المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC/

نشرة الأخبار العربية ليوم 26 نيسان/2020

اعداد الياس بجاني

في أسفل رابط النشرة على موقعنا الألكتروني

http://data.eliasbejjaninews.com/eliasnews19/arabic.april26.20.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

اقسام النشرة

عناوين أقسام النشرة

عناوين الزوادة الإيمانية لليوم

ظهور المسيح لإثنين من التلاميذ كانا ذاهبين إلى قرية عِمَّاوُس ويشرح لهما الكتاب المقدس

 

عناوين تعليقات الياس بجاني وخلفياته

الياس بجاني/الذكرى السنوية لاندحار وانسحاب جيش الأسد المجرم من وطن الأرز المقدس

الياس بجاني/مسرحية إقالة رياض سلامة هي قمة في ضياع البوصلة عن واقع احتلال حزب الله

الياس بجاني/من هو ليس ضد حزب الله وضد احتلاله هو طروادي وجبان وذمي ومستسلم كائن من كان

الياس بجاني/قادتنا وتحديداً الموارنة منهم ليسوا منا ولا يشبهوننا بشيء

 

عناوين الأخبار اللبنانية

لبنان: 8 إصابات جديدة ‏بـ«كورونا» وحالتا وفاة

وضع المصرف المركزي في لبنان تحت الوصاية الدولية، لانقاذه/د.وليد فارس

وليد فارس: إزاحة حاكم مصرف لبنان او قائد الجيش قرار وفعل إيراني/المركزية

إحتفال رمزي في الأشرفية بمناسبة ذكرى جلاء الجيش السوري عن لبنان

ضو لدياب عن القنبلة على فرع فرنسبنك – صيدا: شو رأيك؟ قولك رياض سلامة عاملها؟

لبنان على عتبة انفجار اجتماعي بين الخوف من «كورونا» والقلق على لقمة العيش

تواجد أمني مسلح غير رسمي… وقلق من الفوضى

لبنان يستنفر لمواجهة انقلاب “حزب الله” بقيادة “الجنرال” دياب

تحذيرات من المس بحاكم المصرف المركزي... والحريري وجنبلاط: النظام وضع لبنان على شفير السقوط

"السنّية السياسة" تستنفر ضد دياب.. وحراك خجول للمنتفضين

الكاميرات أظهرت وجود شخصين لحظة رمي القنبلة على فرنسبنك في صيدا

مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم السبت في 25/4/2020

أسرار الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 25 نيسان 2020

 

عناوين المتفرقات اللبنانية

صعوبة الدفاع عن رياض سلامة.. وسهولة ذلك!

خيرالله خيرالله/العرب

استهداف رياض سلامة المسيحي مؤامرة على السنيّة السياسية/الحريري: الحكومة تسعى لتبييض الوجوه والأموال والمسروقات بتبييض العهد ورموزه.

صيارفة في حمى «حزب الله» جنوباً وبقاعاً.. وكورونا «تصول وتجول»!

الدولار على مشارف 4000 ل.ل

فرنسا تدخل على خط "إقالة حاكم مصرف لبنان!

السفارة الاميركية تقايض "الثنائي الشيعي" على تقصير الولاية!

الحكومة تمتص غضب الشارع أم تُطيح بالقطاع المصرفي؟

إقالة حاكم مصرف لبنان… اعتراضات وتحفظات على التوقيت

صيارفة لبنان توقفوا عن العمل احتجاجاً على «فوضى» سعر الدولار

بالوثائق: من "متطلبات الانقلاب"... تدابير لمكافحة الفساد

“اللعب على المكشوف”… معالم “الإنقلاب” اكتملت!

دياب يمهد لإقالة حاكم مصرف لبنان ويتجاهل دور حزب الله في الأزمة

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

الحرس الثوري الإيراني: واشنطن خططت لقصف منزل خامنئي

تعديلات على حكومة الكاظمي تمهّد لتسوية مع الكتل السياسية العراقية/فرص تمرير الكابينة في البرلمان «جيدة جداً»

انتقاد روسي للوجود الأميركي شرق الفرات... وتحذير أممي من كارثة في «الركبان»

مصادر في أنقرة تؤكد اتصالات لعقد قمة تركية ـ روسية ـ إيرانية حول سوريا

محكمة ألمانية تستمع إلى إفادة المحقق مع الضابطين السوريين

المالكي والصفدي يحذران من «قتل حل الدولتين»

كورونا» يطيح وزير الصحة الإسرائيلي/المسجد الأقصى خالٍ من المصلين في أول جمعة من رمضان

نتنياهو وغانتس يتقدمان في جهود تشكيل الحكومة رغم الإجراءات القضائية ضدهما

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

سلامة للقضاء "كلّن يعني كلّن"/عصام الجردي/المدن

طموح خيال الظل أن يصير صورة.. بدولة تهشّمت صورتها/منير الربيع/المدن

حسان دياب يُطالب الجامعة الأميركية بتحويل "مستحقاته" إلى الخارج!/أيمن شروف/المدن

الحريري وفانوسه السحري: انتهى زمن الآمال الزائفة/نادر فوز/المدن

15 سنة على انسحاب الجيش السوري من لبنان: أي لبنان وأي سوريا اليوم/عمل النظام السوري على تفكيك النسيج الاجتماعي اللبناني و"اختراع قيادات" للطوائف تابعة له/رفيق خوري/انديبندت عربية

للمراسلين والمراسلات، فاعلي الخير، للسياسيين/يوسف ي. الخوري

عندما تنزع الثورة كمامات «كورونا»/راجح الخوري/الشرق الأوسط

مسؤولية الحكام ومسؤولية الحاكم/علي حماده/النهار

دياب بخدمة العهد و"الحزب": الإطباق على لبنان واقتصاده/منير الربيع/المدن

عن الحريرية والديابية.. ورياض سلامة/أحمد بيضون/المدن

هل توقّفت المواجهة بين برّي ودياب أم ستُستَتبع فصولها؟/ابراهيم بيرم /النهار

لبنان على عتبة انفجار اجتماعي/كارولين عاكوم/الشرق الأوسط

دولة ”الرؤوس الثلاثة” مسؤولة… و”المركزي” والمصارف/سركيس نعوم/النهار

لعنة ميشال عون.. وقدر سمير جعجع/مارك مالك /موقع اساس ميديا

فتش عن الرئاسة بين رياض وجبران .. وسليمان وسمير/إيلي الحاج/اساس ميديا

حسان دياب.. بطل في مسلسل مكسيكي/زياد عيتاني/موقع اساس ميديا

«حزب الله»: مع «هيركات» لهؤلاء/راكيل عتيِّق/الجمهورية

بهدوء ... حول رياض سلامة/توفيق شومان

الحاكم والحكومة والمحكومون/سناء الجاك/نداء الوطن

دونالد ترامب والاستحقاق الرئاسي الأميركي على محك أزمة كورونا/د. خطار أبودياب/العرب

مغيّرون في التاريخ: أول ضحايا السلام/سمير عطا الله/الشرق الأوسط

ماذا تريد طهران من واشنطن؟/إميل أمين/الشرق الأوسط

قوات النغم في قصر الخندق/عبد الرحمن شلقم/الشرق الأوسط

كيف سيلتئمُ جرحُ الثقافة بعد «كورونا»/د. آمال موسى/الشرق الأوسط

لولاية القضائية: «المحكمة الجنائية الدولية» و 'الوضع في فلسطين'/ألكسندر لونجاروف/معهد واشنطن

لماذا أصبح الملك عبد الله ملكاً/روبرت ساتلوف/"أمريكان إنترست

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والتفاهات السياسية من ردود وغيرها

مجلس الوزراء يبحث الثلاثاء في إقرار النصوص المتعلقة بالتحويلات المالية ومكافحة الفساد واستكمال بحث الخطة الإصلاحية

دياب من مقر قوى الأمن: الدولة غير موجودة فعليا في عقول الناس والمطلوب فك ارتباطها بمصالح السلطة

نداء الوطن: الحريري يتصدّى لـ"جنرال بعبدا"… ودياب "فرق عملة" "اللعب على المكشوف"… معالم "الإنقلاب" اكتملت!

بلاغ رقم واحد"… والحريري يطلق المواجهة

الجمهورية:الحكومة تبحث إقالة سلامة.. وتؤجلها.. الحريري: "برافو حسان".. و"أمل" ضد "الخطوات الشعبوية"

الشرق: الحريري:الحكومة أعلنت انقلابا بلغة عسكرية.. ونحن لهم بالمرصاد

 

في أسفل تفاصيل النشرة الكاملة

الزوادة الإيمانية لليوم

ظهور المسيح لإثنين من التلاميذ كانا ذاهبين إلى قرية عِمَّاوُس ويشرح لهما الكتاب المقدس

إنجيل القدّيس لوقا24/من13حتى35/في اليَوْمِ عَينِهِ، كانَ ٱثْنَانِ مِنَ التَلاميذِ ذَاهِبَيْنِ إِلَى قَرْيَةٍ تُدْعَى عِمَّاوُس، تَبْعُدُ نَحْوَ سَبْعَةِ أَمْيَالٍ عَنْ أُورَشَلِيم. وَكانَا يَتَحَادَثَانِ بِكُلِّ تِلْكَ الأُمُورِ الَّتِي حَدَثَتْ. وفيمَا هُمَا يَتَحَادَثَانِ وَيَتَسَاءَلان، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ ٱقْتَرَبَ مِنْهُمَا، وَرَاحَ يَسِيرُ مَعَهُمَا. ولكِنَّ أَعْيُنَهُمَا أُمْسِكَتْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ. أَمَّا هُوَ فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هذَا الكَلامُ الَّذي تَتَحَادَثَانِ بِهِ، وَأَنْتُمَا تَسِيرَان؟». فَوَقَفَا عَابِسَين. وَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، وٱسْمُهُ كِلْيُوبَاس، فَقَالَ لَهُ: «هَلْ أَنْتَ وَحْدَكَ غَرِيبٌ عَنْ أُورَشَلِيم، فَلا تَعْلَمَ مَا حَدَثَ فِيهَا هذِهِ الأَيَّام؟». فَقَالَ لَهُمَا: «ومَا هِيَ؟». فَقَالا لَهُ: «مَا يَتَعَلَّقُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيّ، الَّذي كَانَ رَجُلاً نَبِيًّا قَوِيًّا بِالقَوْلِ وَالفِعْل، قُدَّامَ اللهِ وَالشَّعْبِ كُلِّهِ. وكَيْفَ أَسْلَمَهُ أَحْبَارُنا وَرُؤَسَاؤُنَا لِيُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالمَوْت، وَكَيْفَ صَلَبُوه! وكُنَّا نَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذي سَيَفْدِي إِسْرَائِيل. وَلكِنْ مَعَ هذَا كُلِّهِ، فَهذَا هُوَ اليَوْمُ الثَّالِثُ بَعْدَ تِلْكَ الأَحْدَاث. لكِنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ مِنْ جَمَاعَتِنَا أَدْهَشْنَنَا، لأَنَّهُنَّ ذَهَبْنَ إِلَى القَبْرِ عِنْدَ الفَجْر، وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ يَسُوع، فَرَجَعْنَ وَقُلْنَ إِنَّهُنَّ شَاهَدْنَ مَلائِكَةً تَرَاءَوْا لَهُنَّ وَقَالُوا إِنَّهُ حَيّ! ومَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلى القَبْر، فَوَجَدُوهُ هكذَا كَمَا قَالَتِ النِّسَاء، وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يَرَوْه». فقَالَ لَهُمَا يَسُوع: «يَا عَدِيمَيِ الفَهْم، وَبَطِيئَيِ القَلْبِ في الإِيْمَانِ بِكُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاء! أَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَى المَسِيحِ أَنْ يُعَانِيَ تِلْكَ الآلام، ثُمَّ يَدْخُلَ في مَجْدِهِ؟». وَفَسَّرَ لَهُمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ في كُلِّ الكُتُبِ المُقَدَّسَة، مُبْتَدِئًا بِمُوسَى وَجَمِيعِ الأَنْبِيَاء. وٱقْتَرَبَا مِنَ القَرْيَةِ الَّتي كَانَا ذَاهِبَيْنِ إِلَيْهَا، فتَظَاهَرَ يَسُوعُ بِأَنَّهُ ذَاهِبٌ إِلى مَكَانٍ أَبْعَد. فَتَمَسَّكَا بِهِ قَائِلَين: «أُمْكُثْ مَعَنَا، فَقَدْ حَانَ المَسَاء، وَمَالَ النَّهَار». فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. وفِيمَا كَانَ مُتَّكِئًا مَعَهُمَا، أَخَذَ الخُبْزَ، وبَارَكَ، وَكَسَرَ، ونَاوَلَهُمَا. فٱنْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا، وَعَرَفَاهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ تَوَارَى عَنْهُمَا. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَر: «أَمَا كَانَ قَلْبُنَا مُضْطَرِمًا فِينَا، حِينَ كَانَ يُكَلِّمُنَا في الطَّرِيق، وَيَشْرَحُ لَنَا الكُتُب؟». وقَامَا في تِلْكَ السَّاعَةِ عَيْنِهَا، وَرَجَعَا إِلَى أُورَشَلِيم، فَوَجَدَا ٱلأَحَدَ عَشَرَ وَالَّذِينَ مَعَهُم مُجْتَمِعِين، وَهُم يَقُولُون: «حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ قَام، وتَرَاءَى لِسِمْعَان!». أَمَّا هُمَا فَكانَا يُخْبِرانِ بِمَا حَدَثَ في الطَّرِيق، وَكَيْفَ عَرَفَا يَسُوعَ عِنْدَ كَسْرِ الخُبْز.

 

تفاصيل تعليقات الياس بجاني وخلفياته وتغريدات متفرقة

الذكرى السنوية لاندحار وانسحاب جيش الأسد المجرم من وطن الأرز المقدس

الياس بجاني/26 نيسان/2020

يتذكر شعبنا اللبناني اليوم اندحار وانسحاب جيش نظام الأسد الجزار من لبنان وهو بذل يجرجر الهزيمة والخيبة والانكسار.

خرج جيش الأسد من لبنان مجبراً بضغط سلمي وحضاري ومشرّف من قِّبل ثوار الأرز وثورتهم وبدعم دولي وإقليمي.

إلا أن الجيش الإيراني، الذي هو حزب الله الإرهابي والمذهبي والغزواتي حل مكان الجيش السوري وبقي لبنان حتى يومنا هذا محتلاً ومصادراً قراره ومضطهدون وملاحقون فيه الأحرار والسياديين والشرفاء.

رحل جيش الأسد الغازي والستاليني، رحل الأصيل وبقي البديل والوكيل، جيش الولي الفقيه الذي يتباهى أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بأنه جندي فيه.

رحل جيش النظام السوري الكيماوي والبراميلي وما زالت الآلام والجروح التي خلّفها ماثلة في الذاكرة وفي النفوس والأجساد، في البشر والحجر.

أما الفارق الوحيد بين الإحتلالين الغاشمين هو أن الاحتلال السوري كان بواسطة جيش غريب وغازي، أما الاحتلال الإيراني فهو يتم للأسف عن طريق جيش أفراده كافة هم من أهلنا، إلا أن قرارهم ومرجعيتهم وتمويلهم وسلاحهم وثقافتهم وأهدافهم ومصيرهم هو بالكامل بيد ملالي إيران العاملين بجهد وعلى مدار الساعة ومنذ العام 1982 على إسقاط النظام اللبناني واستبداله بآخر تابع كلياً لمفهوم ولاية الفقيه الملالوية.

لهذا فإن الاحتلال الإيراني الذي يتم عن طريق حزب الله هو أخطر بكثير من الاحتلال السوري الأسدي، ومن هنا يتوجب على كل لبناني يؤمن بلبنان التعايش والرسالة والسلام أن يرفض هذا الاحتلال ويعمل بكل إمكانياته على التخلص منه. يبقى أنه في النهاية الشر لا يمكنه أن ينتصر على الخير ولأن لبنان هو الخير وقوى الاحتلال هي الشر فلبنان ومهما طال الزمن سوف ينتصر وكل قوى الاحتلال أكانت غريبة أو محلية هي إلى الانكسار والهزيمة والخيبة.

أما الأخطر لبنانياً من الإحتلالين السوري والإيراني على المدى الطويل في أطر المفاهيم الوطنية والثقافية والمستقبلية فهو الممارسات الإسخريوتية والنرسيسية لقادة وسياسيين ورجال دين ورسميين ملجميين لبنانيين أين منهم في الجحود والحقد لاسيفورس رئيس الأبالسة الذي كان من أجمل الملائكة، لكنة وبنتيجة كفره بالعزة الإلهية كان مصيره الطرد من الجنة إلى جحيم جهنم ونارها وأحضان دودها الذي لا يهدأ.

نعم الجيش السوري اندحر وانسحب مجبراً من وطننا الحبيب إلا أن مخابراته وأزلامه وجيش المرتزقة المحليين المّجمعّين على خلفية الغرائز والإبليسية والحقارة والعبودية تحت مسمى 08 آذار السابقين واللاحقين لا يزالون على وضعيتهم الخيانية والطروادية وهم بوقاحة وسفالة وحقارة ينفذون قولاً وعملاً وفكراً وافساداً كل ما هو ضد لبنان وشعبه ويمنعون بالقوة والإرهاب والإفقار وشراء الضمائر والغزوات والنفاق وكل وسائل الإجرام والإرهاب والمافياوية استعادة السيادة والاستقلال والحريات.

إن لبنان الرسالة والقداسة والحضارة هو نار كاوية دائماً ومنذ 7000 سنة وما يزيد تحرق كل الأيدي الغازية والمارقة التي تمتد إليه بهدف الأذية، وهي دائماً، ولو بعد حين تدمر وتعاقب بعنف كل من يتطاول على كرامة وحرية وهوية شعبه.

في هذا اليوم المشرّف والوطني بامتياز دعونا بخشوع نصلي من أجل راحة أنفس شهداء وطننا الحبيب، ومن أجل عودة أهلنا الأبطال والمقاومين الشرفاء اللاجئين رغماً عن إرادتهم في إسرائيل، ومن أجل مصير أهلنا المغيبين قسراً في سجون نظام الأسد المجرم.

في الخلاصة، إن هذا اللبنان المقدس باق رغم كل الصعاب والمشقات لأن الملائكة تحرسه، ولأن أمنا العذراء هي شفيعته وسيدته وترعاه بحنانها ومحبتها، وكما كانت نهاية الاحتلال السوري ونهاية كل المارقين والغزاة الذي سبقوهم، هكذا ستكون بإذن الله نهاية الاحتلال الإيراني طال الزمن أو قصر.

*ملاحظة: المقالة هي من أرشيف عام 2019

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

رابط موقع الكاتب الألكتروني

http://www.eliasbejjaninews.com

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

 

مسرحية إقالة رياض سلامة هي قمة في ضياع البوصلة عن واقع احتلال حزب الله

الياس بجاني/25 نيسان/2020

“ويل لك أيها المخرب وأنت لم تخرب، وأيها الناهب ولم ينهبوك. حين تنتهي من التخريب تخرب، وحين تفرغ من النهب ينهبونك”. (سفر النبي اشعيا33/01و02/

بداية رياض سلامة هو مُعيِّن من قبل الحريري الأب وبمباركة المحتل السوري، وكان دائماً ينفذ لمن عينه ولقوى الاحتلال ولأزلامهم المحليين كل فرماناتهم ولهذا أبقوه لولايات خمسة.

إذا الرجل لا هو عبقري ولا هو صاحب انجازات حقيقية ووطنية، بل هو وبامتياز مجرد أداة طروادية لقوى الإحتلالين السوري والإيراني وللمافيات وأصحاب شركات الأحزاب المحلية رغم كل هالة دعاية الإنجازات والنياشين التي يحيطونه بها ويسوّقون لها بين الحين والآخر بهدف التعمية والتغطية.

فلو كان سيادياً ومارونياً لبناناوياً حقيقياً ويخاف الله ويوم حسابه الأخير لما كان ارتضى دور الأداة والتابع، ولكان رفض تنفيذ رغبات وفرمانات قوى الشر والمافيات والاحتلال وبجرأة استقال وشهد للحق وللحقيقة.

لكنه لم يستقل، وبالتالي الأداة هذا هو مثله مثل كل الذين غطوه مقابل خدمات مالية غير شرعية.. وهنا لا استثناء واحد.

صاحب شركة حزب الرئيس “القوي” وباقي كل أصحاب شركات الأحزاب ال14 و08 آذارية على حد سواء وما بينهم وفي مقدمهم المحتل الإيراني (حزب الله) هم المسؤولين عن الوضع المالي “الزفت” الذي أوصلوا البلاد والعباد إليه بعد سرقوا بفجور مال ومدخرات الناس من البنوك بفجع وحيوانية وإبليسية وجحود.

عهد عون بكل رموزه والودائع، وأصحاب شركات القوات والمستقبل والاشتراكي كلهم بمباركة بري وحزب الله جددوا لسلامة ولايته الخامسة وبالإجماع.

من هنا فليخجل “ويضبضب” سعد الحريري ومعه جنبلاط والمعرابي الباطني..جعجع، وبري وكل الطاقم الحزبي والسياسي والرسمي العفن والنتن ويوقفوا مسرحيات بياناتهم قدحاً ومدحاً لأنهم شركاء 100% في كل كوارث وبلاوي ومصائب ومآسي البلد وعلى كل الأصعدة.

لهذا فإن تلهي الطاقم السياسي والحزبي الإسخريوتي والطروادي بمسرحية إقالة سلامة من عدمها لا تخدم غير المحتل الملالوي والإرهابي حزب الله حيث أن جميع هؤلاء القداحين والمداحين يحابونه وبذمية يبلعون ألسنتهم ويتعامون عن احتلاله وعن دويلته وسلاحه وحروبه.

يبقى أن المشكلة في لبنان هي الاحتلال الإيراني السرطاني وكل ما عدى ذلك هو مجرد أعراض لهذا الاحتلال.

حزب الله وبعد أن سيطر بالكامل على مجلسي النواب والوزراء ومعهما رئاسة الجمهورية وخصَى (Castrated) سيادياً ووطنياً وضميرياً الثلاثي التاجر الذي داكش السيادة بالكراسي (جنبلاط والحريري وجعجع) ها هو ودون مقاومة يحاول جاهداً تفكيك القطاع المصرفي وإخراجه من النظام العالمي كما هو حال القطاع المصرفي عند أسياده في إيران.

في الخلاصة فإن إقالة سلامة من عدمها هي ملهاة ومجرد مسرحية هزلية لا تخدم غير أجندة المحتل الإيراني كونها كباقي المسرحيات هدفها إضاعة البوصلة عن واقع احتلال حزب الله.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

رابط موقع الكاتب الألكتروني

http://www.eliasbejjaninews.com

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

 

من هو ليس ضد حزب الله وضد احتلاله هو طروادي وجبان وذمي ومستسلم كائن من كان

الياس بجاني/24 نيسان/2020

أي سياسي او ناشط او نائب أو صاحب شركة حزب أو رجل دين أو مواطن لا يعترف علناً بأن حزب الله يحتل لبنان ويصادر قراره ويتحكم بحكامه ويعهر مؤسساته ويفقر شعبه ويهجره، وأن لا حلول لا كبيرة ولا صغيرة طالما احتلاله وإرهابه وفجوره وأيرنته مستمرين…

هو جبان ومتواطئ مع المحتل لا بل أداة من أدواته الطروادية والإبليسية.

 

قادتنا وتحديداً الموارنة منهم ليسوا منا ولا يشبهوننا بشيء

الياس بجاني/23 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85321/85321/

إن المؤمن لا يجب أن ييأس من رحمة خالقه الأب السماوي تحت أي ظرف ومهما اشتدت الصعاب وازدادت تعقيداً ومآسي، ومن واجب هذا المواطن أن يشهد للحقيقة ويسمي الأشياء بأسمائها دون مواربة أو مساومة أو ذمية وبعيداً عن أية مصالح أو منافع خاصة. كما أن المؤمن لا يجب أن يفقد لا الأمل ولا الرجاء.

فالمؤمن وهو جثة راقدة تحت تراب الأرض، هو يرقد على رجاء القيامة.

كما أن الله هو محبة وفداء وعطاء وأُبوة، فهو أيضاً أمل ورجاء وقوة صبر وتحمل.

في هذا السياق الإيماني على المؤمن اللبناني بشكل خاص أن يكون واثقاً بأن وطن الأرز المبارك هو أرض قداسة وبررة وقديسين ومن واجبه الأرضي والسماوي حمايته والذود عنه ورذل كل من يتطاول عليه بأي شكل من الأشكال وفضحه وتعريته علناً.

ولا بد هنا من حك ذاكرة الجميع بأن لبنان الوارد ذكره في الكتاب المقدس أكثر من 77 مرة والذي اختاره الرب ليكون موطن أرزه المقدس وجعل من أرضه وقفاً له هو وطن باق إلى آخر الأزمنة ولم ولن تقوى عليه قوى الاحتلال والإرهاب.

هذا اللبنان لم ولن تقوى عليه قوى الاحتلال وجماعات الطرواديين مهما ظلمت وتجبرت واستكبرت وتفننت في وسائل الأذى والإرهاب والشر والتهجير والاضطهاد.

كما أنه بلد عصي على كل هرطقات واسخريوتية قادته الزمنيين والدينيين وأصحاب شركات أحزابه  التجار الذين داكشوا بذل وكل من موقعه وعلى طريقته السيادة بالكراسي، وقفزوا بجحود فوق دماء الشهداء، وخانوا الأمانة الشعبية التي منحها أهلهم لهم.

على خلفية مفهوم الأبواب الواسعة الإنجيلي هؤلاء باعوا وتاجروا بثورة الأرز وبتجمع 14 آذار بجحود، وذلك دون أن يرمش لهم جفن لأن ضمائرهم مخدرة، وقلوبهم متكلسة، وعقولهم خاوية من غير العفن والشر والغش والانحطاط والسفالة.

ينسى هؤلاء عن سابق تصور وتصميم وغباء بأنه مهما على شانهم الأرضي والسلطوي الزائل، فإن لا احترام لهم ولا ثقة بهم، في حين أن كل عاقل وشريف لا يرى فيهم غير صورة لرئيس الأبالسة لاسيفورس وللأسخريوتي.

يبقى أن ما يمر به وطن الأرز والقداسة والقديسين هي أزمة إيمانية عابرة وآنية، وبإذن الله سوف ينتصر فيها الحق مع الأحرار والمؤمنين والشرفاء من أهلنا.

لا، لا، نحن لا نشبه قادتنا، والموارنة منهم تحديداً، وهم ليسوا منا، ونحن لم نوليهم علينا، بل قوى الاحتلال والمال والشر نصبتهم رغماً عنا.

من هنا فإن واجبنا كلبنانيين أحرار وسياديين نحترم أنفسنا ونجل الكرامة والعنفوان أن نرذل كل قادتنا الروحيين والزمنيين العابدين تراب الأرض والمتخلين عن واجباتهم والمسؤوليات لأنهم هم الفشل والجحود، وكل ما هو ابليسية.

غايتنا وأولويتنا أن نختار قادة جدد على صورتنا ومثالنا. أما من يختار من أهلنا العبودية ووضعية التابعين والزلم والأغنام، فهذا خيارهم هم وليس خيار السواد الأعظم من شعبنا المؤمن والحر والأبي.

نحن بحاجة إلى قادة ومفكرين ورجال دين من خامة الراحل البطريرك مار نصرالله صفير، وبشير الجميل، وكميل شمعون، وبيار الجميل، وشارل مالك، وغيرهم من إبرار وطننا وطوباوييه، في حين أن من هم في مواقع المسؤولية والقيادة اليوم جلهم رجال مسخ وأبالسة بأشكال بشرية.

في الخلاصة، الحرية لا تعطى بل تؤخذ، والكرامة لها أثمان وهي تتطلب الصبر والأمل والرجاء والتضحيات والقرابين.. ومن فعلا يحب أهله ووطنه ويخاف ربه ويوم الحساب الأخير عليه بشجاعة أن يفقد لا أمل ولا الرجاء.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الالكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الألكتروني

http://www.eliasbejjaninews.com

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

لبنان: 8 إصابات جديدة ‏بـ«كورونا» وحالتا وفاة

بيروت: «الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

أعلنت وزراة الصحة اللبنانية اليوم ‏‏(السبت) تسجيل حالتي وفاة ‏بفيروس «كورونا» المستجد ‏خلال الـ24 ساعة الماضية، ‏ليرتفع عدد الوفيات في البلاد ‏إلى 24 حالة، وفقاً لـ«وكالة ‏الأنباء الألمانية».‏ وأشارت الوزارة إلى ‏تسجيل ثماني إصابات جديدة ‏بفيروس «كورونا»، رفعت العدد ‏الإجمالي إلى 704 ‏حالات.‏

ويقوم الجيش اللبناني وقوى الأمن ‏الداخلي والأمن العام بتسيير ‏دوريات، وتنفيذ انتشار على ‏الطرقات الداخلية في مختلف ‏المناطق اللبنانية بهدف تطبيق ‏مقررات مجلس الوزراء القاضية ‏بالتزام جميع المواطنين حالة التعبئة ‏العامة والبقاء في منازلهم وعدم ‏الخروج منها إلا للضرورة ‏القصوى.‏ وقرر مجلس الوزراء أمس ‏‏(الجمعة) تمديد إعلان التعبئة ‏العامة لمواجهة انتشار فيروس ‏كورونا حتى 10 مايو (أيار) ‏المقبل.‏ وبحسب بيان صادر عن الرئاسة ‏اللبنانية، فقد صدر قرار التمديد ‏‏«بالتزامن مع اعتماد خطة ‏مراحل (فتح القطاعات) بشكل ‏يراعي الأخطار المحتملة ضمن ‏فئات الأنشطة الاقتصادية على ‏اختلافها وتنوعها».‏

 

وضع المصرف المركزي في لبنان تحت الوصاية الدولية، لانقاذه

د.وليد فارس/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85426/%d8%af-%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%af-%d9%81%d8%a7%d8%b1%d8%b3-%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%83%d8%b2%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7/

نظرا لكون الادارة الحالية لمصرف لبنان المركزي قد اخفقت في ايجاد الحلول للوضع المالي لسنوات، بغض النظر عن الاسباب المتراكمة، و نظرا لكون اي تغيير حكومي حالي لادارة المصرف سيؤدي حتما الى سيطرة حزب الله و ايران على المال العام في لبنان بشكل كامل ، لذلك نوصي بوضع البنك المركزي تحت وصاية دولية لاصلاحه، و مده بقروض و حماية حسابات المواطنين المالية. فلا تتلاش تحت الفساد او تُجير لحساب الحرس الثوري.

 

وليد فارس: إزاحة حاكم مصرف لبنان او قائد الجيش قرار وفعل إيراني

المركزية/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85426/%d8%af-%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%af-%d9%81%d8%a7%d8%b1%d8%b3-%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%83%d8%b2%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7/

نشر وليد فارس المستشار السياسي في الكونغرس عبر صفحته على فايسبوك: إن ازاحة حاكم مصرف لبنان او قائد الجيش او الاثنين معاً من قبل حكومة حزب الله، و في زمن مواجهة الكورونا، سيعتبر قرارا و فعلا ايرانيا مع كل ما يعنيه ذلك من ابعاد و نتائج. ان استبدال المركزين الدقيقين لا يمكن ان يأتي عن حكومة لا تمثل اكثرية اللبنانيين ولا اكثرية الحراك الشعبي. هنالك اصلاحات كبيرة يجب تنفيذها، وهنالك حملة شاملة ضد فساد عمره ٣٠ سنة لا بد من اطلاقها. ولكن ليس على ايد حزب الله او شركائه. اذ ان الفساد كان ولا يزال يحتمي بالميليشيا التي حكمت لبنان لثلاثة عقود. فهل تعطى المليشيا سلطة التحكم بالمال العام و الجيش الوطني دون حدود؟ لا الولايات المتحدة ستقبل بسيطرة حزب الله على المال الوطني اللبناني وجيش لبنان، ولا الشعب اللبناني سيقبل بذلك.

 

إحتفال رمزي في الأشرفية بمناسبة ذكرى جلاء الجيش السوري عن لبنان

وكالات/25 نيسان/2020

إحتفال رمزي في ساحة ساسين في الأشرفية أمام نصب الرئيس بشير الجميّل في الذكرى الخامسة عشرة لإنسحاب الجيش السوري من لبنان، شارك فيه النواب نديم الجميّل وعماد واكيم وجان طالوزيان ومسؤولين في حزبي الكتائب والقوات اللبنانية وشخصيات سياسية من الأشرفية. خلال الإحتفال وُضعت أكاليل من الزهر تكريماً لشهداء المقاومة اللبنانية وشهداء ثورة الأرز أمام النصب، ووقف المشاركون دقيقة صمت عن نفس روح الشهداء. وقال النائب الجميّل بعد الاحتفال: " بهذه المناسبة سنعمل على أن يعود لبنان وطناً سيداً حراً مستقلاً من أي تدخل خارجي، ونأمل أن نتخلّص من الهيمنة الإيرانية المُستجدة على قرارنا الوطني، ليعود لبنان وطن الحرية والسلام." والجدير ذكره أن لوحة كانت قد وُضعت على نصب الرئيس بشير الجميّل في الذكرى الأولى للإنسحاب السوري من لبنان كُتب عليها: " وفاءً لفخامة الرئيس الشهيد بشير الجميّل وشهداء المقاومة اللبنانية، لتبقى الـ 10452كلم2  سيّدة بأرضها و حرّة بشعبها، تمّ جلاء جيوش الإحتلال عن لبنان في 26 نيسان 2006.

 

ضو لدياب عن القنبلة على فرع فرنسبنك – صيدا: شو رأيك؟ قولك رياض سلامة عاملها؟

تويتر/25 نيسان/2020

قال منسق عام "التجمع من أجل السيادة" نوفل ضو في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، تعليقا على إلقاء قنبلة على فرع فرنسبنك في مدينة صيدا، متوجها الى رئيس الحكومة حسان دياب بالقول: "دولة الرئيس الاختصاصي: شو رأيك؟ قولك رياض سلامة عاملها؟ مين غيرو عندو ميليشيا وسلاح؟".

 

لبنان على عتبة انفجار اجتماعي بين الخوف من «كورونا» والقلق على لقمة العيش

كارولين عاكوم/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

بين الخوف من انتشار فيروس «كورونا» والقلق على المستقبل مع الظروف الاجتماعية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار وحجز المصارف على أموالهم، يبدو أن الانفجار الاجتماعي بات قريبا بعدما دخل لبنان فعليا مرحلة الانهيار الاقتصادي. وبعد أكثر من شهر ونصف الشهر على التعبئة العامة المستمرة لمواجهة كورونا، وما سبقها من أشهر طويلة من الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم، أصبح اللبنانيون أمام حائط مسدود في غياب أي خطة واضحة من قبل السلطة للخروج من المأزق. وإذا كانت فئة منهم لا تزال قادرة على الصمود وتأمين لقمة العيش بالحد الأدنى فإن القسم الأكبر من الشعب اللبناني بات اليوم متساوياً في المستوى المعيشي وفي الخوف على صحته التي باتت مهدّدة بخطر الإصابة بفيروس كورونا. وبعدما كان البنك الدولي قد حذّر نهاية العام الماضي من أن يصبح 50 في المائة من الشعب اللبناني تحت خط الفقر، أعلن أمس وزير الصناعة عماد حب الله أنّ نسبة الفقر في لبنان وصلت إلى 55 في المائة بناء على تقديرات البنك الدولي، مجددا التأكيد على بطالة وأزمة سيولة وعجز في الميزان التجاري. أمام هذا الواقع، يؤكد مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، والأستاذة في علم الاجتماع منى فياض، أن الشعب اللبناني لن يصمد كثيرا وسيعود إلى الشارع حتى قبل إنهاء التعبئة العامة بعدما فقد أي أمل بالتغيير.

وتقول فياض لـ«الشرق الأوسط» «الوضع خطير واللبناني بات يعيش كل يوم بيومه لتأمين لقمة عيشه، وإذا كانت أزمة كورونا انعكست سلبا على اقتصاد دول العالم فنحن نعيش الانهيار قبل انتشار الوباء الذي أتى ليضاعف أزماتنا، فيما الحكومة تتفرّج وكأنها غير معنية بكل ما يحصل». من هنا، تؤكد «أن الشعب اللبناني لن ينتظر طويلا والثورة ستستعيد زخمها قريبا، وهو ما بات يبحث جديا فيما بين مجموعات الناشطين، للتحرك مع اتخاذ إجراءات الحماية من كورونا، وما حصل خلال جلسات البرلمان الأخيرة، مؤشر واضح على هذا الأمر». بدوره، يرى نادر أن لبنان دخل مرحلة الانهيار الاقتصادي وبات الانفجار الاجتماعي قريبا، بعدما خرجت الأمور عن السيطرة في غياب أي ضوابط والسقوط في الهاوية بات حتميا، والدليل ما يحصل من فوضى في سعر صرف الدولار الذي قارب 4 آلاف ليرة». ويقول لـ«الشرق الأوسط» «الحكومة لا تزال غير قادرة على وضع خطة إصلاحية. يتعاملون مع الوضع وكأن لديهم الكثير من الوقت فيما يعيش اللبنانيون قلق لقمة العيش والخوف من انتشار الوباء الذي قضى بدوره على ما تبقى من أعمال ومؤسسات وأدى إلى صرف آلاف الموظفين». ويلفت إلى أنه وبدل أن تستغل الحكومة هذا الوقت لاتخاذ قرارات حاسمة من شأنها من تضع الأمور على الطريق الصحيح، كأن تطلب دعم صندوق النقد الدولي، باتت قرارات وتعاميم مصرف لبنان هي التي تتحكم بحياة المواطن وأمواله، فيما يفترض أن يكون مجلس الوزراء هو المسؤول على مواجهة الأزمات وليس المصرف المركزي، وذلك في تعد واضح على الملكية الفردية وقانون النقد والتسليف».

ويعتبر أن «هذا الواقع جعل اللبنانيين متساوين في الفقر بعدما كان واضحا أن تعاميم مصرف لبنان الأخيرة التي تسمح بسحب ودائع الدولار بالليرة اللبنانية بسعر السوق، تستهدف فقط صغار المودعين الذين يحتفظون بأموالهم في لبنان ودفعوا بالتالي فاتورة الأزمة، عبر «هيركات» غير مباشر». وفيما يحذّر نادر من شح المواد الغذائية في المرحلة المقبلة بعدما ارتفعت أسعارها إلى مستوى غير مسبوق نتيجة فقدان الدولار من السوق وارتفاع سعر صرفه إلى أعلى مستوياته، يرى أن الشعب اللبناني الذي كسر حاجز الخوف على صحته وإجراءات التعبئة العامة للتحرك ضد السلطة، لن يبقى ساكتا طويلا وسيخرج مجددا إلى الشارع رفضا لهذا الواقع.

 

تواجد أمني مسلح غير رسمي… وقلق من الفوضى

بيروت ـ”السياسة” /25 نيسان/2020

رصدت مصادر “السياسة”، وجود استنفارات أمنية مسلحة غير رسمية وبشكل مكثف في أكثر من منطقة لبنانية جبلية وساحلية، قريبة وبعيدة عن العاصمة، ما طرح أكثر من تخوف وأكبر من قلق عما ستعانيه البلاد من فوضى بسبب التجاذب السياسي والخلل المالي الحالي. وفي السياق، أكدت مصادر الثوار لـ”السياسة”، أن الحكومة قبل مصرف لبنان والمصارف اللبنانية، تتحمل مسؤولية أساسية في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، ما يجعلها مع الحكومات المتعاقبة شريكة في الجرائم التي ارتكبت بحق اللبنانيين منذ سنوات، مشددة على أن جذوة الثورة لا تزال مشتعلة، وأن الأيام المقبلة ستشهد تحركات احتجاجية متصاعدة ضد الطبقة الحاكمة الغارقة بالفساد والإفساد، مشيرة إلى أنه ما عاد الشعب قادراً على تحمل المزيد من موبقات المسؤولين التي تجاوزت كل الحدود، بعد فضيحة وصول سعر صرف الدولار إلى أربعة آلاف ليرة .

 

لبنان يستنفر لمواجهة انقلاب “حزب الله” بقيادة “الجنرال” دياب

تحذيرات من المس بحاكم المصرف المركزي... والحريري وجنبلاط: النظام وضع لبنان على شفير السقوط

بيروت ـ “السياسة” /25 نيسان/2020

بدت معالم الانقلاب الذي يحضر له “حزب الله” وحلفاؤه واضحة من خلال الهجوم غير المسبوق الذي شنه “الجنرال”، رئيس الحكومة حسان دياب، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد جلسة الحكومة أول من أمس، وما تخلله من اتهامات خطيرة لحاكم “المركزي”، يستدل منها أن “المعركة” قد انطلقت لإقالة سلامة بدعم من رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي، استجابة لضغوطات حلفاء إيران في لبنان وفي مقدمهم “حزب الله” الذي يرى في بقاء سلامة على رأس حاكمية مصرف لبنان، عقبة أمام إمساكه بالنظام المصرفي في لبنان، وتسييره لمصلحته على غرار إمساكه بمفاصل الحياة السياسية في البلد. وعلمت “السياسة” من مصادر سياسية بارزة، أن “حملة دياب على سلامة والتي يريد من خلالها العهد بالدرجة الأولى التصويب على معارضيه وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، ستأخذ البلد إلى مزيد من الفوضى التي ستقود إلى كل الاحتمالات”، مشيرة إلى أن “الحملة على حاكم مصرف لبنان، يراد منها التغطية على فشل العهد والحكومة في إنجاز ما هو مطلوب منهما، وبالتالي جعل سلامة كبش محرقة بتحميله مسؤولية وصول الأمور إلى ما وصلت إليه.

وطالب عدد من الوزراء في جلسة الحكومة الاخيرة بإقالة الحاكم واعتباره مسؤولاً عن الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار”، في وقت علمت “السياسة” من مصادر وزارية موثوقة أن حركة “أمل” لا تماشي “حزب الله” و”التيار العوني” في دعوتهما لإقالة سلامة.

