة

من يستمع إلى اللغة الحنونة التي استخدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب متوجها إلى إيران، يتخيّل أن من أعطى الأوامر بإرسال حاملة الطائرات “أبراهام لنكولن” والقطع البحرية المرافقة، ومن دعم الحملة البحرية بقاذفات منها تلك الاستراتيجية B52، هي جهة أخرى داخل الإدارة في واشنطن.

تحدّث ترامب عن تفاوض مع طهران وعن دعوة للتواصل معه وعن توق لتعاون أميركي مع إيران تستعيد من خلاله قوة اقتصادية عالية. تحدث الرجل بما يجيده كرجل أعمال، وهو يهوى عقد الصفقات وتسجيل الإنجازات. وعليه فيمكن التسليم بأن خيار واشنطن العسكري وإثارة مستشار الأمن القومي، جون بولتون، لمعلومات تكشف خططا عدائية إيرانية ضد مصالح أميركية في المنطقة، ليست خيار ترامب، وأن الأخير ينتظر فعلا اتصالا إيرانيا لتخليصه من عبء عسكرة بشَّر بإنهائها قبل أن يُنتخب رئيسا.

الخلط في الإشارات الصادرة من واشنطن، بين ما هو عسكري ينذر بالصدام الكبير، وبين ما هو سلمي يتوق إلى “اتفاق استراتيجي” جديد، يشجع طهران على عدم القيام بالخطوة المنتظرة. فإذا ما كان ترامب، ولدواعي تتعلق ربما بطموحاته في رئاسيات بلاده العام المقبل، مستعجل على إبرام صفقته الإيرانية، فإن طهران ما زالت تمتلك الوقت لحياكة سجادتها، خصوصا أن تراكم القطع البحرية الأميركية على مقربة من الشواطئ الإيرانية يحاصر أي معارضة داخلية سيسهل اعتبارها مشبوهة متعاملة مع الأعداء.

على أن الدعوة الأميركية لاتفاق جديد يحوّل إيران إلى دولة “عادية”، يكتنفها كثير من التبسيط والسذاجة، على النحو الذي يلقي بظلال من الشك حول حقيقة ما ترومه واشنطن من طهران. فالجمهورية الإسلامية لم تقم عام 1979 لكي تتحول إيران إلى دولة عادية. وأي تراجع عن القماشة الحالية لدولة الولي الفقيه في بعدها العقائدي والفقهي والمذهبي، يؤدي، في عرف نظام طهران، إلى سقوط النظام والجمهورية والفقيه وولايته.

وعلى هذا فإن تغيير سلوك النظام هو معادل لتغيير النظام نفسه. وما البرنامج النووي وذلك للصواريخ الباليستية في إيران إلا تفاصيل تقنيّة لخيار استراتيجي يملي على النظام هذا السلوك. وبالتالي فإن طهران التي قد تذهب يوما، وربما قريبا، إلى طاولة المفاوضات، ستطرح برامجها التقنية تلك للتفاوض على أمل أن تجد لدى واشنطن وحلفائها، وحتى خصومها، ما يعيد تموضع تلك البرامج داخل قراءة جديدة لا تقلق العالم عامة وإسرائيل خاصة، على ألا يفرض الأمر على طهران تغييرا لسلوك تحتاجه مشروعية “الثورة الإسلامية” وبقاء منظومتها.

لن يتغير سلوك النظام الإيراني من خلال العقوبات الاقتصادية مهما كانت قاسية و”تاريخية”، حسب زعم ترامب وإدارته. ولن يتغير سلوك النظام من خلال تحركات شعبية داخلية خبرت طهران التعامل معها واحتواءها. بمعنى أوضح لن يتغير سلوك النظام وفق نسخ “الربيع العربي”، وحتى وفق تلك المستحدثة التي تشهدها الجزائر والسودان هذه الأيام. فإذا ما حدث هذا التغيير في الدول المجاورة لإيران (أفغانستان والعراق) بالطريقة التي نعرفها، فإن أي تغيير للسلوك الإيراني لن يحصل إلا بالقوة القهرية وحدها.

لا أحد في العالم يريد ذلك. حتى في واشنطن يرددون ويكررون أنهم لا يخططون لذلك. يخاف أهل المنطقة هذا السيناريو الذي يعانون من نموذجه في العراق وأفغانستان. ولن يحظى هذا الخيار، هذا إذا افترضنا أنه موجود، بأي رعاية غربية على منوال تلك الرعاية التي حظيت بها عمليتا العراق وأفغانستان. وفق هذا الواقع وهذه الحقيقة تدرك إيران أن لا خطر داهما ولا عجالة تستدعي الارتباك.