وكشفت معلومات “السياسة”، أنه على الرغم من الاستياء الذي خلفته مواقف رئيس الحكومة من على منبر قصر بعبدا بحق موظف كبير، كسلامة الذي علم أنه سيرد على الحملة التي استهدفته، لدى الأوساط السياسية والمصرفية، فإن الاستياء بلغ مبلغه لدى عدد من البعثات الديبلوماسية العربية والغربية، والتي اعتبرت أن استهداف حاكم “المركزي” بهذا الشكل، من شأنه أن يعمق حجم الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان، ولا يساعد على إيجاد مخارج للوضع القائم، محذرة من أي توجه رسمي لبناني لإقالة سلامة واستبداله بأي شخصية أخرى تدور في فلك “حزب الله”، يكون الغاية منها السعي لتغيير النظام المصرفي في لبنان، لمصلحة الأجندة الإيرانية التي يتولى الحزب تنفيذها. وكشفت المعلومات لـ “السياسة” أيضاً، أن الهيئات الاقتصادية والمصرفية سيكون لها موقف حاسم وحازم، في حال كان هناك توجه لإقالة سلامة وتعيين بديل منه، حيث تداولت معلومات اسم وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش القريب من رئيس الجمهورية، محذرة من أي محاولة لـ “حزب الله” أو غيره بتغيير وجه لبنان المالي والمصرفي، لأن ذلك بمثابة انتحار بكل معنى الكلمة. وأعتبر الرئيس الحريري، أنه “اليوم لم يعد هناك ما يبرر الاعتصام في الصمت بعد وجبة الافطار الاولى التي تناولها اللبنانيون على مائدة الحكومة في قصر بعبدا، وجبة لا تقيم حساباً لما بعدها وتعلن الانقلاب بلغة عسكرية، سبقتها زيارة الى اليرزة وعراضة حكومية امام كبار الضباط، حتى ليكاد أن يكون مطلقها جنرالاً يتقمص دور رئيس للحكومة”. وتابع الحريري: “برافو حسان دياب. لقد أبليت بلاء حسناً، وها انت تحقق احلامهم في تصفية النظام الاقتصادي الحر، انهم يصفقون لك في القصر ويجدون فيك شحمة على فطيرة العهد القوي”. ومن جهته، أشار “الحزب التقدمي الاشتراكي” الى أن “الحكومة ورئيسها “تثبت مرةً جديدةً بإيعاز وتوجيهٍ مباشرين ممّن يمسكون بناصية قرارها، أنها تابعة، وهي واجهة لتبرير الفشل وتحميل المسؤوليات للغير والاقتصاص من كل صوت وقف ولا يزال بوجه محاولات الاستيلاء على الدولة ومقدراتها”. وأكد “التقدمي”، متوجهاً لـ “الحكومة الملحقة بالغرفة السوداء، ولرئيسها الذي أعلن محاولة انقلاب موصوف بالتهديد والتهويل، أن مصيره لن يكون سوى الفشل”. وكان دياب كشف بأن “المعطيات تفيد بخروج 5.7 مليار دولار من الودائع من لبنان منذ فبراير الماضي”. وأشار دياب الى أن “السيولة في المصارف اللبنانية بدأت تنضب والمطلوب اتخاذ مبادرة والتصرف سريعا”.

 

"السنّية السياسة" تستنفر ضد دياب.. وحراك خجول للمنتفضين

المدن/26 نيسان/2020

تابعت اليوم مجموعات من الثوار والناشطين، المنضوين في ثورة 17 تشرين الأول، تحرّكاتهم. فاعتصم عدد من منهم أمام فرع مصرف لبنان في صور، حيث رفعوا لافتات مندّدة بالسياسات المصرفية وبحاكم المصرف رياض سلامة. وتحت العنوان نفسه، تحرّك العشرات أيضاً في مدينة النبطية، حيث نظمّوا وقفة احتجاجية قرب السرايا الحكومية في المدينة، مطالبين بإقالة حاكم مصرف لبنان واستعادة المال المنهوب. وأكد المعتصمون عودتهم إلى "ساحات الثورة"، ومواصلة حراكهم ضد الفاسدين حتى إسقاطهم. كرة الهجوم على حاكم المصرف بدأت تكبر، خصوصاً أنه سبق لمجموعات تابعة للثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، أن شاركت في التحرّكات ضد سلامة في بيروت. ويبدو أنّ الحرب الكلامية في أشدّها بين فريقين في لبنان، الأول يحاول إسقاط سلامة والثاني يدافع عنه ويهاجم رئيس الحكومة حسان دياب لإسقاطه. الأمر الذي يؤكد أنّ الأزمة السياسية في طريق تصاعدية ستزيد من محنة اللبنانيين، الذين يعيشون أزمة معيشية غير مسبوقة تخطى خلالها سعر صرف الدولار 4000 ليرة لبنانية. وبينما كانت المواقف تتوالى، في الهجوم عليه والدفاع عنه، أكمل دياب يومه بشكل طبيعي، فزار مقرّ قيادة قوى الأمن الداخلي استكمالاً لجولاته على القيادات الأمنية. كما تلقى إتصالين من نظيريه الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح والقطري خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، تم البحث فيهما في المستجدات المحلية والإقليمية وفي العلاقات الثنائية مع كل من البلدين وسبل توطيدها.

فضل الله لإسقاط الحصانات

وكان واضحاً الكلام الصادر عن عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب حسن فضل الله، في الحرب على سلامة. فأشار إلى أنّ دياب كشف "حجم المبالغ المحوّلة إلى الخارج في الآونة الأخيرة. وهو ما يستدعي تحرّكاً عاجلاً للقضاء وكشف المتورطين". فأكد فضل الله على كون "المرحلة تتطلّب قرارات جريئة واستثنائية، وإسقاط جميع الحصانات التي يحتمي بها الفاسدون".

فورة "سنّية"

واتّخذت قيادات من الطائفة السنية اليوم من إطلاق حملة لدعم المحتاجين في دار الفتوى، منبراً لاستكمال ما بدأه زعيم تيار المستقبل سعد الحريري أمس، وشنّت الهجوم على دياب والحكومة. فقال النائب نهاد المشنوق إنّ "ثمة مؤامرة على السنية السياسية وعلى أهل السنة"، مشيراً إلى أنّ "دياب ومنذ لحظة تكليفه وتشكيل الحكومة يتصرّف على طريقة الذي يقود السيارة وهو ينظر إلى الخلف، وبالتالي من الطبيعي أن يفوت بالحيط". وفي إشارة إلى من يدعم دياب قال المشنوق "نحن قدّها وقدود وما حدا بيطلعلو، لا هو ولا معلّمو الصغير، نحن قادرون على مواجهة المؤامرة، فليخرج دياب من الحكومة لكونه مش قدّها، إن شاء الله لا يكون جزءاً من هذه المؤامرة"، داعياً إلى تشكيل جبهة مقاومة على هذه المؤامرة.

السنيورة: عربة وحصان

وكان للرئيس السابق فؤاد السنيورة وصف آخر لواقع دياب والحكومة، إذ أشار إلى أنّ مواقف الأخير "مثل وضع العربة أمام الحصان"، لافتاً إلى أنّ الخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعيشها اللبنانيون لا يكون إلا "بالأصول والمؤسسات وليس بالقرارات الشعبوية، ونحن اليوم نعاني من انحسار كامل للثقة بين المواطنين والدولة والمجتمع السياسي ككل، ولاستعادة الثقة يجب العودة إلى الأصول واحترام الدستور والطائف". وأكمل السنيورة هجومه على دياب سائلاً "كيف يمكن استعادة ثقة الناس ولم نحلّ ملف التشكيلات القضائية؟ ولم نطبق قانون الكهرباء المقرّ منذ 18 عاماً، ونمنع اللبنانيين من المناقشة مع صندوق النقد الدولي"؟

سلام: تواضعوا!

وفي السياق نفسه، دعا رئيس الحكومة الأسبق، النائب تمام سلام، أنّ الحل أولاً يكون "بأن يتواضع بعض المسؤولين الّذين يعتبرون أنفسهم مرجعاً وفوق الجميع، وأن يلجؤوا إلى الإصغاء لوجع الناس". ودعا سلام السياسيين إلى الخروج من منطق المزايدات إذ "لا يمكن للمسؤولين أن يضعوا أنفسهم في موقع أخذ الثأر أو التصدّي والدخول في جوّ المزايدات والمشاحنات السياسيّة الّتي لا تؤدّي إلى نتيجة وعمل بنّاء"، داعياً إلى "تشكيل هيئة تدقيق بكلّ ما تمّ صرفه والتعاطي معه خلال كلّ هذه السنوات". فشدّد على أنّ "لا أحد في منأى عن المساءلة والمحاسبة من الرأس إلى أصغر مركز في الدولة".

 

الكاميرات أظهرت وجود شخصين لحظة رمي القنبلة على فرنسبنك في صيدا

وطنية - السبت 25 نيسان 2020

أفادت مندوبة "الوكالة الوطنية للاعلام" في صيدا أنه على أثر إلقاء قنبلة على واجهة فرع مصرف فرنسبنك في صيدا، مما أدى إلى تحطم زجاجها إضافة إلى سقفها المستعار، تحركت الأجهزة الأمنية، بناء لإشارة النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، للكشف على مكان الحادث، وتم تكليف خبير متفجرات، حضر على الفور للعمل على تحديد طبيعة القنبلة، كذلك تم سحب "Dvr" الكاميرات الموجودة في محيط المكان، والتي أظهرت بحسب المعلومات الأولية، وجود شخصين في المكان، لحظة رمي القنبلة.

 

مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم السبت في 25/4/2020

السبت 25 نيسان 2020

* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"

رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، أتبع كلام الأمس من القصر الجمهوري بعد جلسة مجلس الوزراء، بكلام قبل ظهر اليوم من مقر المديرية العامة للأمن الداخلي، سلم فيه بأن ليس لدينا دولة عميقة بل لدينا منظومة عميقة، وأن الثقة بين المواطنين والدولة انقطعت بسبب انقطاع الدولة عنهم، وعلينا استعادة الثقة. وقبيل مساء اليوم، تلقى الرئيس دياب رسالة سياسية هادفة، عبر النائب أنور الخليل، الذي شبه كلام دياب من قصر بعبدا أمس بالقنبلة الدخانية.

في أي حال، إذا كان حديث رئيس الحكومة أمس، بنبرته ومضمونه، أحدث جدلا سياسيا حادا، مع استمرار التعقيدات والعقم في المسار العام للتعاطي مع المحنة حتى الآن، فإن كلامه اليوم والذي يعطي عنوانا واقعيا وقاسيا من عناوين الأزمة العصيبة برمتها، يؤكد مرة أخرى الحاجة الملحة لتغيير الذهنية السياسية العامة، والمستمرة لدى مجمل الساحة السياسية والزبائنية المستترة كما الظاهرة، أقله منذ خمسة وثلاثين عاما وإلى كل مفاصل الأعوام الثلاثين الماضية: من 1990- 1992 وامتدادا إلى الـ1994- 1998، انتقالا إلى الـ2000- 2005، ومن الـ2005 وحتى هذه اللحظة. لكن الرجاء في لبنان، هو رجاء مستدام، نسبة إلى واقع نهوض اللبنانيين بعد كل شدة.

وهناك للتو ومضة أو نقطة مضيئة من النقاط الإيجابية للمجتمع اللبناني، وتتمثل في هذه الأيام بالمواجهة الاجتماعية- الصحية- الإنسانية الدؤوبة لفيروس كورونا. هذه المواجهة التي تدرج في الخانات الإيجابية، وهي تحمل تحية إلى الشعب اللبناني وإلى وزير الصحة الذي ينشط ويجهد لتعزيز وتزخيم وتثمير عناصر المواجهة.

ومن هنا السؤال المتواضع: لماذا لا يعمم هذا النموذج في المعالجات، على المواجهة والمعالجات الاقتصادية والنقدية والمعيشية، بعيدا من الشعبوية والعنجهية المبطنة والزبائنية المقيتة، ومن آفات المنظومة العميقة التي لفت إليها الرئيس دياب في تأكيده على دحض المصالح السلطوية، وإعلاء مفهوم الدولة. دياب تلقى برقيتي تهنئة بحلول رمضان المبارك من نظيريه القطري والكويتي.

في الغضون، يمكن القول: لعل الوقت الذي يستلزمه الوصول إلى لقاح ضد الفساد العام- إذا صح التعبير- لا يطول، ويكون موازيا للوقت الذي يستلزمه إعلان اللقاح المنتظر محليا وعالميا ضد COVID 19.

قبل الدخول في تفاصيل المواقف السياسية، لا بد في مطلع شهر رمضان المبارك، ومع استفحال الأوضاع المعيشية الصعبة، الإشارة إلى حملة التبرعات من أهل الخير في دار الفتوى، حيث تخطت السبعة مليارات ليرة.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"

رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير. ولكي يبقى المواطن بخير، لا بد من لجم حفلة الإرتفاع الجنوني في الأسعار، الذي يقابله إرتفاع في حجم معاناة ووجع الناس. تفلت الدولار وطرقه أبواب الأربعة آلاف، لا يبرر أبدا الزيادة غير المنطقية في السوبرماركت والمحلات التجارية، خصوصا إذا كانت معظم المنتجات الاستهلاكية هي صناعة وطنية.

على مستوى صناعة السياسة، ولدت كلمة رئيس الحكومة حسان دياب من بعبدا، سلة من ردود الفعل بدأها الرئيس سعد الحريري ومن بعده الحزب "الاشتراكي"، واستكملت اليوم من دار الفتوى، واستخدمت فيها مصطلحات من قبيل "الإنقلاب" وغيره.

وفي الوقت الذي كانت فيه المواقف على طاولة مجلس الوزراء واضحة وضوح هلال رمضان، حاول بعض الذباب الإلكتروني أن يحرف الوقائع عبر اختلاق روايات يشوش بها على موقف حركة "أمل" ووزرائها، إلا أن الأكيد وما لا يحمل الشك أن هذا الموقف واضح ومباشر، وأكده بشكل رسمي بيان المكتب الإعلامي للحركة، من منطلق الحرص على استقرار الوضع العام ومصلحة الناس أولا، لا سيما أنه لم يطرح أحد شيئا على الطاولة لكي يحصل فرز في المواقف كما حاول الذباب نفسه أن يسوق. علما أنه عند طرح أية مسألة على طاولة مجلس الوزراء أو خارجها بشكل حاسم، فإن الكلمة الأخيرة تكون فيها للرئيس نبيه بري وقيادة حركة "أمل"، ونقطة عند أول السطر.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"

نعيش في دولة باهتة في نظر اللبنانيين، غير موجودة في عقولهم، ترهلت نتيجة ممارسات أهل السلطة، خسرت هيبتها، وفقدت ثقة الناس، ليس لدينا دولة عميقة تحمي مفهوم الدولة بعض النظر عن من يحكم، وإنما هناك منظومة عميقة تحمي مصالح أفراد.

ربما لم يأت رئيس الحكومة بجديد في أوصافه لنوع الحكم الذي نعيش، لكن ربما لم نعتد على هذه الصراحة والجرأة من من مثله في أعلى سلم الحكم. حسان دياب خلص إلى نتيجة: المطلوب فك الارتباط بين الدولة ومصالح السلطة، وربط الدولة بالموطن مباشرة. إذا الحل يكمن في فك ارتباط وربط سليم، وحتى ينطلق الاصلاح الحقيقي، ولا يتحكم الحاكم برقاب وأموال الناس، ويفتقر المجتمع بين ليلة وضحاها بلعبة دولار ومضاربات، وحتى لا تنشأ دويلات مالية، وتهرب مليارات دون حسيب أو رقيب.

عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، أكد أن ما كشفه رئيس الحكومة عن حجم المبالغ المحولة إلى الخارج في الآونة الأخيرة، يستدعي تحركا عاجلا من القضاء لكشف المتورطين واستعادة الأموال.

كورونيا، ولكي لا نعود علاجيا إلى نقطة الصفر، كانت دعوة الوزير حمد حسن إلى عدم التهاون في الاجراءات الوقائية، ثماني إصابات ووفيتان تبقيان ضمن المعقول والمقبول، في وقت يقترب فيه عدد الوفيات عالميا من المئتي الف، وفي وقت ينصب فيه دونالد ترامب نفسه مرشدا صحيا، داعيا إلى العلاج بحقن المعقمات وبلعها، قبل أن يضطر إلى التراجع امام موجة من السخرية.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"

أما وقد قيل ما قيل بالأمس، وفي انتظار الرد التقني عبر بيان مفصل بالأرقام، كما تؤكد معلومات الـ OTV، كانت الساعات الأربع والعشرون التالية للكلام النوعي لرئيس الحكومة حسان دياب، حافلة بالردود السياسية عبر منابر مختلفة، أبرزها دار الفتوى.

وفي غضون ذلك، يرتسم المشهد الداخلي على الشكل الآتي:

على المستوى الرئاسي، تصميم معهود على قيادة السفينة نحو بر الأمان، مهما كانت صعوبات اليوم، التي لن تكون في كل الأحوال، أكثر من كرة نار جديدة تلقى بين يدي من اعتاد أقسى المواجهات في سبيل لبنان.

على مستوى الرئاسة الثانية، تصعيد في بحر الأسبوع الفائت، على اعتبار أن الحكومة لا يجب أن تبقى في موقع المتفرج أو الشاهد، ليبقى الموقف مما جرى في جلسة مجلس الوزراء أمس رهن التوضيحات أو التبريرات.

أما على مستوى القوى السياسية، فنبرة حريرية مرتفعة، ولهجة جنبلاطية قاسية، في مقابل هدوء نسبي على جبهة "القوات اللبنانية"، تحت سقف منطق "إجر بالبور وإجر بالفلاحة"، أو ذهنية "ضربة عالحافر وضربة عالمسمار".

أما على مستوى "التيار الوطني الحر"، وفي ضوء المكاشفة المالية التي أعلنها رئيس الحكومة، فأشارت الهيئة السياسية التي اجتمعت الكترونيا اليوم برئاسة النائب جبران باسيل، إلى تصميم "التيار" على المضي في استراتيجية مكافحة الفساد واسترداد الأموال المهربة واستعادتها، على أن يتقدم نواب "التيار" قريبا باقترحات قوانين لهذه الغاية، ما يوقف التهريب المتمادي للأموال وبالتالي النزف في احتياط لبنان النقدي.

وطالب "التيار" الحكومة بالإسراع في الإعلان عن خطتها الانقاذية نظرا لخطورة الأوضاع، وبأن تشمل الخطة المنتظرة إجراءات فعلية تطمئن اللبنانيين على ودائعهم في المصارف وعلى حماية مدخراتهم وحقوقهم كاملة، مؤكدة أن "التيار" سيكون بالمرصاد‏ رفضا لأي اجراء يطاول حقوق اللبنانيين والدولة.

واعتبر بيان "التيار" أن التلاعب الحاصل في سعر صرف الدولار الأميركي، غير مقبول وتتحمل المسؤولية بشأنه الإدارة النقدية. على أن تتضمن خطة الحكومة إجراءات لإعادة هيكلة الدين العام.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"

لم يتمكن حسان دياب والحكُم من إقالة رياض سلامة، لكنهما وضعاه خارج الخدمة ومعه المصرف المركزي، في حركة أقل ما يقال فيها إنها انقلابية على النظام المصرفي الذي نعرفه، لأنها لم تأت نتيجة استفتاء أو انتخابات مبكرة.

وكما عرج دياب أمس على قيادة الجيش، زار اليوم قيادة قوى الأمن الداخلي، في توقيت ملتبس جدا، كيف لا، وراتب العسكري لم يعد يتجاوز المئتي دولار. والأخطر بحسب المحللين أن وراء الزيارتين رسالتين مضمرتين لقائدي المؤسستين العسكريتين، مفادهما أن زمن لعبهما ضمن هوامش الإجتهاد التي تؤمن لهما استقلاليتهما، قد انتهى، والنهج الدولتي الجديد ما عاد يحتمل نموذج رياض سلامة آخر في المؤسسات الأمنية. والعيون مفتوحة الآن على العدلية، لمعرفة ما إذا كان دياب سيزور مجلس القضاء الأعلى لإيصال الرسالة نفسها، بعدما ظهر في نبضه الجديد إصراره على تحقيق استقلاليته كسلطة مكتملة الأوصاف، لا كسلطة مستتبعة خاضعة.

ووسط مراكمة العثرات، يسجل للمنظومة التي يتماهى معها دياب، أنها زودته خطابا حمال أوجه ومضللا للبنانيين المنتفضين، كرره وسيكرره في جولاته التبليغية، كأن يقول لقوى الأمن والجيش بأن ليس مطلوبا من رجالهما، تنفيذ أوامر السلطة، بل حماية الناس، فيما هما ملامتان لأنهما تعاملتا برفق مع بداية ثورة 17 تشرين.

في الانتظار، وفي ظل الإصرار على المقاربة الكيدية للواقع المالي- الاقتصادي، بعكس ما هو حاصل في الحرب على الكورونا، سجلت ثلاثة أمور: الأول، استمرار تفلت الدولار صعودا وانكشاف استخدامه كوسيلة لتأليب الناس. والثاني، غضبة سنية ووطنية عارمة على دياب والحكم. والثالث، "نقزتان" في عين التينة، الأولى من التبعات الكارثية التي ستنجم عن نسف الحكم آخر أعمدة الهيكل المالي، والثانية، لتجاوز دياب والحكم وزير المال وتكليف مدير عام المالية اختيار شركات التدقيق في حسابات "المركزي"، وأفادت معلومات بأن الرئيس بري كان سيوعز لوزرائه بمقاطعة مجلس الوزراء لو لم يتم تدارك الأمر وتصحيحه.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"

لنعد إلى أصل المشكلة، المتمثلة بهوة مالية قاربت ال83 مليار دولار، هي خسارة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية. هذا الرقم هو الأهم في كل المعادلات السياسية والاقتصادية، وحوله تدور المعارك، من كيف فتحت هذه الهوة، إلى من المسؤول عنها، إلى من لعب دور شاهد الزور، وصولا إلى ومن سيدفع الثمن ومن سيخرج البلاد من المأزق الحالي وكيف "سيقرش" الخروج هذا إن حصل؟.

قبل أن نتلهى كلبنانيين بالجدل حول إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو عدم إقالته، لا بد أن نقرأ وبروية تسلسل الأحداث. في هذا التسلسل، ليس هناك من إشارة واضحة توحي بأن قرار الاقالة اتخذ، وحتى في مجلس الوزراء الجمعة، لم تطرح الإقالة، فالمطلوب بحسب المعطيات أن يسلم سلامة السلطة رقما ثابتا للخسارة المالية، تبني على أساسه خطة الانقاذ، لتواجه بها الخارج والداخل، هذا بالتزامن مع بدء ثلاث شركات تدقيق حسابات عالمية التدقيق في حسابات المصرف المركزي.

وكالعادة، التدقيق في الحسابات، فتح البازار السياسي اللبناني، وأعاد فرز خارطة المواقف. ففي الوقت الذي يقول "حزب الله" إن اقالة سلامة هي قرار تتخذه السلطة السياسية، وإن كان لا يمانع به، إلا أن عدم وجود توافق حول الإقالة، أدى إلى مخرج مرحلي أسفر عن تكليف شركات مالية مراقبة الوضع داخل المصرف المركزي. ويبدي الحزب انزعاجه من محاولات زج اسمه بمحاولة إقالة رياض سلامة، وتحميله تبعات الإقالة إذا حصلت.

حركة "أمل" تؤكد من جهتها أنها لم تضع خطوطا حمراء أمام الإقالة، إنما تتحفظ عليها، وتصر على التدقيق المالي في حسابات المصرف المركزي، الذي إذا ظهر ما يكشف تورط الحاكم بسوء الأداء، ما يمهد لاقالته بحسب المادة 19 من قانون النقد والتسليف، أو ينفي هذا التورط، وحينها، لا داعي للإقالة، أما اليوم، وفي ظل التخبط المالي، لماذا المخاطرة لا سيما أن المصرف المركزي يفتقد لمرشحين أقوياء يحلون مكان رياض سلامة، كما يفتقد لنواب الحاكم.

تيار "المستقبل" والحزب "الاشتراكي" يتحدان في موقفيهما، فإقالة الحاكم وتحميله وحده مسؤولية الانهيار المالي، خط أحمر بالنسبة للطرفين، لأنه لا يستهدف الحاكم وحده إنما الفريق السياسي الذي يمثلانه، وتاليا فإن الإقالة هي هجوم من العهد وحلفائه لا يمكن السكوت عنه.

"القوات اللبنانية" قصدت التميز في هذه المعركة عن حليفيها في الرابع عشر من آذار، فهي وإن دعمت التحقيق المالي في حسابات المصرف المركزي، إنما تربطه بكل القطاعات التي يضربها الفساد، وعينها على ضرورة إنقاذ الوضع المالي الدقيق، وهو الهم الأساسي عندها.

أجواء "التيار" تشير من جهتها إلى أن معركتها الحقيقية ليست ضد شخص رياض سلامة، إنما ضد النهج السياسي والمالي الذي اتبعه بالتوجهات المالية للحكومات المتتالية، التي يقول "التيار" إنه حاول تعديلها فلم يوفق لا من خلال مجلس النواب ولا مجلس الوزراء، أما المعركة الحقيقية بالنسبة ل"التيار" اليوم، فهي تغيير النهج المالي، فإذا كان تغيير السياسات المالية يمر حتما بتغيير المولجين بتنفيذها، فمصلحة الدولة واللبنانيين، يقول "التيار"، فوق أي اعتبار آخر.

بالمحصلة، لا قدرة لأي طرف، رغم الرغبة، على إقالة حاكم مصرف لبنان، لغياب التوافق السياسي وتوفر الفجوة القانونية، وكل الوساطات التي حاولت إحداث خرق في الساعات الماضية لم تنجح، فيما الوضع المالي والنقدي إلى مزيد من الانهيار.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"

حكومة السبعين نهارا باتت في مواجهة طبقة الثلاثين عاما، فلم يكد حسان دياب يفتح دفتر الحساب ويدخل الثقب الأسود، من مصرف لبنان إلى مغارات الوزارات لاحقا، حتى رفعت ضده "دشم" ومتاريس ومنصات، في هجمة مرتدة استخدم فيها جميع أنواع الأسلحة الرشاشة سياسيا وطائفيا، وبعضها تسلل من بوابات الخير في دار الفتوى، ليتبرع بمساعدات سياسية عينية من وزن "نحنا قدا وقدود".

وما إن شرعت دار الفتوى أبوابها لنصرة المحتاجين في كل لبنان، ضمن حملة "الواحد ليس وحده"، حتى حج إليها محتاجون ومعوزون سياسيون، من رؤساء حكومات ووزراء سابقين، وغيروا عنوان الحملة ليصبح "حسان دياب سيكون وحده"، وستقوم الحرب عليه لأنه مساهم في مؤامرة وصفها الوزير السابق نهاد المشنوق بمؤامرة على السنية السياسية، ورأى أن دياب يتصرف على طريقة "الي بيسوق سيارة وبيطلع لورا وبدو يفوت بالحيط".

ولم يكن المشنوق وحده، فهو "شد الضهر" بتحالفات، للانتصار على ما سماه الانقلاب. ويتقدم طلائع الأفواج المحاربة كل من: وليد جنبلاط وسمير جعجع وحكيم واحد في البلد هو الرئيس نبيه بري. ولكي يكتمل "النقل بالزعرور"، قدم الرئيس فؤاد السنيورة من دار الفتوى، مطالعته بالشفافية وإخضاع كل المؤسسات للرقابة، على مبدأ وصفه بـ"الإفصاح".

وعانى المشاهدون وهم يتابعون محاضرة السنيورة بفصاحة عن خط سيره الحكومي، قائلا: أنا مع ملاحقة كل قرش جرى تبديده في لبنان. والسنيورة ربما أصاب بدقة، لأنه يتحدث عن قرش جرى تبديده، ولم يقصد المليارات الضائعة وأفلتت من عنق الموازنات، ولا عن هبات غيرت مسارها على زمن ما بعد حرب عام 2006، وهو إذ حكم في السرايا ووزارة المال على حد سواء بغموض الأرقام العامة، فإنه يحاسب الرئيس دياب اليوم، لكونه وضع العربة وراء الحصان، فيما اللبنانيون على ولاية السنيورة لم يتسن لهم اكتشاف العربات من الأحصنة أو الصلاصل أو من أي فصيلة أخرى تسير ماليتهم التائهة.

وسواء بعضلات أبو صالح المشنوق، أو بشفافية السنيورة، أو بمعلقة الرئيس سعد الحريري يوم أمس، وببيان "الاشتراكي" في منتصف الليل، فإن حرب الجبهات هذه قامت قيامتها بسبب أنياب ظهرت لدياب، وقرر فيها بدءا من الثلاثاء المقبل كشف المستور السياسي والوزاري في دهاليز الإدارات، وبمفعول رجعي عن سنوات خمس.

والتدابير التي ستتخذها الحكومة، ستعرض سياسيين ووزراء لخطر المحاسبة لكل من ظهرت عليه عوارض الثراء. ولهذا السبب فقد أصيب الحريري بـ"جائحة" الرد المطول، واتهم دياب بإغراق الليرة وحافة انهيارها، علما أن الحريري نفسه سلم حكومته والليرة على آخر روح. أما كلام الحريري عن زمن الوصاية، فهو موروث طبيعي استقاه من والد شهيد كان عرابا لهذا الزمن وصانعا لمجده.

ولأن للحرب سيفين ماليا وسياسيا، فإن بدء التدقيق في مصرف لبنان يستلزم أيضا من دياب هذه المرة، الحسم في أمر التعيينات المالية، حتى لا يبقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحده في ساحة مالية ولا بديل له.

وإلى ساحة إعلامية نزل رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي، المصون سياسيا والمحفوظ إداريا، ليدافع عن إعلام مضطهد. وإذ تسجل قناة "الجديد" إدانتها لقطع بث أي مؤسسة اعلامية، وتعلن صونها الحريات العامة، وتؤكد أن قطع بث قناة MTV هو قرار "مر" ومستنكر، فإنها أيضا تقف باستغراب أمام بيان رئيس المجلس الوطني الذي استفاق على محطة وتغاضى عن أخرى. و"الجديد" لن تكون يوما مع أي قرار بقطع البث، إلا إذا كان صاحب هذه المؤسسة أراد ذلك من تلقاء نفسه، وراسل شركات توزيع البث طالبا حذفه بملء إرداته، لكنها في المقابل تسجل على محفوظ انه "مأمور نفوس" سياسية، ويخضع لما يمليه عليه الرئيس نبيه بري، صاحب مرجعية التعيين والتمديد خلافا للقانون.

ومحفوظ ومرجعيته السياسية- النيابية، لم يقدما على تشريع قوانين أو إصدار قرارات إدارية لتنظيم عمل موزعي الكابل، وحماية حقوق المحطات الإعلامية المرخصة من أي قرصنة لإشارتها، وتأمين بثها على الأراضي اللبنانية بصورة مشروعة تحفظ حقوق ملكيتها الفكرية والمعنوية والمادية، وإذ به الآن "يتغاوى" امام محطة ظلمت بقطع البث، ويتهادى مختالا أمامها، مانحا امتيازات تضرب الحقوق. فإلى عبد الهادي: حفظت شيئا وغيبت عنك أشياء، ونحن نراسلك الآن لنبغلك أن محطة "الجديد" مازالت لتاريخه مقطوعة عن البث وممنوعة عن المشاهدين "المحرومين"، ودمت أصيلا لمجلس وطني لا تعرف منه وطنية إعلامية جامعة.

 

أسرار الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 25 نيسان 2020

السبت 25 نيسان 2020

النهار

لقاء معارض

لوحظ ان مسؤولا أمميا يلتقي دوريا احدى الشخصيات السياسية المعارضة.

عدم التقيد

وردت مذكرات داخلية الى فروع احد المصارف تطلب من العاملين عدم التقيد بتعاميم حاكم مصرف لبنان الاخيرة من دون الاعلان عن ذلك وافادة المودعين بان ادارة المصرف لا تزال تضع الخطط التطبيقية للقرار.

البناء

خفايا

قالت مصادر متابعة للملف المالي إن رئيس الحكومة أبلغ من يجب أنه لن يتراجع في ملف مصرف لبنان والمصارف حتى تعود الأموال التي تبلغ 13 مليار دولار وتمّ تهريبها من 13 مصرفاً لحساب 40 مودعاً سياسي ومصرفياً منذ شهر تشرين الأول إلى خارج لبنان بصورة تشكل جريمة مالية، لأنها تمت باستنساب إدارات المصارف بالتمييز بين أصحاب الودائع ما يفرض على مصرف لبنان التحرك وإحالة المصارف المخالفة الى القضاء بإساءة الأمانة.

كواليس

قالت مصادر أممية إن مشروع المبعوث الأممي لوقف النار وفتح التفاوض تتضمن فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة برقابة أممية، بما يجعل المشروع قابلاً للحياة وهو ما يطالب به انصار الله. ونقلت المصادر عن المبعوث الأممي تبلغه تفاعلاً إيجابياً من السعودية مع ورقته التفاوضية وتفاؤله بالتوصل إلى تفاهم قريباً.

اللواء

همس

يشكو موفد دولي من انعدام تنسيق سفير دولة كبرى معه، وكأنهما في سباق على توجيه الدفَّة السياسية في لبنان.

غمز

قال نائب مقرَّب من مرجع كبير: المسألة مش رمانة، بل قلوب مليانة، قبل تأليف الحكومة وبعدها!

لغز

ما قاله رئيس الحكومة عن أن أموال المصارف تنضب يحمل في طياته مخاطر كثيرة، على مستقبل عمل المصارف، واموا*

الجمهورية

إستغربت أوساط نيابية إقتراحات قوانين العجلة الفجائية غير المدروسة التي طرحها أصحابها في اللحظة الأخيرة وكانت إستعراضية وللدعاية الإعلإمية مقابل قوانين أدرجت على جدول الأعمال وأشبعت درسًا ومناقشة في اللجان.

أبدت هيئة دولية إمتعاضها من التجاذبات الداخلية حيال لوائح المساعدات التي يتم توزيعها على العائلات الفقيرة.

قال مرجع حكومي للذين يستخفون بقدرات الحكومة..متسائلاً من قال إننا لا نستطيع الدق بمقام محمي خارجيا واذكر هؤلاء بما سبق وفعلته الحكومة َ وأوقفت تلك التدخلات.

نداء الوطن

تساءلت مصادر سياسية عما اذا كان صحيحاً أن وزير المال غازي وزني وقّع التشكيلات القضائية بينما كان في السراي الحكومي من دون التدقيق فيها، الأمر الذي أثار غضب مرجعية نيابية.

لقي اقتراح اسم آلان بيفاني لحاكمية مصرف لبنان اعتراضاً لدى قياديين في "التيار الوطني الحر" بحجة ان خبرته في وزارة المال غير كافية لتسلمه المنصب.

لدى زيارته شخصية قيادية بارزة سئل رئيس جمعية المصارف سليم صفير عن الأزمة المالية والنقدية فكان جوابه بدم بارد: "خلي السياسيين يتحمّلو المسؤولية".

الانباء

-تباينات فريقين

يحكى عن تباينات واضحة بين فريقين سياسيين تخطّت ما كان يبرر سابقاً تحت عنوان توزيع الأدوار.

-مغتربون ضحايا الكيدية

يشكو عدد كبير من المغتربين من كيدية في تحديد رحلات إعادتهم من بعض الدول على خلفية تصفية حسابات سياسية محلية لبنانية.

 

تفاصيل المتفرقات اللبنانية

صعوبة الدفاع عن رياض سلامة.. وسهولة ذلك!

خيرالله خيرالله/العرب/26 نيسان/2020

أزمة لبنان سياسية قبل أن تكون اقتصادية هذا ما لا يفهمه رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، الذي يحاول تحويل رياض سلامة إلى كبش محرقة متجاهلا أنّ سلاح "حزب الله" غير الشرعي في أساس ما يعاني منه لبنان.

لبنان يدفع ثمن انتقاله إلى الوصاية الإيرانية

ليس أصعب من الدفاع عن رياض سلامة وليس أسهل من ذلك. رياض سلامة هو حاكم مصرف لبنان (المصرف المركزي) منذ العام 1993 وقد لعب من دون شكّ دورا في الاستقرار النقدي الذي شهده لبنان منذ الحكومة الأولى لرفيق الحريري في العام 1992.

هناك الآن انهيار اقتصادي لبناني، سعى رياض سلامة إلى تأجيله مرات عدّة بطرق لا يوافق عليها الخبراء الاقتصاديون العالميون الذين يرون أنّه لجأ إلى أساليب ملتوية لتنفيذ غايته. شملت تلك الأساليب ما سمّي “الهندسات المالية” من أجل الحؤول دون إفلاس مصارف كبيرة عن طريق ضخ أموال فيها.

لم تكن الأساليب التي لجأ إليها رياض سلامة سليمة بأيّ شكل في المفهوم الاقتصادي، خصوصا أنّ ثمن إدخال عملات صعبة إلى النظام المصرفي اللبناني كان كبيرا جدا. توجب على هذه المصارف دفع فوائد عالية لإغراء المودعين.. من جهة وتمويل دولة مفلسة بكلّ معنى الكلمة، هي الدولة اللبنانية من جهة أخرى.

هناك لائحة طويلة بأخطاء، بل بخطايا، ارتكبها رياض سلامة الذي عمل في شركة “ميريل لينش” المشهورة التي تتعاطى في مجال الأسهم. ليس سرّا أن متموّلين كبارا عربا ولبنانيين كانوا بين زبائن رياض سلامة في “ميريل لينش”. كذلك، ليس سرّا أنّ رفيق الحريري اختاره ليكون حاكما لمصرف لبنان في مرحلة بدأت فيها عملية إعادة الحياة إلى بيروت، وهي عملية ما لبث “حزب الله” أن وضع حدّا لها عبر لعبه دورا أساسيا، استنادا إلى القرار الاتهامي للمحكمة الدولية، في اغتيال الحريري الأب. ما لبث الحزب أن استكمل حربه على بيروت عندما أغلق وسطها في الأعوام 2006 و2007 و2008.

من أبرز المآخذ على رياض سلامة تفادي الصراحة والصدق في تعاطيه مع اللبنانيين العاديين. لم يتوقف في الأشهر القليلة الماضية، التي سبقت تجميد أموال المودعين وانهيار النظام المصرفي، عن ترديد أن الليرة اللبنانية بخير وأن لا خوف على الودائع. قال ذلك بالصوت والصورة، إلى أن تبيّن أن الليرة اللبنانية ليست بخير خصوصا بعد خسارتها ضعفي قيمتها.

يجري تداول العملة اللبنانية حاليا بنحو أربعة آلاف ليرة للدولار الواحد في حين أن سعرها الرسمي 1505 ليرة للدولار. أما أموال اللبنانيين والعرب بالعملة المحلّية والدولار فهي مجمّدة إلى إشعار آخر. لا يوجد من يقول للمودع ما الذي حل بماله ولا يوجد من يقول للشركات والتجار وأصحاب المصالح متى سيستطيعون إجراء تحويلات إلى خارج البلد وذلك كي يعود النشاط التجاري والمالي إلى لبنان.

يمكن القول إنّ سلسلة المآخذ على رياض سلامة لا تنتهي، لكن المدافعين عنه يمتلكون ما يرفع عنه المسؤولية. يقول هؤلاء في سياق دفاعهم الذي تنشره وسائل التواصل الاجتماعي:

هل هو مسؤول عن 52 مليار دولار هدر في الكهرباء؟

هل هو مسؤول عن إقرار سلسلة الرتب والرواتب في 2017 التي كلفت الدولة ملياري دولار؟

هل هو مسؤول عن الهدر في المرفأ الذي يكلف الدولة خسارة ملياري دولار سنويا؟

هل هو من قام بتوظيف 5300 مواطن في الدولة قبل انتخابات 2018 وهذا أمر يكلف الدولة 140 مليون دولار سنويا؟

هل هو من أساء إلى علاقات لبنان مع الدول العربية؟

هل هو من ترك لبنان من دون حكومة لمدة تعادل الأربع سنوات في السنوات العشر الماضية؟

هل هو مسؤول عن الفراغ الرئاسي لمدة سنتين ونصف سنة؟

هل هو من استورد لسوريا النفط الذي كان محظورا عليها؟

هل هو مسؤول عن هروب السيّاح عن لبنان الذي كلف البلد خسارة أربعة مليارات دولار سنويا؟

هل هو من قام بتوظيف أفراد عائلته الصغيرة والكبيرة في الدولة؟

هل هو مسؤول عن عدم تعيين أربعة نواب لحاكم مصرف لبنان أخيرا؟

هل هو مسؤول عن اختفاء الدولار وسحبه إلى سوريا في بداية أزمة الدولار الأخيرة؟

هل هو مسؤول عن إدخال الدواء الإيراني إلى لبنان حديثا؟

ما لم يأت المدافعون عن رياض سلامة على ذكره أن الرجل ليس سوى تفصيل في لعبة كبيرة ذات طابع سياسي. أزمة لبنان سياسية قبل أن تكون اقتصادية هذا ما لا يفهمه رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، الذي يحاول تحويل رياض سلامة إلى كبش محرقة متجاهلا أنّ سلاح “حزب الله” غير الشرعي في أساس ما يعاني منه لبنان.

ما يعاني منه لبنان حاليا على الصعيدين المالي والاقتصادي ناجم عن الهرب من مواجهة الواقع المتمثّل في أن لا مستقبل لبلد تحوّل إلى مستعمرة إيرانية تديره ميليشيا مذهبية اسمها “حزب الله” استطاعت امتلاك أكثرية في مجلس النواب اللبناني.

يدفع لبنان بكلّ بساطة ثمن انتقاله إلى الوصاية الإيرانية مباشرة بعد تخلّصه من الوصاية السورية – الإيرانية في العام 2005. حاول رياض سلامة شراء الوقت. أخطأ في ذلك؟ الجواب: نعم. كان مفترضا به الانسحاب باكرا والعيش سعيدا بالأموال التي جمعها، اللهمّ إلّا إذا كانت لديه طموحات سياسية، مثله مثل أي ماروني آخر، جعلته يدخل لعبة السياسات الداخلية اللبنانية التي تبيّن أنّه لا يستطيع التحكّم بها بوجود “حزب الله” والعقوبات الأميركية المفروضة عليه.

بقي رياض سلامة حاكما لمصرف لبنان أم لم يبق، ليس ذلك السؤال. السؤال من يخرج لبنان من أزمته السياسية ذات الشقين. الأوّل هو عزلته العربية والآخر غياب أي اهتمام أميركي بما يحلّ به.

لم يعد لبنان همّا عربيا. لا يوجد بين العرب من يريد السماع بلبنان الذي يقول عنه كبار المسؤولين في منطقة الخليج العربي إنّه “ساقط عسكريا وسياسيا”، إذ تتحكّم به إيران.

أمّا في واشنطن، المشغولة بأمورها الداخلية ووباء كورونا الذي يمكن أن يحول دون عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد انتخابات تشرين الثاني – نوفمبر المقبل، فلبنان غائب إلى إشعار آخر.. بدل تلهّي “حزب الله” والغطاء المسيحي الذي يستخدمه في التركيز على رياض سلامة، وبدل تهرّب حسّان دياب من مسؤولياته، من الأفضل استيعاب أن أزمة لبنان سياسية أوّلا وأنّ انفجارا اجتماعيا بطابع دموي يهدّد البلد. الناس جائعة حقّا. الناس تريد أن تعرف لماذا لم تحصل الإصلاحات المطلوبة من أجل أن يتمكن لبنان من مساعدة نفسه؟ أين حدود انهيار سعر الليرة اللبنانية؟ أين أموال المودعين التي صارت أقرب إلى مال مسروق أكثر من أيّ شيء آخر؟..

 

استهداف رياض سلامة المسيحي مؤامرة على السنيّة السياسية/الحريري: الحكومة تسعى لتبييض الوجوه والأموال والمسروقات بتبييض العهد ورموزه.

العرب/26 نيسان/2020

حرب بالوكالة

بيروت - رفضت قوى سنية لبنانية، السبت، تلميح رئيس الحكومة حسان دياب إلى مسؤولية رياض سلامة حاكم البنك المركزي عن تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، واصفةً استهداف سلامة، المسيحي، بأنه “مؤامرة على السنيّة السياسية، في وقت حرص فيه دياب في كلمته الجمعة على النأي بنفسه عن أيّ إشارة إلى مسؤولية حزب الله في الأزمة المالية الخانقة للبنان. وكان دياب، سنّي مستقل، قد صرّح الجمعة عقب جلسة لمجلس الوزراء، أن هناك من يصرّ على تعميق أزمة البلاد الماليّة، ملمحًا إلى مسؤولية رياض سلامة عن الأمر. واعتبر رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، أن ما قاله دياب يؤكد انخراط الحكومة فيما سماه “النهج الانتقامي” الذي ساد أواخر التسعينات (عقب انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية). وقال الحريري في أعنف هجوم على دياب إن “هناك عقلاً انقلابيًا يعمل على رمي مسؤولية الانهيار في اتجاه حاكمية مصرف لبنان وجهات سياسية محدّدة، ويحرّض الرأي العام على تبنّي هذا التوجه”، في إشارة إلى تحميل المسؤولية إلى جهة أخرى غير حزب الله المتهم المباشر بتأزيم الوضع. واعتبر أن الحكومة “تستجدي التحركات الشعبية بإغراءات شعبوية وتمارس سياسة تبييض صفحة العهد (فترة حكم الرئيس ميشال عون) ورموزه، عبر تبييض الوجوه والأموال والمسروقات”.

وكان العشرات من المحتجين قد تظاهروا أمام مقر المصرف المركزي في بيروت وبعض فروعه، في وقت بدا وكأن جهات سياسية تهدف إلى ربط الأزمة المالية الحادة بإجراءات حاكم المصرف، فيما يحاول سلامة من خلال “إجراءات قاسية” أن يمنع انهيار الودائع وسعر الليرة.

وتجاهل دياب، في كلمة ألقاها الجمعة، كليّا الدور الذي لعبه حزب الله في الأزمة اللبنانية سواء من خلال التسبّب في عقوبات أميركية على المصارف اللبنانية، أو بسبب مواقفه السياسية التي حالت دون تدفّق الاستثمارات الخليجية على لنبان، فضلا عن تدقيق خليجي كبير في التحويلات التي تأتي من العمالة اللبنانية العاملة بدول الخليج لمنع توظيف بعض هذه التحويلات في تمويل أنشطة الحزب.

وبدا كلام رئيس الحكومة بمثابة تمهيد لإقالة رياض سلامة والبحث عن بديل يرضي حزب الله وحليفه المسيحي التيار الوطني الحر. وفي كلمة له بعد جلسة مجلس الوزراء الجمعة، قال دياب “تعاملنا مع الثقب المالي الأسود في لبنان ولا نزال نتعامل معه، وبالتزامن هناك من يصرّ على تعميق الأزمة، وسعر الصرف يرتفع بشكل مريب”، معتبرا أن “غموضا مريبا يلفّ إدارة حاكم مصرف لبنان إزاء ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية”. وحذّر الحريري اللبنانييّن من المتاجرة السياسية والحزبية بأوجاعهم ولقمة عيشهم قائلًا “لا تقدّموا لتجار الهيكل فرصة الانقضاض على النظام الاقتصادي الحرّ”.واعتبر أنّ سبب ما يجري هو “التخبط في هاوية الأفكار التجريبية والتفتيش عن ضحايا في السياسة والاقتصاد والإدارة”. من جهته، أكّد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على أن لبنان يعاني من انحسار كامل للثقة ما بين الدولة والمواطنين. واعتبر أن “المطلوب إعادة الاعتبار إلى الدستور واتفاق الطائف وإلى الكفاءة والجدارة في تحمّل المسؤولية وبالتالي إخضاع الجميع إلى المحاسبة وفق الأطر الدستورية”.

أما النائب نهاد المشنوق فقد اعتبر أن تصريحات دياب تندرج في إطار المؤامرة على “السنيّة السياسية، وسنواجهها”.

صعوبة الدفاع عن رياض سلامة.. وسهولة ذلك!

وأعلن النائب نهاد المشنوق “وجود مؤامرة على السنيّة السياسية وعلى أهل السنّة، وهي مؤامرة على الديمقراطية وعلى الحريات”، مضيفا “نحن قادرون على مواجهتها وبصراحة أكثر نحن قدّها وقدود”. واعتبر أنّ حسّان دياب “لا يعلم ماذا يحدث في البلد ولا أنّ هناك 62 مؤسسة صيرفة من دون تراخيص تعمل بعناوين محدّدة والقضاء لا يتحرك، وأنّ هناك 5 آلاف مليار ليرة خرجت من المصرف المركزي في الـ2019 قبل الـ17 من أكتوبر، واختفت في السوق ولا نعرف أين هي وقيمتها كانت 3.2 مليار دولار في حينه، ولا متى ستستعمل ومن قِبل من؟”.

ورأى المشنوق أنّ “الرئيس حسّان دياب ومنذ لحظة تكليفه وتشكيل الحكومة يتصرّف على طريقة الذي يقود السيارة وهو ينظر إلى الخلف، وبالتالي من الطبيعي أن يفُوت بالحيط”. ومؤخرًا، زادت وتيرة الحملات ضد رياض سلامة الذي يشغل منصبه منذ حكومة رفيق الحريري الأولى إبان عام 1993، عبر مواقع إعلامية معظمها يتبع حزب الله وحلفاءه تتهمه بـ”سرقة” أموال اللبنانيين، وطالبت بطرده من منصبه ومحاكمته، فيما دافع آخرون عنه ورفضوا الاتهامات الموجهة إليه. ووصف متابعون كلمة دياب، الجمعة، بأنها بمثابة بيان سياسي لحزب الله وحليفه التيار الوطني الحر، ولكن بلسان رئيس الحكومة، وأن دياب اختار التموقع مع حزب الله وحلفائه لضمان استمرار حكومته أكثر من سعيه لتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي وعدها بها لاسترضاء الشارع الغاضب على الخيارات الاقتصادية الفاشلة. وقالت مصادر سياسية لبنانية إن تسريب خبر إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عشية الجلسة الحكومية في بعبدا، لا يمكن فصله عن الجو الذي ساد في الجلسة التشريعية، تجاه سلامة من باب تحميله مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار انطلاقًا من التعاميم التي أصدرها. وحمّل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الجمعة، رياض سلامة مسؤولية “جنون الدولار”. ولم يقتصر الهجوم على سلامة من قبل باسيل، بل اتهمه دياب في وقت سابق بالأحادية في إصدار التعاميم، وعدم التنسيق مع السلطة التنفيذية في ما يُصدر. ولوّح في الكثير من المرات بمعاقبته من خلال قرارات متشددة ستتخذها الحكومة في جلسة الجمعة. وكذلك فعل النائب جميل السيد في مؤتمره الذي بدأه واختتمه بسلامة وتعاميمه.

 

صيارفة في حمى «حزب الله» جنوباً وبقاعاً.. وكورونا «تصول وتجول»!

جنوبية/25 نيسان/2020

لم يكتف “حزب الله” بدخوله على خط تزخيم الضغط السياسي والحكومي على مصرف لبنان وحاكمه والمصارف والصرافين، بل دخل ميدانياً على خط إدارة اللعبة المالية، ووظف سلاحه لصرف نفوذه في السوق السوداء، ولتوظيف عشرات الصرافين في سبيل خدمة اجندته المتعلقة بالعملة الصعبة، و”لمها” من الاسواق بعد شحها العالمي عليه وتوظيفها في تمويل عملياته اللبنانية التنظيمية والحربية في سوريا.

إرتفاع دولار واسعار

وفي مقابل إستمرار فلتان سعر صرف الدولار وتجاوزه الـ4 الاف ليرة مساء، استمر ارتفاع الاسعار الغذائية والخضروات في حين يتمدد فيروس “كورونا” حاصداً المزيد من الارواح مع وفاة مصابين اليوم ليرتفع عدد الوفيات الى 24 والاصابات الى 8 ويضاف عليها مساء 5 في برج حمود ليصبح عدد المصابين 709 حتى الساعة.

وتؤشر اصابات برج حمود الجديدة الى ان الفيروس يتمدد في ضواحي بيروت الغربية والشرقية وهذا دليل اضافي على انتشار الفيروس في معظم ارجاء لبنان.

دخل البقاعيون المرحلة الثانية والثالثة في موضوع العودة التدريجية عن التعبئة العامة في مواجهة “كورونا” من دون الانتظار لمساعدة الـ400 الف التي لم يصل منها شيء

وهذه الطفرة “الكورونية” تؤكد ان لبنان لم يقبض على الوباء بعد، وسيخضع له لاكثر من 15 يوماً التي طلبها وزير الصحة حمد حسن حتى 10 ايار لتبيان الحقيقة والتي يؤمل ان لا تكون مُرّة.

بقاعياً

ودخل البقاعيون المرحلة الثانية والثالثة في موضوع العودة التدريجية عن التعبئة العامة في مواجهة فيروس “كورونا”، وانطلق الناس الى الاسواق والاعمال من دون الانتظار لمساعدة الـ400 الف التي لم يصل منها شيء. واصبحت تساوي أقل من المئة دولار أمام استمرار الدولار بالارتفاع بشكل جنوني قافزاً فوق  الـ 4 الاف ليرة في السوق السوداء، ما دفع بأصحاب المحال التجارية المعنية ببيع المواد الغذائية، لأن تقفل مؤسساتها عمداً بعدما تمنع الصرافين عن بيع الدولار والذي وصل عند بعض الصرافين الغير ملتزمين بقرار نقابة الصرافين، الى حدود 4400 ليرة. إقرأ أيضاً: كورونيات لبنانية..5 مصابين بـ«كورونا» في برج حمود ولا إصابات جديدة في برجا! هذا الجنون المنفلت من أي عقال ينعكس على اسعار كافة المواد الغذائية والخضار واللحوم، ما فتحت الباب عن مقارنات رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص وكيفية الاستمرار المعيشي بحال طالت الازمة الاقتصادية. بعدما تحول راتب موظف القطاع العام ٣ ملايين ليرة لمعلمي الثانوي في الملاك، لصبح الراتب أقل من ألف ليرة مع ارتفاع الاسعار على القيمة الدولارية.

بعلبك الهرمل

وفي بعلبك الهرمل انكشفت لبعض المواطنين هيكلية الواقع الاقتصادي الذي يلعبه حزب الله في المناطق التي تعتبر بيئته الحاضنة، من خلال اعتماده على سياسة دعم اسر مناصريه بمساعدات عينية، وكشف عن ارتباطه بشبكات الصيرفة وحمايتها، وتأمين للصرافين رخص حيازة اسلحة.

شتورا

وفي  شتورا التي تعرف بمركز الصرافة في لبنان والتي عبرها يتم نقل الاموال الى سوريا ودول اقليمية. منذ نحو ستة اشهر نشط صرافون معروفون بولائهم لـ”حزب الله”، بشراء العملة الصعبة باسعار تتخطى حتى سعر بورصة السوق السوداء. وبعد نشاط دوريات امنية لضبط سوق بيع وشراء الدولار خلافا للتسعيرة وما اذا كان الصراف يحمل اجازة، ليبتدع بعضهم اسلوب وضع صورة للسيد حسن نصرالله لتحميهم من ضبط القوى الامنية. كما كان لافتا شراء الصرافين للدولار بسعر 4 الاف ليرة واحتجابهم عن بيع الدولار حتى بسعر 4400، برعاية دوريات حزبية تجوب طول خط الصرافين ما فسره البعض ان هذه الدوريات حماية لهم

صرافو صور

وفي صور، استمر ارتفاع سعر صرف الدولار وفلتان السوق وغياب القوى الأمنية عن ملاحقة الصرافين غير المرخصين انتشر عدد كبير من الشباب على مدخل سوق مدينة صور يحملون عشرات الملايين و ينادون لشراء الدولار. والغرابة ليست في كلِّ ما تقدم بل الغريب ما قاله احد موظفي شركات الصيرفة لموقع تيروس حيث توجِّه إليها بالكلام و هو يقف على باب مدخل الشركة و يهمّ بالدخول: صرافو صور يحميهم مسلحون عن بعد من على اسطح البنايات العالية المحيطة باماكن تواجدهم في الشوارع

” هذه البنايات العالية المحيطة بنا يوجد على اسطحها و بلكوناتها و شبابيكها عدد كبير من العناصر المسلحة مهمتها حماية الصرافين من اي تعدي عليهم. والعناصر تابعة لجهة حزبية نافذة “.

اعتصام خجول

ونفَّذ اليوم عدد قليل لا يتجاوز العشرة اشخاص إعتصاماً امام مصرف لبنان وطالبوا بإقالة رياض سلامة وإسقاط حكم المصرف. وقال أحد منسِّقي النشاط :” نتظاهر هنا امام مصرف لبنان نيابة عن أنفسنا وعن الفقراء المسحوقين المخدرين حاليا بكراتين الإعاشة بعدما اذلهم زعماءهم بها و ننتظر الايام القادمة لنعلم اذا كان هذا الشعب يريد أن يكون حرَّاً او تابعاً لزعيمه” ومن جهة ثانية قال أحد ناشطي ساحة العلم و الذي رفض المشاركة: ” أصحاب الدعوة هم وديعة حزب الله في ساحة الثورة و عادوا اليوم لتجديد نشاطهم بعدما تركوا الساحة عندما طلب منهم نصرالله ترك الساحات و عددهم الخجول يدل على أنّهم مكشوفين و لا مكان لهم بين الثوار”.

 

الدولار على مشارف 4000 ل.ل

اللواء/25 نيسان/2020

يتم التداول بسعر صرف الدولار، اليوم السبت 25/04/2020، في السوق السوداء ولدى الصرافين غير المرخصين، ما بين 3800 ـ 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد. في حين، يواصل الصرافون المرخصون وشركات الصيرفة الشرعية الإقفال حتى الاثنين المقبل، التزاماً بقرار نقابة الصيارفة.

 

فرنسا تدخل على خط "إقالة حاكم مصرف لبنان!

الجمهورية/25 نيسان/2020

تحدثت معلومات عن دخول فرنسي مباشر على خط "إقالة حاكم مصرف لبنان"، نصح بعدم التهوّر باتخاذ خطوة من هذا النوع، من دون ان تشير المعلومات الى ما اذا كان الموقف الفرنسي الاعتراضي على إقالة رياض سلامة يعّبر عن الفرنسيين وحدهم، او يعبّر في الوقت نفسه عن مواقف دول اخرى، وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية.

 

السفارة الاميركية تقايض "الثنائي الشيعي" على تقصير الولاية!

الكلمة اونلاين/25 نيسان/2020

كشفت مصادر مطلعة لـ "اللواء" ان اتصالات تجري (مفاوضات) بين السفارة الاميركية في بيروت، وممثلي عن الثنائي الشيعي (امل- حزب الله). تدور حول مقايضة تقضي بـ"مساهمة الولايات المتحدة الاميركية، ومعها المجتمع الدولي (مجموعة الدعم) للمساعدة الفعلية في انقاذ الوضع الاقتصادي ومنع انهيار النظام المالي مقابل موافقة "الثنائي" مع حلفاء آخرين على اجراء انتخابات نيابية مبكرة، وتقصير ولاية رئيس الجمهورية الحالي.

 

الحكومة تمتص غضب الشارع أم تُطيح بالقطاع المصرفي؟

المركزية/25 نيسان/2020

هل إن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيدفع وحيدا ثمن السياسات "الخاطئة" وتدهور الوضع الاقتصادي وسعر صرف الليرة أمام الدولار؟ السؤال خطف الأضواء من أمام كل أزمات الناس المتناسلة، بما فيها تلك المتصلة بوباء كورونا.

ذلك أن الساعات الـ 24 الماضية حملت كثيرا من المؤشرات إلى عزم بعض أطراف الحكومة وحلفائها على إقالة سلامة من موقعه بفعل تفاقم الأزمات النقدية والمصرفية والاقتصادية والاجتماعية. مؤشرات عززها الهجوم العنيف الذي شنه رئيس الحكومة حسان دياب على حاكمية المصرف المركزي أمس، كما في خلال الجلسة النيابية الأخيرة، حيث أخرج ما في مكنونات قلبه من امتعاض إزاء ما اعتبره غيابا للتنسيق بين الحكومة والمصرف المركزي،وتظهرت بوضوح في جلسة مجلس الوزراء امس بما تضمنت من مواقف وقرارات في هذا الشأن.

على أن الأهم يكمن في أن الهجوم على دياب يأتي من جانب رئيس حكومة يفترض أنها مؤلفة من اختصاصيين مستقلين تماما عن القوى السياسية، فيما أثبتت بعض التعيينات التي عمد إليها مجلس الوزراء في خلال الفترة الأخيرة أن بعض الأفرقاء، لا سيما منهم أولئك الدائرون في فلك 8 آذار، لا يتوانون عن التدخل في عمل الحكومة وفرض الخيارات عليها تبعا لما يناسب مصالحه السياسية، بدليل أن زعيم المردة سليمان فرنجية أقدم على تعطيل قطار التعيينات الادارية، تماما كما قطع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الطريق على مشروعي الهيركات والكابيتال كونترول، ما يدفع البعض إلى الاعتقاد أن أرباب الحكومة والقيمين عليها يستعدون لفرض خياراتهم في القطاعين المالي والمصرفي، من خلال إطاحة المنظومة القائمة في هذين المجالين، بعد أن أمنوا تأليف حكومة تناسب سياستها وخياراتها توجهاتهم.

وفي وقت يترقب اللبنانيون الخطوات الحكومية والاجراءات العملية التي قد تتخذها الحكومة على طريق محاولة اقالة سلامة المحفوفة بالالغام من الداخل والخارج، قرأت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" بين سطور هذه الهجمة على حاكمية مصرف لبنان محاولة لتنفيس غضب الشارع الذي انفجر في 17 تشرين، وبلغ اليوم مستويات قياسية مع بلوغ سعر صرف الدولار في اسوق الموازية 4000 ليرة، ما يعني أن البعض يريد تحميل سلامة وحيدا مسؤولية التراجع المرعب والخسائر الكبيرة التي سجلت في الفترة الأخيرة، في حين أن المصارف وعملها ليسا متفلتين من أية رقابة، بل إن مصرف لبنان يراقبها، من خلال هيئة الرقابة على المصارف، في وقت تطرح تساؤلات كبيرة ومحقة حول الخسائر المسجلة أخيرا وأسبابها، والأهداف التي يتوخاها حزب الله من القنص في اتجاه المصارف... أسئلة قد تجيب عنها الأيام والأسابيع المقبلة، لكن البيانات النارية التي اصدرها الرئيس سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي وقوى سياسية اخرى لا تدور في فلك هذا الفريق رافضة جعل سلامة كبش المحرقة دون سواه من السياسيين المقترفين قالت على الارجح ما يجب ان يقال وربما اكثر...

 

إقالة حاكم مصرف لبنان… اعتراضات وتحفظات على التوقيت

الجمهورية/25 نيسان/2020

البارز في جلسة مجلس الوزراء أمس، كان استعراض للوضع المالي، وبحسب مصادر وزارية، فقد عرض الواقع النقدي بشكل عميق، وجرى تقييم سلبي لأداء حاكم مصرف لبنان وطريقة ادارته للأزمة المالية الحادة، وبَدت حماسة ملحوظة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وووزراء تكتل لبنان القوي لطرح اقالة حاكم مصرف لبنان، الّا أنّ هذا الأمر قوبِل باعتراضات وتحفظات على التوقيت، من قبل بعض الوزراء، ولا سيما من قبل وزيري حركة “أمل” ووزيري تيار المردة. وخَلص النقاش الى عدم البتّ بقرار الاقالة، وإرجائه الى وقت آخر.

وقالت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”: كنّا كمَن على رؤوسنا الطير عندما طرح الرئيس حسان دياب استطلاع الرأي حول اقالة حاكم مصرف لبنان.

وبحسب معلومات “الجمهورية” فإنّ الموضوع قدّم مفتاحه رئيس الجمهورية، وفتح بابه حسّان دياب عندما قال: فخامة رئيس الجمهورية، انّ الوضع المالي والنقدي صعب جداً، وقانون النقد والتسليف الذي ينصّ على سلامة النقد واستقرار الاقتصاد وسلامة النظام المصرفي وتطور السوق النقدية “عم يخرَب” ومهدّد… فسارعَ دياب الى ملاقاته بالتصويب المباشر على حاكم المركزي من خلال طلب رأي الوزراء حول أدائه واقتراح اقالته، فكان الوزير مشرفية اول المتكلمين، حيث تحدث عن السياسات المالية الخاطئة، وتبعته الوزيرة غادة شريم بشكل أعنف وقالت انّ الناس اليوم تنتظر منّا موقفاً واضحاً ومفصلياً، مُبدية موقفاً حاداً تجاهه.

وكرّت السبحة، فاعتبرت وزيرة العدل زينة عدرا الّا سلطة فوق سلطة مجلس الوزراء في اتخاذ القرارات وتحديد السياسة المالية، فيما دعا الوزير عماد حب الله الى محاسبة الحاكم وطالب بأن تكون الحاكمية تحت سلطة المحاسبة.

ولوحظ انّ الوزير حمد حسن كان اقل هجوماً ولم يُسمّ الحاكم، لكنه طالب باتخاذ قرار جريء ومسؤول يريح البلاد من تطور كارثي لا تحمد عقباه.

وتحدث وزير الاتصالات عن انعكاس ازمة الدولار على قطاع الخلوي، مؤكدا انّ هناك ازمة دفع للشركتين بالعملة الاجنبية. فيما نبّه وزير الاقتصاد من المسؤولية التي لا تقع فقط على الحاكم، فالاقتصاد القوي يحتاج الى قضاء وسياسة مالية وعلينا اعادة النظر بالاثنين خصوصاً اننا نحتاج الى حل المشكلة قبل الذهاب الى المجتمع الدولي. دوره، حذر وزير الداخلية محمد فهمي من خطورة الامر، وقال انّ القوى الامنية تتحمّل اكثر من طاقتها لضبط الوضع وعلى عاتقها مهام كثيرة.

وامّا وزير المال غازي وزنة فرأى انّ المسؤولية لا يتحملها فقط الحاكم وحده، وليس هو المسؤول الوحيد عن تدهور وضع الليرة فهناك مسؤولية تقع على عاتق القوى السياسية، ويجب الاسراع بالتعيينات حتى لا يحمل شخص فقط المسؤولية كاملة، وعلينا تحصين المركزي والقيام بالتدقيق المالي، واضعاً مجلس الوزراء بنتيجة تفاوضه مع شركات التدقيق الثلاث والتي ستبدأ عملية الـ audit. دوره، دعا الوزير عباس مرتضى الى درس تداعيات اي قرار يتخذ على مستوى الحاكمية قبل الذهاب اليه.

فسأل دياب مباشرة الوزراء: من منكم مع اتخاذ اجراء ضد حاكم مصرف لبنان؟ فأجاب مرتضى: نحن نجهل تداعيات اي قرار وعلينا التشاور لأنّ الامر يتعلق بمصير بلد.

وانقسم الوزراء بين مَن هم مع، ومَن لم يعط جواباً. فقال دياب: بأي حال الموضوع سياسي والقرار سياسي، وسأتصل مع الجهات السياسية لبحثه ومناقشته قبل اتخاذ اي قرار، وسنناقش الامر لاحقاً. وانتهى النقاش على هذا الحد.

 

صيارفة لبنان توقفوا عن العمل احتجاجاً على «فوضى» سعر الدولار

الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

توقف صيارفة لبنان أمس، عن العمل تلبيةً لدعوة نقابة الصرافين إثر ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستوى غير مسبوق أول من أمس، فيما تعرّض أحد الصرافين في منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، لطعنة سكين في إشكال بين عدد من أصحاب محال الصيرفة. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتعرض الصراف لطعنة سكين في خاصرته خلال إشكال بين الصرافين سُمع خلاله إطلاق نار، ما أدى إلى انتشار عناصر الجيش. وبعدما وصل سعر صرف الدولار إلى حدود 4 آلاف ليرة، توقّف الصرافون أمس عن صرف العملة الخضراء التزاماً منهم بدعوة النقابة للانسحاب من التعامل بمثابة توقّف احتجاجي عن العمل لغاية يوم الاثنين المقبل. ومع تأكيدها أنه لا دور للصرّافين القانونيين الذين يؤدّون دور الوسيط أمام هذا الفلتان الجنوني لسعر الدولار، لفتت النقابة إلى إشاعات ومنصّات إلكترونية خاطئة في كثير من الأوقات وتحليلات اقتصادية متهوّرة أدت إلى إثارة الذعر وسط مناخ عام اقتصادي وصحّي سلبي، ما دفع المواطنين والتجّار إلى التهافت. وأشارت إلى «أن الصرّافين النظاميين يجدون أنفسهم رهينة بين كمّاشة ضغط العرض والطلب وبين مضاربة منتحلي مهنة صراف، بحيث إنه لا فرق في ذلك بين الصرّاف النظامي وبين سائر المواطنين الذين هم (ضحية) الارتفاع في سعر الصرف».

وأملت النقابة في بيانها أيضاً «من السلطات السياسية والرقابية والقضائية والأمنية المختصّة التدخّل لقمع الحالة الشاذة المتمثّلة بمنتحلي صفة صرّاف وسائر العوامل السلبية المؤدّية إلى تدهور سعر الصرف».

 

بالوثائق: من "متطلبات الانقلاب"... تدابير لمكافحة الفساد

نداء الوطن/25 نيسان/2020

حصلت "نداء الوطن" على تدابير مقترحة على طاولة الحكومة لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، وتضعها مصادر مطلعة ضمن سياق الانقلاب الذي تستعد له الحكومة تحت حجة مكافحة الفساد. وعُلم ان المدير العام لوزارة المال الان بيفاني والمستشار القانوني لرئيس الجمهورية سليم جريصاتي والنائب جميل السيد شاركوا في وضع هذه التدابير.

في اسفل التدابير المتخذة لمكافحة الفساد

تدابير آنيّة وفوريّة لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة

لمّا كانت مــسألة وجود هدر ونــهب للــمال الــعام باتت حقيـقة غــير مــنازَع فيــها بإجــماع الــصرخات الشعبية والتصريحات السياسيّة على حدّ سواء، وإذا كان صحيحًا أن هذه الـصرخات والتـصريحات لا يمـكن أن تـصلح بـحدّ ذاتـها لإدانة شخصٍ أو جهةٍ بالمفهوم القانوني، فالصحيح أيضًا أن ذلك الإجماع من شأنه أن يلقي شُبهةً جديّة حول مدى قانونيّة تنفيذ العقود والإلتزامات اJراة من قبل الدولة اللبنانيّة وسائر إداراتها ومؤسساتها العامّة من حيث إمكانيّة حصول تعديات على المال العام هدرًا و/أو نهبًا؛ و لمّا كانت هذه الـشبهة التي باتت قائـمة حول إمكانـيّة انـطواء العـقود و الإلتـزمات وسائر النفـقات العـامّة عـلى هدر و/أو نـهب للـمال الـعام تلـقي عـلى عاتق الحكـومة وسائر الإدارات المعنـيّة موجب الــزيادة في الحرص والتــشدّد في الــتدقيق بعنــاية استثنائية ودرجة قيــاسيّة من المــسؤوليّة وبالــتالي الخروج عن طرق التعـامل التقليـديّة واعتــماد مقـاربات أكثر فعالـيّة تنـسجم وخـطورة النـتائج التي وصلت إليها ماليّة الدولة؛ ولمّا كان وجود مسودّات ومشاريع واقتراحات قوانين مطروحة أمام اJلس النيابي، لا ينفي واجب الحكومة في اتّخاذ تدابير آنيّة ترمي الى استعادة ما يمكن استعادته من المال العام المنهوب استنادًا الى الــقوانين المرعــيّة الإ جراء والإتفاقــيّات الدولــيّة التي صادق عليــها لبــنان وباتت جزءًا من منــظومته التشريعيّة؛

لذا، فإن الحكـومة اللبنانـيّة، انطلاقًا من واجبـها الوطني في المحافـظة عـلى المال الـعام واستعادة ما نُـهب أو هُدر منه، وفي المرحلة الحاليّة، تتّخذ القرارات الآتية:

التدبير الأوّل: التحقيق الضريبي الداخلي

الطـلب الى وزارة المالـيّة تكلـيف الجـهات المختـصة في وزارته، تحت الإشراف المبـاشر للـمدير الـعام وعــلى مــسؤوليّته، بإجراء تحقــيق ضريبي يــطال جمــيع المتعــهدين والمــلتزمين الذين أجروا مع الــدولة اللبنانيّة أو المؤسسات العامّة أو البلديّات عقودًا أو التزامات وفقًا للأسس التالية :

١ – تُبـاشَر المرحـلة الأولى من التحقـيق بـصورة فـوريّة ويـتم الـبدء من أعـلى العـقود قيـمةً والـتدرّج نزولاً الى جميع العقود التي تضمّنت إنفاقًا من المال العام في السنوات الخمس الأخيرة .

٢ – تـقوم جمـيع المؤسـسات العـامّة والبـلديّات بـصورة فـوريّة بـإيداع وزارة المالـيّة تفـاصيل العـقود والتلزيمات التي قامت بإجرائها وسائر الفواتير والمستندات المتعلّقة بها.

٣ – يـشمل التحقـيق تكلـيف الأشخاص الـطبيعيين أو المعـنويين المتعـاقدين بإبراز كـشف للحـساب المـصرفي الذي أودع فـيه و/أو انتـقل إلـيه أي مبـلغ تمّ قبـضه من المال الـعام، ومن ثمّ تجري مطابـقة القيود المحاسبيّة التي يبرزها هؤلاء الأشخاص على القيود المصرفيّة العائدة للحساب المذكور.

٤ – تُبنَى نتيجة التحقيق على الإقتناع الجازم واليقيني بصحّة الحسابات وقانونيّتها بعد مطابقتها مع القيود المصرفيّة ويُعتَبَر الشخص المعني مشغول الذمّة في الحالة المعاكسة.

٥– تنتـهي المرحـلة الأولى المذكورة في مهـلة ستة أشهر عـلى الأكثر يـقوم وزير المالـيّة خلالـها بـرفع تـقارير شهريّة الى مجـلس الوزراء تبينّ نـتائج التحقـيق مع احترام مـبدأ الـسرية الـضريبيّة ، كـما يـقوم بإحالة الملفات يتمّ اكتشافها الى القضاء المختص تباعاً.

٦ – تُتابع المراحل اللاحقة من التحقيق وفقًا للإجراءات عينها بالنسبة لخمس سنوات سابقة رجوعًا حتى تـاريخ انتـهاء الحرب الأهلـيّة البغيـضة عـلى أن يـتمّ إنجاز كل مرحـلة في مهـلة ستة أشهر عـلى لأكثر.

التدبير الثاني: التحقيق الضريبي الخارجي

الطــلب الى وزارة المالــيّة تكلــيف المدير الــعام لديها بالمبــاشرة الفــوريّة باتّــخاذ الإ جراءات التقنــيّة واللوجستيّة اللازمة لتبادل المعلومات الضريبيّة استنادًا الى اتفاقية "التعاون التقني في المجال الضريبي (MAC (و اتفاقيّة "السلطات اLتصّة" (MCAA (المصادق عليهما بموجب القانون رقم ٥٥/٢٠١٦

و ذلك تـوصّلاً للحـصول التلـقائي عـلى المعلـومات اللازمة عن جمـيع الحـسابات المـصرفيّة المفتـوحة في لخارج لمصلحة الأشخاص الطبيعيين و المعنويين المتّخذين محل إقامة ضريبيّة في لبنان.

 

“اللعب على المكشوف”… معالم “الإنقلاب” اكتملت!

نداء الوطن/25 نيسان/2020

شارباً “حليب سباع”، أطل رئيس الحكومة حسان دياب من خلف منبر قصر بعبدا ليطلق صلية من الرشقات النارية بمختلف الأعيرة الثقيلة، التي تراوحت بين التحذير والتهديد والوعيد وصولاً إلى استخدام عبارات صاروخية تؤكد العزم على “القمع والضرب بحزم”… بهذه الصيغة الحازمة “استأسد” دياب و”كشّر عن أنياب” مستعارة من مكلّفيه، ليوجه الرسائل إلى كل من يقف حجر عثرة في مواجهة الإطباق على السلطة بكافة مفاصلها، الرئاسية والحكومية والنيابية والاقتصادية والمالية والنقدية. ولأنّ صورة إطلالة رئيس الحكومة تعكس في شكلها ومضمونها أبعاداً تشي بأنّ معالم “الانقلاب” اكتملت، دخلت البلاد في مرحلة “اللعب على المكشوف” بين الجبهات السياسية ليشكّل باكورة “أوراقها” حاكم المصرف المركزي رياض سلامة… وما حسان دياب سوى رئيس حكومة يخشى أن يذهب في أي لحظة “فرق عملة” بين السعر الرسمي والسعر الحقيقي في سوق الصرف.

فعلى الطريق نحو استيلاد “النظام الشمولي” الذي كان رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط سبّاقاً في التحذير من حياكته في أروقة السلطة، خطا دياب خطواته “العسكرية” أمس من “اليرزة” إلى “بعبدا” تحضيراً لإلقاء “البيان رقم واحد” باسم المنظومة الحاكمة، على إيقاع نشيد “ألله ياخد بإيدك” الذي نظمه وأنشده “حزب الله” له، فبدا في حزمه كمن يسدّد ديناً في رقبته لمن نصّبوه على كرسيّ السراي، فصال وجال وكال الاتهامات إلى حاكم المصرف المركزي ووضعه في قفص الاتهام بالضلوع في مؤامرة انقلابية على الحكومة، تحت راية انهيار الليرة وارتفاع الدولار، مدغدغاً بذلك أوجاع الناس الملتاعة من السياسات النقدية والمصرفية للحاكم، ومتغاضياً في المقابل عن حقيقة كونه ليس أكثر من واجهة “أكاديمية” للمنظومة السياسية نفسها، التي نهبت الخزينة العامة “على عينك يا حاكم” وأوصلت البلد إلى الحضيض في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، إن تحت وطأة ذهنية الفساد والإفساد والاستزلام في وظائف الدولة وهدر مليارات الدولارات على “كهرباء مقطوعة”، أو من خلال إدخال اللبنانيين في قطيعة عربية ودولية خدمةً للمحور الذي رعاه تكليفاً وتأليفاً.

ورداً على خطاب “فليسمعوني جيداً…”، سرعان ما أتى الرد عنيفاً على لسان الرئيس سعد الحريري بحيث صبّ فيه جام غضبه وصوّب سهامه باتجاه “جنرال بعبدا”، بعدما تلمّس في “وجبة الإفطار الأولى التي تناولها اللبنانيون على مائدة الحكومة في قصر بعبدا” كلاماً صريحاً و”خطيراً”، مفاده الإعلان عن “الإنقلاب بلغة عسكرية” والشروع في “مرحلة انتقام يكلفون رئاسة الحكومة تولي الهجوم فيها”، برتبة “جنرال يتقمص دور رئيس للحكومة”. أما المعركة الحقيقية، فحرص الحريري على أن يصوب بوصلة نيرانها باتجاه “العهد القوي” الذي وجد في دياب “شحمة على فطيرته”، مؤكداً أنه سيكون “بالمرصاد” لهذا العهد الذي اختار سلوك درب عهد إميل لحود في “استحضار أدوات العام 1998 لإدارة حلقات الكيد والثأر السياسي”.

وإذ من المرتقب أن يكون لحاكم المصرف المركزي “كلام قريب” يفضح فيه بعضاً من ارتكابات التركيبة الحاكمة التي أوصلت البلد إلى الانهيار، حسبما علمت “نداء الوطن” من مصادر مواكبة للحملة السياسية التي يتعرض لها سلامة، أكدت المصادر أنّ سلامة “اتخذ قراره بالرد على دياب فور سماع كلامه” أمس، وأردفت طارحةً جملة أسئلة: “هل من المعقول أن يصدر هكذا كلام عن رئيس حكومة، بحيث يلجأ إلى الشعب بدل أن يثبت قدرته على معالجة الأزمات؟ وهل يدرك رئيس الحكومة أنّ حملته ستسبب انهياراً إضافياً في سعر الليرة في السوق؟ وهل يكتفي بالشكوى أمام المواطنين ويتهرب من دور حكومته في لجم ارتفاع سعر الصرف وتسوية الوضع النقدي؟ ثم ما هي إنجازات هذه الحكومة فعلياً سوى الهيركات على ودائع المواطنين وقرار صرف 650 مليون دولار على سد بسري، وتهريب عميل إسرائيلي من السجن وعرقلة التعيينات القضائية وفرملة التعيينات المالية بانتظار الاتفاق على الحصص؟”.

وليلاً، دخل “الحزب التقدمي الاشتراكي” على خط الرد على دياب وحكومته “التابعة”، لافتاً إلى أنّ تصريحه أتى “ليتنصل من الفشل وغياب الرؤية والتخبط والتردد وعمى البصيرة بفعل الكيدية التي تتحكم بمسار العمل الحكومي”، وأضاف في سياق تهكمي على توعد دياب بالضرب بحزم: “حزمك قاصر على ما يبدو عن طرق أبواب محميات فساد المتحكمين بالسلطة (…) ونحن نؤكد للحكومة الملحقة بالغرفة السوداء، ولرئيسها الذي أعلن اليوم محاولة انقلاب موصوف بالتهديد والتهويل، أنّ مصيره لن يكون سوى الفشل”.

أما على ضفة رئيس مجلس النواب نبيه بري الممتنع حتى الساعة عن السير في ركب الانقلاب الجاري تنفيذ أجندته في أروقة بعبدا، فقد أوضحت مصادر وزارية قريبة من عين التينة لـ”نداء الوطن” أنّ الرئيس بري يتحفظ على طرح “الإقالة العشوائية لحاكم مصرف لبنان، خاصة في هذه الظروف التي تخلو فيها سدة حاكمية المصرف المركزي من 4 نواب للحاكم، ما سيؤدي بالتالي إلى تعطيل المصرف ذي الصلاحيات الكبرى بموجب القانون وأيضاً إلى غياب لجنة الرقابة على المصارف، مع إنتهاء ولايتها وتعطيل دور المؤسسات المصرفية في البلد”.

وفي حين أعادت التحذير من أنّ “طرح تغيير الحاكم من دون تحضير الأرضية اللازمة ومن دون إعداد رؤية مناسبة للمرحلة اللاحقة ستزيد الأمور سوءاً”، ذكّرت المصادر القريبة من عين التينة بأنّ “لبنان الذي عليه إنجاز ورقة إصلاح مالية واقتصادية تتضمن إعادة هيكلة القطاع المصرفي الخاص ومصرف لبنان، يجب أن يركز جهوده على كل هذه العوامل بشكل يتضمن رؤية تفصيلية لمعالجة الأمور وليس طروحات هي كناية عن مزايدات شعبوية وعشوائية”.

 

دياب يمهد لإقالة حاكم مصرف لبنان ويتجاهل دور حزب الله في الأزمة

وكالات/25 نيسان/2020

كشف رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب عمق الأزمة التي يعاني منها لبنان وحاول إلقاء جانب من المسؤولية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. تجاهل دياب كليا الدور الذي لعبه حزب الله على صعيد عزل لبنان عن محيطه العربي أو على صعيد التسبب بعقوبات أميركية على المصارف اللبنانية.

وبدا كلام رئيس الحكومة بمثابة تمهيد لإقالة رياض سلامة والمحيط ببديل يرضي حزب الله وحليفه المسيحي التيار الوطني الحر. وفي كلمة له بعد جلسة مجلس الوزراء الجمعة، أشار دياب إلى أن البعض يحاسب الحكومة وكأنها في الحكم منذ أشهر بينما لم يمض على تسلمها السلطة سوى أيام حيث قال “هناك من يحاسبنا وكأننا في السلطة منذ 73 شهرا وليس 73 يومًا ومع ذلك نقبل المحاسبة الموضوعية”. ولفت إلى “أننا تسلمنا الحكومة مع ما يكفي من الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وبظل دعم الثقة الداخلية والخارجية وانضم وباء كورونا إلى التحديات في ظل إمكانيات شبه معدومة وغياب بنية صحية في الدولة”.

وأوضح أن “البعض خرج ليقول إن وباء كورونا أنقذ الحكومة التي لم يكن قد مضى على نيلها الثقة عشرة أيام، بينما مواجهة الوباء استنفدت منا الكثير من الوقت والجهد”. وأكد أن الوباء أربك الحكومة وتبدلت أجندة العمل لأن حياة الناس أولوية، لكن هذا “لم يمنعنا من مواجهة وباء الواقع المالي وتعاملنا مع الثقب المالي الأسود في لبنان ولا نزال نعمل على مواجهته”. وقال دياب “تعاملنا مع الثقب المالي الأسود في لبنان ولا نزال نتعامل معه وبالتزامن هناك من يصر على تعميق الأزمة وسعر الصرف يرتفع بشكل مريب”، معتبرا أن “غموضا مريبا يلف إدارة حاكم مصرف لبنان إزاء ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية”.

ولفت رئيس الحكومة إلى أن “المصرف المركزي عاجز أو معطل بقرار أو محرض على هذا التدهور المريب”، مؤكدا أنه “لم يعد ممكنا الاستمرار في سياسة المعالجة بالكواليس ويجب تغير نمط التعامل مع الناس ولا يجوز أن تكون هناك معلومات مكتومة عليهم وليخرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ويعلن للبنانيين الحقائق بصراحة وما هو سقف ارتفاع الدولار وما هو أفق المعالجة”. وشدد على أن “اللبنانيين يعانون الكثير، وهل ما زال بإمكان سلامة الاستمرار في تطمينهم على سعر الليرة ثم فجأة تبخرت هذه التطمينات”.

وهناك فجوة في الأداء والوضوح والصراحة وفجوة في الحسبات والسياسات النقدية والمعطيات تكشف أن الخسائر في المصرف تتسارع وتيرتها وارتفعت إلى 7 مليارات دولار منذ بداية العام الحالي حتى أبريل الجاري.

وقالت مصادر سياسية لبنانية إن تسريب خبر إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عشية الجلسة الحكومية في بعبدا، لا يمكن فصله عن الجو الذي ساد في الجلسة التشريعية، تجاه سلامة من باب تحميله مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار انطلاقًا من التعاميم التي أصدرها.

وبدا ذلك جليا في مداخلة رئيس أكبر كتلة مسيحية النائب جبران باسيل الذي ركّز تصويبه في الجلسة باتجاه سلامة، محمّلًا إياه مسؤولية جنون الدولار. ولم يقتصر الهجوم على سلامة من قبل باسيل، بل اتهمه دياب في وقت سابق بالأحادية في إصدار التعاميم، وعدم التنسيق مع السلطة التنفيذية في ما يُصدر.

ولوّح في الكثير من المرات بمعاقبته من خلال قرارات متشددة ستتخذها الحكومة في جلسة الجمعة. وكذلك فعل النائب جميل السيد في مؤتمره الذي بدأه واختتمه بسلامة وتعاميمه.