ربما على الدول العربية، خصوصا تلك القريبة من إيران والمُستهدفة مباشرة من سلوك طهران، أن تقرأ بشكل آخر كتاب التصعيد العسكري الذي تدفع به الولايات المتحدة صوب مياه الخليج. هدف هذا التصعيد أميركي لا علاقة له بمستقبل أمن المنطقة. تجتمع أوروبا مع الولايات المتحدة على منع إيران من امتلاك السلاح النووي، أولا حرصا على تفوق إسرائيل في هذا المجال، وثانيا لأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية بات يهدد بلدان الاتحاد الأوروبي، خصوصا إذا ما اكتملت أخطار المسافة التي تقطعها تلك الصواريخ بقدرتها على حمل رؤوس نووية. فإذا افترضنا أن المفاوضات “الحتمية” المقبلة ستعدم سلاح إيران النووي وتقصّر من مجال رمي صواريخها، فإن واشنطن وعواصم أوروبا، وحتى بكين وموسكو، لن تكون مهمومة بضبط سلوك طهران داخل العالم العربي.

هل هذا يعني أن الحملة العسكرية الأميركية ليست جادة؟ طبعا لا. إدارة ترامب، بأجنحتها العسكرية والأمنية والدبلوماسية، تحشد قواها لتصعيد الضغط على إيران. إدارة ترامب تحتاج لتحقيق إنجاز استراتيجي مفصلي خلال الوقت الذي تريده واشنطن وليس طهران. وفي الدفع بالورقة العسكرية من قبل واشنطن ما يضع ترامب وإدارته في موقف لا رجعة عنه إلا بتحقيق ذلك الإنجاز حتى لو استدرج الأمر احتكاكا عسكريا متعمدا من قبل أحد الأطراف، أو لعبت الصدفة دورا في إشعال فتائل الحرب.

غير أن جدية الجهد الأميركي، والذي قد يحظى بتعاون أوروبي وتواطؤ روسي صيني، هدفه تحقيق أجندة واشنطن وإدارتها، بما يتناسب ويتوافق مع مصالح الدولة العميقة في الولايات المتحدة، ويخدم أجندة ترامب الشخصية داخل سياق الصراع السياسي الداخلي، لاسيما ذلك المرتبط بانتخابات عام 2020.

وفي مراقبة الفعل ورد الفعل، وتأمّل مسار رحلات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، حتى في شقه العراقي، ما يؤكد على المنحى الأميركي الخالص لمسعى واشنطن، على نحو لا يأخذ بالاعتبار ما يريده أهل المنطقة وما يطمحون إليه داخل احتمالات الحرب والسلم مع إيران.

وفي الخطاب الودي الذي يوجّهه الرئيس ترامب لإيران، المفترض أنها دولة راعية للإرهاب في العرف الأميركي، ما يؤكد أن واشنطن تسعى لتفاهم ثنائي يستعين بهمّة الأصدقاء وتواطؤ الخصوم لتحقيقه. وفي ثنايا الصفقة الثنائية ما يهم ترامب وما لا يهم الآخرين. والمستغرب أنه في عزّ هذا التصعيد الذي بدأ الخليجيون يدفعون أثمانا له في مصالحهم، تقف المنطقة العربية متفرجة متأملة لتفاصيل تتصاعد يوميا في المحيط القريب، شأنها في ذلك شأن دول العالم في واقعها البعيد.

“سلوك إيران”، هو ما يهمُّ دول المنطقة من ضمن أي اتفاق قد يبرمه ترامب مع هذا النظام بعينه في إيران. عمليا فإن دول المنطقة تملك من الأسلحة ما يمكّنها من ردع إيران وصواريخها المفترضة. وعمليا، وقد يبدو الأمر مفارقة، فإن دول المنطقة غير معنية مباشرة بامتلاك إيران للسلاح النووي، فذلك لن يغير من المعادلة الأمنية الاستراتيجية التي تهم دولاً، كروسيا والصين والولايات المتحدة وإسرائيل، أكثر مما يهم العرب الذين يتعايشون في منطقة تصلها أسلحة إسرائيل والهند وباكستان والدول الكبرى النووية.