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

الحرس الثوري الإيراني: واشنطن خططت لقصف منزل خامنئي

المدن/25 نيسان/2020

دعا الرئيس حسن روحاني القوات المسلحة الإيرانية إلى السعي لتحقيق الاستقرار الإقليمي مع الحفاظ على اليقظة في مواجهة "الاستفزازات".

 ونقل التلفزيون الحكومي عن روحاني قوله لوزير الدفاع أمير حاتمي عبر الهاتف "يجب أن نتبع بعناية استراتيجيات تضمن الاستقرار المستدام للمنطقة مع الحفاظ على التأهب والوجود القوي في المنطقة". وفي إتصال هاتفي مع قائد الحرس الثوري حسين سلامي، أشار روحاني "إلى الأعمال الاستفزازية من قبل الأجانب في المنطقة والحاجة إلى الحفاظ على اليقظة في مواجهة هذه التحركات". من جهته، اعتبر قائد الذراع الجوية للحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زادة، أن إيران اليوم "قوة كبرى"، ورأى أنه "ليس بإمكان أميركا وحتى أكبر منها أن ترتكب أي حماقة" ضد إيران، على حد تعبيره.

وقال حاجي زادة في حوار مع التلفزيون الإيراني، إن "تصريحات المسؤولين الأميركيين ضد إيران للإستهلاك الداخلي"، مضيفاً "نعد الشعب الإيراني بأننا سنتقدم بالتكنولوجيا الفضائية ونصبح أقوى يوماً بعد يوم بحيث تكتسب البلاد الحصانة ولا يكون بإمكان أي أحد تهديدها". وأشار زاده إلى مقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني إثر غارة أميركية في كانون الثاني/يناير، وقال إن "الأميركيين اغتالوا سليماني ليقولوا إنهم استهدفوا رمز المقاومة لترهيب قادة المقاومة الآخرين". وأضاف: "لقد تصوروا أن إيران لن ترد، ولكن حينما رأوا شعار الشعب الإيراني الداعي للإنتقام قالوا إنه لو ردت إيران سنقصف 52 نقطة في إيران والنقطة الثقافية التي قالوا عنها هي منزل قائد الثورة (المرشد علي خامنئي)، لكنهم رأوا قصفنا لقاعدة عين الأسد، وفي صباح اليوم ذاته كان هناك لقاء مع قائد الثورة تم بثه بصورة حية لأول مرة من حسينية الإمام الخميني". وتابع: "لقد أرادوا إذلال إيران ولكن العكس حصل، ونحن نفخر بأن نعلن أننا اليوم قوة كبرى، ونعد الشعب الإيراني بثقة بأننا سنتقدم في مجال التكنولوجيا الفضائية إلى الأمام بقوة". وكشف حاجي زادة أن إيران "خططت لاستهداف 400 نقطة تابعة للأميركيين في حال ردت الولايات المتحدة على قصف قاعدة عين الأسد"، وقال إن أميركا "هيبة ظاهرية لكننا نعرف حقيقتها ولا يمكنها أن ترتكب أي حماقة"، حسب تعبيره.

من جهة ثانية، رفض المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس موسوي، مواقف فرنسا وبريطانيا تجاه اطلاق القمر الصناعي الإيراني، معتبراً أن هذه المواقف ناجمة عن معاييرهما المزدوجة والرضوخ للغطرسة الاميركية. وقال موسوي أن "استخدام التكنولوجيا الفضائية لاهداف سلمية هو جزء من البرنامج الدفاعي وكذلك التطور العلمي للجمهورية الاسلامية الإيرانية وان ايَا من المعاهدات الدولية لا تمنع إيران من امتلاك هذه التكنولوجيا وتطويرها، والتي تم التوصل اليها بجهود الخبراء والنخب الإيرانية". ورفض المتحدث باسم الخارجية الايرانية بقوة تفسير فرنسا وبريطانيا  الاحادي لقرار مجلس الأمن رقم 2231، مؤكدا ان برنامج إيران النووي وفقاً لفتوى قائد خامنئي وتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلمي تماما، ومن هنا فان برنامج الفضاء الإيراني، الذي له أهداف دفاعية، غير مصمم لأغراض أخرى غير ذلك. وأضاف، انه في الوقت الذي تنتهك فيه الولايات المتحدة عبر خروجها من الاتفاق النووي وفرضها الحظر اللامشروع على ايران، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 كل يوم وكل لحظة، فان عدم تصدي الدول الأوروبية لأميركا والإمتناع عن إدانتها يدعو للإستغراب ويكشف عن تعاطيها المزدوج والرضوخ للغطرسة الاميركية على الصعيد العالمي.

وكانت بريطانيا اعتبرت أن إطلاق إيران قمراً صناعياً هذا الأسبوع يثير قلقاً شديداً ويخالف قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

 

تعديلات على حكومة الكاظمي تمهّد لتسوية مع الكتل السياسية العراقية/فرص تمرير الكابينة في البرلمان «جيدة جداً»

بغداد/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

حتى القائمة التي بدت صحيحة والتي تضم الوزراء الذين اختارهم رئيس الحكومة العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، خضعت لتعديلات مهّدت لتسوية سياسية مع الكتل السياسية بعد سلسلة من الخلافات والاعتراضات. الكاظمي الذي بدا أنه لم يأخذ رأي كل الكتل السياسية في من اختارهم كوزراء كان جاهزاً لإجراء مفاوضات بشأنهم سواء على مستوى المكونات أو القوى والأحزاب التي ترى أن لها استحقاقات برلمانية تترتب عليها حصص وزارية. الحرية التي يقال دائماً إن المكلفين لتشكيل الحكومات العراقية يتمتعون بها من بعض الكتل لا سيما الكبيرة منها سرعان ما يتبدد سرابها أو يجري تقييدها تحت ذرائع شتى أسهلها فتح الأدراج التي تحوي ملفات نائمة على كل المرشحين حتى أولئك الذين لم يكن لهم دور كبير في العمل السياسي بعد عام 2003. في غضون اليومين الماضيين وما إن تم تداول أسماء الكابينة بدأت عملية فتح الملفات لمن لا يراد استيزارهم. النبش في الملفات شمل المرشح للخارجية الباحث الأكاديمي حارث حسن الذي قيل إنه كان متهماً بملف فساد في أثناء عمله في وقت سابق بمفوضية الانتخابات وهو ما تم نفيه لكنه لم يشفع له. فبينما قيل إنه اعتذر فقد تم سحب ترشيحه وطُرح اسم عبد الكريم هاشم أحد وكلاء الوزارة بدلاً منه. لكن حسن أعلن على صفحته في «فيسبوك» أنه لم يعتذر، لكنه طلب مهلة للتفكير واستشارة العائلة والأصدقاء بيد أن في التعديل الأخير على الكابينة كان هاشم هو البديل له.

الوزيرة المرشحة للهجرة والمهجرين، وهي من المكون المسيحي، أُثيرت عليها شبهات كونها اشتركت في وقت سابق ببرنامج قيادي في السفارة الأميركية طبقاً لما ثبّتته في بيان السيرة الخاص بها، فضلاً عن وجود خلافات بين كتلتين مسيحيتين كل كتلة تريد أن يكون المرشح منها علماً بأن للمكون المسيحي وزارة واحدة مثلما للمكون التركماني بينما يتقاسم الشيعة والسنة والكرد باقي الحصص من الوزارات (الشيعة 12 وزارة، والسنة 6 وزارات، والكرد 3). إلى ذلك، أكد مصدر سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «القائمة الأخيرة التي ظهرت في وسائل الإعلام هي القائمة التي اختارها الكاظمي بلا شك والتي عرضها على الكتل السياسية مع مناورة بدت ذكية منه تمثلت في إبقاء بعض الوزارات منها الداخلية والدفاع بلا مرشحين حتى يمكن التفاوض عليها بمعزل عن الأسماء التي اقترحها وهي الأخرى قابلة للتفاوض، كما أنه عزل الحقائب الكردية عن باقي القائمة»، مبيناً أن «الكاظمي نجح مع الكرد حتى الآن بحيث إن كل ما يصدر من إشارات عنهم إيجابية حياله كما أنه تمكن من نزع فتيل التوتر مع السُّنة وبالذات تحالف القوى العراقية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بشأن الحقائب والمرشحين بحيث عادت المياه إلى مجاريها تقريباً».

وأوضح المصدر السياسي أن «تفاهمات الكاظمي مع القوى الشيعية لم تصل إلى طريق مسدود لكن شابتها اعتراضات سواء حول البرنامج الحكومي أو الأسماء المقترحة أو مسائل أخرى تتعلق بالموقف من الكاظمي نفسه». إلى ذلك، نصح النائب في البرلمان العراقي عن كتلة «إرادة» حسين عرب رئيس الوزراء المكلف، بعرض كابينته في أسرع وقت على البرلمان لكي يضمن مرورها. عرب، وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال إن «التغييرات التي أجراها مصطفى الكاظمي على كابينته الوزارية خلال اليومين الماضيين بعد اطّلاع الكتل السياسية على الأسماء المقترحة منه تبدو أنها تُرضي أطرافاً من جهة وتزعج أطرافاً من جهة أخرى». وأضاف عرب: «مع ذلك فإن الكابينة سوف تمضي داخل البرلمان ما دامت بالمجمل تُرضي السنة والكرد وقسماً من الشيعة، وهذا أمر مناسب»، داعياً المكلّف إلى «الإسراع في طرحها على البرلمان من خلال طلب عقد جلسة سريعة لأن أي تأخير من شأنه أن يؤدي إلى حصول مشكلات وخلافات هنا وهناك». في السياق ذاته، يقول رئيس مركز «أكد» للدراسات والرؤى المستقبلية، الدكتور حسين علاوي، لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديلات التي أُجريت من الكاظمي كانت تعديلات تتوافق مع مسارين، الأول هو ما وضعه الكاظمي من محددات لشخصية الوزير ومهارته القيادية، والمسار الثاني هو مطالب القوى السياسية وتوافقها مع الأسماء التي طُرحت أو يمكن أن تُطرح». ويضيف علاوي أن «التحسين في القائمة لحكومة المكلف ضرورة وليس اختياراً من أجل تحقيق الإجماع السياسي وليس بالضرورة الاتفاق الكامل». وبيّن أن «الاجتماعات التي ستُجرى خلال الساعات والأيام المقبلة ستكون حاسمة باتجاه وضع القائمة الحكومية مع السيرة الذاتية لكل مرشح مع المنهاج الوزاري من أجل إرسالها إلى البرلمان لغرض التصويت». وأوضح أن «التواصل المباشر وقدرة المكلف على التكيف والحوار واستخدام التكتيك التفاوضي مع القوى السياسية يدل على أنه مدرك لمفاتيح العمل السياسي بعد أن أدركها وظيفياً عندما كان في قيادة جهاز المخابرات الوطني». وتابع علاوي أن «حكومة الكاظمي باتت تملك أوراق القبول بنسبة جيدة جداً أكثر من أوراق الرفض وهذا جاء نتيجة إدراك القيادة السياسية الشيعية لضرورة دعم المكلف وهو ما حصل في جلسة التكليف وكذلك إدراك القوى الكردية والعرب السُّنة لأهمية وجود حكومة في ظل تحديات الاقتصاد والأمن وفيروس (كورونا)».

 

انتقاد روسي للوجود الأميركي شرق الفرات... وتحذير أممي من كارثة في «الركبان»

مصادر في أنقرة تؤكد اتصالات لعقد قمة تركية ـ روسية ـ إيرانية حول سوريا

موسكو : رائد جبر - أنقرة: سعيد عبد الرازق/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

شنت موسكو حملة على القوات الأميركية شمال شرقي سوريا وسط انتقادات لوضع مخيم الركبان قاعدة التنف، في وقت أشارت مصادر في أنقرة إلى استمرار الاتصالات لعقد قمة روسية - تركية - إيرانية. وكشفت الخارجية الروسية عن تقارير تؤكد تفشي وباء كورونا «في شكل واسع» بين صفوف العسكريين الأميركيين في سوريا، واتهمت واشنطن «بتعمد التستر على حقيقة الموقف هناك». ولفتت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في إيجاز صحافي أسبوعي إلى «تقارير تفيد بانتشار عدوى فيروس كورونا في صفوف القوات الأميركية في سوريا بوتائر عالية تنمّ عن انفجار في حصيلة الإصابات، وهذه حقيقة يتم التكتم عليها». وزادت أن واشنطن تتعمد التستر على حقيقة الوضع وخصوصا في منطقتي شرق الفرات وجنوب سوريا اللتين «تتواجد فيهما قوات أميركية بشكل غير شرعي». وزادت أن «واشنطن تتحمل كامل المسؤولية عن سلامة المدنيين وتلبية احتياجاتهم الإنسانية على الأراضي الخاضعة لسيطرتها في شرق الفرات وفي جنوب البلاد بمنطقة التنف حيث مخيم الركبان للنازحين». تزامن ذلك، مع إعلان وزارة الدفاع الروسية أن الجيش السوري يعمل على إقامة مراكز ميدانية للمرضى الذين يشتبه في إصابتهم بالفيروس، فضلا عن نشر خبراء الفيروسات السوريين الذين يعملون في نقاط التفتيش على الطرق الرئيسية في البلاد، بهدف تحديد المشتبه بإصابتهم بالمرض. في الأثناء، نقلت وسائل إعلام حكومية روسية أن ديفيد سوانسون المسؤول في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أعرب عن قلق المنظمة البالغ إزاء الوضع في مخيم «الركبان» للاجئين في سوريا، بسبب نقص الغذاء والمساعدة الطبية. وأضاف المسؤول الأممي: «لا تزال الأمم المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء الوضع الإنساني في مخيم الركبان. تعيش العائلات في الخيام وتتعرض لظروف جوية قاسية. الوقود محدود وغالبا ما تلجأ العائلات إلى حرق المواد غير الآمنة مثل القمامة للحصول للتدفئة وهناك نقص حاد في الغذاء، والخدمات الطبية غير كافية». وأشار إلى أن نزلاء المخيم، لا يزالون يحصلون على إمدادات المياه المقدمة بمساعدة الأمم المتحدة.

وأضاف سوانسون، أنه لم يعد من الممكن الوصول إلى العيادة الطبية التي تدعمها الأمم المتحدة على الجانب الأردني من الحدود، بعد إغلاق الحدود في مارس (آذار) بسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية لمكافحة فيروس كورونا المستجد وأكد أنه حتى الآن لم تسجل إصابات جديدة بكورونا في المخيم.

وقال: «طالما بقي مدنيون في المخيم، ستواصل الأمم المتحدة الدعوة لتقديم المساعدة الإنسانية المنتظمة لهم، وتقديم الضمانات الأمنية اللازمة للعاملين في المجال الإنساني هناك». في وقت سابق، قدمت وزارة الخارجية السورية طلبا رسميا إلى الأمم المتحدة لإجراء تقييم للوضع الصحي في المخيم.

في أنقرة، قالت مصادر دبلوماسية إن تركيا ترغب في الحفاظ على قوة الدفع التي اكتسبها مسار أستانة من خلال الاجتماع عن بعد الذي عقد يوم الأربعاء الماضي بين وزراء خارجية الدول الثلاث الضامنة (روسيا وتركيا وإيران). وأكدت المصادر أن تركيا تؤيد كل جهد يبذل من أجل إعادة إحياء مسار أستانة من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية واستكمال عمل اللجنة الدستورية والتركيز على مسألة عودة اللاجئين. وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أشار في تصريحات في مطلع العام الجاري إلى أن مسار أستانة بات ميتا وأن تركيا ترغب في العمل مع كل من روسيا وإيران لإحيائه، مشيرة إلى أنه أجرى اتصالا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين عشية انعقاد اجتماع وزراء الخارجية، أعقبه اتصال مع نظيره الإيراني حسن روحاني عقب الاجتماع. وبالنسبة للقمة الثلاثية الافتراضية المشتركة التي أفادت الخارجية الروسية بأن هناك أعمالا جارية للتحضير لها، أكدت المصادر التركية أن الأطراف الثلاثة، تركيا وروسيا وإيران، متفقة على ضرورة مواصلة العمل في إطار أستانة وتسريع هذا المسار، وأن هناك اتصالات جارية بشأن الخطوات المقبلة التي يتعين اتخاذها بناء على نتائج اجتماع وزراء الخارجية. وأضافت المصادر أنه لا توجد خلافات بين أنقرة وموسكو وطهران تحول دون انعقاد القمة التي كان مقررا بالأساس عقدها في طهران في مارس (آذار) الماضي لكنها علقت بسبب تفشي فيروس كورونا، وأنه يجري النظر في تحديد موعد لعقدها عن بعد على غرار اجتماع وزراء الخارجية لبحث التطورات الميدانية لا سيما ما يتعلق بإدلب وشرق الفرات فضلا عن العملية السياسية والوضع الإنساني وعودة اللاجئين.

في سياق مواز، واصلت تركيا إرسال التعزيزات العسكرية إلى إدلب. ودخل رتل عسكري يتألف من عشرات الآليات، أمس (الجمعة)، عبر معبر كفرلوسين الحدودي واتجهت نحو المواقع والنقاط التركية في المنطقة. من ناحية أخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تركيا أفرجت عن الشيخ أحمد عنيزان، أحد أبرز شيوخ عشيرة «النعيم» في محافظة الرقة بعد مضي أقل من 24 ساعة على اعتقاله من قرية مشرفة الشيخ أحمد في ريف تل أبيض. وفي الوقت ذاته، أفاد المرصد باستمرار الانتهاكات من قبل الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا، بحق من تبقى من أهالي عفرين من الأكراد، حيث قامت عناصر من هذه الفصائل بمداهمة منازل المدنيين في عدد من مناطق عفرين واعتقلت العديد منهم دون توجيه تهم إليهم.

 

محكمة ألمانية تستمع إلى إفادة المحقق مع الضابطين السوريين

كوبلنز (ألمانيا): راغدة بهنام/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

في اليوم الثاني من محاكمة الضابط السوري المنشق أنور رسلان بتهم جرائم ضد الإنسانية، إلى جانب معاونته إياد الغريب المتهم بالتواطؤ في هذه الجرائم، عقدت المحكمة العليا في مدينة كوبلنز الألمانية أمس، جلسة سريعة استمعت فيها إلى شهادة رئيس التحقيق في الشرطة مانويل دوسينغ الذي تولى التحقيق مع المتهمين، ما مهّد لاعتقالهما وتوجيه التهم إليهما. ورسلان (57 عاماً) بصفته عقيداً سابقاً في جهاز أمن الدولة، وهو ملاحَق بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية. والغريب (43 عاماً)، متهم بالتواطؤ بتوقيف متظاهرين واقتيادهم إلى السجن نهاية 2011. وفرّ الشخصان إلى ألمانيا وطلبا اللجوء مثل مئات آلاف السوريين، منذ نحو 9 سنوات. وهما موقوفان منذ 12 فبراير (شباط) 2019. وشرح المحقق كيف بدأت التحقيقات التي أوصلته إلى رسلان، عندما تقدم لاجئ سوري بشكوى للشرطة عام 2017 كان طلب الحماية في ألمانيا، قائلاً إنه سُجن وتعرض للتعذيب في سوريا. ثم عاد وقدم بلاغاً للشرطة بأن رسلان كان مدير السجن، حيث جرى تعذيبه في ألمانيا. وأشار إلى تقاطع شكوى اللاجئ مع بلاغ آخر كان قد تقدم به رسلان للشرطة طل فيها الحماية لأنه يتعرض لمضايقات من مؤيدي النظام السوري، حسبما قال، كونه انشق عن النظام السوري. وكان رسلان قد انشق عام 2012 عن النظام، وانتقل إلى الأردن ومنه بعد عامين سافر إلى ألمانيا حيث حصل على اللجوء. وحسب المحقق، قدم المعلومات التي جمعها إلى المدعي العام الذي بدوره رفع شكوى عليه وتواصل مع المحامي والناشط أنور البني والمركز الأوروبي لحقوق الإنسان طالباً المساعدة في جمع أدلة وشهود. كذلك قدم المحقق ملف إياد الغريب الذي كان قد أدلى بشهادته لدى وصوله إلى ألمانيا طالباً اللجوء، واعترف بأنه عمل لدى المخابرات لبضعة أشهر وأنه كان يرى ما الذي يحصل داخل السجن الذي يرأسه رسلان من تعذيب معتقلين. وجمع المركز الأوروبي لحقوق الإنسان شهادات 24 ضحية من الذين كانوا معتقلين في السجن الذي كان يرأسه رسلان بين أبريل (نيسان) 2011 وسبتمبر (أيلول) 2012، ولكن لم يرفع أي من الشهود شكوى على الغريب الذي رفض التهم الموجهة إليه وعدّها باطلة لأنها أُخذت منه كشاهد. وستبدأ المحكمة يوم الثلاثاء المقبل الاستماع لشهادات الضحايا، علماً بأن جلسة يوم الاثنين التي كانت مقررة، تم إلغاؤها لعدم تمكن الشاهد الذي كان من المفترض أن يدلي بشهادته من الحضور لأسباب مرضية. وأبلغ محامي رسلان القاضي بأن الرد المكتوب لن يكون جاهزاً، الاثنين، ما دفع بالقاضي لإلغاء الجلسة. وقد لا يقدم محامي الدفاع رده الأسبوع المقبل كذلك. وكان ملاحظاً أن محامي الدفاع لم يستجوب المحقق دوسينغ بشكل كبير، ما أنهى الجلسة الثانية بشكل مبكر، ودفع بالبعض للتساؤل عن خطته الدفاعية. وسيمثل المحقق مرة جديدة أمام المحكمة في الجلسات التالية. وكانت المحاكمة «التاريخية» كما وصفها محامي الدفاع عن الضحايا باتريك كروركر، قد انطلقت يوم الخميس الماضي بتلاوة الادعاء التهم على المتهمين. وحضر الجلسة الأولى اثنان من الضحايا، إلا أنهما لم يدليا بأي شهادة أمام المحكمة بعد. وتعد هذه المحاكمة هي الأولى في العالم لمحاكمة مسؤول رفيع في النظام السوري عن جرائم ضد الإنسانية.

 

المالكي والصفدي يحذران من «قتل حل الدولتين»

عمان/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

حذر وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ونظيره الفلسطيني رياض المالكي، أمس، من أن قيام إسرائيل بضم أراض في الضفة الغربية سيقتل حل الدولتين ويقوض فرص السلام. وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية، نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، حض المالكي والصفدي المجتمع الدولي على «ضرورة التحرك للحؤول دون قيام إسرائيل بضم أراض فلسطينية محتلة». وحذرا خلال مباحثات أجرياها من أن «قيام إسرائيل بضم وادي الأردن والمستوطنات في فلسطين المحتلة سيقتل حل الدولتين وبالتالي سيقوض جميع فرص تحقيق السلام الذي يشكل خياراً استراتيجياً عربياً وضرورة دولية». وأكد الوزيران أن «أي خطوة إسرائيلية باتجاه ضم أراض محتلة هو أيضاً خرق واضح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية على المجتمع الدولي التصدي له حماية للمبادئ والقوانين الدولية، ومنعاً لتفاقم الصراع وتفجره». وطالبا المجتمع الدولي بـ«العمل من أجل إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة ومباشرة لتحقيق السلام العادل وفق المرجعيات المعتمدة».

وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف قد حذر إسرائيل الخميس من ضم أجزاء من الضفة الغربية، قائلا إن مثل هذه الخطوة ستقوض حل الدولتين المدعوم دوليا. وقال إن الضم الذي ينتهك القانون الدولي إن حدث «سيوجه أيضا ضربة مدمرة لحل الدولتين ويغلق الباب أمام استئناف المفاوضات ويهدد جهود دفع السلام الإقليمي».

 

كورونا» يطيح وزير الصحة الإسرائيلي/المسجد الأقصى خالٍ من المصلين في أول جمعة من رمضان

تل أبيب/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

بعد اتساع الانتقادات لأدائه واتهامه بإقامة جهاز صحي متأزم، اضطر وزير الصحة الإسرائيلي، يعقوب ليتسمان، إلى الاستقالة. ومع أنه كان يتمسك بهذا المنصب ورفض أي اقتراح بالتخلي عنه، حتى آخر لحظة خلال المفاوضات على تشكيل الحكومة الجديدة، فقد فاجأ بطلب لقاء رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وأبلغه بأنه سيقدم استقالته غداً الأحد. وقال مصدر قريب من نتنياهو إن ليتسمان طلب تعيينه وزيرا للإسكان في الحكومة القادمة، إلا أن مصادر في حزبه ذكرت أن مرجعيته الدينيّة في حزب اليهود المتدينين «يهدوت هتوراة» تنوي إعفاءه من تمثيلها في الحكومة واختيار وزير آخر مكانه.

وجاءت هذه الخطوة في أعقاب الانتقادات الشديدة التي تعرض لها ليتسمان، منذ اندلاع أزمة «كورونا»، والتي بدأت تظهر حتى داخل حزبه. فقد كان مستهتراً في الوباء في البداية، معرباً عن اعتقاده بأن «المسيح المنتظر» (همشياح) سيشفي الناس من «كورونا» قبل عيد الفصح العبري، وقام بخرق تعليمات وزارته واحتك بالناس وبالمسؤولين حتى أصيب هو نفسه بالفيروس. وخلال مواجهة الحكومة الإسرائيلية للفيروس انجلت صورة قاتمة لنواقص شديدة في الجهاز الصحي.

وكانت وزارة الصحة الإسرائيلية قد أعلنت، أمس الجمعة، أن عدد الوفيات بفيروس «كورونا» ارتفع إلى 193. وعدد المصابين إلى 14882 مصاباً، منهم 139 بحالة حرجة. ووفقاً للمعطيات، تم تسجيل 290 إصابة في الساعات الـ24 الأخيرة، في حين بلغ إجمالي عدد المتعافين 5685. وعدد الحالات النشطة التي تخضع للعلاج 9004 حالات. وأشارت وزارة الصحة الإسرائيلية إلى أن 107 من المصابين موصولون بأجهزة التنفس في المستشفيات. واعتبرت هذه النتائج إيجابية نسبياً، ولذلك قررت الحكومة، أمس، تخفيف الإغلاق ابتداء من مساء اليوم السبت، بالسماح بفتح المحلات التجارية في الشوارع، ومحلات غسيل السيارات، ومتاجر للوازم الأطفال، والمشاتل، وصالونات الشعر والتجميل وغيرها، بشرط الالتزام بالتعليمات الوزارة في التطهير والحفاظ على الابتعاد مترين وعدم الاحتكاك. وطولب أصحاب هذه المحال التجارية بالعمل بوضع حاجز بين البائع والزبون ومنع التجمهر عند مدخل المتجر وتعليق لافتة حول عدد الزبائن المسموح دخولهم في الوقت نفسه. وبموجب القرار، فإنه يسمح بوجود شخصين فقط للحلاق الواحد، وفي مصلحة تجارية تزيد مساحتها عن 75 متراً مربعاً يسمح بدخول 6 أشخاص بالحد الأقصى، و8 أشخاص في المتجر الذي تزيد مساحته على 100 متر مربع. ويتوقع أن يواجه صاحب متجر يخرق هذه التعليمات عقوبة بالسجن أو غرامة مالية. وصادقت الحكومة على عودة جميع عاملي أقسام الرفاه الاجتماعي إلى العمل، ابتداء من يوم غد الأحد. وصادقت الحكومة أيضاً على خطة لتوسيع المساعدات المالية لتعويض المستقلين والمصالح التجارية الصغيرة، لتشمل منحة مشاركة في النفقات الجارية، والتي يمكن أن يصل حجمها الإجمالي إلى 400000 شيكل للمصلحة التجارية الواحدة (110 آلاف دولار). وأعلن ديوان رئيس الوزراء، نتنياهو، أنه شارك، أمس، في مؤتمر الزعماء الذي استضافه المستشار النمساوي، سبستيان كورتس، والذي ضم قادة الدول الرائدة لتناول طرق مواجهة جائحة «كورونا». وقد ناقشوا خلاله التعاون الدولي في التعامل مع تفشي الوباء. وشارك فيه، إضافة إلى كورتس ونتنياهو، كل من رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، ورئيسة الوزراء في نيوزيلاندا، جاسيندا أرديرن، ورئيس الوزراء الدنماركي، ميتي فريدريكسون، ورئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس ورئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيش.

وكان استطلاع للرأي نشرته صحيفة «معريب» بيّن أن 60 في المائة من الإسرائيليين راضون عن أداء نتنياهو في معالجة أزمة «كورونا» من الناحية الصحية ولكن 60 في المائة غير راضين عنه في معالجة الجانب الاقتصادي للأزمة.

في غضون ذلك، أشارت وكالة «رويترز» إلى أن خطيب المسجد الأقصى في القدس ألقى خطبة الجمعة أمس في المسجد الذي خلا تقريباً من المصلين في أول جمعة من شهر رمضان، كما تردد صدى صوته في ساحة الحرم القدسي التي خلت أيضاً من المصلين. وفي مشاهد نادرة، ربما لم يشهدها الأقصى في تاريخه، جلس بضعة أشخاص من رجال الدين وهم يرتدون الكمامات ويحافظون على مسافات فيما بينهم امتثالاً للقيود المفروضة بسبب وباء «كورونا». ولفتت الوكالة إلى أنه في السنوات العادية خلال صلاة الجمعة، كان المصلون يحتشدون بعشرات الآلاف. لكن هذا العام سيشاهد الناس الصلاة في التلفزيون فحسب.

 

نتنياهو وغانتس يتقدمان في جهود تشكيل الحكومة رغم الإجراءات القضائية ضدهما

تل أبيب/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

على الرغم من الإجراءات القضائية العديدة والإشكالات الداخلية في تكتل اليمين، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس «كحول لفان»، بيني غانتس، المضي قدماً في شكل حثيث لتشكيل حكومة مشتركة بينهما، وهما يعملان بتعاون تام، وأقاما طاقماً مشتركاً لمواصلة الإجراءات القانونية، بغرض طرح الحكومة للمصادقة عليها في الكنيست (البرلمان)، كما لو أنه لا توجد إجراءات قضائية. وكان الكنيست قد أقر بالقراءة التمهيدية سلسلة من القوانين غير المسبوقة، أول من أمس، الخميس، تمنح الشرعية للاتفاق الموقع بين غانتس ونتنياهو لتشكيل الحكومة القادمة. ومع أن هذه القوانين مرت بدعم أكثرية 62 نائباً مقابل 37 معارضاً، فإن نتنياهو وغانتس اعتبراها أكثرية كبيرة، علماً بأن هناك 16 نائباً من تكتل اليمين ونواب «كحول لفان» المتحالفين لم يشاركوا في التصويت. وعزا المراقبون هذا التغيب إلى التذمر في صفوف اليمين من قلة المناصب الوزارية، وإلى عدم توفر الثقة بين الكتلتين.

والقوانين الستة التي صودق عليها، هي: قانون يمنع إقالة رئيس الوزراء إذا وُجهت له لائحة اتهام وجرى تقديمه للقضاء، وقانون يتيح للحكومة تعيين وزيرين في كل وزارة، يكون كل منهما مسؤولاً عن مجالات محددة، ويتيح أيضاً تعيين نائبين للوزير في كل وزارة، وقانون يختصر مدة الكنيست الثالثة والعشرين إلى ثلاث سنوات فقط، بدلاً من أربع سنوات، وذلك لتمكين كل من نتنياهو وغانتس من شغل المنصب لمدة عام ونصف العام لكل منهما، وقانون يتعلق بإقرار ميزانية الدولة، فالقانون ينص اليوم على أنه في حال عدم إقرار الميزانية فإن الكنيست سيحل في غضون ثلاثة أشهر، وقد تم تمديدها إلى ستة أشهر في القانون الجديد، وقانون إقالة الوزراء؛ حيث تنقسم الحكومة إلى قسمين: نصف الوزراء ينتمون إلى رئيس الوزراء، والنصف الآخر إلى رئيس الوزراء البديل، وكل واحد منهما يستطيع إقالة وزير من حزبه، ولا يجوز للآخر أن يقيل وزيراً من الحزب الآخر، وقانون ضمان التناوب، وهذا هو أحد القوانين الذي طرحه غانتس لكي يضمن ألا يخدعه نتنياهو ويرفض الاستقالة. وينص القانون على أن رئيس الوزراء البديل سيتولى منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية، في حال تقرر حل الكنيست. وقد أثار إقرار هذه الكمية من القوانين خلال يوم واحد، والتي تنطوي على إحداث تغييرات جوهرية في قانون أساس الحكومة، انتقادات واسعة، واعتُبرت بمثابة «انقلاب دستوري». وخرج ضدها المستشار القضائي الأسبق للحكومة، والذي شغل منصب نائب رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية حتى السنة الماضية، القاضي إليكيم روبنشطاين، فوصفها بأنها «أمر مرعب ينطوي على كثير من التغوُّل القانوني». وقال إنه لا يستبعد أن تتدخل المحكمة العليا في الأمر؛ لأنه «ينطوي على عملية دوس فظة على قوانين أساس دستورية، والتعامل معها وكأنها قوانين تسنها البلديات بخصوص مياه الصرف الصحي».

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

سلامة للقضاء "كلّن يعني كلّن"

عصام الجردي/المدن/26 نيسان/2020

"خِلصت".. لا تقوم قائمة للبلد إلّا برحيل المنظومة السياسية بأكملها. خارج ذلك لغطٌ ورياء والانتقال من مرحلة الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي والاجتماعي، إلى الفوضى والتشظي ومرحلة الخطر الكبير. درءًا للتضليل كل ما سيلي تحت هذا السقف.

كنا لنقول بعد دلاء رئيس الحكومة حسّان دياب عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عقِب جلسة مجلس الوزراء الجمعة، إمّا يُقال سلامة وإمّا تستقيل الحكومة. ولا مساحة للتعايش معًا. لكن الحقيقة التي ستتظهّر أكثر في الأيام المقبلة إن قرار تعيين البديل من سلامة ومعه نواب الحاكم الأربعة ورئيس لجنة الرقابة على المصارف والأعضاء بات أكثر صعوبة، وطريق الإنقاذ أكثر تعقيدًا.

ما أدلى به دياب خطر لا يقوله رئيس حكومة في أكثر البلدان تخلفًا ويعود إلى مكتبه لممارسة أعماله. "ثمة معضلة تتمثّل بغموض مريب في أداء حاكم مصرف لبنان إزاء تدهور سعر الليرة. يبدو دور مصرف لبنان إمّا عاجزًا أو معطّلًا بقرار، أو محرّضًا على التدهور الدراماتيكي في سعر صرف العملة الوطنية". إتّهم دياب سلامة أيضًا بكتم معلومات، وبفجوات كبرى في السياسة النقدية والستراتيجيات والصراحة والوضوح  والحسابات وغير ذلك. الاتهامات تتجاوز بكثير "الإخلال بواجبات الوظيفة" المنصوص عنها في المادة 19 من قانون والتسليف التي تتناول إقالة حاكم مصرف لبنان. وتصل إلى حدّ التآمر. ما تردد أن الحكومة أوكلت إلى شركات دولية لتدقيق الحسابات KPMG وثانية للتحقيق الجنائي Kroll وثالثة للإدارة المالية Oliver Wyman لن يؤدي إلى نتيجة طالما قضية مصرف لبنان والانهيار والمصارف مسقوفة بإرادات سياسية.

بندقية حلفائه

إذا كان رئيس الحكومة لا يدرك أبعاد ما يقوله فلدينا مشكلة حقيقية في الحكومة وفي مصرف لبنان. والبلد مكشوف على إعسار، ومتوقف عن الدفع وسعر الصرف بلا سقوف. هذا الكلام لا يصدر عن رئيس حكومة لرميه لدى الرأي العام، بينما لا يقوم هو بصلب مسؤوليات مجلس الوزراء لسد الشغور في حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف. أم "التركة" هي المسؤولة؟ واضح أن دياب لا يؤتي موقفًا كهذا بلا دعم رئيس الجمهورية ميشال عون و"حزب الله". أو حتى بطلب مباشر من الفريقين أو أحدهما. لكن تجاوز سلامة اليوبيل الفضي في مصرف لبنان كان نتيجة قبول رئيس الجمهورية إعادة تعيينه. والأخير يتحمّل المسؤولية مع دياب حيال التداعيات المحتملة لموقف الثاني. خصوصًا على صعيد سعر صرف الليرة والأسعار وموجة القلق في البلد. "حزب الله" المرتاح إلى وضع "الكاش الطازج" يخطىء إذ يعتقد أن أي حاكم لمصرف لبنان يمكنه تجاهل العقوبات الأميركية على الحزب. الأمر ليس واردًا لدى المصارف في حال من الأحوال حتى تلك المحسوبة على مجتمع الحزب.

لكن كيف يرضى سلامة الاستمرار في عمله وسط تلك الاتهامات الفادحة وكأن شيئًا لم يكن؟ قد يكون مردّ ذلك إلى أكثر من اعتبار.

أولًا: سواءٌ استقال سلامة أو أُقيل، فاتهامات بهذا الحجم من رئيس حكومة لن تمر من دون ملف قضائي. ويبدو أن سلامة لا يريد الوصول إلى هذه المرحلة ولا يملك شجاعة التحدي في هذا المجال.

ثانيًا: سلامة لا يملك على الأرجح قرار استقالته. لأن الملف الذي سيفتح بعد ذلك سيطال المصارف وعلاقاتها بسياسات مصرف لبنان والهندسات المالية والفوائد وتسليف الدولة. وربما وصل إلى ملفات داخلية في المصرف على علاقة بقروض وتبييض أموال وخلافها. كل ذلك سيبلغ حُكمًا شريحة واسعة من الزعماء السياسيين أساسًا، ووزراء بالتجزئة في الحكومات والمجالس النيابية وأصحاب نفوذ، ومؤسسات إعلامية وإعلاميين ومستشارين ورهط كبير في  قطاعات الدولة وقطاعات اجتماعية مختلفة. هذه الكتلة الواسعة تؤمن حماية لسلامة كي تحمي نفسها أيضًا.

ثالثًا: سلامة بصفته رئيسًا للهيئة المصرفية العليا لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى مسؤولياته الأخرى، مطّلع على ملف التحويلات المالية إلى الخارج بالأسماء والمبالغ. الشركات الأجنبية الثلاث قادرة ضمن اختصاص كل منها على توفير ملف للحكومة عن هذه القضية الخطرة، التي سرّعت الانهيار وجفاف العملات الأجنبية وحقوق المودعين في المصارف. كتم المعلومات عن مجلس الوزراء لا دافع له سوى حماية أصحاب الودائع المليونية. وهم من كل الاتجاهات السياسية وقادرون على حماية سلامة.

رابعًا: كما كان متوقعًا، يبدو أن الفريق المالي والسياسي والإعلامي المؤيد سلامة قرّر مع "الخبراء الستراتيجيين وبروفسورية منطقة الـ MENA" المواجهة ليس دفاعًا عن سلامة فحسب، بمقدار حماية نفسه أيضًا معنويًا وسياسيًا حدًا أدنى بين جمهوره في ظروف أزمة مالية ونقدية واجتماعية غير مسبوقة.

إذا كان مسار السلطة السياسية الزبائني الذي أدّى إلى الانهيار المالي والنقدي قد وحّد تلك السلطة على زبائنيتها، وأرجأ الكثير من التناقضات بينها عبر تسويات سياسية بخلفيات نفعية، فمن عدم اليقين الاعتقاد في قدرة الأوليغارشيا على التماسك في مرحلة توزيع أعباء الانهيار الذي بدأ يضرب بنية المجتمع اللبناني رغم توحدها في مواجهة الثورة ومع الحكومة أيضًا.

دياب طلب إلى كل من حوّل عملات أجنبية فوق 50 ألف دولار أميركي إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول 2019، إعادتها تحت طائلة اتهام القائمين بها بالاثراء غير المشروع. لعِلم رئيس الحكومة، هناك لائحة من 29 مصرفًا حوّلت أكثر من 1.3 مليار دولار أميركي بين 18 تشرين الأول 2019 و13 كانون الأول من السنة نفسها. اللائحة موجودة في مصرف لبنان والهيئة المصرفية ولجنة الرقابة. التحويلات المشتبهة الكبيرة كانت قبل التاريخ الذي طلبه دياب، وتعود إلى 2018 وكل 2019. من قام بها كان عِلم بالآتي. وفي موقع صناعة القرار لاسيما في المصارف التي حوّلت لمساهميها ولكبار مديريها ولسياسيين.

"القضاء ثقيل الهِمّة"

"هذه الحكومة ليست محكمة ثورة، والتغيير يحصل فعليًا من داخل آليات النظام القائم. والمحاسبة قائمة تحت سقف القانون. والمرتكبون سيدخلون إلى السجن حتمًا بهمّة القضاء اللبناني" قال رئيس الحكومة. "همة" القضاء! كم أنهكت هذه المفردة دياب قبل العثور عليها. أي قضاء هذا تردّ وزيرة العدل "الاختصاصيّة المستقلّة" في حكومتك تشكيلات مجلسه الأعلى؟ وينام المرسوم عند رئيس الجمهورية. وتريدون استعادة الأموال المنهوبة وهيبة الدولة وثقة الناس بها.. لو مثل سلامة أمام قضاء مجلس القضاء الأعلى وليس قضاء السلطة لأدهش العالم. سيردّد مع المتظاهرين ضده "كلّن يعني كلّن". سيكون المشهد رائعًا على ما فيه من بؤس وهوان.

 

طموح خيال الظل أن يصير صورة.. بدولة تهشّمت صورتها

منير الربيع/المدن/26 نيسان/2020

إنها دولة الصورة المعلّقة على الحائط. سيادتها بعدم مساس الصورة. الدولة بقوانينها ومؤسساتها تحت مداس أصحاب الصورة، لا الصورة تحت مداس أبناء المؤسسات أو منشديها. لافتة التأييد والتقديس عليها حُرم، يتجاوز القانون. القائد الملهم أرفع منزلة من الدولة وقوانينها. لبنان مصاب بمرض الصورة، ألوانها، قدسيتها.. معيار الانحدار بتحوّل الصورة إلى ظاهرة صوتية أو لافتة ناطقة. لبنان اليوم، استحال إلى صورة معلقة على الحائط. ما تبقى منه يُحفظ على جدار، ومن يستحيل صورة على جدار، يصبح في عداد الموتى. والصورة، مرض لبناني عميق. متجذر كالعمى الذي كتبه الإسباني خوسيه ساراماغو.

هوس الصورة

صوّت المجلس النيابي في جلسته الأخيرة على اقتراح قانون، يمنع رفع صور المسؤولين والقادة السياسيين. صُدّق القانون من قبل رئيس المجلس. رفع النائب علي عمّار يده معترضاً على المساس بقدسية الصور وما ترمز إليه هذه المقدسات. أعاد رئيس المجلس طرح الأمر على التصويت مجدداً. لم يصوت أحد ضد القانون، ثلاثة نواب رفعوا أيديهم معترضين عليه، لم ينل العدد اللازم ليلغى، لكن رئيس المجلس أدرج القانون في سلّة السقوط. داس المشرّعون على قوانين تشريعهم.

رئيس الحكومة حسان دياب، مهووس بالصور. إنه صاحب كتاب صور الإنجازات. أصيب سريعاً بمرض إسمه النموذج العوني الباسيلي، والقاعدة المكرّسة من قبل الرئيس وصهره، "التاريخ يبدأ معنا وينتهي معنا، السياسة تبدأ عندنا وتنتهي لدينا". والتاريخ رزمة أعواد منثورة كنانة بين أيديهم. دياب من أسرع الطامحين للدخول إلى هذا النادي، خرج سريعاً بصورة "حامي الجيش" وفاتح المعركة ضد حاكم مصرف لبنان. يتوعد بالمحاسبة والضرب بحزم.

تهديد ووعيد

اختار دياب أن يكون في مقدمة الصورة. هواية الظهور، وادعاء البطولة، تُسقط مستعجليها. النبرة الحاسمة، الصوت المرتفع الملوّح بالتهديد.. لا تسهم إلا ببهدلة الصورة وتهزيلها. حكومة مجتمعة، برئيسها وعلى يمينه ومن خلفه رئيس للجمهورية، وأصحاب الكتل النيابية الأكبر في البرلمان، عجزوا عن المواجهة المؤسساتية للدفاع عن ما يعتبرونه دولة، فاختاروا اللجوء إلى تهديد موظف في الدولة، لعدم قدرتهم على إقالته أو إحالته إلى القضاء. لجأوا إلى وضع أنفسهم في مواجهة مع موظف. تهشّمت الصورة التي يحرصون على إظهار بريقها.

اللجوء إلى القضاء، لا يحتاج إلى بهرجة التهديد والوعيد هذه. إنما الطريق إليه معبّد بالهدوء. التدقيق بحسابات المصرف المركزي وكل إدارات الدولة، غاية منشودة. لا داعي لادعاء البطولة فيها. الأمر مطروح بجملة قوانين منذ أكثر من 14 سنة. لم يبدأ مع هؤلاء ولن ينتهي معهم. الأهم ليس الإنشاد إنما التطبيق، الذي لم يفعله المجلس النيابي. كل القوى على اختلافاتها تجنّبت ذلك حفاظاً على مصالحها. ليس في لبنان ما يعرف بالرقابة اللاحقة، ديوان المحاسبة يكتفي بالرقابة المسبقة، وهي تتعلق فقط بصرف الاعتمادات، لا رقابة لاحقة للتدقيق بكيفية صرف هذه الاعتمادات. الطريق سهل، ولكن من يمرّ بين القبور يحرص على رفع صوته ولو تكلّم صداه مع نفسه، كي لا يأتيه وساوس الخوف.

الصورة بالصورة. على الطرف النقيض، يتسلح حاكم مصرف لبنان بصور على مجلات ودوريات دولية، حاصداً الجوائز العالمية. سيخرج مستنداً إليها، للدفاع عن نفسه. ليس معروفاً ما سيكشفه بعد، والطريقة التي سيجيب فيها على كل الاتهامات الموجهة إليه. إذا ما بقي على صمته وتراجعه وإنكفائه، سيدين نفسه بنفسه. وإذا ما استفحل في الشراسة، ستتعمق الأزمة، وسيرتفع منسوب التوتر السياسي الذي بدأ ينذر بمعركة سياسية حتى تكسير العظم.

جموح للسيطرة

معركة ببعد سياسي لانقضاض فريق من الطرفين على ما تبقى من دولة. أو بأحسن الأحوال، يُعاد إنتاج توازن سياسي يعيد إحياء التركيبة التقليدية. بالحفاظ على مكتسبات وخصوصيات كل المحميات، تحت جناح الطرف الأقوى، وهو حزب الله، وإلى جانبه رئيس الجمهورية الطامح بجموح إلى السيطرة المطلقة على المرافق الأساسية في لبنان. يختار أرانب كثيرة لمواجهة خصومه بمفعول رجعي من العام 1990 إلى اليوم. الخصوم لن يسكتوا. أمامهم خياران. إما الذهاب إلى النهاية في معركة استعادة التوازن وكسر الجموح، وإما العودة إلى القاعدة التقليدية، ليجتمع الجميع بصورة واحدة على طاولة حوار.

المشهد ينذر بمعركة تكسير رؤوس. واجهتها رئيس حكومة يبغض الحريرية السياسية وكل ما يمت إليها بصلة. اختار أن يكون في الواجهة لضرب ما وصفه "السنّة المنتفضون" من على باب دار الفتوى، بأنها معركة ضرب السنّية السياسية. ومن خلفه، عهد يتشبه بالحقبة اللحودية، في تشكيل لجان أمنية أو مشابهة لها لإدخالها إلى الوزارات، وقيادتها بمنطق الدسائس بعيداً عن القضاء والقانون. يختار فريق العهد مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني لرئاسة لجنة التدقيق بحسابات وزراء ومسؤولين من خمس سنوات إلى اليوم. وبيفاني نفسه، هو عضو في المجلس المركزي لمصرف لبنان المركزي بحكم وظيفته. لماذا لم يقم بالعمل المنوط به من قبل؟  الجواب بسيط، لأن كل ما في لبنان، بشعبه ومؤسسته ومقدراته، رهينة لأهواء وقوى سياسية. المعركة ليست على من ينقذ الدولة، أو من يستعيد الأموال، لأن الحقيقة تقول بعدم وجود أموال.. والحقوق أهدرت. معركة كسر العظم هي على من ينتزع الصورة، والنتيجة أن الصورة تمزقت إلى نتف.

 

حسان دياب يُطالب الجامعة الأميركية بتحويل "مستحقاته" إلى الخارج!

أيمن شروف/المدن/26 نيسان/2020

عندما تسلّم حسان دياب رئاسة الحكومة، أول ما خطر على باله هو كيف سيُحصل أمواله من عمله السابق في الجامعة الأميركية في بيروت. طبعاً البروفسور حريص جداً على حقوقه كما على حقوق الناس. ولهذا السبب اختاره ثُنائي جميل السيّد - جبران باسيل لقيادة هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان. حرصه على الحقوق يستدعي منه تحصيل حقوقه، فهو سيساوي الناس به ولن يظلم أحداً، كما يقول المثل. فبدأ مراسلاته للجامعة التي بسببها هو اليوم يجلس على كرسي لم يكن ليتخيل نفسه جالساً عليه، مُطلقاً.

مقابل خدمات لم تُقدم!

في محاولته الأولى، أي في كانون الثاني المنصرم، طالب دياب الجامعة الأميركية بما يعتبرها تعويضات مستحقة له. اللافت فيها أنه يريد من الجامعة أن تدفع له عن عقده كاملاً معها، والذي ينتهي في 2025. يعني ما يُطالب به رئيس حكومة إنقاذ اللبنانيين من مأزقهم، أن تدفع الجامعة لقاء خمس سنوات ونصف، لن يكون هو فيها متواجداً ليُكمل عقده. طبعاً حقه، فهو يُقدّر نفسه كثيراً ويرى أن خدماته كانت إضافة للجامعة وليس العكس، وهذا تماماً ما لا تراه الجامعة، بل على العكس تماماً. هو لم يقم بما كان مُنتظراً منه كنائب رئيس مهمّته أن يُقيم علاقات التعاون مع المؤسسات التعليمية في المنطقة، كما تقول مصادر مطلعة في الجامعة.

يزعم دياب أن رئيس الجامعة فضلو خوري يستهدفه، فيما تقييم الجامعة لعمل رئيس الحكومة أنه لم يرتق إلى المستوى المطلوب. لهذا وأكثر، رفضت الجامعة ما يطلبه دياب، تقول المصادر: "كيف يُمكن أن تدفع الجامعة لقاء خدمات لم تُقدم. يُريد رئيس الحكومة أن يحصل على أموال لم يستحقها، أي هو يطلب أجر خمس سنوات لن يكون متواجداً فيها على رأس عمله، وهو الآن ينطبق عليه ما يُسمى بالاستيداع، أي بإمكانه أن يعود بعد سنة إلى التدريس، كأستاذ جامعي، لكن عمله كنائب رئيس مسؤول عن التشبيك انتهى، لأنه تركه ليأخذ منصباً آخر".

اللجوء إلى القضاء!

المهمة التي كانت منوطة به، عادة ما تُعطى لشخصية سنّية، لاعتبارات عدة أهمها فهمه لواقع المنطقة والقدرة على التعامل مع المؤسسات الموجودة في الشرق الأوسط بأسلوب سلس وفعّال يعود بالفائدة على الجامعة، تربوياً. هذا ما لم يستطع فعله. مقارنه بمن سبقه لهذا المنصب، هو بالتأكيد، فشل. لكن طبعاً هو لا يعترف بذلك. بنظره هناك مؤامرة عليه. هو العالم بكُل شيء، والقادر على حل كُل المعضلات، كما يفعل وهو في الحكومة، وآخرها شركة تدقيق حسابات لتدقق بحسابات مصرف لبنان. طبعاً لم يسأل نفسه مثلاً أسئلة بديهية من قبيل: ماذا ستقول الشركة العالمية حين تكتشف أن ما يقارب الخمسين مليار دولار، صُرفت على قطاع الكهرباء وحده. يتقن حسان دياب لعبة الكلام جيداً. هذا أكثر ما يُجيده إلى الآن، بالرغم من أن اللغة تخونه أحياناً، أو بالأحرى، الذكاء. الأخير غير مُتوفر، أساساً.

جديد رئيس الحكومة في "معركته" لتحصيل المال، توكيله لمحام، الذي بالوكالة عن رئيس الحكومة أرسل كتاباً إلى رئيس مجلس الأمناء في الجامعة فيليب خوري، يطالب فيه مرة جديدة لتحصيل "الأجور والمستحقات وأيضاً الحقوق بشكل تام وكامل مع الفوائد والضمائم"، وإلا فإنه سيلجأ إلى "المراجع القضائية في لبنان وخارجه لصيانة وتحصيل" ما يعتبره حقه، عن سنوات لن يُقدم في خلالها العمل الذي كان مطلوباً منه. واللافت أكثر، أنه يطلب من الجامعة قبض "مُستحقاته"، بالدولار حصراً، وفقط من خلال تحويلها إلى حساب خارج لبنان!

5 ملايين دولار

لا يثق رئيس الحكومة بنظامنا المصرفي. هذا الفعل العاقل الوحيد الذي قام به منذ توليه منصبه الحلم. هو لا يريد أن تُحتجز أمواله في لبنان كما بقية اللبنانيين. تعلّم من وجعهم، فبادر ليوفر على نفسه هذه المشقة. المُهم أمواله. كُل شيء آخر لا يهم. هو يُطالب بحقوق لا يستحقها، فيما يُشاهد مئات آلاف اللبنانيين يصرخون من قهرهم يريدون حقوقاً يستحقونها. تقول المصادر: "بإمكان دياب تحصيل حقوقه مثله مثل أي موظف، ما يستحقه يأخذه". لكن رئيس الحكومة يعتبر أن من حقه أن يأخذ أكثر، يأخذ لقاء سنوات على ورق. راتبه السنوي كان بحدود الـ200 ألف دولار. مع خمس سنوات إضافية، يتحصل على مليون دولار، يُريد أن يراها في حسابه خارج لبنان، ليؤمن على مُستقبله المالي وهو يُصارع ليساعد اللبنانيين كي يتخطوا محنتهم.

 

الحريري وفانوسه السحري: انتهى زمن الآمال الزائفة

نادر فوز/المدن/26 نيسان/2020

يدفع زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، فاتورة التسوية السياسية التي وقّعها مع حزب الله بالواسطة. الأكيد أنّ كلفة تلك التسوية أكبر بكثير على اللبنانيين. يسدّدونها يومياً، كمن يأخذ كل ساعة قضمة من يده ولا يقدر على ابتلاعها. وضع الحريري على صدور اللبنانيين جنيّاً ظنّاً منه أنه يمسك بفانوسه السحري. وهنا أصل المشكلة. وهم تلو وهم، فتخبّط تلو آخر، والنتيجة الطبيعية أن تصل السياسة في لبنان إلى درك مماثل. واقع انتفض الحريري عليه متأخراً، مدركاً أنّ رئاسة الحكومة باتت "مطيّة" لتنفيذ أجندات من الحقد والانتقام وتنفيذ الانقلاب.

الحريري في المحطة

الزعيم الأزرق لم يتعلّم لا من الدرس الأول ولا الثاني ولا الثالث، ولا الرابع ولا العاشر... مرّ عقد من الزمن بلا نتيجة، بقي فيه جالساً على مقعد الانتظار في محطة لا قطارات فيها. صحّيح أنّ اسمها محطّة، وفيها ساعة كبيرة تدور على الحائط، وعلى جانبيها نفقين وفيهما سكة حديدية، لكن لا قطارات فيها. بيعت العربات خردة بسوق الحديد، والموظفون فيها باتوا بلا عمل، بلا أكل ولا ضمانات ولا رواتب. حالهم تماماً كحال موظفي مؤسسات المستقبل، الذين انتظروا أيضاً خروج الحريري من تلك المحطة.

أسلوب قاتل

اعتاد الحريري على جلسات مماثلة. بدل أن يقتل الملل تمريراً للوقت، يقتل الوقت ليستمرّ الملل. وهذا أسلوب مميت. في الأول مصالحة مع حزب الله وتحالف رباعي، نتيجة انقلاب على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. ثم 7 أيار ومصالحة، وزيارة إلى سوريا. ثم انتخابات وشراكة وانقلاب آخر. فتسوية رئاسية ومعها جنيّ صغير، وانقلاب آخر لكنّه مميت هذه المرة. وبين كل هذا التكرار ثورة ضائعة في سوريا هنا، صفعة سعودية هناك، وانقلابات وإقالات ووجوه تختفي من حوله. فتبني زعامات محلية أو مؤسسات، أو بكل بساطة تخرج من المحطة وتذهب لأخرى مضاءة فيها صفير وحركة.

العودة إلى الطائفة

بعد كل هذه الانقلابات يعود الحريري مجدداً إلى حضن الطائفة. هذا ملاذه الآمن والوحيد، كغيره من الزعامات اللبنانية. جبران باسيل والتيار الوطني الحرّ، يعيش من هذا الخطاب. وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي أيضاً. الثنائي الشيعي حاكم بفعل هذا الأمر. والحريري لا يختلف عنهم بشيء، سوى أنه يرى واهماً أنّ طائفته في جعبته. لم يتقن هذه اللعبة يوماً، ومن أدارها له في أحد الأيام بات خارج اللعبة، في موقع منافسة ربما. لم يعرف الحريري كيف يقول إنّ حسان دياب يشكّل تهديداً للطائفة السنية ويجسّد مؤامرة عليها. فخرج النائب نهاد المشنوق وقالها.

ورقة جوكر

استعاد سعد الحريري أمس في بيان مطوّل، لم يسبق لمكتبه ومستشاريه أن كتبوا مثله، عبارات "الوصاية" و"القمع" و"الاستقواء". خرج من المحطة اليوم بعد أن أمضى فيها 15 عاماً بالتمام والكمال. ظنّ أنّ لا شيء تغيّر منذ ذلك الحين. فدغدغ أيضاً مشاعر الجمهور بعبارة "الإرث". إرث حقد أسود ووصاية مقابل إرث رفيق الحريري. لا يمكن فهم الموضوع إلا بهذا الشكل. فاسم الشهيد رفيق الحريري كان جذاباً، يجمع الناس لا يشتّتها، مقرون بمشروع سياسي واقتصادي، خطة متكاملة تجسّد توافقات عدة. ورقة جوكر دائمة، لكن اللعبة تغيّرت، والجواكر ممنوعة فيها.

صوّب الحريري معركته على رئيس الحكومة حسان دياب "وجنرالات الحروب العبثية". لم يسمّ أياً منهم، إلا دياب، الشخصية الأقل تأثيراً وقوة بين الوجوه الحاكمة. رئيس منفّذ لا سلطة له، ولا فائدة من تحطيمه. أما الجنّي فمعروف وصاحب الفانوس معروف أيضاً، إلا أنّ الحريري انقضّ على الحلقة الأضعف يحاول من جديد التقدّم بعنوان سياسي علّ الناس تعود إليه. لكنه في إحدى محطات انتظاره، لم يلحظ أنّ الناس احتلّت الشوارع وقامت بثورة "كلن يعني كلن". لفظت الثورة الجميع، والثوار أدرى بأنّهم لن يبيعوا حقوقهم ومطالبهم بمعركة سياسية طارئة. لن ينساقوا إلى موقف سياسي عابر. لن ينجّروا وراء آمال ستعود لتتبخّر عندما يزرع الحريري جنيّاً آخر على صدور اللبنانيين.

 

15 سنة على انسحاب الجيش السوري من لبنان: أي لبنان وأي سوريا اليوم/عمل النظام السوري على تفكيك النسيج الاجتماعي اللبناني و"اختراع قيادات" للطوائف تابعة له

رفيق خوري/انديبندت عربية/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85410/%d8%b1%d9%81%d9%8a%d9%82-%d8%ae%d9%88%d8%b1%d9%8a-15-%d8%b3%d9%86%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%86%d8%b3%d8%ad%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a/

قصة سوريا في لبنان ومعه طويلة، مذ اعتبرت أن إعلان "لبنان الكبير" عام 1920 "خطأ تاريخي"، ثم في التدخل العسكري غير المباشر في حرب لبنان عام 1975 الذي بدأ قبل الدخول العسكري المباشر.

فلا الدور السوري بدأ مع الحرب، ولا هو انتهى بالخروج العسكري في مثل هذه الأيام قبل 15 سنة.

الدخول جاء باتفاق مع أميركا والخروج كان بقرار أميركي- فرنسي.

ساعة الدخول دقت عندما رأت دمشق "خطر" قيام سلطة يسارية في لبنان بحماية البندقية الفلسطينية وسيطرة ياسر عرفات، تزايد عليها في الصراع العربي- الإسرائيلي والعلاقات مع موسكو.

والتمهيد لقرار الدخول إلى لبنان جاء عبر اتفاق مع واشنطن يتضمن تفاهم "الخطوط الحمر" مع إسرائيل عبر وساطة المسؤول في الخارجية الأميركية جوزف سيسكو.

 واشنطن قالت للسوريين: لا تضغطوا كثيراً على لبنان، ولا تطيلوا البقاء فيه.

وتفاهم الخطوط الحمر كان على امتناع القوات السورية عن تجاوز خط الليطاني جنوباً، وعدم استخدام الطيران السوري في الأجواء اللبنانية والبحرية السورية في المياه الإقليمية.

وحين تبدلت الحسابات، جاء القرار الأميركي - الفرنسي بالخروج والذي صار قراراً في مجلس الأمن تحت رقم 1559، فلم تنفذه دمشق إلا بقوة الضغط الشديد بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) عام 2005.

أهداف عميقة

وليس هذا بالطبع كل السيناريو، لأن "الأجندة" السورية كانت أبعد وأعمق.

ففي مباراة بالدهاء، بحسب رواية قديمة، قال معاوية بن أبي سفيان: أنا لا أدخل إلى مكان إن لم أضمن سلفاً باب الخروج.

وقال عمرو بن العاص: أنا لا أدخل إلى مكان إن كنت أريد الخروج منه.

لكن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد أخذ بالرأيين معاً. عمل في الكواليس مع واشنطن وسواها على طريقة معاوية. وعمل فوق المسرح على طريقة عمرو بن العاص: التمكين للبقاء، لأن القرار كان على عكس النصيحة الأميركية: الدخول من دون خروج.

وعلى مراحل بدأ السوريون تفكيك النسيج الاجتماعي في لبنان، واختراع "قيادات" للطوائف تابعة لهم كبديل من القيادات التاريخية، والسيطرة على الأحزاب والنقابات وحتى البلديات.

مارسوا "التعيين بالانتخاب" للرؤساء والنواب واختاروا الوزراء، وتركوا "الترويكا" الرئاسية (ثلاثي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب) عاجزةً عن حسم الأمور مضطرة للجوء إلى الحاكم الحكَم السوري.

رفضوا إعادة انتشار قواتهم إلى منطقة البقاع (شرق لبنان) تنفيذاً لاتفاق الطائف الذي نص على أنه بعد سنتين من إقرار الإصلاحات بصورة دستورية تجتمع الحكومتان اللبنانية والسورية لترتيب ذلك الأمر.

كانت الحجة من خارج النص، وهي اشتراط تنفيذ كل الإصلاحات، لا مجرد إقرارها بصورة دستورية.

وفي الوقت ذاته، منعوا تنفيذ الإصلاحات لئلا ينفذوا إعادة الانتشار.

حتى عندما بعث رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق أمين الجميل في الثمانينات برسالة رسمية إلى دمشق يطلب الانسحاب، رفض السوريون قائلين إنهم ينسحبون عندما يطلب الشعب اللبناني ذلك.

وكان لا بد من الانتظار حتى تبدلت حسابات الكبار، ليسحب الرئيس السوري بشار الأسد قواته تحت عنوان القرار 1559 الذي سبق ووصفته دمشق بأنه "تافه".

وصاية بالوكالة

لكن الوصاية السياسية السورية لم تنسحب مع القوات العسكرية.

أنصار سوريا تظاهروا تأييداً لها. مفتاح بيروت أُعطي لممثل الوصاية المغادِر (اللواء رستم غزالة توفي عام 2015). معاهدة "الأخوة والتعاون" ومئات الاتفاقات بقيت، ولو من دون تنفيذ. المجلس الأعلى (اللبناني – السوري) لم يتم إلغاؤه.

والوصاية السورية صارت وصاية بالوكالة "عبر حزب الله ومحور الممانعة" بقيادة إيران، ثم وصاية بالأصالة.

فاليد العليا في لبنان اليوم هي لـ"حزب الله" الذي يمسك ليس فقط بقرار الحرب والسلم، بل أيضاً بالقرار السياسي الداخلي والسياسة الخارجية ويستخدم "الفيتو" في المسائل المالية والاقتصادية.

ويمارس "خصخصة" الدفاع عن البلد ويرفض خصخصة المرافق العامة التي تساهم في إخراج لبنان من أسوأ أزمة نقدية ومالية واقتصادية.

لا بل ذهب إلى سوريا ليقاتل إلى جانب النظام في حرب بدأت كانتفاضة شعبية تطالب بالانفتاح الديمقراطي.

وتعيش سوريا اليوم وضعاً أخطر من وضع لبنان، فهي في حرب دخلت سنتها العاشرة من دون نهاية تلوح في الأفق.

تتوزع أرضها، خمسة جيوش روسية وأميركية وإيرانية وتركية ودولية في ما بينها، إضافة إلى كل أنواع التنظيمات الأصولية التكفيرية.

ثمانون في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، نصف الشعب بين نازح في الداخل ولاجئ إلى الخارج. والبطالة في حدود 60 في المئة.

التأثير السوري

لا أحد يعرف كيف يكون مستقبل سوريا، لكنها حتى في وضعها الحالي، لا تزال تؤثر في لبنان. ويظهر ذلك خصوصاً في مواقف أنصارها.

والمفارقة أن الرئيس السوري بشار الأسد قال أخيراً بعد التظاهرات الشعبية التي عمّت لبنان إن "لبنان يؤثر في سوريا أكثر من أي بلد آخر، لأنه جارنا المباشر".

والكارثة في عمق الأزمات في لبنان، هي أن أخذ البلد إلى "محور الممانعة"، قاد إلى دفعه نحو عزلة عربية ودولية كبيرة، بصرف النظر عن المجاملات.

 

للمراسلين والمراسلات، فاعلي الخير، للسياسيين...

يوسف ي. الخوري /25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85399/85399/

بدأت مسيرتي المهنية في مجال الصحافة، وكنت أتواصل باستمرار مع شخصيّات سياسية واجتماعية في لبنان والخارج، لتُفيدني بخفايا الأمور وتُبقيني على بيّنة من الحقائق.

ولأن الأباتي شربل القسيس رحمه الله، كان مُدركًا أن تردّدي إليه هو للاستفادة من معلوماته وخبرته كسياسي مخضرم، فاجأني يومًا بهديّة، كتاب فرنسي لِ Paul-Loup Sulitzer، عنوانه Kate، وقال لي: "لا بدّ وأن يقرأ هذا الكتاب أي صحافي يمارس النشاط الميداني". Kate Killinger صحافيّة أميركية. القصّة المحوريّة في الكتاب تدور في الصين أثناء إعدادها تقريرًا عن الجيش الأحمر الصيني. قرأت الكتاب أكثر من مرّة وتعلّمت منه الكثير مما يطوّر عملي الصحفي، فَ Kate كانت شغفة بعملها فزادتني حبًّا بالصحافة، ومنها تعلّمت أساليب مختلفة للتحرّي الميداني، والحنكة في تقصّي المعلومات، والمحاورة مع المعنيين بالأحداث، وكيفيّة إعداد التقارير...

أن تقول اليوم لمراسل وسيلة إعلاميّة: اقرأ Kate لتطوّر أسلوبك الصحافي، فسيعتبرك متطفّلًا ولن يعمل بنصيحتك، خصوصًا أنّ الحصول على هذا الكتاب بات صعبًا (صدر عام 1988)، عدا عن أنّ عدد صفحاته يناهز الستمائة ويتطلب بعض التفرّغ لقراءته.

ما الذي أعادني إلى هذه القصّة وإلى كتاب Kate؟

بالأمس حضرت فيلمًا على منصّة Netflix عنوانه Good Sam (انتاج العام 2019)، يحكي عن صحافيّة في القناة 12 الأميركية تحاول كشف هويّة فاعل خير يساعد الناس سرًا ولا أحد يعرفه، بمن فيهم الذين حظوا بمساعدته. الجميل في الموضوع هو أن الصحافية لم تكن تسعى لتحقيق سبقً صحفي، بل لمعرفة ما الذي يدفع بإنسان كفاعل الخير هذا إلى مساعدة الآخرين من دون مقابل وبتكتّم.

من الصدف أنّ الصحافيّة في فيلم Good Sam هي الأخرى اسمها Kate، ولا أدري ما إذا كانت شخصيّتها مستوحاة من شخصيّة Kate عند Sulitzer، إذ انّ الشبه كبير في ممارسة الامرأتين لعمل الصحافة. خلال مشاهدتي الفيلم، قلت بيني وبين نفسي: لما لا أنصح عبر الفايسبوك بمشاهدته، خصوصًا أنّه يُصيب بحجرٍ واحدٍ ثلاثةَ أهداف أنفرُ منها لدرجة أنّني بسببها قد أتوقّف عن متابعة نشرات الأخبار، وعنيت بها: المراسلين الميدانيّين، "فاعلي الخير" المزعومين، والسياسيّين.

المعالجة في الفيلم بسيطة ومرحة، وتُبرز مهنيّة Kate العاليّة من خلال سعيها لاكتشاف الدافع وراء مساعدة الآخرين من دون مقابل، كما تُبرز كيف أنّ نماذج من الناس، لاسيّما الطامحين إلى مراكز سياسية، يستغلّون ظاهرة فعل الخير التي لم يقوموا بها أصلًا، للترويج لأنفسهم أمام مَن سينتخبونهم.

وعليه أنصح:

أولًا: مشاهدة هذا الفيلم لأنّه، وعلى بساطته، فيه الكثير من المهنيّة والإنسانيّة.

ثانيًّا: على كل مراسل تلفزيوني أن يُشاهده ليتعلّم:

- كيف يختصر عندما يستلم الهواء، ولا يُكثر من اجترار الكلام.

- كيف يستخدم المعلومات ويصيغها بالأسلوب الذي يجعلها صادرة عنه هو، وليست منقولة من هناك وهنا من دون أي جهد وتركيز على لبّها.

- كيفية عدم السعي إلى سبق إعلامي فارغ من أي مضمون جوهري.

- كيف يكوّن لنفسه أسلوبًا خاصًّا يُميّزه عن الآخرين، وكيف يُحاور مَن يُقابلهم. وتحضرني هنا قصّة حصلت مع بداية الثورة: دأب المراسلون ولأكثر من شهرين، على توجيه نفس السؤال للمتظاهرين: "ليش نزلت عالشارع؟"، وباعتقادهم – مخطئين - أنّ الأجوبة المتضاربة تحقّق سبقًا صحفيًّا لهم ولمحطاتهم، حتى جاءت متظاهرة وقالت لإحدى المراسلات: "حلّوا بقا عن سمانا، نحنا معروف لَيْش نزلنا، روحوا اسألوا اللي بَعدُن ببيوتن لَيْش ما نزلوا!

ثالثًا: ليُشاهد هذا الفيلم كل مَن يدّعي فعل الخير، من الأحزاب والمجتمع المدني وزعماء الطوائف، وليتعلموا جميعّا كيف أن القاعدة الأساسيّة لفعل الخير هي "ألّا تعرف يُمناك ما صنعته يُسراك"، وليس الطبل والزمر على وسائل التواصل الاجتماعي.

رابعًا: ليُشاهد السياسيون والقيّمون على شؤون المجتمع هذا الفيلم ليُدركوا أن البروباغندا لا تصنع رجال دولة، بل ساسة منتفعين يلهثون خلف المراكز والمظاهر ولن ينالوا في النهاية سوى لعنة التاريخ وغضب الشعب.

آن الأوان يا سادة لتفهموا أن خدمة الناس تقوم بتفعيل القوانين وتطبيقها، وليس بكتابتها والاستعراض على الشاشات كلما أنجزتم سطرًا من القانون الذي لن يرى النور. القضاء لا يُصبح نزيهًا بمجرد أن تطالبوا علنًا بنزاهته للمزايدة، بل بتركه يعمل باستقلالية وبفصله عن حساباتكم الضيّقة. مالية الدول ونقدها لا يقويان بمجرد غش الناس بالشعارات الرنانة والترويج للحاكم على أنّه من "الأولين" في العالم، بل بالنمو الاقتصادي والاستقرار، لاسيّما في المِحَن كالتي نمر بها اليوم. وأخيرًا الأوطان لا تُبنى بالتستّر؛ والكذب؛ والرياء والتبعيّة للخارج، بل بالتعاضد والجرأة على قول الحقيقة سواء كانت تطال رئيسًا أو مصرفًا أو حزبًا إلهيًّا مدجّجًا بالسلاح.

قد لا تفي مقالتي هذه بتظهير صورة واضحة عن الدَرْك في مستوى الأداء والجهل الذي بلغه بعض الصحافيين في لبنان، وعن حقارة كل من يستغل عمل الخير وخدمة المجتمع للترويج لنفسه أو لحزبه، لذا، عليكم أيُّها السادة بفيلم Good Sam، على أمل أن تكتسبوا خبرة إضافية في التمييز بين ما هو حق وما هو باطل.

ولِمَن لا يُعجبهم رفعي لراية الفينيق، أقول: نحن في اليوم الواحد والتسعين بعد المائة لانبعاث الفينيق!

 

عندما تنزع الثورة كمامات «كورونا»!

راجح الخوري/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85407/%d8%b1%d8%a7%d8%ac%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d8%aa%d9%86%d8%b2%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d9%83/

بعد ستة أسابيع من دخول السلطة التشريعية في لبنان بطالة الحجْر الصحي، بسبب وباء «كورونا»، بعد زمن طويل من بطالة المسؤولية طبعاً، قررت بداية الأسبوع أن تتحرك، وأن يذهب النواب إلى عقد جلسة تشريعية بدت شكلاً ملحّة وضرورية، وخصوصاً بسبب تخبط الدولة في أزمة اقتصادية مالية معيشية غير مسبوقة، وضعت الشعب اللبناني على حافة الانفجار، وبدت وكأنها تسابق «كورونا» على خنق لبنان سلطات وشعباً، فلا الدولة قادرة على إيجاد حلول ولو ترقيعية لمواجهة المرحلة، ولا الشعب قادر على الاحتمال والصمت، وإن كانت كمامات الوباء جعلت صوته يخفت مرحلياً، لكن هذا لا يعني قطعاً أن الأمور لا تتجه إلى الانفجار في النهاية!

واضح أن عمليات «الكابيتال كونترول» التي فرضتها المصارف على المودعين، جاءت على خلفية تراكم عجز الدولة عن الإيفاء بالتزاماتها وديونها، وهي التي طالما تمادت في النهب والسرقة، ثم اعتمدت على المصرف المركزي لتغطية ديونها، لكن دائماً من ودائع الناس في المصارف طبعاً، وواضح أيضاً أنه مع فلتان سعر الدولار الذي بات قبل يومين يساوي 3300 ليرة، بينما بقي سعره الرسمي في حدود 1507 ليرات، أن الدولة دخلت الإفلاس نهائياً، وتخلفت عن تسديد ديونها.

وأثار الحديث عن «الهيركات» قبل أسبوعين، أي الاقتطاع من ودائع الناس في المصارف بناءً على توصية من شركة لازارد التي كلفتها الحكومة، مساعدتها في معالجة مسألة الديْن، موجة عارمة من الغضب الشعبي، وبدا الوضع على حافة انفجار كبير رغم «كورونا» ومحاذيره الصحية؛ لأن الخيار ضاق لدى عدد كبير من الفقراء اللبنانيين المعدمين، الذين وصلوا إلى ما يزيد على 35 في المائة، وبات الخيار بين الموت بالجوع أو الموت بـ«كورونا»، ومن الطبيعي أن يؤدي هذا إلى فوضى عارمة، بدت طلائعها يوم الثلاثاء الماضي مع بداية اجتماع السلطة التشريعية، حيث تحركت الوفود الشعبية في كل المناطق صارخة: عائدون لنحاسبكم كلكم.

لا داعي للتوقف لحظة أمام اجتماع البرلمان الذي اختار أن يلتئم في الأونيسكو؛ حرصاً على التباعد بين أعضائه، بدلاً من مقره المدجج بالجدران والموانع بسبب الثورة، وخصوصاً أن كل المواضيع التي طرحت، أُحيلت إلى اللجان، وفي لبنان من المعروف أن اللجان هي مقبرة القرارات، لكن المضحك المبكي أن النواب استهلوا نشاطهم بإقرار زراعة الحشيشة وقيل لأسباب طبية، ولكأن المختبرات ومصانع الأدوية حاضرة لمثل هذا الأمر، الذي بدأت الدعوة إليه منذ عشرات الأعوام!

والمضحك أيضاً، أن يقرّ البرلمان تنظيم ممارسة ما يسمى مهنة تسمى «المايكروبراتيك»، ليتبيّن أنها علاج لأوجاع الظهر والديسك، وما يسمى «عرق النسا»، ربما لأن الشعب مكسور الظهر، وهو الذي ينتظر علاجاً لمشاكله المالية والمعيشية والاقتصادية.

ولهذا؛ كان لا بد من الحديث تكراراً وللمرة الألف عن مكافحة الفساد وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهو أمر يدور في دوامة مفرغة منذ زمن طويل، فلقد انتهى الفساد السياسي من سرقة آخر فلس في خزينة الدولة، وما زال الحديث عند السياسيين يدور حول مكافحة الفساد، وهو ما لن يحصل أبداً، وخصوصاً أن مجلس النواب رفض أمرين جوهريين لمكافحة الفساد:

أولاً: رفض رفع الحصانة عن الوزراء، بمعنى أنه ترك لهم ضمناً حرية السرقة والنهب، وثانياً أنه رفض إلغاء السرية المصرفية بحيث لا يمكن كشف سرقاتهم إلا من خلالها، ومن السخرية أنه رفض حتى اقتراحاً بإزالة صورهم من الأماكن العامة والساحات، نكاية بالشعب المقهور طبعاً، وكل هذا يعني المحافظة على حصانة النهب، والحرص على سرية ما تمّ نهبه حتى الآن، وأوقع لبنان في الإفلاس، وحرمه حتى من فرصة الحصول على دعم بمبلغ 11 مليار دولار من «مؤتمر سيدر» الذي اكتشف أن من المستحيل إصلاح بلد، تكلّف أكثر من أربعين مليار دولار في عشرة أعوام على قطاع الكهرباء، الذي يرفضون تعيين هيئة ناظمة ومجلس إدارة له!

عملية التقاذف بتهم الفساد بين المسؤولين والسياسيين تكاد تطغى على صراخ الشعب، ومن الواضح هنا تماماً، أن «حزب الله» يخوض معركة حامية منذ أعوام ضد المصرف المركزي وحاكمه رياض سلامة، ثم وسّعها أخيراً لتشمل كل القطاع المصرفي، لمجرد أنه ليس في وسع لبنان ألا يمتثل للعقوبات الأميركية المتدرجة ضده، وليس في وسع المصارف أن تواجه مثلاً مصير «بنك جمال» الذي أفلسته هذه العقوبات، التي تعجز إيران وحتى الصين وروسيا عن مواجهتها!

وهنا بدا من الواضح تقريباً أن الأمر لم يعد يتوقف عند حدود القطاع المصرفي، بل بدا وكأن هناك خطة مبرمجة لتغيير النظام الاقتصادي في البلاد، ومحاولة إلحاق لبنان بمنظومة الممانعة، بعدما وضع الحزب يده على السلطة التنفيذية عبر حكومة اللون الواحد التي شكلها مع حليفة ميشال عون، وبالتالي لكأن العبث بالنظام اللبناني سيجعل واشنطن تتراجع عن عقوباتها التصاعدية على إيران والحزب.

وفي حين يستمر التراشق بالاتهامات بين السياسيين والمسؤولين في حين يترنح لبنان من الإفلاس أكثر من «كورونا»، كان مفاجئاً أن يستهل الرئيس عون الأسبوع الماضي، جلسة مجلس الوزراء بالقول إن بعض السياسيين الذين يستهدفون الدولة ومؤسساتها في الإعلام وفي الخطب والتصريحات والتعليقات والتلميحات منذ أعوام، هم الذي فتكوا بالدولة على مرّ الأعوام وارتكبوا المخالفات المالية وغير المالية من تراكم الديْن العام، لكن هذا الكلام دعا الكثيرين إلى القول، إن عون الذي سبق له أن قال «من عنده قرينة على الفساد ليضعها على الطاولة»، لماذا لا يضع هو قرائنه على الطاولة، ولماذا لا يضع النقاط على حروف الأسماء، وخصوصاً أن المطلوب من رئيس بلد يعاني مثل لبنان، أن يتم تحديد الأسماء والوقائع والأرقام والتواريخ، وتحريك المحاكم وإصلاح القضاء، بحيث تتمّ معاقبة الذين قاموا بالارتكابات وفتكوا بالدولة!

وتماماً، كما قال عون «لا يجوز السكوت عن مثل هذه الارتكابات، ولا بد من وضع الحقائق أمام الرأي العام بكل تجرّد؛ حتى يكون الشعب هو الحكم»، وليكون قبل ذلك القضاء الشفاف والنزيه والبعيد عن الشبهات الحكم، الذي يفتح أبواب السجون أمام الذين نهبوا البلد المسكين، الذي لا نجد فيه حتى الآن سارقاً واحداً من السياسيين أمام قوس العدالة، رغم أن النواب والوزراء يتراشقون علناً بتهم النهب والفساد تحت قبة البرلمان، الذي قرر يوم الثلاثاء الماضي عدم رفع الحصانة عن الوزراء ومنع رفع السرية عن الودائع، بمعنى ضمني أن اسرقوا ما طابت لكم السرقة إن كان قد بقي شيء تسرقونه!

عملياً، يرى معظم الشعب اللبناني المنهوب الذي انتفض في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وأعلن الثورة على دولة الفساد، رافعاً شعار «كلن يعني كلن»، أن هذه الدولة التي أفلست الناس وجوعتهم، ربما تجد الآن في زمن «كورونا» ما يعطيها فرصة ونفساً، لكن الأمور لن تستمر على هذا النحو الكارثي، فإن لم يتوارَ الوباء؛ فإن ثورة الجياع ستجتاح الدولة التي لن تحميها كمامات «كورونا»!

 

مسؤولية الحكام ومسؤولية الحاكم!

علي حماده/النهار/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85405/%d8%b9%d9%84%d9%8a-%d8%ad%d9%85%d8%a7%d8%af%d9%87-%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d8%a7%d9%85-%d9%88%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad/

كم هي سخيفة ومكشوفة ألاعيب “حزب الله” وبطانة الرئيس ميشال عون التي، وفي معرض تهرّبها من مسؤولياتها الهائلة على مر السنين عن الازمة المالية والاقتصادية والسياسية والكيانية التي يمر بها لبنان، تسعى الى تنفيذ انقلاب داخلي ليس بوجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بل بوجه الموقف الأميركي الذي عبّر عنه أخيرا وزير الخارجية مايك بومبيو حول علاقة واشنطن وحكومة حسان دياب “الشغّالة” عند “حزب الله” والمحكومة في التفاصيل من الوزير السابق جبران باسيل، وذلك في اطار لعبة استدراج العروض التقليدية مع الاميركيين الذين اوضحوا بشكل حاسم تقييمهم للحكومة الحالية وللعهد بشكل عام، حيث النظرة الى ميشال عون انه جزء من منظومة تقودها ايران مباشرة عبر أداتها اللبنانية المتمثلة بـ”حزب الله”، وان حكومة حسان دياب هي حكومة إيرانية في الصميم، يقودها في المسائل الكبرى الحزب، وفي المسائل الصغرى والتفصيلية اليومية رئيس الجمهورية وصهره ومعهما البطانة المعروفة.

هؤلاء إن عدنا الى الأرقام وحدها مسؤولون عن عشرات المليارات من الهدر والخسائر والفساد المتنوع في كل القطاعات والمرافق، ولا سيما نتيجة الأضرار المخيفة على الاقتصاد، والتي تسببوا بها جراء قرارات أقحمت لبنان في حروب، ونزاعات، وصراعات، وعداوات محلية، إقليمية، عربية ودولية.

ولو أردنا الغوص في التفاصيل لاحتجنا الى صفحات وصفحات من الوقائع، والشواهد والأرقام التي تدل على حجم المسؤولية التي يتحملها الفريق الذي يقوده “حزب الله” ويضم في صفوفه الحالة العونية بتلاوينها ومستوياتها كافة، ومعهما بقية الجوقة المؤلفة من قوى وأحزاب وشخصيات ما قصَّرت في الإضرار بالبلد واسترهانه لنظام إقليمي متخلف ومتعصب والغائي.

هل هؤلاء وحدهم مسؤولون؟ بالطبع لا.

الكل مسؤول في مكان ما. حتى الحكام المنتمون سابقا الى جبهة 14 آذار يتحملون مسؤولية كبيرة جدا لجهة أدائهم السيىء، ومسؤوليتهم عن الهدر، والخسائر والفساد بأنواعه كلها.

هؤلاء ليسوا خارج اطار المحاسبة اطلاقا.

انما مَن يجب ان يكونوا في مقدم الصفوف لكي يحاسَبوا هم الفريق الأول، ومن ثم يأتي الموظفون أمثال حاكم مصرف لبنان، لانهم ما قالوا لا، وكان لهم كما يقال، في كل عرس قرص، ولانهم بالتواطؤ مع المصارف رهنوا أرزاق الناس وجنى أعمارهم، ومستوى عيشهم بألاعيب الحكام المالية.

مسؤولية الحاكم الذي وجّه “حزب الله” بعضا ممن يأتمرون به في الوسط الثائر نحوه لحرف الأنظار عن السوق الموازية التي يحكى انه يديرها من خلف الستارة حقيقية، ولكنه ليس المسؤول الأول.

المسؤولون هم الحكام جميعا بلا استثناء، واولهم قوة الوصاية الاحتلالية التي دمرت البلاد، وعزلتها بتواطؤ من البعض، او اذعان من البعض الآخر.