وعليه فإن على العرب أن يكونوا شركاء كاملين يحملون نسخة جديدة من القواعد والشروط التي تتجاوز شروط بومبيو الشهيرة. ولئن سبق لترامب وفريقه أن أثارا مسألة روحية الاتفاق النووي الذي تخترقه إيران، فإن على العرب أن يفرضوا أجندتهم بحيث تفقد أي صفقة مقبلة وجاهتها وروحيتها دون موافقة دول المنطقة على بنودها. ما يجري حاليا بين عواصم العالم هو التقاطع حول صيغة الاتفاق الدولي المقبل والحتمي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لا خطط لإسقاطها. قد تبرم العواصم ذلك الاتفاق وتترك المنطقة لسلوك إيراني تمّ تعديله مع العالم البعيد ويخضع لوجهات نظر مع ذلك القريب.

 

تفاصيل المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والتفاهات السياسية من ردود وغيرها

رئيس الجمهورية استقبل ممثل الرئيس الفرنسي

الخميس 16 أيار 2019 /وطنية - استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد ظهر اليوم، ممثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، الذي قدم إليه تعازي ماكرون بوفاة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير.

وجرى خلال اللقاء عرض للأوضاع العامة والتطورات الأخيرة.

 

دريان في ذكرى استشهاد المفتي خالد: كان أكبر خصوم الانقسام الداخلي وعمل ما بوسعه لإنهاء النزاع

الخميس 16 أيار 2019/وطنية - زار مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، ضريح المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد في منطقة الاوزاعي، لمناسبة الذكرى 30 لاستشهاده، في حضور ممثل الرئيس سعد الحريري الدكتور عمار حوري، السفير السعودي وليد البخاري، النائب فؤاد مخزومي، رئيس المحكمة الشرعية السنية الشيخ محمد عساف، أمين الفتوى الشيخ امين الكردي، المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ محمد أنيس الاروادي، المفتش العام للأوقاف الإسلامية الشيخ أسامة حداد، المدير الإداري لدار الفتوى الشيخ صلاح الدين فخري، المدير العام لمؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية الشيخ احمد دندن، مدير مدرسة الجيل الجديد الشيخ إبراهيم خالد، إمام مسجد الأوزاعي الشيخ هشام خليفة، عضو المجلس الإداري لأوقاف بيروت المحامي حسن كشلي، رئيس الإسعاف الشعبي عماد عكاوي، رئيس مؤسسات المفتي الشهيد حسن خالد سعدالدين خالد، وفد من حزب "الحوار الوطني"، وفد من "المرابطون" وشخصيات سياسية ودينة واجتماعية وثقافية وتربوية وأولاد المفتي الشهيد وعائلته، وقرأ الجميع الفاتحة عن روحه.

وأصدر دريان بيانا قال فيه: "تمضي العقود على استشهاد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، وتبقى ذكراه متجددة وحاضرة، ذلك لأن استشهاده يرتبط بمحاولات إنهاء النزاع الداخلي، وإعادة الاستقرار إلى لبنان. وكان المفتي حسن خالد يعرف المخاطر التي تتهدده نتيجة مساعيه، للتواصل بالداخل اللبناني وللتواصل مع العرب، لكنه ما توقف عن المحاولة بل المحاولات ولا تزعزع إيمانه بالمسؤولية والقدرة والاتكال على الله عز وجل".

أضاف: "تحضر الذكرى الثلاثين لاستشهاد المفتي الشيخ حسن خالد هذا العام، فتوقظ في نفوسنا المثل والأخلاق والقيم التي كانت تحركه، ولعل المفتاح الأساس لفهم شخصيته، هو تعبير أو مصطلح: أخلاق المسؤولية. تحضر اليوم الذكرى الثلاثين لاستشهاده. وهي ذكرى عزيزة على قلوب المسلمين واللبنانيين والعرب، للموقع السامي الذي احتله المفتي الشهيد، في عمق المشهد الديني والسياسي، طوال سنوات النزاع الداخلي. كان المفتي الشهيد حسن خالد أكبر خصوم الانقسام الداخلي. وعمل كل ما بوسعه لإنهاء ذلك النزاع. فمن وجهة نظره، أن كل الأسباب التي كان يذكرها المتقاتلون، لا تستدعي حمل السلاح، ولا الاستعانة بهذا الطرف أو ذاك، على الاستمرار في التقاتل. ورأى دائما أن التدخلات الخارجية وإغراء الأطراف على تسعير النزاع، كل ذلك يهدد الوجود الوطني والعيش الإسلامي - المسيحي في لبنان والمشرق العربي. فالحل يكون بعودة أطراف النزاع إلى رشدهم، ومعالجة كل المشكلات على طاولة التفاوض والتوافق".