والتظاهرات التي سُيّرت قبل يومين بعد إشعال سوق العملات الأجنبية ما خفي على احد مدى تورط الحزب فيها وتواطؤ بطانة ميشال عون المتهافتة على مجد الرئاسة الزائل. والسؤال: هل من معنى بعد لموقع رئاسة كهذه؟

في الخلاصة، الكل مسؤول. الحكام أولاً ثم الحاكم.

 

دياب بخدمة العهد و"الحزب": الإطباق على لبنان واقتصاده

منير الربيع/المدن/25 نيسان/2020

منذ مساء الخميس 23 نيسان الحالي، بدأ الحديث في الكواليس بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، حول كيفية إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

فشل معركة الإقالة

أشيعت أجواء متصاعدة عن إقالته في جلسة مجلس الوزراء الجمعة. لكن معركة رئيسي الجمهورية والحكومة لإقالته، اصطدمت بحائط مسدود. وكان مصيرها كمصير الهيركات والكابيتال كونترول والتعيينات المالية التي أدرجت على جدول أعمال جلسة الحكومة، وسحبها رئيس الحكومة. خسر فريق العهد والحكومة معركة إقالة رياض سلامة، بفعل تدخلات خارجية، وصدام سياسي بين مكونات الحكومة. وتبرير الفشل الجديد، يجب أن يكون على شاكلة خطاب عنيف، من صنف الخطاب الذي قدّمه دياب بعد جلسة مجلس الوزراء الجمعة، مهاجماً رياض سلامة، ومعتبراً أنها فرصته لنيل تعاطف من الناس. وليبقى ميشال عون وحزب الله متمسكين بدياب أكثر مما كانا سابقاً. لكن المعركة لم تنته بعد، وستشهد فصولاً مقبلة.

هل يجرؤ سلامة؟

لم يعد بإمكان رياض سلامة السكوت. أصبح مجبراً أكثر من أي وقت مضى على مصارحة اللبنانيين.

كان حسان دياب محقّاً في ما قاله. وسيدفع سلامة ثمن طمأنته للبنانيين مراراً طوال الأشهر الماضية على الليرة وعلى ودائعهم. وهذا الباب قد يكون الأكبر لإدانته وتعرّضه لأعتى الحملات، وصولاً ربما إلى تحليل دمه. وبعيداً عن أي حسابات سياسية في هذا المجال. سلامة ملك الصمت، وملك الهندسات المالية في خدمة السياسيين. يقابله رئيس حكومة فتح أبواب مجابهته، في خطاب صريح في هجوميته. طبعاً لدى سلامة الكثير ليقوله. لكن السؤال: هل يجرؤ؟! حملة الضغط عليه كانت تهدف إلى إخراجه وهروبه، ما لم يتمكن مجلس الوزراء من إقالته. والمعركة ضده لن تقف عند هذا الحدّ. في ميزان القوى هناك اختلال كبير لصالح العهد، الذي يعرف جيداً كيف يوظف غضب الناس من سلامة والمصارف لصالحه. ورئيس للحكومة لن يبارح التوعد مستغلاً فرصة سانحة لإبراز قوته المستمدة من لقاء المصالح بين طرفين متحالفين: حزب الله والتيار العوني.

دياب ولغة حزب الله

لم يقدم دياب أي حل للمشكلة. اكتفى بتوصيفها بوصفه خبيراً أو مستشاراً. وفتح المعركة مع حاكم المركزي. اختار أن يواجهه كرئيس حكومة، بالنيابة عن قوى سياسية طامحة في فتح معركة إقالته سلامة، أو دفعه إلى الاستقالة. لا شك في أن سلامة يتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية. ولا بد من العودة إلى بهلوانياته في الهندسات المالية والتركيبات التي كان يهندسها للسياسيين على حساب اللبنانيين، وعلى رأس هؤلاء السياسيين من انقلبوا عليه اليوم، وسارعوا إلى تعيينه لولاية جديدة أمس. ستكون المعركة شرسة. وستسقط فيها كل الاعتبارات التفصيلية الداخلية أو الخارجية. فلا يعود مكان للنقاش في ماهية الموقف الأميركي، وإذا ما كان هناك خطّ أحمر لحماية حاكم مصرف لبنان، أو رفع الغطاء عنه لرحيله. هذا كله صار تفاصيل صغيرة. لبنان أصبح في مكان آخر. جملة حسان دياب: "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"، مستوحاة من كنوز حزب الله الخطابية الثورية. ربح دياب في إطلالته وظهوره بمظهر القائد الثوري العام، على الرغم نفيه أن تكون الحكومة محكمة ثورية. لكنّه حذّر العابثين بأمن البلد واستقراره المالي. وهو حتماً يقصد القوى السياسية المعارضة له ولعهد ميشال عون. وهو حاول أيضاً وضع هذه القوى في مواجهة الناس، عندما تحدث عن توزيع المساعدات التي قد تتعرقل بسبب قطع الطرق. يقول إنه يريد المحاسبة؟ بين يديه شواهد كثيرة على التدخلات في القضاء، من التشكيلات إلى عامر الفاخوري، والمشكلة في المحكمة العسكرية، وسواها من تدخلات. التهديد الذي أطلقه للصرّافين، يجب أن يُقرن بإجراءات عملانية، لا الاكتفاء بإطلاق المواقف الكلامية.

لا حاجة لسلامة!

عون لن يتراجع عن معركته ضد سلامة. خسارة جولة لا تعني خسارته المعركة. ربما لم يعد من داع لوجود سلامة، حتى بالنسبة إلى الأميركيين. فالعقوبات الأميركية غابت عن السمع منذ أشهر، بسبب انهيار القطاع المصرفي. لم يعد من حاجة لرياض سلامة. فلبنان خلا من الدولارات، وليس من أموال لسوسها، أو لهندساتها والإشراف على حركتها وتحويلاتها. حركة الدولار متوقفة في المصارف، وبالتالي المراسلة مع الخارج والتحويلات متوقفة. على الطريق سيصادف الجميع صدامات كثيرة، وتوترات عنيفة. لكنها معركة الوجود الأخيرة التي يخوضها حزب الله وعون لإعلان إطباقهما الكامل على لبنان، مستفيدين من ارتكابات سلامة، وضعف خصومهما، والباحثين عن بيع ما لديهم على مسرح التفاوض الخارجي لتكريس الوجهة الجديدة للبنان. وهذا على طريقة بازارات البعث التي غيّرت أحوال سوريا بالبيع والشراء من الستينيات إلى اليوم.

 

عن الحريرية والديابية.. ورياض سلامة

أحمد بيضون/المدن/25 نيسان/2020

هجومُ حسّان دياب على رياض سلامة والمصارف يؤولُ إلى إخراج الأزمةِ الماليّة التي تتخبّط فيها البلاد من النظام السياسيّ وعالَمِ السياسةِ بأسْرِهما وتحويلِها إلى ركامٍ من الجرائم العاديّة تصدّرها وغطّاها حاكمُ المصْرف المركزيّ ولا شَأنَ للدولةِ بها بما هي دولة ونظام. يُسْعِفُ هذا الهجومُ أيضاً طموحَ الحلفِ الحاكم فعلاً إلى وضعِ اليدِ على مصرِفِ لبنان، بعد اتّخاذِ حاكِمِهِ كَبْشَ محرقةٍ، وهذا في مساق وضعِ الحلْفِ المذكورِ يدَهُ على"الدولة" لا على "السُلْطةِ" وحْدَها.

رأسُ ما يُغْفِلُه دياب أنّهُ مسؤولٌ في دولةٍ مدينةٍ للمصارفِ، وبالتالي للمودِعين، بسبعين مليار دولار، على الأقلّ، (هي جملةُ الدَيْنِ العامّ الداخليّ) وأنّ هذه الدولةَ باتت عاجزةً عجزاً معلَناً عن الوفاءِ بالتزاماتِها المتعلّقةِ بالدَيْنِ العامّ، الداخليِّ منه والخارجيّ.

لذا كان السؤالُ الأوّلُ المستحقُّ - قبْلَ ذاكَ المتعلّقِ بالتَهْريبِ الحديثِ العهدِ للأموال - هو المتعلّقَ بهذا الدَيْنِ المهولِ ووجوه إنفاقِه وضوابطه، وهي ما سكتَ عنه حسّان دياب كلّيّاً. لذا أيضاً كان السؤالُ الثاني هو المتعلّقَ بسياسةِ إقراضِ الدولةِ أموالَ المودِعين وقد مضت فيها المصارف قدُماً غيَْرَ متّعظةٍ بامتناعِ المقرضين الخارجيّين في السنوات الثلاث الأخيرة عن إقراضِ دولةٍ باتوا عالمينَ باتّجاهها نحو الإفلاس. ويتفرّع من هذا السؤال سؤالُ المصرفِ المركزيِّ وحاكمِهِ عن سياسةِ الفوائدِ التي اعتُمِدت لإغراءِ المصارفِ المتخمةِ بالودائع بتوجيهِ معظمِ استثْمارها إلى دولةٍ موغِلةٍ في أسلوبِ المناهبةِ الطائفيّةِ وثابتةِ العجزِ عن إصلاحِ نَفْسِها ومنقوصةِ السيادةِ ومتكرّرةِ التعثّرِ عند مواجهتِها كلَّ استحقاقٍ دستوريٍّ أو قرارٍ ذي أهمّية.

ولكنّ لومَ المصارِفِ والمصرفِ المركزيِّ على هذه السياسة، وإنْ يَكُنْ مستَحَقّاً، لا يعفي من الحسابِ جُمْلةَ الحاكمين الذين موّلوا حُكْمَهم (وفسادَهم) على هذه الشاكلة. ولا يختَلِفُ في هذا قديمُ ما بَعْدَ الحربِ عن جديدِ ما بعد 2005، خصوصاً وأنّ القديمَ كان فيه المفوّضُ السامي السوريّ وتابعوه وأنّ الحلفَ الحاكمَ الذي ينطقُ باسمه حسّان دياب إنّما هو الوريثُ الشرعيّ لهؤلاء أمْسِ واليوم.

ذاكَ أصْلُ الأزمةِ التي يحْتَمَلُ جدّاً أن تكون المصارفُ والمودِعون الكبار واجهوها بتهريبِ أموالِهِم، في الحينِ الذي كان فيه سائرُ المودعين يُذَلّونَ ويُسْرَقون، ويُحْتَمَلُ جدّاً أنّ يكونَ حاكمُ المصرفِ المركزيّ غطّى سلوكَهم هذا. ولكنّ علينا الانتباه، فضلاً عمّا سبَقَ، إلى كون الحكومةِ، من حريريّةٍ وديابيّةٍ، غطّت، في أشهُرِ الأزمةِ هذه، سياسةً مصْرِفيّةً حيالَ الودائعِ والمودِعين لم تكن سياسةَ مصرف لبنان، بالدرجةِ الأولى، بل كانت ولا تَزالُ سياسةَ المصارفِ وجمعيّتِها التي غضّت الدولةُ كلُّها النظرَ عن تنصيبِها نفْسَها سلطةً مشترعةً لنفْسِها وتربُّعِها فوقَ سلطةِ الدستور والقوانين الجارية. وهذا من جهةِ الدولةِ، بما فيها دولةُ حسّان دياب، غضُّ نظَرٍ يجدُ تفسيرَه الأوّلَ (وليسَ الوحيدَ) في كونِ المصارفِ لها دالّةُ المقْرِضِ الوحيدِ لدولةٍ باتت عاجزةً عن دفعِ الفوائدِ ناهيكَ بالأصول. ذاكَ، في كلّ حالٍ، ما ارتأت جمعيّةُ المصارف أن تلفتَ الدولةَ إليه في بيانٍ استثنائيٍّ لمّا يجفّ حبرُه...

يبقى ردُّ سعد الحريري على بيان دياب. يُسَجّلُ لهذا الردِّ ردُّ الأزمةَ إلى أرضِ السياسةِ وذاك بنبشهِ جذوراً ضخمةً لها في قطاعِ الكهرباء وفي التعطيلِ المتكرّرِ والمتمادي لمؤسّساتِ الدولةِ الدستوريّة، إلخ. ولكنّ الحريري يجانبُ كلَّ صوابٍ حينَ يفترضُ أنّ هذه الوقائعَ (وهي دامغةٌ) تُسَوّغُ حمايتَهُ حاكمَ مصرف لبنان وترفعُ عن كاهلِه هو وكاهِلِ حلْفِه عبْءَ مسؤوليّةِ الخرابِ الذي انتهت إليهِ البلاد. أَزْمةُ لبنان أزمةُ نظامِهِ السياسيِّ، والوجْهُ الماليُّ من وجوهِها فَرْعٌ من أَصْل...

 

هل توقّفت المواجهة بين برّي ودياب أم ستُستَتبع فصولها؟

ابراهيم بيرم /النهار/25 نيسان/2020

هل وضعت زيارة الساعد الأيمن لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الوزير السابق علي حسن خليل، لرئيس الحكومة حسان دياب، حدّاً للحملة التي أطلقتها عين التينة منذ فترة على شاغل كرسي الرئاسة الثالثة، أم أنها مجرد هدنة فرضتها “النقمة” التي عبّرت عنها شريحة واسعة عندما رصدت لهجة الخطابات الخشنة التي خاطب فيها رئيس المجلس دياب في جلسة الأونيسكو؟

لا ريب أن ثمة من فسّر زيارة خليل إلى دياب على أنها نوع من مراضاة الخواطر من جانب الرئاسة الثانية على تعامل عدَّه البعض بأنه خشن من جهة، واتساع دائرة التعاطف مع دياب، وأثار امتعاضاً مكتوماً لدى “حزب الله من حملة طالت حكومة يصرّ الحزب على تأمين الدعم المعنوي لها يومياً، وقد تجلى هذا الامتعاض للضالعين بخفايا المشهد وخلفياته في الإطلالة الإعلامية لسيد الحزب السيد حسن نصرالله، وعزوفه عن الكلام في الوضع السياسي والحكومة بالذات، إذ إن ذلك هو بحد ذاته موقف اعتراضي عند العالمين بالبواطن، علم تأويله وتفسير أبعاده. ولم يعد خافياً أن بري لم يترك مناسبة منذ نيل الحكومة ثقة المجلس قبل نحو ثلاثة أشهر، من دون أن يكتم تحفظاته عن أداء الرئيس دياب، ومن دون أن يستنكف عن توجيه سهام النقد إليه.

العلّة الضمنية بحسب المتعاطفين مع دياب، أن رئيس المجلس يروم نوعاً من “التطويع” لهذا الآتي حديثاً ومن خارج النادي السياسي إلى سدة الرئاسة الثالثة، وهو ربما يجهل أو يتجاهل قواعد التعامل التي أرساها رئيس السلطة التشريعية مع رؤساء الحكومات المتعاقبين منذ دخوله في أواسط الثمانينيات عالم الحكم والوزارة، والتي استلزمت كما هو معلوم جولات من الصراع والمساجلة، قبل أن تتطبّع هذه العلاقة وفق نمط معين. ولعل الناس ما زالوا يذكرون في هذا الإطار، تراجع الرئيس الراحل رفيق الحريري أمام هجمة من بري وهو يقول قولته الشهيرة: “بيمون أبو مصطفى”، ليفتح بعدها الحريري صفحة إيجابية من التعامل مع شريكه في الحكم، بعدما استوعب الحدود وتكيّف مع القواعد.

والجلي في الأمر أخيراً أن بري وجّه رسالة أولى في وجه دياب عندما هدّد بسحب وزيريه في الحكومة احتجاجاً على عدم التعامل جدياً مع مطلبه بإعادة المغتربين بحجة انتفاء القدرات، لكن يبدو أن دياب بقي ماضياً على نمط التعامل السابق مع عين التينة، والذي يحاول عبره إرساء أسس دور وموقع استقلالي وسطي، فكانت المواجهة الثانية في رحاب قصر الأونيسكو، والتي أتت أيضاً بعد رسائل عدة بعث بها لدياب فحواها: أنا من مرّر جلسة منحك الثقة، ولولا ذلك لما مرّ الأمر بسلام في حينه.

لحظة المواجهة الحامية تلك كان كثر يتوقعون حدوثها، خصوصاً مع عدم كفّ بري عن توجيه رسائل في كل الاتجاهات فحواها أن يكيّف نفسه على قبول حكومة دياب، لكن الثابت أنها لم تأت رياحها وفق ما تشتهيه سفن بري، لذا فعلت فعلاً عكسياً وظهر دياب في موقع “الضحية والمظلوم” .

فالاشتباك مع دياب أتى في لحظة تكشَّف معها أكثر من أي وقت مضى، عجز الطبقة السياسية بكل تلاوينها عن وقف الانهيار النقدي، وتبدّى فيها أيضاً تهرّب قوى السياسة في المجلس عن التصويت لمصلحة قرارات تمنح الطبقات الفقيرة بعض الدعم في ظل أزمة اقتصادية خانقة.

وبمعنى آخر، أتى الاشتباك مع دياب، لحظة فقد فيها السياسيون آخر بريق لهم، وبدوا مسؤولين بشكل أو بآخر عن التداعي المفتوح على كل الاحتمالات السوداوية.

وما زاد منسوب تعاطف البعض مع دياب أنه ربما للمرة الأولى بدا وكأنه يتوجه نحو مواجهة مفصلية مع حاكم مصرف لبنان تحت ذريعة تفرده بالقرارات والتدابير المالية دون التنسيق مع الحكومة، وهو فعلٌ لم يجرؤ أحد رؤساء الحكومات أو حتى المسؤولين على الإقدام عليه والمضي به.

وبناء عليه، فإن السؤال هو: هل اقتنع بري بصعوبة احتواء دياب في هذه اللحظة، فاكتفى بالمنازلة الأخيرة معه، أم أن للأمر تتمة ستلي؟

إذا صدقت المعلومات القائلة بأن بري وسواه قد باتوا على قناعة بأن دياب وحكومته هما “القدر المحتوم” من الآن إلى نهاية العهد الحالي، حتى وإن اضطرت إلى الاستقالة، وهذا أضعف الإيمان، وهو ما عبّر عنه لسان بري أكثر من مرة، فإن ذلك ربما اعتبره البعض مؤشراً على نية مضمرة من جانب بري بالاكتفاء بحدود المواجهتين المعلنتين والأخرى المضمرة.

فضلاً عن ذلك، فإن من هم في جو مقر الرئاسة الثانية يعتبرون أن سيدها يستشعر أمرين لا يمكن المضي قدماً فيهما.

الأول: أنه ومن موقعه كزعيم لحركة شعبية يفترض أن قاعدتها الأوسع من “المحرومين” والشرائح دون المتوسطة اجتماعياً، مطلوب منه، دور أفعل في مواجهة الأزمة الاقتصادية الخطرة ودرء الانهيار الحاصل، فمن غير المقنع رمي المسؤولية على عاتق الحكومة والقول إنها مطالبة بإجراءات تردع انهيار العملة الوطنية وما يليها من غلاء في أسعار الضروريات الحياتية، خصوصاً أن أي عودة مرتقبة للحراك الشعبي في الشارع ستعيد إحياء الاستهدافات له بصفته واحداً من أركان العملية السياسية منذ انطلاق العمل باتفاق الطائف.

الثاني: أن استهدافاً  لدور وزير المال المحسوب عليه بدأت به بعض الأوساط مشككة بالوزير.

وفي كل الأحوال وحتى إشعار آخر وفصل آخر، ثمة من يرى أن تسعير المواجهة مع الحكومة، ينطوي على رغبة بحرف الأنظار عن قضايا أخرى وأدوار مطلوبة على جناح السرعة، إلى أن يثبت العكس.

 

لبنان على عتبة انفجار اجتماعي

كارولين عاكوم/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

بين الخوف من انتشار فيروس «كورونا» والقلق على المستقبل مع الظروف الاجتماعية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار وحجز المصارف على أموالهم، يبدو أن الانفجار الاجتماعي بات قريبا بعدما دخل لبنان فعليا مرحلة الانهيار الاقتصادي.

وبعد أكثر من شهر ونصف الشهر على التعبئة العامة المستمرة لمواجهة كورونا، وما سبقها من أشهر طويلة من الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم، أصبح اللبنانيون أمام حائط مسدود في غياب أي خطة واضحة من قبل السلطة للخروج من المأزق.

وإذا كانت فئة منهم لا تزال قادرة على الصمود وتأمين لقمة العيش بالحد الأدنى فإن القسم الأكبر من الشعب اللبناني بات اليوم متساوياً في المستوى المعيشي وفي الخوف على صحته التي باتت مهدّدة بخطر الإصابة بفيروس كورونا.

وبعدما كان البنك الدولي قد حذّر نهاية العام الماضي من أن يصبح 50 في المائة من الشعب اللبناني تحت خط الفقر، أعلن أمس وزير الصناعة عماد حب الله أنّ نسبة الفقر في لبنان وصلت إلى 55 في المائة بناء على تقديرات البنك الدولي، مجددا التأكيد على بطالة وأزمة سيولة وعجز في الميزان التجاري.

أمام هذا الواقع، يؤكد مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، والأستاذة في علم الاجتماع منى فياض، أن الشعب اللبناني لن يصمد كثيرا وسيعود إلى الشارع حتى قبل إنهاء التعبئة العامة بعدما فقد أي أمل بالتغيير.

وتقول فياض لـ«الشرق الأوسط» «الوضع خطير واللبناني بات يعيش كل يوم بيومه لتأمين لقمة عيشه، وإذا كانت أزمة كورونا انعكست سلبا على اقتصاد دول العالم فنحن نعيش الانهيار قبل انتشار الوباء الذي أتى ليضاعف أزماتنا، فيما الحكومة تتفرّج وكأنها غير معنية بكل ما يحصل». من هنا، تؤكد «أن الشعب اللبناني لن ينتظر طويلا والثورة ستستعيد زخمها قريبا، وهو ما بات يبحث جديا فيما بين مجموعات الناشطين، للتحرك مع اتخاذ إجراءات الحماية من كورونا، وما حصل خلال جلسات البرلمان الأخيرة، مؤشر واضح على هذا الأمر».

بدوره، يرى نادر أن لبنان دخل مرحلة الانهيار الاقتصادي وبات الانفجار الاجتماعي قريبا، بعدما خرجت الأمور عن السيطرة في غياب أي ضوابط والسقوط في الهاوية بات حتميا، والدليل ما يحصل من فوضى في سعر صرف الدولار الذي قارب 4 آلاف ليرة».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» «الحكومة لا تزال غير قادرة على وضع خطة إصلاحية. يتعاملون مع الوضع وكأن لديهم الكثير من الوقت فيما يعيش اللبنانيون قلق لقمة العيش والخوف من انتشار الوباء الذي قضى بدوره على ما تبقى من أعمال ومؤسسات وأدى إلى صرف آلاف الموظفين».

ويلفت إلى أنه وبدل أن تستغل الحكومة هذا الوقت لاتخاذ قرارات حاسمة من شأنها من تضع الأمور على الطريق الصحيح، كأن تطلب دعم صندوق النقد الدولي، باتت قرارات وتعاميم مصرف لبنان هي التي تتحكم بحياة المواطن وأمواله، فيما يفترض أن يكون مجلس الوزراء هو المسؤول على مواجهة الأزمات وليس المصرف المركزي، وذلك في تعد واضح على الملكية الفردية وقانون النقد والتسليف».

ويعتبر أن «هذا الواقع جعل اللبنانيين متساوين في الفقر بعدما كان واضحا أن تعاميم مصرف لبنان الأخيرة التي تسمح بسحب ودائع الدولار بالليرة اللبنانية بسعر السوق، تستهدف فقط صغار المودعين الذين يحتفظون بأموالهم في لبنان ودفعوا بالتالي فاتورة الأزمة، عبر «هيركات» غير مباشر». وفيما يحذّر نادر من شح المواد الغذائية في المرحلة المقبلة بعدما ارتفعت أسعارها إلى مستوى غير مسبوق نتيجة فقدان الدولار من السوق وارتفاع سعر صرفه إلى أعلى مستوياته، يرى أن الشعب اللبناني الذي كسر حاجز الخوف على صحته وإجراءات التعبئة العامة للتحرك ضد السلطة، لن يبقى ساكتا طويلا وسيخرج مجددا إلى الشارع رفضا لهذا الواقع.

 

دولة ”الرؤوس الثلاثة” مسؤولة… و”المركزي” والمصارف

سركيس نعوم/النهار/25 نيسان/2020

“الموقف هذا النهار” في معالجته الإعلامية لانهيار الليرة اللبنانية وفقدان المصارف سيولتها وانخفاض احتياط مصرف لبنان الى حدٍ مقلق بل مرعب لا يقف في صف المدافعين عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة “ظالماً كان أم مظلوماً”. ولا يقف في صف المصارف وجمعيتها التي استسلمت له ومن زمان جرّاء المكاسب التي أمّنها لها سواء كانت مسؤولة عن أوضاعها الصعبة والأوضاع الصعبة لوادعي أموالهم فيها، وفي الوقت نفسه لدولة لبنان و”شعوبه” ونظامه الديموقراطي البرلماني الجمهوري الليبيرالي الحر، أو إذا كانت شريكة في المسؤولية أو بريئة منها “براءة الذئب من دم ابن يعقوب”. كما أن “الموقف” لا يدافع عن الدولة الموجودة اسماً والفاشلة فعلاً محمِّلاً مسؤولية الانهيار لآخرين ومبرّئاً إياها من كل جنحة أو جرم أو ارتكاب. والحلقات الأربع الأخيرة منه خير دليل على ذلك. و”الموقف” لن يغيّر مساره لأن كاتبه ليس “مربوطاً” بأي من هؤلاء سواء بالمال نظيفاً كان وطاهراً أو وسخاً كي لا نستعمل صفة أخرى، أو بالطموح الى أي موقع. فالباقي من الحياة صار أقل من الذي انقضى والسمعة الجيدة والاحترام سواء مع محبة أو من دونها أهم بكثير من المواقع وأموال الفاسدين ومواقع المرتكبين.

“الموقف هذا النهار” يسعى فقط الى لفت الناس الى أن المدافعين عن كل من هؤلاء الأطراف الثلاثة يتوسلّون الفتنة طائفية أو مذهبية في الدرجة الأولى دفاعاً عن شخص أو عن موقع. فهل يستحق أي شخص أو أي موقع وأي شاغل له إعادة البلاد الى حرب أهلية – طائفية – مذهبية تحقيقاً لمصالح داخلية أنانية أو تأميناً لمصالح خارجية أي إقليمية ودولية لم يكن لبنان لأصحابها إلا ساحة رغم تغنّي بعض هؤلاء به وبحريته وديموقراطيته والعيش المشترك الاسلامي – المسيحي فيه. والبعض الآخر من هؤلاء بنضاله ضد إسرائيل العدوّة وحاميتها أميركا والغرب عموماً، والبعض الثالث منهم بالعروبة الحقّة والاسلام الحنيف المقاوم للإسلاميين “الشعوبيين” كما كانوا يسمون. طبعاً لا. انطلاقاً من ذلك لا بد من تنبيه الناس الى أن الدفاع عن حاكم “المركزي” رياض سلامة فقط لأنه مسيحي ماروني يتولّى أرفع مركز غير سياسي في الدولة ومطالبة بكركي بالتدخل لحمايته يؤذيه جداً ويضر المسيحيين عموماً. ذلك أن الدفاع عنه يكون بإظهار عدم مسؤوليته عن الانهيار النقدي – المصرفي – المالي الحاصل سواء تصرّف بمفرده أم كان له شركاء. كما أن الدفاع عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و”تياره الوطني الحر” ورئيسه الذي هو في الوقت نفسه “ولي عهده” لا يستقيم إذا كان هدفه ضرب اتفاق الطائف ونصوصه واستعادة سيطرة المسيحيين أو بالأحرى مسيحييه على المواقع الأساسية والأكثر نفوذاً وفاعلية في الدولة، كما استعادة مواقع دنيا لا قيمة “نفوذية” لها رغم ضرورتها (رفض توقيع مراسيم دستورية وقانونية لأن المسلمين المستحقين فيها أكثر من المسيحيين، ولأن الأخيرين يستنكفون عن دخول الدولة إلا في المواقع الكبيرة). ويذكرنا ذلك بالقول العامي “عرّم يا جوخ صاحبك طفران”. والطفر هنا هو الادعاء الذي يعبّر عنه قول عامي آخر ذو دلالة مهمة “المهم نعرِّم ولو على خازوق”.

أما الدفاع عن الدولة ونظامها المكتوب والعرفي الذي يمكن اعتباره متقدماً يوم كان أساسه دستور 1926، ويوم صار أساسه دستور الطائف 1989، فإنه لا يستقيم في الظروف الحالية الصعبة. إذ أن الهدف من الثورة والثورة المضادة عام 1958 كان مثلث الأضلع. الأول منع الرئيس كميل شمعون من تجديد ولايته خلافاً للدستور. والثاني فوران الشعور القومي العربي الوحدوي الذي أطلقه في المنطقة العربية الرئيس جمال عبدالناصر. أما الثالث فكان خيبة المسلمين من إحجام المسيحيين الذين سلّمتهم فرنسا المنتدبة حكم لبنان عن جعل الشراكة بين أبناء الطائفتين فعلية. علماً أن مبرّرَي الخوف والغبن اللذان استُعملا في حينه كانا حقيقيين. وأما من يُدافع عن دولة الطائف من كل المذاهب والطوائف ومن المسؤولين والمرجعيات والسياسيين والأحزاب. وأيضاً من الناس المؤيدين لهم بعد اقتسام كل طائفة من هؤلاء الرئاسات الثلاث والإدارات والمؤسسات الأمنية والقضائية والعسكرية بعدما صار كل منها يمتلك حق “الفيتو” وتالياً قادراً على التعطيل والفوضى والسرقة والنهب والفساد وتوظيف البلاد وناسها لتأمين مصالح جهات دولية وإقليمية متناقضة في مقابل “فضة” زمان التي تساوي اليوم مئات ملايين الدولارات وحتى مليارات لا سيما إذا جُمعت على مدى السنوات وتحديداً من 1975 حتى اليوم.

فحكّام هذه الدولة هم المسؤولون أولاً وبعدما شوّهوا دستور لبنان وحرّفوه ومزّقوا قوانينه أو عطّلوها وبعدما قضوا على النظام الديموقراطي البرلماني الجمهوري الليبيرالي وبعدما ضربوا الاقتصاد الحر، وليس رياض سلامة وحده الذي تنحصر مسؤوليته في أن تعيينه قام به هؤلاء وأن إساءة إدارته الملف المالي “المركزي” والرسمي والمصرفي تمت بمعرفتهم وأمّنت مصالحهم المتنوّعة. وهم مسؤولون أيضاً لا “حزب الله” وإيران راعيته بل ومؤسِّسته رغم أنه لا يؤمن بالنظام اللبناني وعنده مشروعه الخاص المتوافق مع المشروع الإقليمي للأخيرة. علماً أنه لا يستطيع أن ينكر مسؤوليته أيضاً لأنه كان دائماً جزءاً من اللعبة حتى عندما كان بعيداً من السياسة اللبنانية ثم صار سيِّدها بعدما دخلها من الأبواب الواسعة، كما بعدما غابت شمس الآخرين الخارجيين طبعاً وبعض الداخليين. و”حركة أمل” مسؤولة أيضاً والأحزاب المسيحية مسؤولة كلها كما الحزب “الدرزي الأبرز” بزعيمه الأبرز. أما “المستقبل” السنّي فمسؤوليته قائمة وكبيرة اذ شارك ومن زمان أطراف البلاد كلهم في عملية “البيع والشراء” وتأمين المصالح. طبعاً يجب عدم إغفال عرب الخليج ودورهم في ضرب النظام اللبناني ومن زمان. وقد ازداد هذا الضرب بعدما صارت إيران شريكاً مضارباً لهم في المنطقة ثم شريكاً رسمياً، كما بعدما حلّت مكانهم في مناطق عدّة وبدأت تهدّدهم من داخل بلدانهم.

في اختصار إن “المدافعين” عن النظام اليوم لم يؤمنوا به يوماً لكنهم يريدون المحافظة على مصالحهم المالية والزعاماتية. وكل منهم له لبنانه ونظام له، وكلهم يحاولون معرفة إذا كان الانهيار الحالي سيفتح باب التغيير الشامل إذا أعقبه انفجار شعبي دموي وتطوّر معيّن في مواقف الجهات الاقليمية والدولية المعنية. وتفكير بعضهم في جعل سلامة “كبش محرقة” خطأ لأنه لن يحل المشاكل كلها وحده. وتبرئته كما تبرئة المصارف في غير محلها وكذلك “الرؤساء الثلاثة” لدولة لبنان وأحزابها وطوائفها والمذاهب. طبعاً الحلّ ليس سهلاً وربما تخفّف من صعوباته بعض الشيء العودة الى الضمير والوعي والقيم الدينية الحقيقية لا المشوّهة كما القيم الوطنية.

 

لعنة ميشال عون.. وقدر سمير جعجع

مارك مالك /موقع اساس ميديا/السبت 25 نيسان 2020

منذ بدايات ظهور ميشال عون على الساحة السياسية في العام 1988، انحسرت المساحات المسيحية بين دينامكيتين، قوّاتية وعونية، وتراجعت باقي الأحزاب إلى شفير الاضمحلال، وبدأ صراعٌ حقيقي، خفيّ في البداية، بين القوّتين المارونيتين المسلحتين بترسانتين عسكريتين ضخمتين، وبعشق المنتمين إليهما كأنبياء.

خلق ميشال عون حالة استثنائية في حينه ونجح في جذب الرأي العام عبر لباس الشرعية، واضعاً القوّات وسمير جعجع في موضع المتّهم الذي "يسيطر على المعابر، ويأخذ الخوّة على البنزين والخبز للمجهود الحربي"... ليكون ثمن إراحة الناس من بضع ليرات على كل مواطن صُرفت في اتجاه دعم جيش"المقاومة اللبنانية"، تلك التي كان عون جزءاً منها في زمن بشير الجميل باسم "رعد".. ليكون ثمن ذلك تأييداً شعبياً منقطع النظير لحروب عون ضدّ القوّات بدايةً في 14 شباط 1989، أوقفها جعجع في يومٍ واحد عبر مبادرته بالصعود إلى بعبدا. لكن تلتها بعد شهر واحد في 14 آذار من العام نفسه مواجهة ساذجة ضدّ الجيش السوري تحت عنوان "حرب التحرير" انتهت بوقف إطلاق النار بين لبنانيين، لا علاقة للسوريين فيه، وبرعاية عربية ومظلّة دولية.

وكان اتفاق الطائف الذي عرض على عون وزارة الدفاع ووزارات أخرى، أما رئاسة الجمهورية فكانت للشهيد رينيه معوض، الذي سقط نتيجة عدم انصياعه لإرادة السوريين.

أمام هذه المحصّلة الأولى من الجزء الأوّل من علاقة عون – جعجع، انتهت الحالة العونية – القواتية إلى حرب ثالثة عنوانها "حرب الإلغاء"، وضع أوزارها عون في كانون الثاني 1990 لرفضه اتفاق الطائف بشعار جديد يخفي خلفه الجموح الرئاسي الذي لا يتوقّف: "لا للطائف، لا لعملائه".

ثلاث حروب كبيرة في أقلّ من عشرة أشهر تلاها بعد سنة انهيار مشروع عون ووصول الياس الهرواي إلى بعبدا بعد عملية 13 تشرين ودخول الجيش السوري إلى بعبدا.

خلال الفصل الأوّل من هذه العلاقة، حاول جعجع مراراً توحيد القيادة السياسية مع عون عبر تكراره الطلب بتوسيع الحكومة العسكرية في حينه والتي اقتصرت على ثلاثة ضباط، لكن من دون جدوى، فكان أن تتالت الحروب لتنتهي بإنهاك قوى "القوّات" العسكرية، وانتهاء قوّة عون العسكرية إلى ثنائية عدائية فاشلة، ليصبح عون قدراً لجعجع عبر قراراته الرعناء التي أدّت إلى انهيارات متتالية من دون أيّ مكسب حقيقي على الإطلاق، باستثناء "مناعة القطيع" الماروني الذي حصد أكثريته عبر الشعار، وحصد مع هذه المناعة مجموعة شخصيات سياسية وإعلامية باحثة عن دور وموقع. فكانت لها ساحة بعبدا لتعبّر عن تأييدها، ولا موقع، وفُتحت لها باحة الإعلام لتغرق في حبر الضغينة والتحريض.. ولا موقع.

عندما تخلّى عون عن جعجع ألحقت لعنة جعجع به الهزيمة ليلجأ إلى فرنسا، وعندما أُجبر جعجع على مواجهة عون انهار كلّ ما سعى إلى بنائه ليتمّ اعتقاله بعد استمراره في الرفض ولو وحيداً، بل يتيماً، من دون حليف حقيقي.

مرّت سنوات عجاف، ليلتقي الضدّان من جديد، وتعود اللعبة إلى الصفر وكأنّها مباراة الثأر.. وعاد عون قدراً لجعجع ليقاتله مجاناً معتمداً على "الأسلحة السورية" لغايته (القضاء والأحكام في زمن الوصاية)، بل قل كلّ أنواع الأسلحة، ممعنةً في محاولات تشويه صورة الرجل وأبلسته ومحاولاً تصفير سني اعتقاله السياسي وتحويلها من عملٍ بطولي إلى عقوبة طبيعية. فاستعرت من جديد بين القوات والعونيين لتبلغ حدود إلغاء الآخر ولو من دون دماء.

دخل عون إلى بعبدا وعاد الزمن إلى الوراء مرةً اخرى. أسقط اتفاق الشراكة وخصوصاً البند (ز) منه، وأهمل تطوير العلاقة مع القوات ورمى جانباً بورقة النيّات، وبالنيّات نفسها، وتنازل عن سياسات الإصلاح التي اتفق مع القوات عليها، بل عمل صهره على عكسها

وكان مساءٌ وكان صباح يومٍ آخر، لتتدخّل الأحداث والحسابات المسطّحة لبعض حلفاء جعجع، وتحوّل ميشال عون قدراً له من جديد... وهكذا وبعد كل ما سال من حبر على رقص الشياطين، تأبّط عون حلمه الرئاسي الثقيل والطويل وسار إلى معراب في ليلةٍ عاصفة من ليالي كانون الثاني طوى معها صفحاتٍ قاسيات، وقرّر على ما قال: "لا يجب أن ننسى حتّى لا نكرّر الخطأ مرّة أخرى، لكن يجب أن نتعلّم ونضع أيدينا بأيدي بعض لأجل المستقبل..." ومن ثمّ سقطت ورقة سليمان فرنجية ورقص القواتيون مع العونيين في مسيرات واحدة وعلى وقع أغاني "أوعا خيك" وسواها مما نسجته الرغبة الشعبية المسيحية الجامحة من عامة ونُخب إلى تلك المصالحة التاريخية.

إنّه ميشال عون، قدر سمير جعجع!

دخل عون إلى بعبدا وعاد الزمن إلى الوراء مرةً اخرى. أسقط اتفاق الشراكة وخصوصاً البند (ز) منه، وأهمل تطوير العلاقة مع القوات ورمى جانباً بورقة النيّات، وبالنيّات نفسها، وتنازل عن سياسات الإصلاح التي اتفق مع القوات عليها، بل عمل صهره على عكسها، وأصبح لقاؤه مع سمير جعجع مدعاةً لرفع العتب، فأمست التصدّعات بين الرجلين تتحوّل إلى انهيارات، لتكبر كرة الثلج وتكبر وتتراكم أحزان الناس والمآسي في زمنٍ وعهدٍ يفترض فيه أن يكون عهد السير معاً ليكون العهد القوي. ولكن كلّما اهتزّت الثقة وحضرت الخيانات، سقطت اللعنات من جديد...

وتنطلق ثورة 17 تشرين و"هيلا هيلا هو" على عهد عون مرّة ثانية، وبعد ثلاثين سنة من انتظاراته، وكأنّه الفصل الثالث والأخير من حكاية ضدّين، طال انتظار ضدٍّ منهما لثلاثين سنة، ليظهر حسنه الضدُّ، وتسقط أبلسته ويُسقط بدوره عهداً قيّض له أن يكون الأقوى، فيُسقطه في نصفه بمصالحة، فتخلٍّ، فلعنة، فقدَر.

إنّه سمير جعجع، لعنة ميشال عون.

 

فتش عن الرئاسة بين رياض وجبران .. وسليمان وسمير

إيلي الحاج/اساس ميديا/الأحد 26 نيسان 2020

كان المُفترض ألّا يُجدّد في عهد ميشال عون الرئاسي لرياض سلامة في حاكمية مصرف لبنات.، فالرجل مرشح دائم يُطرَح اسمُه تلقائياً لرئاسة الجمهورية، ويشكّل خطراً محتملاً على مشروع المرشّح جبران باسيل، الذي صرف العهد معظم وقته وجهده ورصيده عليه، بدل تغيير وإصلاح كان ينادي بهما.

عندما جاءت عامّية 17 تشرين جُرفت حظوظ باسيل وسلامة معاً. تنفّس سمير جعجع وسليمان فرنجية الصعداء، لكن لبنان كان بدأ مرحلة الاختناق النهائي.

تُجسّد رئاسة الجمهورية الغاية القصوى لكلّ زعيم ماروني، يخوض معركتها قبل سنين بقواعد أشبه بلعبة كرة القدم: اندفاع، وهجوم، وارتداد، وقطع طريق على مهاجم خصم، وتمريرات... في انتظار لحظة التسجيل.

لم يفعل ميشال عون طوال الزمن الذي سمع الناس باسمه غير سعي دؤوب إلى الرئاسة. دعونا من الشعارات. عندما ربحها استراح كأنّه اليوم السابع بعد الخلق.

صحيح أن بعض مداخلاته وتعليقاته ينمّ عن عدم إدراك لحقيقة الأوضاع، كما عند قوله لأحد الوفود التي زارته في بعبدا قبل أيام من 17 تشرين: إنّ "العهد نجح... ونجح منيح". ولكن مَن يهزّه. حرسه الجمهوري "حزب الله"، مع الدولة العميقة والدولة الظاهرة والطائفة.

سلامة ليس محميّاً أقلّ: طائفته من جهة، وأصحاب المصارف من جهة، وفوقهم يحميه توازن يحكم لبنان بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. فإذا تعذّر على فريق السلطة الحالي تعيين نائب ثالث له بديل من النائب الحالي محمد بعاصيري بسبب موقف أميركي داعم لبعاصيري، فكيف بتعيين بديل من الحاكم نفسه؟

ثم إنّ سلامة قوي أيضاً بقوته الذاتية. عرف مدى السنوات الـ27 الماضية أن ينسج شبكة علاقات ومصالح سياسية وإعلامية، عابرة للطوائف والمناطق والأحزاب والاصطفافات في شكل يبعث على العجب، وظهرت عند استنفارها في الأيام الماضية أشدّ فاعلية من إعلام أيّ جهة سياسية أخرى في لبنان. السياسيون على أنواعهم سايرهم كثيراً رياض سلامة في التوظيفات والتسهيلات. تحت يده المصرف المركزي و"الميدل إيست" وكازينو لبنان، فضلاً عن المصارف التي لا تردّ له طلباً.

أما جيش الصحافيين والإعلاميين وأصحاب المؤسسات الإعلامية، المؤيّد منها والمروّج لسلامة في لبنان والخارج، فلم يتسنّ له أن يخوض معركة انتخاب رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، نتيجة لموقف "حزب الله" الذي اختصره أمينه العام السيد حسن نصرالله: "تريدون رئيساً؟ اذهبوا إلى مجلس النواب وانتخبوا ميشال عون".

بعد تجديد ولاية سلامة للمرة الرابعة عام 2017، والذي لم يمرّ بدون اعتراض فاسترضاءٍ لفريق الرئيس عون، اتّبع حاكم المركزي سياسة تجميد الأزمة المالية، بهندسات وتدابير متعدّدة، على غرار تجميده سعر الليرة، في انتظار انتهاء الولاية طبيعياً أو لسبب آخر. كان الاعتبار السائد أنّ طبيعة الأزمة المالية تفترض خبيراً مالياً قادراً على أعلى مستوى في الدولة. ومَن لها غير سلامة و"ضمانة الليرة"، الذي لولاه لكانت طارت الليرة وراحت الودائع؟

وثق اللبنانيون بأسطورية الرجل التي صنعها الإعلام أكثر مما وثقوا بالسياسيين، فأقبلوا على شراء السندات وإيداع أموالهم في المصارف، تغريهم الفوائد العالية. لهذا كانت صدمتهم عظيمة لاحقاً، وذكّرت الانهيارات المتسارعة في أحوال المصارف كبارهم بمآل "بنك إنترا" ويوسف بيدس.

يجد رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية نفسه بطبيعة الحال إلى جانب نبيه بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط، مع حفظ الألقاب، في مواجهة مشروع ترئيس باسيل وتغوّله على المؤسسات ولا سيما مصرف لبنان، أكبر مؤسسة للتوظيفات والخدمات المالية والمصرفية

بعد سقوط "بنك إنترا"، أقفلت المصارف أسبوعاً. وعندما فتحت أبوابها، هجم المودعون وشاهدوا كدسات هائلة من العملة موضوعة على الكونتوارات، فأحجم معظمهم عن سحب أموالهم. وفي 1996، تعرض مصرف "بلوم بنك" لهزة أحضر على أثرها شاحنة ملأى بالعملات وأنزل حمولتها أمام الناس وكاميرات الإعلام، فاستعاد الثقة بسهولة. هذه المرة يبدو الوضع أصعب، لكن سلامة فُرضت عليه المواجهة كي لا يتحوّل كبش فداء وحيداً، وهو العارف بمصدر كلّ دولار في جيب كلّ سياسي، ومساره ومكانه، بما يمنحه تفوّقاً، وإن أقفلت درب الرئاسة أمامه بانفجار الأزمة قبل الأوان المناسب.

كان الأباتي شربل قسيس ينفي وجود "مارونية سياسية" – وهو التعبير الذي أطلقه المفكّر منح الصلح – ويقول إنّ هناك "سياسة مارونية". لربما كانت ثمة سياسة مارونية لحقبة قصيرة مطلع حرب 1975 وما تلاها. والأصحّ أنّ هناك سياسيين موارنة لم يجمعهم سوى السعي إلى الرئاسة. يقدّم أركان "الحلف الثلاثي" مثلاً نموذجياً على هذا الواقع. بعد فوزهم على "النهج" في انتخابات 1968 النيابية، برع كلّ من كميل شمعون وبيار الجميّل وريمون إده في قطع طريق الرئاسة على حليفيه الآخرين، فاضطروا إلى القبول باقتراح "كتلة الوسط" ترئيس سليمان فرنجية، وما لبث أن تفوّق على زعاماتهم رغم انحصار زعامته في الشمال مقارنة بكلٍّ منهم. اليوم ثمة مشروع جبهة معارضة، لا يزال فكرة، لكن تلزمه مشاركة مسيحية. يجد رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية نفسه بطبيعة الحال إلى جانب نبيه بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط، مع حفظ الألقاب، في مواجهة مشروع ترئيس باسيل وتغوّله على المؤسسات ولا سيما مصرف لبنان، أكبر مؤسسة للتوظيفات والخدمات المالية والمصرفية. لكنّ فرنجية كجدّه الراحل زعامة شمالية. أما سمير جعجع، المتصالح مع فرنجية خلافاً لما كان عليه الوضع في مرحلة الفراغ الرئاسي قبل انتخاب عون، فيبدو مصمّماً هذه المرة على تطبيق مقولة "شرط على الحقل ولا خلاف على البيدر". لن يقبل بأن يرشّح حلفاؤه مرّة أخرى سليمان فرنجية من وراء ظهره كما حصل في 2015، لكأنّه يقول لهم: "أنا مرشّحكم للرئاسة من اليوم، وإلا فسأبقى في منطقة وسطى غائمة وأتعامل مع الجميع على القطعة".

إلا أنّ هذه الحسابات السياسية، سواء الانتقامية أو الطموحة، هي ترفٌ كبير بالنسبة إلى الناس الذين أدركهم الجوع. الناس الذين يشعرون بأنّهم تعرّضوا لخديعة كبرى وتُركوا لمصيرهم.

 

حسان دياب.. بطل في مسلسل مكسيكي

زياد عيتاني/موقع اساس ميديا/الأحد 26 نيسان 2020

يُروى أنّ زوجة الفنان الراحل نصري شمس الدين قصدت الكبير عاصي الرحباني شاكيةً زوجها أنّه، ومنذ أدائه دور الملك في مسرحية "هالة والملك"، وهو يتقمّص شخصية الملك في منزله ومع عائلته. فأطرق عاصي الرحباني في التفكير وفجأة صرخ قائلاً: وجدتها. سأعطيه دور الزبّال في المسرحية المقبلة كي يخرج من شخصية الملك". ... بات واضحاً أنّ رئيس الحكومة حسان دياب يتلبّس شخصية المنقذ للبلاد والعباد. التي رسمها له من كان سبباً بدخوله السراي الحكومي. بعدما كان ذلك بالنسبة له حلماً من الصعب تحقيقه.

.. أراد مشغّلو حسّان دياب في السراي الحكومي أن يحمّلوه ما لا طاقة للمنطق على احتماله. البداية كانت من عائشة بكار عند زيارته الرئيس سليم الحص، كوارث لخطّ سياسي أُلبس سابقاً داخل الغرف الأمنية للرئيس الحصّ في معاداته، ليس للحريرية السياسية وحسب، بل للحريرية الوطنية، بكلّ ما تمثل من طموحات وأحلام وتوق لغد أفضل ولدور مشهود للبنان في المنطقة. الزبيبة التي تناولها دياب في عائشة بكار، يبدو أنّها أسكرته وذهبت به من لعب دور رسمه البعض له إلى تقمّص هذا الدور، لا بل التمتّع بلعبه، وهو ما بدا واضحاً جلياً في كلمته بعد جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا يوم الجمعة الفائت.

لقد ظهر حسان دياب عبر كلمته وإعلانه الحرب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واستطراداً كالعادة على الحريرية السياسية، كالبطل في أحد المسلسلات المكسيكية، حيث المشاهدون يعرفون تفاصيل الحكاية كما المؤلف والمخرج وكافة الممثلين المشاركين بالمسلسل، فيما هو وحده الذي يجهل هذه التفاصيل، لتدور أحداث المسلسل حول هذه الجهالة للبطل .

حسّان دياب وحتى هذه اللحظة كان مؤدياً سيئاً لدور رُسم له، كما رُسم لكثيرين قبله ورغم عراقتهم السياسية كان الفشل نصيبهم

تحدّث حسان دياب من قصر بعبدا وكأنّه يملك نصف المعلومة ويجهل أو يتجاهل تفاصيل النصف الآخر لها. وبالتالي بدا وكأنه يحتقر عقول اللبنانيين الذين خرجوا في 17 تشرين إلى كل الساحات صارخين بمعرفتهم لكل الحقيقة ولكامل المعلومة مختصرين إياها بشعار "كلن يعني كلن". لقد أراد اقناع الناس بنصف المعلومة التي يملكها أو لا يريد الاعتراف بغيرها، وهي أنّ مصرف لبنان وحاكمه أعطوا أموال المودعين لنصف السلطة وليس لكل السلطة التي قامت بتسميته لرئاسة الحكومة، وأنّ الهدر بالمال العام شمل كلّ القطاعات باستثناء قطاع الكهرباء. وأنّ المشكلة هي بنصف الدين العام أي بـ40 مليار دولار، لأنّ ما تبقى من الـ85 مليار تمّ هدره في ملف الكهرباء وبواخرها وفيولها..! حسّان دياب وحتى هذه اللحظة كان مؤدياً سيئاً لدور رُسم له، كما رُسم لكثيرين قبله ورغم عراقتهم السياسية كان الفشل نصيبهم. يبقى الحلّ الوحيد  مع هذه الوقائع محصوراً بالاستعانة بحلّ عاصي الرحباني مع نصري شمس الدين، وهو أن يخلق دوراً جديداً لحسّان دياب كي يعود إلى صوابه وحياته الطبيعية وذلك قبل فوات الآوان. في الختام كلمة لمشغّلي حسان دياب، على لسان الكبير "ألبير اينشتاين" الذي يقول: "الغباء هو فعل الشيء نفسه مرّتين، بالأسلوب نفسه، والخطوات نفسها، وانتظار نتائج مختلفة".

 

«حزب الله»: مع «هيركات» لهؤلاء

راكيل عتيِّق/الجمهورية/25 نيسان/2020

تتسارع التطورات العامة في لبنان بمقدار التراجع الدراماتيكي لسعر صرف الليرة وإنهيار العملة الوطنية، الأمر الذي يُنذر بإنفجارات مالية وإجتماعية وإقتصادية، قد تؤدّي الى فوضى أمنية. هذا المسار، إذا استمرّ على ما هو عليه، بلا أيّ معالجة حقيقية توقف النزيف، فإنّ الثورة الشعبية ستتفجّر بأشكالٍ مختلفة، قد لا تكون سلميّة. وتسارُع الأحداث هذا، قد يدفع أيضاً الى «ثورة» من المُعارضين الجدد لإسقاط الحكومة ومن وراءها. فيما «حزب الله» يستعد لكل الإحتمالات، ولمواجهة كلّ السيناريوهات المطروحة.

إنّ أيّ اهتزاز مالي أو إقتصادي أو إجتماعي أو أمني، سيؤثّر سلباً على «حزب الله» وبيئته، أقلّه في المرحلة الراهنة، بمعزل عن تداعياته البعيدة المدى. وينطلق «الحزب» من مقاربته أو تعاطيه مع كلّ المواضيع المطروحة والتي تستدعي المعالجة، أو الملفات والمواقع التي تستدعي إصلاحاً وتغييراً، من «أنّه جزء من النسيج اللبناني، ولا يهدف الى أن تكون أفكاره هي الطاغية، بل يناقشها مع الأفرقاء المعنيين الآخرين، وفي حال تعذّر الإقناع فلتقرّر الأكثرية»، حسب مصادر مطلعة على موقف «الحزب».

وتؤكّد هذه المصادر، أنّ كلّ الأخبار عن سعي «حزب الله» الى انقلاب عسكري أو مالي أو إقتصادي هو غير صحيح ومجرّد تحليلات أو إستهدافات سياسية وإعلامية، لا تستند الى أيّ مُعطى، أمّا أيّ تغيير أو محاسبة يُطالب بهما «الحزب» لأيّ مسؤول سياسي أو مالي أو إداري، فهما ضمن النظام والدستور والقوانين. في حين تتلقّى حكومة حسان دياب الضربات من مؤلفيها ومعارضيها على حد سواء، وقد تشتدّ المعارضة في وجهها، خصوصاً من الثلاثي الحريري – جنبلاط – جعجع أو ربما بإيعازٍ خارجي، ترى المصادر أنّه لم يظهر حتى الآن أنّ هناك أمر عمليات ما من الأميركيين أو غيرهم لتشكيل جبهة معارضة كهذه لإسقاط الحكومة، بل أنّ كلّ ما يُتداول حتى الآن، لا يعدو مجرّد أقاويل وتحليلات. وتعتبر المصادر، أنّ كلّاً من رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «يغنّي على ليلاه في المعارضة، حسب مصالحه وأهدافه».

أمّا حدود تمسُّك «حزب الله» بهذه الحكومة التي سُمّيت على إسمه، والسقف الذي يضعه للدفاع عن بقائها، فهو «الحفاظ على البلد في هذا الوضع». فـ»الحزب» يعتبر أنّ «هذه الحكومة هي الحلّ الوحيد المتوافر الآن، فهي موجودة والآمال مبنيّة عليها، خصوصاً أنّها لم تُقصّر حتى الآن، وأثبتت نجاحها في أزمة «كورونا». ويجب أن تُعطى فرصة لنرى ماذا ستفعل في المواضيع الإجتماعية والإقتصادية والمالية».

أمّا أيّ انتقاد من «حزب الله» لعمل هذه الحكومة، فهو «طبيعي، إذ إنّ أحداً ليس معصوماً وحتى لو كان «الحزب» يشترك في الحكومة بطريقة غير مباشرة أو موافق عليها، فهو يعترض على ما يراه خطأً، وهذا ما دأب على فعله في كلّ الحكومات التي شارك فيها منذ عام 2004». انطلاقاً من ذلك، يُطالب «الحزب» الحكومة بإقرار الخطة المالية ـ الإقتصادية سريعاً.

وفي حين وضع «الحزب» خطوطاً حمراء على «ترميم الوضع المالي العام على حساب أموال المودعين من جهة وأصول الدولة من جهة أخرى»، في بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» الأخير، فإنّه أعدّ تصوراً لـ»الحلّ الإنقاذي»، يُطرح في مجلس الوزراء، خلال النقاش في الخطة الإقتصادية للحكومة، حيث ستظهر وجهة نظر «الحزب» في هذا الخصوص. بالنسبة الى الحلول المطروحة لإعادة ضخّ «الدولار» في لبنان وتحقيق الإنقاذ، أو أقلّه وقف التراجع المتسارع للأوضاع النقدية ـ المالية ـ الإقتصادية، فإنّ «حزب الله» وعلى رغم موقف أمينه العام السيد حسن نصرالله الواضح بعدم رفضه طلب المساعدة من أيّ جهة خارجية، ومنها صندوق النقد الدولي، شرط عدم فرض شروطها على لبنان وعدم إرتهان البلد لها، إلّا أنّه يرى أنّ لبنان قد لا يتحمّل ما يشترطه صندوق النقد مقابل أيّ مساعدة مالية. وتسأل المصادر إيّاها: «هل يُمكن مثلاً خفض عديد القوى العسكرية الى النصف في حال طُلب ذلك من الحكومة؟».

فما البديل عن «الهيركات» وبيع أصول الدولة ومساعدة صندوق النقد؟ يبدو أنّ «الهيركات» غير مرفوض في المطلق لدى «الحزب»، وأنّه يتفق مع رئيس الحكومة حسان دياب في ألّا يُطاول 98 في المئة من المودعين. وتقول المصادر المطلعة على موقف «الحزب»، إنّه ضدّ المسّ بودائع المودعين الصغار، لكن هناك مودعين كباراً ويملكون ودائع كبيرة جداً، جنوها بالإستفادة من الهندسات المالية ومن السرقة والفساد، ويجب استعادتها عبر القضاء، إمّا مفاوضةً أو محاكمةً».

وبالنسبة الى «الحزب»، إنّ أيّ حلّ إنقاذي يبدأ من استعادة الأموال المسروقة وإغلاق «حنفية» هذه السرقة». ويُشدّد «الحزب» على ضرورة أن تشمل خطة الحكومة، العناوين الأساسية الآتية:

– مكافحة الفساد.

– استعادة الأموال المسروقة.

– درس كل ملف خصخصة على حدة.

– وقف الهدر العام (إيجارات، نفقات، صفقات…).

– تفعيل التفتيش المركزي.

– تفعيل إدارة المناقصات.

وإذ حمل «الحزب» راية مكافحة الفساد، خصوصاً في مجلس النواب، إلّا أنّه لم يتمكّن حتى الآن من إيصال أيّ ملف الى خواتيمه، لجهة محاسبة المرتكبين. كذلك، يُتهّم «الحزب» بحماية «حُلفائه الفاسدين» سياسياً.

رداً على هذا، تشير المصادر المطلعة على موقف «الحزب»، الى أنّ الغالبية في مجلس النواب صوّتت ضد العجلة في الإقتراح المتعلق بمحاكمة الوزراء، الذي قدّمه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله». وتقول إنّ «الحزب لا يغطّي أي فاسد، والسؤال عن ملفات الفساد يُوجّه الى القضاء، الذي من واجبه في معظم الحالات أن يتحرّك عفواً».

الى هذه الإستحقاقات، قد يكون «الحزب» أمام «ثورة» شعبية شاملة ثانية أكثر جموحاً من «انتفاضة 17 تشرين»، وقد تُطاوله بالمباشر، بعدما حيّدته جزئياً في 17 تشرين الأول 2019. و»لكلّ حادثٍ حديث» بالنسبة الى «الحزب»، الذي يلتقي مع الثوار في كثير من النقاط، ويؤيّد معظم مطالبهم. كذلك، يؤيّد «الحزب» شعار الإنتفاضة: «كلّن يعني كلّن». وتشير المصادر المطلعة على موقفه، الى أنّ «جميع المنتمين الى الحزب، الذين عملوا في الشأن العام، من نواب ووزراء أو من تولّوا أي منصب أو وظيفة في القطاع العام، خاضعون للمحاسبة، ومستعدون للمثول أمام القضاء المالي أو أيّ قضاء». وتقول: «فليُحاسب القضاء من يجد أنّه مرتكب».

 

بهدوء ... حول رياض سلامة

توفيق شومان/25 نيسان/2020

منطق التحليل يقول : إن رياض سلامة أصبح في حُكم المُقال أو المُستقال أو نصف الإستقالة والإقالة .

غرُبت شمسه وأفل قمره

الرجل غدا من الماضي مع أن حضوره يطغى ، وقد يطغى ، على حاضر مفتوح ، ولكن إلى أجل وإشعار .

ذكراه ، بعد سنوات أو بعد عقود ، ستكون مرادفا لمأساة ، ورديفا لإنهيار لبنان وتحطيمه ، وحكاية من حكايات إبليس .

أغلب الظن أن غالبية اللبنانيين لن تأخذها الشفقة على رياض سلامة ، فحين يقبض على حاكمية مصرف لبنان منذ عام 1993 ، من الغباء والبله أن يصدقه أحد ، حين يخرج على الملأ ويقول : لا أتحمل مسؤولية إسقاط لبنان في قاع الإفلاس وتحويله حطاما وأطلالا.

حتى يستقيم الكلام : حين يقول رياض سلامة ليس مسؤولا ، هذا صواب جزئي ، والصواب الكلي ، أن رياض سلامة ليس مسؤولا واحدا أوحد عن خراب لبنان ، له أشباه ونظائر ، كثيرون وكبار .

ذاك في العناوين كما يقال في نشرات الأخبار ، وفي التفاصيل تفاصيل كثيرة ، ولذلك من موجبات القول ، قول الآتي :

الإنهيار المالي ـ الإقتصادي في لبنان ، ليس مولودا ذاتيا ، ثمة آباء وأمهات له ، وثمة أبناء للآباء وأحفاد وأصهار لهذا الإنهيار ، مختصره هو الفساد السياسي ، وقلة الأخلاق في السياسة ، بل فصل الأخلاق عن السياسة ، وعلى هذه الحال ، يغدو الإنهيار المالي ـ الإقتصادي منتوجا موضوعيا للإنهيارالأخلاقي الذي أنتج انهيارا سياسيا ، وعلى هذه الحال أيضا ، تغدو الأزمة المالية ـ النقدية ـ الإقتصادية مظهرا من مظاهر الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان منذ عقود.

السياسة أولا

تلك هي عقدة العُقد وأم التعقيدات .

أي كلام خارج هذا التحديد ، هو غرف من " خارج الصحن " .

وأي كلام خارج هذا التشخيص يصح لعناوين الصحف المثيرة ولنشرات الإثارة في الشاشات والإذاعات ، ولتبادل " مواقف الهياج " والمواقف المضادة على وسائل الإعلام الإجتماعي .

السياسة ثم السياسة

والسياسيون الأخلاقيون ثم السياسيون الأخلاقيون .

من هنا نبدأ ، من إعادة التعريف العام للسياسة ، ومن كون السياسة آلية عمل تهدف إلى إسعاد الناس والإعلاء من شأن الضمير ، وعلى هذا النحو جرت رسالات الأنبياء ، وعلى مجرى شبيه جرى الفلاسفة ، وإلى حدود ذهب معها الفلاسفة الدينيون إلى الأخذ من معين الفلاسفة الوضعيين ، مثلما كانت أمور : أوغسطينوس ، و توما الأكويني ، والسهروردي ، وإبن عربي ، والفارابي وإبن رشد وغيرهم .

ليس الحديث عن المدينة الفاضلة وليس عن عالم المُثل الأفلاطوني

الحديث عن الشعرة المقطوعة بين السياسة والأخلاق في لبنان

والحديث عن السياسة والأخلاق الموصولين بشعرة رفيعة ومفقودة .

إزاحة أو إسقاط أو إقالة أو استقالة رياض سلامة لن تأتي بالشعرة المفقودة ، هو يجب أن يرحل ، ولكن ماذا عن المُحاصصة والمُنافعة والمُقاسمة وما يسمى بالمشاركة التي أسست لنظام المُناهبة والمُفاسدة ؟.

هل يرحل الشخص ويبقى النظام ؟

هل برحيل " الشخص " ستهطل على البلاد أموال بلقيس وكنوز سليمان ؟

عود على بدء : السياسة أولا ... نظام المحاصصة ثانيا .

ذاك عنوان أول وتفاصيل أولى ، يليه و يليها الآتي :

في لحظة اقتراب رياض سلامة من السقوط والوقوع ، قد تستبد به روح الإنتقام ، وحينذاك :

ماذا لو فتح رياض سلامة " مغارة علي بابا " وأخرج ما فيها من أسرار وأخبار وألغاز وطلاسم وعجائب وأعاجيب ، وحتى اختلاقات وافتراءات ؟!!!.

من سيبقى فوق غربال الإنتقام؟

الصالح سوف يتساوى مع الطالح وفق نظرية روح الإنتقام وعقيدة شمشوم/ شمشون : علي وعلى أعدائي ، مع إضافة " رياض ـ سلامية " : علي وعلى أعدائي وأشباهي .

في هذه الحال ، أي مشهد ستكون عليه البلاد؟

ستكون البلاد أمام وباء جديد ، وباء الإنهيار المالي والإقتصادي ، ووباء كورونا ووباء الفضائح الصحيح منها والمختلق ، ولكنها ستدفع لبنان إلى قعر إضافي و إلى قاع مستجد ، وعلى قاعدة أزمة تولد أزمة وقاع يحفر قاعا .

هل يحتاج اللبنانيون إلى قاع إضافي أو قعر إضافي ؟

ذاك عنوان ثان وتفاصيل ثانية ، يعقبه ويعقبها الآتي :

في الواقع السياسي اللبناني ، حيث سوء الظن أساس السياسة ، فإن أحزابا وقوى وجماعات سياسية ، ستأخذها هواجس ضربها أو تصفيتها أو إسكاتها أو شلها ، هذه الجماعات ستنتج اصطفافا وتكاتفا وتحالفا ، جبهة أو إطارا ، على طريقة " الجبهة اللبنانية " أو الحركة الوطنية " ، مما يعني العودة إلى عشية الحرب المشؤومة في عام 1975.

اللبنانيون بحاجة إلى حلول مالية واقتصادية وليسوا بحاجة إلى هذا الإصطفاف أو ذاك الإنقسام ، فلديهم من النزاعات والمرارات ما يفيض.

ما الحل ؟

الحل بإضاءة أول شمعة لإنارة أول الطريق ، ولا يكون الحل عبر القول الدائم والمستمر بأن ليل اللبنانيين من صناعة شياطين الأمس ، فاللبنانيون يعرفون من صنع ليلهم ، ويعرفون شياطين الفساد بأشخاصهم وأسمائهم وأرقامهم وأعدادهم ومراكزهم ومواقعهم .

من الحكمة أن يقال للشعب : الأموال المنهوبة لن تعود.

من الحكمة أن يقال للشعب : المحاسبة مستحيلة ، لأنها مدخل للحرب ، ومن الحكمة طي صفحة الماضي ، قلبها وتمزيقها ، وإذا كان بالإمكان حرقها.

لذلك : فليخرج رياض سلامة من مصرف لبنان ، ليخرج بصمت وسكوت وبلا جلبة.

ولذلك : من الحكمة ألا تُفتح " دفاتر المحاسبة " ولا تُفتح " محاضر الحساب والمحاكمة ".

المحاكمة والمحاكمات تعني أزمة جديدة ، قاعا جديدا ، قعرا جديدا ، اصطفافا جديدا واستقطابا جديدا ، وربما حربا جديدة.

الأزمة الجديدة ، ستغلق أبواب الحل بأقفال غليظة

الذي يمنع انزلاق لبنان نحو أزمة جديدة هو البطل

الذي يكسر الأقفال هو البطل ... هو المنقذ ... هو المخلص.

عشتم وعاش لبنان .

 

الحاكم والحكومة والمحكومون

سناء الجاك/نداء الوطن/25 نيسان/2020

يوماً بعد يوم، يتبلور عجز الحكومة التكنوقراطية عن القيام بأي إجراء جدي لمعالجة الانهيار المستمر والمستفحل للأمان المعيشي والاجتماعي، مع الإرتفاع الشيطاني لسعر صرف الدولار وحرق أساس الليرة اللبنانية. ولا يبدو في الأفق أن لديها أي قدرة لاجتراح حلولٍ توقف الإنهيار أو تخفف من إندفاعته.

لذا، وبغية التغطية على عجزها، تبحث الحكومة عن هندي أحمر يمكنها أن تعلقه على محرقة تضرم فيها النار، وتدور حولها راقصة مهللة ومبشرة بأنها نالت من المجرم الذي تسبب بكل هذه الفوضى.

والظاهر أنها وجدت ضالتها في حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وبمعزل إن كان مُطلَق الصلاحية، أم أن جسمه "لبيس" في هذه المعمعة، ولا يهم أن يلبي مطالب السابقين واللاحقين من فطاحل هذه الطبقة السياسية.

ولا نعرف ان كان قد اعتمد قاعدة "نيال من استفاد وأفاد"، عندما اجترح فلسفة تمويل الفساد ليعيش الذئاب ويفنى الغنم.

ولن نعرف، لأن أحداً لن يقدمه الى القضاء ليُحاسَب وفق المعطيات والدلائل والبينات. فالقضاء كما الجيش، مؤسستان يجب أن تبقى فعاليتهما وفق ما يرسم الحاكم بأمره لهما. وممنوع عليهما تجاوز حدودهما. والا لما كانت كل هذه اللجان التي تصادر الوظيفة الفعلية للقضاء.

والا لما كانت الثلاثية الخشبية الصورية التي تصادر دور الجيش وتفرض السلاح خارج الدولة والشرعية.

ولن نعرف، لأن المحرقة قد تبقى بلا نار، في حين يتواصل الرقص حولها لتنفيس غضب الغاضبين وترويض المُعلَّق على المحرقة. وقد تبقى الأقوال غير مقرونة بالأفعال، وتقتصر على تحميل المسؤوليات من دون طرح أسئلة عن المرجعية التي تتحكم بسياسات حاكم المصرف الساعي الى التنقيب عن آخر دولار، إن في المصارف أو لدى شركات تحويل الأموال أو حتى لدى الصرافين، لتمويل الطبقة السياسية ومواكبة جهودها لنهب البلاد بصفقات فساد لن تتوقف اذا بقي الحاكم بأمره متحكماً بالحكومة والحاكم والمحكومين.

والمحكومون جن جنونهم وهم يراقبون نهب القيمة الفعلية لرواتبهم مع الارتفاع الشيطاني للدولار. لذا جاء الحاكم بأمره ليستثمر في هذا الجنون ليوجهه نحو حاكم المصرف دون سواه. ولا بأس باستحداث بعض الفوضى المطلوبة ليتمكن أكثر فأكثر من الإطباق على مفاصل البلد الأمنية والاقتصادية.

وعليه، فإن الحكومة التي يتم التحكم بها عن بعد وعن قرب، قد تقوم بواجباتها، بعد أن لوّح رئيسها بالانزعاج من عدم تنسيق الحاكم معه. واذا رفع الصوت والسقف، قد تتحول اللعبة الى رئيس سني يعتدي على موظف رفيع ماروني.

واذا كانت الخطة تتطلب الإطاحة بحاكم المصرف، يتحملها هذا الرئيس بصفته التمثيلية الطائفية، ويطلع منها الحاكم بأمره ويجنّب صفته الطائفية المواجهة.

أما إذا اقتصر الأمر على التحريض، وتوالت ردود الفعل وفق الميزان الطائفي، حينها يتدخل الحاكم بأمره ويلم الموضوع. ويحرق مراكب الطالع طلعته والمصدق أنه عندما يتصرف ينفذ الأجندة المطلوبة منه فينال الرضى، ويتمسكن ليتمكن.

ولأن معادلة الحاكم بأمره هي الثابتة وسط معادلة الحكومة المتحولة، ربما تتم الإطاحة بالحالي، والإتيان بمن ينتظر خلف الباب متربصاً ومبدياً كامل الجهوزية للإلتزام بالأجندة المطلوبة، لأنه هو الآخر حاضر لينفذ الأجندة المطلوبة... ومع حبة مسك.

 

دونالد ترامب والاستحقاق الرئاسي الأميركي على محك أزمة كورونا

 د. خطار أبودياب/العرب/25 نيسان/2020

لم يكن الرئيس دونالد ترامب يتصور أسوأ من هكذا سيناريو في السنة الانتخابية المصيرية، فبعد أن كان يرى الدرب ممهدا لإعادة انتخابه في نوفمبر القادم، إذ بوباء كورونا المستجد يحل على الولايات المتحدة والعالم ضيفا ثقيلا ويغير التوقعات ويتحكم بجدول الأعمال.

في البدايات كان واضحا أن الرئيس الأميركي يعاني من إدارة أزمة الجائحة أكثر مما يسيطر عليها خاصة بعد تقويض حجج حملته الرئيسية في النجاح الاقتصادي وهذا ما حدا به في الكثير من إحاطاته الصحافية للإعراب عن إحباطه وحنينه لماض قريب جدا. لكن بالرغم من طبيعته المتقلبة وولعه بالمجابهة المفتوحة، أخذ سيد البيت الأبيض يستدرك الأخطاء الأولية ويغلّب المرونة ويحاول تحسين إدارة الأزمة ومواجهة تحديات جمّة. ي المقابل، حسم الحزب الديمقراطي أمره إذ قفز أفضل مرشحيه جو بايدن إلى واجهة السباق مما جعل المعركة الرئاسية متوازنة وأكثر حدة، وستكون تنافسية بامتياز حيث لن تحسم الولايات المتحدة خياراتها داخليا فحسب، بل سترسم أيضا إطارا لإعادة تركيب عالم ما بعد كورونا. شفت هذه الأزمة بجلاء ضعف النموذج الاجتماعي والسياسي الأميركي: 22 مليون عاطل عن العمل دون إعانات، يجد الكثير منهم أنفسهم دون تأمين صحي، ونظام صحي عام غير ملائم، وبلد منقسم، وإدارة في البيت الأبيض مثيرة للجدل، مع رئيس يظهر وكأنه في صراع مفتوح مع حكام الولايات وكل ذلك يزعزع الثقة. ن هنا تأتي محاولات عدم خنق الاقتصاد عبر شراء الاحتياط الفيدرالي لديون الشركات والمساعدات المكثفة للعاطلين عن العمل والمحتاجين والمزارعين. لكن الانهيار غير المسبوق لسعر النفط يوم 20 أبريل “الاثنين الأسود”، زاد من متاعب الرئيس الذي سيحاول مع الفتح التدريجي للبلاد أن يقود عملية الإنعاش اعتبارا من يونيو القادم.

لكن الأدهى حصل كذلك لأن الأشهر الثلاثة الماضية ألحقت اضطرابات شديدة بالنظام العالمي الذي تتبوّأ فيه واشنطن الصدارة. ومن دون الحكم المسبق على النتيجة النهائية أو التعديلات أو شكل العالم الجديد، يمكن الكلام عن تسريع الاستحقاقات وعن مخافة بقاء العالم من دون قيادة وحوكمة. وفي هذا الإطار أسهم ترامب منذ وصوله في العام 2017 بذلك، لأن ممارسة القيادة العالمية اصطدمت من دون شك بعقيدة “أميركا أولا”.

وقد أدى تفشي الفايروس في خضم الحملة الرئاسية في نوفمبر والكارثة الاقتصادية التي تصاحبه إلى تفاقم هذه العملية. أدار ترامب ظهره لأوروبا وظل رافضا لأي تعاون دولي جدي، مع قراره تعليق المساهمة الأميركية لمنظمة الصحة العالمية في خضم أزمة الجائحة، إذ تعامل معها بمثابة كبش فداء على نفس المستوى مع الصين التي تتهمها الإدارة الأميركية بعدم التصريح عن المعلومات منذ نوفمبر 2019 وتأثيرها السلبي على منظمة الصحة العالمية التي تأخرت في تقييم خطر الوباء وإعطاء الإنذار في الوقت الصحيح. وبينما حاولت باريس عبثا تأمين عقد قمة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لم تهتم واشنطن وبكين وموسكو بالدعوة. وبانت عقدة أخرى داخل مجلس الأمن حينما أصرت الولايات المتحدة على اتهام الصين بانتشار الفايروس التاجي في سياق قرار للأمم المتحدة يدعو إلى هدنة عالمية.

في خضم احتدام التوتر الأميركي – الصيني في زمن كورونا، لا ينفك دونالد ترامب عن التذكير بإنجازات السنين الثلاث من ولايته ويفاخر بقوله “كان لدينا أكبر اقتصاد في تاريخ العالم. لقد كان أداؤنا أفضل من أداء الصين، أفضل من أي بلد في العالم، أفضل من أي بلد آخر. كان لدينا حتى الآن أعلى سوق للأوراق المالية في التاريخ”.

بالفعل قبل اندلاع أزمة الجائحة بشهرين كانت الأخبار السارة تتجمع لدى ترامب: مُنع الجمهوريون في مجلس الشيوخ من إجراء محاولة العزل الذي بدأه الديمقراطيون، وكانت جميع المؤشرات الاقتصادية خضراء، وكان يستعد لجني ثمار الاتفاقية التجارية الأولى مع الصين.

وأتى كوفيد – 19ليقلب كل شيء رأسا على عقب وزاد معدل البطالة بأكثر من الضعف في غضون شهر واحد، مما حرم سيد البيت الأبيض من الشعار الرئيسي لحملته الانتخابية، ولذا تبعا لعدم قدرته فرض وقف الإغلاق بسبب بعض حكام الولايات أو مراعاة لآراء مستشاريه العلميين، لجأ ترامب إلى خطوات الدعم السريع لقطاعات الأعمال بالإضافة إلى قراره تعليق الهجرة إلى الولايات المتحدة وذلك بسبب “الحاجة إلى حماية وظائف مواطنينا الأميركيين العظماء”، وفق المصطلح الترامبي.

بالإضافة إلى كبشي الفداء في الخارج (الصين ومنظمة الصحة العالمية) لا ينسى ترامب معاركه الداخلية ولم يتوانَ عن إلقاء اللوم بسرعة على النقص في الإمدادات الطبية للإدارة السابقة، أي إدارة باراك أوباما، متناسيا أنه بدأ في يناير عامه الرابع في منصبه.

وتندرج ضمن البحث عن كبش فداء داخلي سجالات ترامبية مع بعض حكام الولايات وأبرزهم حاكم نيويورك الديمقراطي الطموح أندرو كومو. ويبرز التناقض في أداء ترامب مع الدعم الذي لم يتوقف عن تقديمه، منذ 17 أبريل، إلى الحركات الاحتجاجية اليمينية المتشددة التي تنظمها أقلية محدودة للغاية والتي تطالب في بعض الولايات برفع تدابير الاحتواء على الفور مع شعارات “مستهجنة”؛ “مينيسوتا مجانية!”، “ميشيغان الحرة!” و”حرروا فيرجينيا”.

هذه السابقة مع الاندفاع إلى شراء الأسلحة بعد قرارات الإغلاق تعطي دلالات عن هشاشة في النسيج الوطني الأميركي وإمكانية نشوب نزاعات داخلية في حال كانت نتائج الانتخابات الرئاسية غير حاسمة ورفض أحد المرشحين الإقرار بهزيمته. ووفق تطور الوضع، سيقوم ترامب على الأرجح بتعديل استراتيجيات حملته الانتخابية وتواصله الإعلامي ويحاول من خلال تسويق دوره في إدارة الأزمة والقدرة على القيادة وأسبقيته في مجابهة الصين والآخرين كعوامل تحفز إعادة انتخابه.

في المقابل، يلعب جو بايدن، البالغ من العمر 77 عاما، محاولته الثالثة للوصول إلى البيت الأبيض. ويسعى من خلال الدفاع عن ألوان الحزب الديمقراطي من تجميع غالبية تياراته من المتعاطفين مع رئيسه باراك أوباما ومن اليساريين. فمن المفارقات أن الفائز في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لم يفز في معركة الأفكار مع بيرني ساندرز خاصة اقتراحه إنشاء ضمان اجتماعي عمومي بقيادة الدولة الفيدرالية، وهو موضوع يجد زخما جديدا مع أزمة الفايروس التاجي. في مواجهة آلة ترامب، في حين رفع الحزب الجمهوري تحييد تصويت الأقليات الاجتماعية غير المتوافقة معه، ليس أمام جو بايدن سوى القليل من الخيارات إذ يجب عليه أن يحتفظ بأي ثمن بالناخبين المعتدلين في المناطق شبه الحضرية التي ضمنت نجاح الديمقراطيين في مجلس النواب (نوفمبر 2018). ولوحظ أن بايدن قام بالفعل بتعديل برنامجه في منتصف مارس حول ضمان القدر الأكبر من التعليم العالي للفئات المحرومة. كما وعد بإلغاء ديون الطلاب ذوي الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة. واقترح أيضا تمديد برنامج التغطية الصحية الفيدرالية للرعاية الصحية عن طريق تخفيض عتبة السن من 65 إلى 60 سنة. حاول جو بايدن البروز بمظهر القادر على استيعاب الصدمة التي يسببها الوباء وتخفيف تداعيات الانفجار الاقتصادي المذهل الذي يسببه. وبالرغم من أن هذا التجميع للديمقراطيين أمر حتمي للفوز في نوفمبر. تدلل استطلاعات الرأي النادرة أن حسم المعركة الرئاسية سيكون قبل كل شيء في ثلاث ولايات:  ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا، التي انتزعها دونالد ترامب من الديمقراطيين في عام 2016. لا نعلم مدى المتغيرات في الولايات المتحدة الأميركية من الآن إلى نوفمبر، وكم سيلقي زمن كورونا بظلاله على الاستحقاق الرئاسي وظروف إجرائه. إنها معركة العمر للمرشحين المتنافسين وطابعها المصيري يطال العالم ككل.

 

مغيّرون في التاريخ: أول ضحايا السلام

سمير عطا الله/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

نصف فلسطين في الاحتلال، واللاجئون يملأون العالم العربي على أمل العودة غداً. فجأة، يصل إلى القدس ذلك السويدي الشهير، ذو الملامح النبيلة والدماء الزرقاء. الكونت فولك برنادوت، ابن شقيق ملك السويد.

إنه أول موفد للأمم المتحدة إلى أرض النزاع الطويل. وسوف توصيه اللجنة الخاصة التي عينته وصية واحدة: الحياد! لكن الحياد كان يعني المطالبة بإعادة النازحين إلى بيوتهم. وإعادة النازحين كانت تعني طرد الطارئين الجدد. والقادمون الجدد من أوروبا إلى «أرض الميعاد» كانوا يحلون الأشياء بطريقة واحدة: الإرهاب.

بعد أربعة أشهر على وصوله إلى القدس، وقع فولك برنادوت ضحية كمين إرهابي نصبه إسرائيليون في 17 سبتمبر (أيلول) من ذلك العام. وبقي الفاعل مجهولاً، كما سيبقى جميع الإرهابيين فيما بعد.

لكن الكونت برنادوت الذي قتل وهو في الثالثة والخمسين من العمر، كان أول شاهد دولي على ما حدث في فلسطين. والأشهر الأربعة التي أمضاها في القدس لم توقف شيئاً ولم تحلَّ شيئاً، لكنها صححت، بالتأكيد، كتابة التاريخ. وقد تقدم برنادوت طريق الوسطاء الطويل، وكان معظمهم من بلاده: السويد.

هو فتح الطريق أمام داغ همرشولد، وداغ همرشولد فتح الطريق أمام غونار يارينغ. وعلى جدران السويد وبحيرات النرويج كتب الجزء المضيء الوحيد من الصراع حول فلسطين. لقد كان على جميع الوسطاء أن يرثوا فولك برنادوت، وأن يتبعوا خطاه، في الدبلوماسية وفي الجندية. لقد تقدم صفاً طويلاً من الدبلوماسيين، وصفاً أطول من العسكريين. ومثله كانوا عسكريين من نوع آخر وطراز آخر. عسكريون لا يصنعون الحروب بل يمنعونها، ولا يقاتلون المدنيين بل يحمونهم.

إن الأمم المتحدة مدينة لأميركا بالمال ومدينة لإسكندنافيا بالرجال. وأول هؤلاء كان رجلاً من بلاط السويد يدعى فولك برنادوت.

إلى اللقاء...

 

ماذا تريد طهران من واشنطن؟

إميل أمين/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

علامة استفهام كبيرة وعريضة ارتفعت في سماوات الولايات المتحدة في الأيام القليلة الماضية، وقد أثارت حالة من الدهشة الممزوجة بالبحث عن جواب شافٍ وافٍ؛ ما الذي تريده طهران وملاليها من واشنطن، عبر التصعيد المثير بحراً وجواً، المتمثل في تحرش قوارب مسلحة إيرانية بقِطع الأسطول الأميركي أول الأمر، والحديث عن إطلاق قمر صناعي عسكري تالياً؟ قبل الإعلان عن القمر الصناعي الإيراني الجديد، كانت إيران تعلن أيضاً عن تطويرها طائرات مسيّرة مسلحة جديدة، وراداراً جديداً للمسافات البعيدة، عطفاً على قذائف مضادة للدروع، قالت إنه يمكن إسقاطها من الطائرات المسيّرة.

هل هذه وتلك نوع من أنواع الضغوطات من قبل الملالي على الوجود الأميركي في منطقة الخليج، ولا سيما العراق؟

من الواضح أن طهران تمارس خطة دعائية محكمة تجاه الولايات المتحدة، عسكرياً ودبلوماسياً، ذلك أنه فيما تقترب القطع الإيرانية البحرية التي يديرها «الحرس الثوري» من سفن ومدمرات الأسطول الأميركي في مياه الخليج، تصدر وزارة الخارجية الإيرانية بيانات ضد الوجود الأميركي، الذي تطلق عليه «غير الشرعي» في المنطقة، ويؤكد الناطق باسم الوزارة، عباس موسوي: «نريدهم أن يتركوا المنطقة في أسرع وقت».