وتابع: "في العام 1983 أصدر المفتي خالد مع الشيخ شمس الدين، وثيقة الثوابت العشر، التي تنص على أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ولأن التواصل بين السياسيين كان معطلا بسبب سيطرة أمراء الحرب، فالمفتي خالد عمد إلى جمع السياسيين بدار الفتوى بشكل منظم، للتشاور في طريقة لوقف النزاع. وكان شعاره الدائم، العودة إلى الدولة القوية والعادلة، وحكم القانون، والانطلاق من قيام الدولة الحريصة على الأرض والشعب، لمقاومة العدو الإسرائيلي الذي وصل إلى بيروت. وعندما تدخل العرب لإنهاء الحرب، وشكلوا لجنة لذلك، تعاون معها المفتي الشهيد، ومضى والبطريرك صفير إلى الكويت للاجتماع بها، وقدم لها اقتراحاته، وعلى طريق المساعي لإنهاء النزاع، استشهد المفتي حسن خالد في 16 أيار عام 1989 في تفجير لموكبه، بجوار دار الفتوى، بمحلة عائشة بكار. لذلك، فاته رحمه الله، مؤتمر الطائف الذي أنهى النزاع المسلح وأصدر وثيقة الوفاق الوطني، آخر العام 1989. وفي خضم مساعيه للتصدي للنزاع الوطني ومخاطره، ما غفل الشهيد عن مواجهة الأزمة الاقتصادية والمعيشية، التي تسببت الحروب بها، فقام على إنشاء صندوق الزكاة لمكافحة الفقر والحاجة، وتوجيه المسلمين إلى ضرورات التضامن للطعام من الجوع، والأمن من الخوف".

وختم دريان: "المفتي الشهيد حسن خالد، هو الذي أعاد صياغة دور دار الفتوى، بحيث تظل دارا لسائر اللبنانيين، ومرجعية في أزمنة الرخاء والشدة، وعلى يديه، وبهذا الهم والأفق، تربى الجيلان اللذان يسودان في هذا المجال الديني إلى هذه الأيام. لذلك، على خطاه رحمه الله، نعلن استمرارنا على العهد والوعد، والأمانة للوطن والمواطنين. وعلى ثغر الأمانة هذا، استشهد علماء منا، منهم الشيخ أحمد عساف، والدكتور صبحي الصالح. ونحن عندما نتذكر شهودهم وشهادتهم رحمة الله عليهم، فإننا نعلن الثبات على المبادىء التي أرسوها، والآفاق التي افتتحوها، قال تعالى: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا". رحم الله شيخنا المفتي الشهيد، ورفاقه الشهداء الأبرار، وألهمنا الشجاعة والصبر واحتساب الأجر، والعمل بما يرضاه ورسوله".

خالد

وكانت كلمة لنجل المفتي الشهيد قال فيها: "ثلاثون عاما مضت على استشهاد المفتي الشيخ حسن خالد، الذي تمثل شهادته أسمى معاني العطاء والتضحية، وتمثل مسيرته نموذجا لكل من يريد أن يكون صادقا وقائدا حكيما مع شعبه وأمته ووطنه، لا يهاب في الحق لومة لائم، ولا يهاب المطالبة بالحق والدفاع عنه مهما كان المعتدي أو الظالم. خسر لبنان باستشهاده رمزا من رموز الوحدة الوطنية والإسلامية والحوار والتسامح ورمزا من رموز العدالة والسيادة والاعتدال والعيش المشترك. وطني إنساني إلى أبعد الحدود، هو القائد الوفي للناس الذي احتضن الناس حين احتاجته، هو القائد الذي مارس الوطنية بأبهى صورها والإنسانية بأعلى مراتبها، هو القائد الذي يحب طائفته ويكره الطائفية، هو القائد الذي لا ينظر إلى الآخرين إلا من خلال المحبة والشراكة الوطنية والإنسانية، هو القائد الذي لم يركع إلا لله سبحانه وتعالى، ولم تنحن قامته إلا تواضعا وإنسانية، بقي صوته عاليا من على كل المنابر خطيبا وصريحا، في زمن سكت فيه الجميع خوفا أو طمعا".

أضاف: "هو مفتي المطالب الوطنية في العدالة والمساواة، والديموقراطية والحرية والإصلاح السياسي، حمل القضية اللبنانية في عقله وقلبه وعلى لسانه إلى كل العالم عندما تخلى عنها الكثير، وبنى جسور الحوار والتواصل بين اللبنانيين، وكان سعيه الدؤوب وراء المصلحة الوطنية العليا ومصلحة شعبه وأمته. ثلاثون عاما مضت ولبنان ما بعد المفتي حسن خالد ليس أبدا لبنان الذي كان يتمناه والذي جاهد وناضل من أجله حتى الرمق الأخير. في وطننا اليوم هناك من يقامر بمصير الناس وكأن الشعب وحاضره ومستقبله أضحيا ملكيات خاصة. فساد مستشر، وتوظيفات عشوائية في القطاعات الحكومية وفقا للولاءات السياسية والانتخابية على حساب القانون والكفاءة والمساواة أثقلت كاهل الوطن. دين عام متعاظم يربك الجميع في كيفية معالجته، والفقر في نسبته تجاوز كل حد، والبطالة تأكل أحلام الشباب، ظلام يخيم على الوطن بسبب أزمة توافق على خطة كهرباء، ونفايات أغرقت شوارع الوطن والعاصمة ودخلت مخاطرها الصحية إلى حياة الناس، ولبنان الغني بأمطاره يواجه شحا بالمياه فيزيد على كاهل المواطن أعباء أخرى لا يتحملها".

وتابع: "المفتي الشهيد هو العربي بامتياز الذي لم يقصد العرب لغاية في نفسه وقصدها من أجل لبنان والوطن والمجتمع لذلك كان يحظى كل التقدير والعرفان من كافة الملوك والرؤساء العرب، كان يدرك أهمية المملكة العربية السعودية ودورها فكانت الرياض وجدة ومكة المكرمة محطات دائمة له للتشاور في كل أمر يصب في مصلحة لبنان، وفي هذا الإطار فإننا نشجب ونستنكر ما تتعرض له المملكة العربية السعودية، مملكة الخير من اعتداء عسكري أو حتى كلامي مهما كان ومن أي جهة كانت. المفتي الشهيد كان خائفا على لبنان ومعلقا آماله على القمة العربية التي ستعقد في المغرب فناشد الرؤساء العرب العمل على حل القضية اللبنانية فصدر القرار باغتياله وجاء الرد العربي بإصدار قرار لعقد مؤتمر الطائف".

وقال: "في 16 أيار 1989 انفجار هز بيروت في عائشة بكار فاغتيل المفتي خالد ونالت يد الإجرام منه لأنه كان يريد ويعمل للسلام والانفتاح والحوار ويريد لبنان الواحد الموحد فاهتز لبنان واهتزت الأمة لينقطع الاتصال بين اللبنانيين، وحتى لا يشهد المفتي خالد ثمرة عمله السياسي الوطني الجامع. من أخذ القرار باغتياله أخذه لتستمر الحرب في لبنان وليكون بداية لمرحلة من عمليات الاغتيال السياسية والدينية التي استمرت حتى عام 2005 باستشهاد الرئيس رفيق الحريري رحمه الله. ثلاثون عاما مضت وما زال المجرم حرا طليقا وما زالت العدالة مكبلة تسأل عن العدالة، من المحزن أيضا أن نتكلم في ذكرى المفتي الشهيد في هذا اليوم الذي نودع فيه البطريرك صفير القائد الوطني الذي دون صفحات مشرقة من تاريخ هذا الوطن وبعضها كتبها مع المفتي الشهيد".

وختم: "رحل القائد العالم وبقيت روحه ترفرف بيننا وستبقى ذكراه خالده على مدى كل الأجيال. ولا بد لي إلا أن أشكر حضوركم ورعايتكم لهذه الذكرى العطرة الغالية على قلوب الأوفياء ولكنني في الوقت ذاته أشعر بأنه من حقنا أن نتساءل وبالفم الملئان أين القيادات الوطنية والإسلامية من هذه الذكرى وأين نواب الأمة ونواب بيروت والمجلس البلدي والوزراء، ألا يستحق منا ومنكم دم الشهيد وقفة اعتزاز بمسيرته ومواقفه؟ فلولا حسن خالد. ولولا المملكة العربية السعودية لما كان الطائف ولما كنتم أنتم في مواقعكم، وربما ما كان لبنان".

 

 

/New A/E LCCC Postings for todayجديد موقعي الألكتروني ل 16 و17 آيار/2019/

رابط الموقع

http://eliasbejjaninews.com

 

 

انتقال البطريرك مار نصر الله بطرس صفير إلى بيت الآب

الخوري: غطاس خوري/16 أيار/2019

راعي أبرشية سيدة الوردية في سكرامنتو/كاليفورنيا/الولايات المتحدة

http://eliasbejjaninews.com/archives/74937/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%BA%D8%B7%D8%A7%D8%B3-%D8%AE%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%83-%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%86/