هل الإيرانيون جادون في هذا التهديد، أم أنها أصوات زاعقة ارتفعت في وقت تصور فيه الملالي أن الأميركيين في محنة داخلية سوف تعوقهم عن الردّ؟

خُيل للقيادة الإيرانية أن واشنطن مهمومة ومحمومة في مواجهة «كورونا»، وأنها غير قادرة أو راغبة في الرد على استفزازات إيران، بل أبعد من ذلك، إذ قد تكون المخيلات الإيرانية المريضة معتقدة أن يد إدارة الرئيس ترمب مغلولة إلى عنقها، من جراء عام الانتخابات الرئاسية، وعدم رغبة ساكن البيت الأبيض في فتح جبهة حرب خارجية، يمكنها أن تختصم من رصيده لدى الرأي العام الأميركي، ما يدفعه خارج البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

على أن أوهام «الحرس الثوري» الإيراني تحطمت على صخرة الأمر الرئاسي الأميركي الذي يقضي بقصف وتدمير جميع الزوارق الحربية الإيرانية إذا تحرشت بالسفن الأميركية في البحر.

والثابت أنه بالرجوع إلى «ميزان الانتباه العسكري»، فإنه لا مقارنة تذكر بين قطع إيران البحرية التي تعود إلى سبعينات القرن العشرين، ومقدرات الأسطول الخامس الأميركي، الذي بات بحسب تصريحات نائب وزير الدفاع الأميركي، ديفيد نوركويست، جاهزاً ومحتفظاً بحق الدفاع عن النفس.

هل ستجرؤ إيران على اختبار مدى جدية ترمب، وهي تعلم أن الأمر بالنسبة له مصيري وحيوي، أي أمر الحرب، إذ من المعروف تاريخياً أن كل رئيس أميركي عادة ما تكون له حربه الخاصة التي يظهر فيها قوته وقدرته السياسية والحربية، وقد لا يكون ترمب في حاجة إلى حرب شاملة، بل عملية نوعية بحرية، تُذكر بآخر عملية في الحرب العراقية الإيرانية، المعروفة بـ«براينج مانتيس»، وفيها خسرت إيران نصف أسطولها المتهالك في الأصل؟

أغلب الظن أن الإيرانيين أرادوا نصب فخّ دعائي لترمب، فزلّت قدمهم فيه، وربما أعناقهم عما قريب، وبخاصة أن ما جرى في البحر تبعته تهويمات وإرهاصات مثيرة في الجو.

الاستفزازات الإيرانية للولايات المتحدة ولبقية الإقليم، مضت عبر طريق أبعد وأشرس، يكشف نوايا إيران وشهوة قلبها لبسط الهيمنة والسيادة في المنطقة، وذلك عبر إطلاقها قمراً صناعياً عسكرياً، أطلقت عليه اسم «نور 1»، باستخدام الصاروخ الحامل «قاصد» على مرحلتين، ليستقر على مسافة 425 كيلومتراً من سطح الأرض. الإعلان الإيراني يضرب عرض الحائط بقرار مجلس الأمن الدولي 2231 الصادر عن المنظمة الأممية في عام 2015. والذي يحظر على إيران إجراء تجارب صاروخية، مواكبة لبرنامجها النووي.

المؤكد أن الإشكالية ليست في القمر الصناعي، عسكرياً كان أم مدنياً، والجميع بداية يشك في أمرين؛ صحة ودقة التصريح الإيراني، ولا سيما أن أقمار واشنطن التي تجوب الفضاء على مدار 24 ساعة لم تكتشف وجود القمر الإيراني حتى الساعة، فيما الأمر الآخر موصول بامتلاك تقنية حقيقية، بعيداً عن الدعايات الجوفاء التي رأيناها في كثير من الإعلانات العسكرية الإيرانية السابقة.

الكارثة الحقيقية موصولة بتطوير إيران المستمر والمستقر لبرنامج صواريخ باليستي قادر على نقل هذه الأقمار إلى مدارات خارج الكرة الأرضية، ما يعني أن نظام الملالي قد أضحى مهدداً جدياً لدول العالم كافة، وسوف يزداد المشهد مأساوية إذا امتلك عما قريب أسلحة نووية.

ما يجري في الأيام والأسابيع الأخيرة من قبل الإيرانيين ينبغي أن يلفت انتباه الأوروبيين الذين لا يزالون يراهنون على الحلول السلمية مع الجانب الإيراني، ويسعون إلى استنقاذ النظام الإيراني عبر مخارج مالية تمده بالأكسجين النقدي اللازم لبقائه على قيد الحياة، فهل ينتبه الأوروبيون أم سيكررون الخطأ عينه الذي أدى إلى هدم دولهم فوق رؤوسهم من جراء صواريخ هتلر خلال الحرب العالمية الثانية؟

أمر آخر على الأميركيين أنفسهم الالتفات إليه بحذر شديد، والمقصود هنا اللعب على أوتار المشهد الإيراني، كجزء من حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية.

هنا، هل من يخبر نائب الرئيس الأميركي السابق، جوزيف بايدن، الرجل الذي لا ينفك يُظهر إنسانية ليست في محلها تجاه إيران، أن رهانات الإدارة الأوبامية التي شارك فيها 8 سنوات على تغيير إيران سلوكها العدائي قد فشلت، ولهذا، فعليه الصمت لئلا يصيبه شرّ انتخابي أعظم، متوقع لصالح ترمب؟

التهور الاستراتيجي الإيراني ربما يكتب نهاية ثورة لا دولة، وللحديث بقية...

 

قوات النغم في قصر الخندق

عبد الرحمن شلقم/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

إن بقيت جليساً فلن تكون حبيساً. الخندق له رحابٌ نحن من يمدُّها إلى أفق فسيح، يأتيك طوعاً عبر رفقة موصوفة. النغم قوة ضاربة لها قدرات تكسرُ حدود خندق الإقامة الإكراهية التي فرضها الفيروس الطاغية الذي يخترق مفاعل الأكسجين في الصدور، يخنق الأنفاس ويغلق الأبواب ويسدُّ الشوارع ويسدلُ الستائر على مسارب الحياة. الحدائق نور الدنيا الممتد وسط المدن، ينشر وهج الفرح، المسارح حلقات الوجود والوجد الإنساني، احتواها فيروس الصمت.

المدن جدران حزينة تجهش بدموع نافوراتها في غياب أحبتها الشباب، الذين يعزفون حراك العشق في أحيائها. البيوت صارت صناديق محكمة أبوابها في شوق حار إلى عابر يدخل أو يغادر، وصالات لقاء الأحبة بها، رانَ عليها صمتُ الخواء. المعركة مع المعتدي الغامض الذي يحاصر وجودَنا ويهدّدُ الأنفاسَ والنفوس، لها قوات قادرة على المواجهة تنطلق من خنادق الإرادة. الفرح درع تمتلك صلابة خاصة، تقاوم هجوم الجرثومة المتربصة بقوة إبداع الإنسان العابر للوجد والحزن والخوف.

الموسيقى قوةٌ قادرةٌ على تحويل الصندوق الخندق الضيق إلى قصر منيف، تشدو فيه أصوات ملائكية، وتصدح آلات الحياة بأنغام تجعل من الضيق براحاً، ومن العتمة أنواراً. في قصرك الباذخ يأتيك المغنون يزفون إليك أجمل الكلمات منسوجة في ألحان الحب والوصل والتلاقي. الأحبة يحتفلون معك زرافات رغم البعد. يهفون إلى حلقة الفرح كما يهفو الفراش إلى ضوء الرقص الساحر. سيأتي الحبيب في الميعاد مع أغنية أم كلثوم (حلم) التي أبدعها الشاعر بيرم التونسي، وصاغها لحناً الفنان زكريا أحمد. كل شيء فيها حلم يعبر بصوت أم كلثوم إلى دوائر الوجدان وفجاج الروح. بيرم التونسي تكوين تعشقه الكلمات، تندفع نحوه وتحتضنه في هيام معطر، يصوغها بحروف ترفرف في محراب جمال القول، أما حبيبه ورفيق عمره الفني زكريا أحمد، فهو وُلد نغماً وعاش كذلك طوال حياته. يكتمل مثلث الإبداع بصوت أم كلثوم حيث تصير الكلمات واللحن كوناً ساحراً يهيم فيه السامعون طرباً لذيذاً. في قصر الغرام يزفُّ إليك الثلاثي الساحر حلماً يكون نشيد الود الرسمي الذي تستقبل به الأحبة والندمان في إيوانك الرحيب. عندما تصدحُ الكوكب بصوتها الجميل على مقام السوزناك، وهي تغرد في ابتهاج بنغمات تحتضن الحبيب في حالة شوق للقاء بعد غياب طويل..

حبيب قلبي وفاني في معاده.. ونول بعد ما طول غيابه

قابلني وهو متبسم وطمني على وصله

وقال لي كلام القلب يرقص له

بقى يقول لي وأنا أقول له وخلصنا الكلام كله

هذا مفتتح اللقاء الحميم، كلام يرقص له القلب، تبادل الأحبة الكلام من دون توقف إلى أن أتوا عليه من ألفه إلى يائه. أليس هذا أجملَ ما نقول في حضرة الابتهاج بفيلق النغم الضارب، الذي تنادى إلى إيوان الطرب الجامع لمريدي الحياة؟ الأحبة الذين لم يصلوا إلى حفلنا الجامع الذي التأمت فيه جحافل المقاومة مدججين بقوات النغم الجميل، يشاركنا جمعهم برسالة حب يتألق فيها الفنان الليبي محمد حسن بأغنية مشحونة بشجن العشق الذي أبدعه الشاعر الغنائي سليمان الترهوني، في عمل متميز في البلاغة الشعرية والتصوير بكلمات تتدفق حيوية عاطفية، تألق فيها محمد حسن، يغني للجمع:

يسلَّمْ عليكْ العقلْ ويقول لك نَبّيكْ

أما خطاوي الرِجل صاعب عليها تجيك

أنت الغلا المقسوم وأنت الوفاء وأقداره

وأنت رفيق الصوب وانت اللي مشواره

يسلم عليك العقل أما الرجل ما طالت تجي

ولم لا يطوف حفلنا في دنيا الجمال العربي بتجلياته في حسناواتنا الجامعات لسحر الأنوثة المتفردة في ساح البلاد.. أغنية.. تعلق قلبي طفلة عربية، التي تُنسب إلى امرئ القيس، أشكُّ في ذلك كثيراً، لأنَّ الكلماتِ لا علاقة لها بلغته، كأنَّها كتبت في عصر قريب، لكن الأغنية جميلة بخيالها وكلماتها وألحانها. أبدع في لحنها طلال مداح، وأدَّتها أيضاً هيام يونس بروعة فائقة، وهي من مقام الرصد.

تعلق قلبي طفلةً عربيةً

تنعَّمُ بالديباج والحلي والحللْ

حجازية العينين مكية الحشى عراقيةَ الأطراف روميةَ الكفلْ

تهاميةَ الأبدان عبسية اللمى خزاعيةَ الأسنان ذريةَ الكفلْ

هكذا يطوف المزاج الاحتفالي بتضاريس الجمال العربي وبالذات مشرقياً.

ولم لا يطير إلينا على بساط الريح، المدله من الأطلس في أقصى الغرب العربي الفنان عبد الهادي بلخياط، ويزفُّ إلينا قمرَه الأحمر الذي نمنمه شعراً عبد الرفيع الجوهري، وأبدع لحنَه الرائع الملحن الكبير عبد السلام عامر في مقام الرصد الجميل.

من الذي لا يحتفي بثالوث النغم الذي لا تغيب عنه عطورُ وأنفاسُ الأندلس التي لا تشيخ أبداً، وتعيش في الوجدان والإبداع؟ في محفل الفرح يتحفنا الأحبة من المغرب بأغنية الجبال والماء والجمال وتجليات الشعر والموسيقى، يطرزها صوت عبد الهادي بلخياط في القمر الأحمر، يحمل معه الجمال خجولاً وخشوعاً رفقة الفاتنة الشقراء:

خجولاً أطلَّ وراءَ الجبالِ

وجفنُ الدُّجَى حولَه يزهرُ

ورقراقُ ذاك العظيمُ

على شاطئيه ارتمى اللحنُ والمزهرُ

وفي موجهِ يستحمُّ الخلودُ

وفي غوره تَرسمُ الأعصرُ

هنا يحمل لك الصوتُ والكلمات والموسيقى دنيا من الجمال الحي الشامل المتحرك في رقصة يزخرفها العشق الشامل. الجبال أعمدة زبرجد ناظرة، وللدجى جفون ساهرة استمتاعاً شفافاً. رقراق ذاك النهر العظيم تقبِّله الألحان، وفي أمواجه يسبحُ الخلود، ويسبح معها بلخياط بصوته المتوج في مقامات الإبداع، إنه صوت يعوم في موجات سلطنة الطرب. كل شيء يحتفي بإطلالة ملكة الجمال في خجل وخشوع: خشوعاً أطلَّ كطيفِ نبي

وفي السفح أغنية تزهرُ

توقّعها رعشاتُ الغصونِ يُصلي لها ليلُنا الأسمرُ

على الربواتِ استهام العبيرُ تعرَّى الجمالُ شذا الوترُ

زفَّ لنا كل ملكوت الجمال والفرح تصويراً وإحساساً في نغم فاق الأنغام.

هكذا نحن في قصر الطرب الفخم رفقة كل حبيب وكل جميل، التقوا في حفلة حب تقاوم ضيق صندوق الإكراه، وتخلق فضاءات الحياة عنوة وبقوة اللقاء. كل الدنيا أبواب ومدى لا يحده زمان أو مكان. الوجدان شفرة الوجود.

معزوفة اختتام مهرجان قوات النغم، تصدح بها المطربة نازك في أغنية أبدعها شعراً خالد زغبية أحد أبرز الشعراء الليبيين، وصاغها لحناً الموسيقار الكبير شيخ الموشح والمألوف الليبي الأندلسي حسن عريبي... تتنابز الفنانة مع الكلمات والنغمات بصوت يصدح ويرقص فرحاً باللقاء:

والتقينا لم يعدْ للحزن معنَى لم يعدْ قلبِيَ خفاقاً معنَّى

لم تعد أحلامنا العذراء وهماً وتباريحَ وأنَّاتٍ وحزنَا

نحن صيَّرنا الهوى في راحتينا ألفَ دنيا ألفَ رؤيا ألفَ معنى

قد كفانا أنَّنا اليوم التقينا

في قصر خندق الأحبة المسلح بجحافل الأنغام، يكون الوجود القاهر لكل فيروس يتسلل إلى محفل فرحة الحياة.

 

كيف سيلتئمُ جرحُ الثقافة بعد «كورونا»؟

د. آمال موسى/الشرق الأوسط/25 نيسان/2020

قد لا يحتاج التفكير في تأثير فيروس «كورونا» على عجلة الاقتصاد إلى انتباه كبير أو اجتهاد خاص للوصول إلى تحديد مظاهر التأثير والتداعيات الرّاهنة والمستقبلية. فمن الطبيعي أن يشغل حال الاقتصاد المعطل بسبب الحجْر الصحي المفروض على مختلف شعوب العالم، اهتمام الجميع، لأن الاقتصاد هو معاش النّاس ولقمتهم وشرابهم ومصدر الرّزق.

كل هذا ظاهر للعيان وللجيوب أيضاً. ولكن السؤال: هل فيروس «كورونا» يؤثر على الاقتصاد فقط؟ ثم إن الاقتصاد العالمي عاش أزمات مالية عدّة، وفي التاريخ المعاصر فقط نذكر أزمة 1929 التي توصف بالكساد العالمي الكبير، وتلتها أزمة 2008 التي شهدت انهياراً مالياً مفجعاً، وهي من الأسباب التي كانت وراء ظهور الثورات العربية بسبب ما زادته تداعياتها في نسب الفقر وبطالة الشباب فأذكت الاحتقان والاحتجاج في بعض الشعوب. والاقتصاد كما نعلم بطبيعته معرض للهشاشة مهما كانت قوته ودائماً يرعبنا خبراء الاقتصاد بتداعيات يوم واحد من إضراب عام تقوم به القوى العاملة في أي اقتصاد. ورأينا في العقدين الأخيرين ما فعلته العمليات الإرهابية الإجراميّة باقتصادات بلدان عدة وكيف أطاحت قطاع السياحة بالضربة القاضية وتسببت في تعميق جبن رؤوس الأموال الجبانة بحكم طبيعتها، الأمر الذي أصاب الاستثمار أهم ما يحرك عجلة الاقتصاد ويجعلها تدور بالخمول والجمود.

ولكن هناك أيضاً حقلاً آخر مارس فيه «كورونا» كفاءته العالية في القهر وهو حقل الثقافة بما تعنيه من عادات وتقاليد ودين. أي الثقافة بالمعنى الأنثروبولوجي تحديداً ولا نقصد الثقافة العامة لأن الأنشطة الثقافية يشملها الحجْر وهو مفهوم وضروري.

الصادم حقيقة هو تمكن «كورونا» من قهر عاداتنا وتقاليدنا وكيفية ممارستنا للشعائر الدينية. فالأزمات المالية وحتى الحروب أثرت على الاقتصادات والسياسات وأطاحت نظما سياسية وأتت بغيرها... ولكن ظلت العادات والتقاليد الخاصة بظاهرة الزواج وطقوس الموت وصلاة الجمعة وصلاة التراويح في رمضان وحج المسلمين وحج اليهود إلى الغريبة بجزيرة جربة التونسية وأجواء واحتفالات عيد الفصح... ظلت صامدة قوية ولم تحفل بكل التغيرات والهزات والزلازل الاجتماعية التاريخية إلا قليلاً.

لذلك يردد علماء اجتماع الثقافة دائما أفكاراً اتخذت طابعاً مقدساً؛ منها أن التغيير الثقافي صعب وبطيء ويحتاج إلى أجيال متعاقبة، وأن كثيراً من الظواهر الاجتماعية الثقافية مثل الزواج والعادات المرتبطة بالموت من دفن وزيارات وحج استطاعت أن تضمن الديمومة والبقاء والصلابة في الاستمرارية والانتقال من جيل إلى آخر لأنها هي بذاتها مسنودة اقتصادياً. بمعنى أن طقوس الزواج لها سوق تلبي حاجاتها وجيش من العاملين في تلبية حاجيات المقبلين على الزواج ومستلزمات مراسم الأفراح، وكذلك الموت من عاملين في مجال بيع ما يلزم غسل الموتى والأكفان وأيضاً بناء القبر من دون الحديث عن عادات أخرى حسب المجتمعات والجهات داخل البلد الواحد بخصوص عادات إكرام الميت والوافدين على عائلته لتقديم التعازي للترحم عليه وما يستوجبه ذلك من إكرامهم أيضا.

كل هذه العادات والتقاليد نجح فيروس «كورنا» في تجميدها حالياً. وكل التعازي تقدم عن طريق تكنولوجيا الاتصال الحديثة ولم يعد يصلى على الميت في الجامع ولا أثر في الوقت الراهن للجنائز. وهذا أمر غير قليل سوسيولوجياً بالمرّة. فهو ليس فقط تغيراً نوعياً في السلوك الثقافي بل هو انقلاب صريح لم يستطع بلوغه غير هذا الكائن المجهري المرعب. أقول «انقلاب» لأن المسلمين مثلاً أصحاب ثقافة «إكرام الميت دفنه»... رأينا خلال هذه الأزمة في مصر وفي تونس أشخاصاً يحتجون على دفن متوفى مصاب بـ«الكورونا» في الجهة التي يقطنون فيها، وفي هذين البلدين تم الدفن بالقوة الأمنية وتحت الرفض والاحتجاج. طبعاً لا نقيّم في هذا السياق ردود الفعل هذه بالمعنى الإنساني أو الأخلاقي وإنما ما يعنينا في هذا المقال الانقلاب السوسيولوجي والثقافي بعد أن خلنا أنه لا شيء يُجمد هذه الطقوس. وإذ نركز على الموت والدفن لأن الزواج ومراسمه قابلة للتأجيل وتجميدها والاقتصار على عقد القران، هناك من شرع فيه بسبب ضغط الظروف الاقتصادية. كما أن الحج في النهاية يظل فريضة لمن استطاع إليه سبيلاً. أما طقوس الموت وأداء صلاة الجمعة وغلق الجوامع في شهر رمضان فهذا لم يحصل إلا مع السيّد فيروس «كورونا». كما تم إلغاء موسم حج يهود العالم إلى الغريبة بجزيرة جربة في تونس، وغابت الأجواء الاحتفالية لعيد الفصح لدى المسيحيين... وكي نفهم ما سميته الانقلاب الثقافي مستبعدة توصيف التغيير الثقافي، نطرق باب إميل دوركايم سوسيولوجي الظاهرة الاجتماعية وأوّل من تحدث عمّا تتميز به من قهر اجتماعي وكيف أنّها موجودة خارج الفرد ومزودة بقوة القهر التي مكنتها من فرض نفسها.

ونستحضر تعريف دوركايم للظاهرة الاجتماعية التي يقول عنها إنّها ضرب من السلوك يعم في المجتمع ويمارس على الفرد قهراً، إذ القهر خاصية تتميز بها الظواهر الاجتماعية وكل محاولة للخروج عن القواعد هي مقاومة لقهر الظواهر الاجتماعية. وإذا نجح فرد في الخروج عن القواعد فإن ذلك يتم بشرط الصراع معها.

وها نحن من دون مقاومة ومن دون صراع نمارس انقلاباً ثقافياً يتمظهر في امتثالنا لتجميد ممارسات ثقافية متجذرة في الثقافة والحضارة والفعل الاجتماعي. بل إن البعض طالب بحرق جثث موتى «كورونا». وهو ما يُظهر لنا بشكل غير مسبوق كيف تخلت بعض الظواهر الاجتماعية الثقافية عن قهرها للمجتمع ولم تعد قاهرة على الأقل إلى أن يتم ابتكار لقاح ضد فيروس «كورونا»، بل إنّها توقفت حالياً أيضاً عن أن تكون كما يسميها دوركايم ظواهر سليمة تتميز بالعموم وذات وظيفة ونفع للنّوع البشري، وهو ما كان يضمن لها الاستمرارية والثبات لكونها تزود الأفراد بقوة ما.

بيت القصيد إذا جاز لنا التعبير: إنه السقوط غير المتوقع لممارسات اجتماعية ثقافية عريقة ومدعومة بسلطة العادات والتقاليد القاهرة وقوة الدين وتعرضها إلى نوع من التجميد من دون أن يشهد ذلك مقاومة من المجتمعات. وإن كان في غياب المقاومة والصراع ما يعزز فرضية تنامي العقلنة لدى المجتمعات الراهنة فإن النقطة التي تعنينا هو الامتثالية والمزايدة عليها في الانقلاب على عاداتنا وتقاليدنا، ولم تكن هذه الامتثالية والسهولة والمرونة المتناهية من طبيعة هذه الظواهر ولا من تاريخ السلوك الثقافي الإنساني.

من جهة ثانية، نتساءل: كيف ستستعيد هذه الظواهر عندما نتجاوز أزمة «كورونا» قهريتها وقوتها ونفوذها الاجتماعي؟ لم يحصل هذا من قبل ولم يلاحظ بعد. فلننتظر ونرَ كيف يلتئم جرح الثّقافة وكيف ستمسح العادات والتقاليد ماء وجهها الذي تصبب وما يزال عندما نعود للتواصل عن القرب وللحياة العاديّة.

سيبدو لي أن شرخاً ما قد حصل. قوة الثقافي تصدّعت.

 

لولاية القضائية: «المحكمة الجنائية الدولية» و 'الوضع في فلسطين'

ألكسندر لونجاروف/معهد واشنطن/25 نيسان/2020

لبعض الوقت، ومنذ كانون الأول/ديسمبر على وجه التحديد، تنظر «المحكمة الجنائية الدولية» في مسائل اختصاصها القضائي حول جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الخطيرة المزعومة "التي ارتُكبت في جميع أنحاء أراضي دولة فلسطين". وقد عبّر مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون، وكذلك دول ومنظمات وأفراد مختلفين، عن آرائهم حول هذا الأمر. والآن يتوجّب على "مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية" الرد على هذه الطلبات بحلول 30 نيسان/أبريل، مما يمدد الموعد النهائي الأصلي بسبب جائحة فيروس الكورونا.

وإذا استمرت ملاحقات «المحكمة الجنائية الدولية» بشأن هذه القضايا، فقد يجد مواطنون إسرائيليون وفلسطينيون أنفسهم في قفص الاتهام في لاهاي، ويُحتمل أن يشمل كبار السياسيين والضباط العسكريين. وبالتالي، فإن إلقاء نظرة متعمقة على المحكمة والخلفية القانونية لأسئلتها القضائية العالقة أمور في محلها.

عن المحكمة

تم إنشاء «المحكمة الجنائية الدولية» التي هي محكمة دولية دائمة بموجب معاهدة «نظام روما الأساسي» في 1 تموز/يوليو 2002. وتتمثل سلطتها في "ممارسة ولايتها القضائية على أشخاص فيما يتعلق بأخطر الجرائم التي تثير قلقاً دولياً"، والمعروفة بأنها "جريمة الإبادة الجماعية"، و "الجرائم ضد الإنسانية" و "جرائم الحرب" و "جريمة العدوان". والأهم من ذلك أن ولاية «المحكمة الجنائية الدولية» "مكمّلة للولاية القضائية الجنائية الوطنية". وحتى كتابة هذه السطور، هناك 123 دولة طرفاً في النظام الأساسي. وقد وقّعت عليه الولايات المتحدة وإسرائيل عام 2000، ولكنهما أبلغتا الأمين العام للأمم المتحدة بعد ذلك بعامين أنهما لن تصادقا عليه، وبالتالي لن تكونا مقيّدتين بأي التزامات تترتب عليه. وبدون هذا التصديق، فإنهما ليستا طرفاً في المعاهدة. أما الدول الأخرى التي ليست أطرافاً في النظام الأساسي، فلديها فرصة للانضمام إليه عبر إيداع صكّ انضمامها لدى الأمين العام للأمم المتحدة.

"الوضع في فلسطين"

في 2 كانون الثاني/يناير 2015، أودع المسؤولون الفلسطينيون صكّ انضمامهم إلى «المحكمة الجنائية الدولية» لدى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون، الذي أشار إلى أن «نظام روما الأساسي» "سيدخل حيّز التنفيذ لدولة فلسطين في 1 نيسان/ أبريل 2015". وفي الوقت نفسه، أشار إلى أنه "يتعين على الدول أن تتخذ قرارها الخاص فيما يتعلق بأي مسائل قانونية تثيرها الصكوك التي عممها الأمين العام للأمم المتحدة". وفي 22 أيار/مايو 2018، أحال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي "الوضع في فلسطين" إلى "مكتب المدعي العام"، مطالباً المدعي العام لـ «المحكمة الجنائية الدولية» "بالتحقيق، وفقاً للولاية القضائية الزمنية لـ «المحكمة»، في الجرائم السابقة والجارية والمستقبلية في إطار السلطة القضائية للمحكمة، والتي تُرتكب في جميع أنحاء أراضي دولة فلسطين". ووفقاً للطلب، فإن "دولة فلسطين تضم الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، كما حددها «خط الهدنة» لعام 1949، وتشمل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة". وكما ذُكر أعلاه، فإن أي محاكمات مستقبلية من قبل «المحكمة الجنائية الدولية» بشأن "الوضع في فلسطين" يمكن أن تنطوي على إحضار مواطنين إسرائيليين وفلسطينيين أمام قضاة المحكمة في لاهاي. وعلى الجانب الإسرائيلي، يمكن الشروع في محاكمات ضد شخصيات سياسية وعسكرية حالية أو سابقة، والتي تشمل كبار القادة مثل بنيامين نتنياهو وبيني غانتس. وعلى الجانب الفلسطيني، قد يكون أعضاء من حركة «حماس» وجماعات مسلحة أخرى من بين المتهمين.

ومع ذلك، تقتصر السلطة القضائية لـ «المحكمة الجنائية الدولية» على الجرائم التي يُزعم ارتكابها إما على أراضي الدول التي هي أطراف في «نظام روما الأساسي» (بما في ذلك سفنها وطائراتها المسجلة) أو من قبل مواطني هذه الدول. وبما أن إسرائيل ليست طرفاً في النظام الأساسي، فإن السؤال المطروح حالياً هو ما إذا كان يمكن اعتبار "دولة فلسطين" طرفاً. في 20 كانون الأول/ديسمبر 2019، وبعد إجراء التدقيق التمهيدي الإلزامي، أعلنت المدعي العام لـ "المحكمة الجنائية الدولية" فاتو بنسودة أنه "تم استيفاء جميع المعايير القانونية... لفتح التحقيق". وبالنظر إلى "المسائل القانونية والوقائعية الفريدة والمثيرة للجدل" لهذه القضية، فمع ذلك قررتْ السعي للحصول على قرار من الدائرة التمهيدية الأولى لـ «المحكمة الجنائية الدولية» "بشأن نطاق الولاية الإقليمية لـ «المحكمة» في وضع فلسطين، والتأكيد على أن 'الأراضي' التي يجوز للمحكمة ممارسة اختصاصها عليها بموجب المادة 12 (2) (أ) تشمل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة". وفي اليوم نفسه، نشرت إسرائيل موقفها الخاص في هذا الشأن، بإشارتها إلى أن «المحكمة الجنائية الدولية» لا تملك الولاية القضائية الإقليمية لأن "فلسطين" لا يمكن اعتبارها دولة، ويرجع ذلك أساساً إلى افتقارها إلى السيطرة الفعلية على الأراضي التي تدّعيها. وقدّم الفلسطينيون موقفهم إلى المحكمة في 16 آذار/مارس 2020، وأشاروا فيه إلى العدد الكبير من الدول والمنظمات الدولية التي تعتبر فلسطين دولة، وإلى ضرورة أن تحكم «المحكمة الجنائية الدولية» في ولايتها وفقاً للغرض من نظامها التأسيسي. وسمحت الدائرة التمهيدية أيضاً لسبع دول وست وثلاثين منظمة/فرداً بتقديم ملاحظاتهم بحلول 16 آذار/مارس، مُطالِبة مكتب المدعي العام بالرد بحلول 30 آذار/مارس؛ وتم تمديد الموعد النهائي في وقت لاحق لمدة شهر واحد.

فكرة الدول عن الدولة

إن الدول السبع التي قدمت ملاحظات هي أستراليا والنمسا والبرازيل وتشيكيا [الجمهورية التشيكية] وألمانيا والمجر وأوغندا. وقالت هذه الدول بأن "دولة فلسطين" لا تستوفي حالياً الشروط التي بموجبها يمكن اعتبارها دولة على النحو المقصود في المادة 12 (2) (أ) من «نظام روما الأساسي». يجدر مقارنة هذا الموقف بأنماط تصويتها على عضوية الفلسطينيين في "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" ["يونيسكو"] (31 أكتوبر 2011)، وعلى تبني قرار "الجمعية العامة للأمم المتحدة" 67/19 (4 كانون الأول/ديسمبر 2012)، الذي حدد لفلسطين "صفة الدولة المراقبة غير العضو في الأمم المتحدة":

ومن الجدير بالذكر أيضاً علاقة كل دولة بإسرائيل. فقد أقامت ثلاث من الدول السبع - أستراليا وتشيكيا وألمانيا - علاقات قوية بشكل خاص مع إسرائيل، وكثيراً ما كانت متعاطفة مع مخاوفها ومواقفها، قبل وقت طويل من إحالة الوضع الفلسطيني إلى «المحكمة الجنائية الدولية». أما بالنسبة للدول الأخرى، فقد أشارت التقارير الإعلامية إلى علاقات ودية متزايدة بين رئيس الوزراء نتنياهو وقادة النمسا والبرازيل والمجر وأوغندا.

ولم تطلب الولايات المتحدة وكندا، اللتان شاركتا في كثير من الأحيان مواقف إسرائيل في المحافل الدولية، الإذن من «المحكمة الجنائية الدولية» لتقديم ملاحظات بشأن "الوضع في فلسطين" بصفتهما "صديقتا المحكمة". وفي رسالة إلى المحكمة في 14 شباط/فبراير، كررت وزارة الخارجية الكندية الموقف الذي عبّرت عنه لأول مرة بعد أن طلب الفلسطينيون الانضمام إلى «نظام روما الأساسي» - أي أن فلسطين "لا تستوفي معايير الدولة بموجب القانون الدولي وغير معترف بها من قبل كندا كدولة". ووفقاً لبعض التقارير كتب نتنياهو إلى رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو يطلب صراحة إظهار مثل هذا الدعم. وبالمثل، في بيان صدر في 20 كانون الأول/ديسمبر، كرر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو موقف الولايات المتحدة: "[لا نعتقد] أن الفلسطينيين مؤهلين كدولة ذات سيادة" وبالتالي لا ينبغي أن يشاركوا في المنظمات الدولية بهذه الصفة.

إن الفلسطينيين ليسوا وحدهم في التأكيد على أن «المحكمة الجنائية الدولية» تمتلك الولاية الضرورية. إذ إن موقفهم مدعوم بطلبات "أصدقاء المحكمة" من قبل "جامعة الدول العربية" التي تمثل اثنتين وعشرين دولة، و"منظمة التعاون الإسلامي" التي تمثل سبعة وخمسين دولة (العضوية الفلسطينية مدرجة في هذه الأرقام؛ كما أن سوريا مدرجة أيضاً، على الرغم من التعليق المستمر لعضويتها).

المعايير القانونية الدولية في سياق سياسي

على الرغم من أن القانون الدولي يتميز أحياناً بمواقفه القاطعة، إلا أنه لم يتمكن من تحديد مفهوم الدولة أو الاعتراف بها على نحو دقيق. والقضية الفلسطينية ليست المثال الوحيد لهذه الظاهرة (انظر إلى كوسوفو، على سبيل المثال)، لكنها من بين أكثر الحالات تعقيداً.

ووفقاً للدول التي تدعم موقف إسرائيل، يجب تقييم ولاية «المحكمة الجنائية الدولية» وفقاً لـ «نظام روما الأساسي» و «اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات»، لأن «نظام روما» المذكور هو معاهدة دولية. وهذا يعني اللجوء إلى المعايير التقليدية لمفهوم الدولة بموجب القانون الدولي، والتي تتطلب عادة سيطرة حكومية فعالة على الإقليم المعني. وفي الوقت الحاضر، تمارس "السلطة الفلسطينية" نوعاً محدوداً فقط من السيطرة على أجزاء معينة من الضفة الغربية - وبالتحديد "المناطق «أ» و «ب»" - ولا شيء في قطاع غزة أو القدس الشرقية. وبالمثل، فإن اختصاصها الجنائي في هذه المناطق محدود ولا يمتد إلى الإسرائيليين. ونتيجة لذلك، يصعب تحديد الولاية القضائية "الوطنية" التي ستكمّلها «المحكمة الجنائية الدولية» في هذه الحالة.

ومع ذلك قد تلاحظ المحكمة، النسبية التي تبرز في بعض الأحيان عند تطبيق معايير الدولة. على سبيل المثال، تم الاعتراف بتايوان من قبل خمس عشرة دولة فقط في جميع أنحاء العالم، على الرغم من استيفائها للمعايير التقليدية إلى حد كبير، في حين كانت الصومال لا تزال تعتبر دولة بعد فترة طويلة من انهيار حكومتها المركزية. يجب أيضاً مراعاة الغرض [الذي من أجله أُقِرّت] المعاهدة عند محاولة تفسير أحكامها؛ فقد تأسست «المحكمة الجنائية الدولية» بهدف عدم السماح لادعاءات ارتكاب جرائم خطيرة بالمرور دون تمحيص. فإذا قبِلت المحكمة أن فلسطين تمتلك خصائص كافية لكي تُعتبر دولة، فحينئذ يمكنها أن تقرر أنها تمتلك الولاية للتحقيق في الجرائم المزعومة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، بغض النظر عما إذا كان الجناة المزعومون إسرائيليين أو فلسطينيين.

وفي ضوء هذه التعقيدات، يبدو أن النظر في الحجج القانونية الدولية المتعلقة بـ «نظام روما الأساسي» أو الدولة الفلسطينية بمعزل عن السياق السياسي الدولي الذي يتم طرحها فيه، مهمة شاقة. ولا يبدو من قبيل المصادفة أن البلدان ذات العلاقات الإسرائيلية الجيدة تميل إلى دعم مطالبات إسرائيل القانونية بشأن هذه القضايا، في حين أن الدول التي تشارك الفلسطينيين في اللغة و/أو دين الأغلبية هي التي تدافع عن المناقشات القانونية الفلسطينية.

ويبرز بوضوح اثنان من أكبر التحديات التي تواجه القانون الدولي في هذه القضية. الأول يتعلق بواقع كَوْن بعض المعايير القانونية الدولية أقل وضوحاً من المفاهيم التي تم تطويرها في النظم القانونية المحلية. والثاني هو عدم إنفاذ القانون على المستوى العالمي. ففي بعض مجالات القانون الدولي، لم يتم نقل السلطة القضائية إلى سلطة أعلى من الدول على الإطلاق، أو نُقلت جزئياً فقط، كما يتضح من الالتزام العالمي الجزئي بـ «المحكمة الجنائية الدولية».

ويتجلى هذا الغموض متعدد المستويات بشكل مثالي في "الوضع في فلسطين"، حيث يدّعي كلا الجانبين أن أي حكم مخالف لموقفهما سيشير إلى أن «المحكمة الجنائية الدولية» مسيّسة. ويبقى الأمر الآن متروكاً للمحكمة، ودائرتها التمهيدية الأولى على وجه الخصوص، لكي تصل إلى قناعة بأنها قادرة على البت في مسألة الولاية على أساس الحجج القانونية (الكافية).

ألكسندر لونجاروف هو زميل زائر في برنامج القانون الدولي والأوروبي في جامعة "Vrije Universiteit Brussel"، ومسؤول في "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية". وهذا المرصد السياسي يعبّر عن آراء المؤلف فقط ولا يعكس بأي شكل من الأشكال رأي "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية" و/أو "الاتحاد الأوروبي"، اللذان لا يمكن تحميلهما مسؤولية أي استخدام لوجهة نظرهما.

 

لماذا أصبح الملك عبد الله ملكاً

روبرت ساتلوف/"أمريكان إنترست"/25 نيسان/2020

يستمتع القادة في جميع أنحاء العالم بلحظة "الالتفاف حول الراية" أثناء توليهم مسؤولية المعركة التي تخوضها دولهم ضد وباء كورونا المستجد "كوفيد-١٩". ولا يُستثنى من ذلك العاهل الأردني الملك عبد الله. فبعد مرور 21 عاماً على جلوسه على العرش، أصبح في ذروة شعبيته، مدعوماً بشعور وطني بأن قائد القوات الخاصة السابق قد نشر بحكمة المؤسسة الوطنية التي يرتبط بها بشكل وثيق - أي الجيش العربي الأردني - في مسعى شامل لإغلاق المملكة ومنع الوباء من إلحاق أضرار كارثية. وكما كتب لي أحد الصحفيين، وهو عادة ناقد حاد للملك: "أنا أثني على الملك بإخلاص - وما زلتُ أقرص نفسي - لكنه كان رائعاً حقاً".

إن إحدى دلالات شعبية الملك عبد الله هي صورة يتم تداولها على "الفيس بوك" و "تويتر" تُظهره وسط حشد من الجنود الأردنيين الهاتفين؛ وتَستحضر هذه الصورة صوراً مماثلة لوالده - الملك حسين - محاطاً بقوات مُحبّة في لحظات سابقة من الانتصار. والرسالة لا لبس فيها: عبد الله هو نجل والده، ويتصرف اليوم بنفس الدافع والتصميم والقيادة التي ميّزت رعاية الملك حسين للبلاد تحت الضغط. وبالنسبة لدولة ملكية يجب أن تقيس باستمرار درجة حرارة الرأي العام، الذي غالباً ما يكون مضطرباً، فإن خلق صلة مرئية (وبالتالي نفسية) بين الملك حسين ونجله عبد الله هو إضافة كبيرة.

وفي نهاية المطاف ستمر هذه اللحظة، وستختفي الذكريات، كما هي حال الدنيا، وسيزداد النقاد حدة من جديد. وفي النسخة الأردنية من "ماذا فَعلتَ لأجلي مؤخراً"، سينسى الكثيرون كيف تعامل الملك عبد الله مع الوباء كما نسوا كيف تعامل مع أزمات أخرى، بدءاً من تداعيات هجمات 11 أيلول/سبتمبر إلى غزو أمريكا للعراق، ومن الإرهاب في عمّان والبروز اللاحق لتنظيم «الدولة الإسلامية» إلى التدفق الجماعي للاجئين السوريين، ومن الأمواج المحلية لـ "الربيع العربي" إلى "صفقة القرن" المخيفة لإدارة ترامب.

وبدلاً من ذلك، سيركّزون على أخطائه، والتي كان له نصيبها بالتأكيد. وهذا المسار سيؤدي حتماً إلى وصول البعض منهم إلى طريق متعرج وإلى النقد الأصلي ضده، وهو الاتهام الذي دام عقدين من الزمن ومفاده أن عهد عبد الله هو مصادفة تاريخية، وآخر التأثيرات الجانبية العالقة لعلاج السرطان المنهك الذي استنزف كل من القوة البدنية والحدة العقلية لوالده. وعلى الرغم من مرور أكثر من عقدين من الزمن من  جلوسه على العرش، إلّا أن بعض الهامسين في عمان سيظلون يقولون أن عهد عبد الله - الذي يُدّعى أنه وُلِد في خضم تدنّي القدرة الذهنية للملك حسين - كان غير شرعي عندما بدأ ولا يزال كذلك حتى اليوم.

ليس من مهمتي خوض المعارك السياسية نيابة عن الملك عبد الله، لكن لدي معرفة خاصة حول هذه المسألة. وفيما يتعلق بالهامسين، فعندما يظهرون ثانية، سيكونون مخطئين. وإليكم السبب: بعض السياقات: سافرتُ إلى الأردن للمرة الأولى عام 1985 للمشاركة في برنامج للغة العربية في "جامعة اليرموك" في مدينة إربد الشمالية. وخلال تلك الحلقة الدراسية التي كانت لافتة للنظر، كان لي لقاءان مع أفراد من العائلة المالكة: مصافحة الملكة نور، الزوجة الرابعة للملك حسين، في حفل استقبال وتحية للطلاب الأمريكيين في القصر الملكي في عمّان، وإلقاء تحية سريعة للأمير آنذاك عبد الله، الابن الأكبر للملك حسين، الذي كان في ذلك الحين كابتن الفريق الوطني الأردني لسباق السيارات، عندما تقاطع طريق فرقتنا اليرموك مع الفريق الوطني في حوض السباحة في "فندق البتراء".

لكني لم أقابل الملك حسين نفسه إلا بعد أربع سنوات، في عام 1989، وذلك عندما عدتُ إلى عمان لإجراء بحث لأطروحتي لنيل شهادة الدكتوراه من "جامعة أوكسفورد". كان موضوعي هو السياسة الداخلية الأردنية في الخمسينيات. وعلى وجه التحديد، كنتُ مفتوناً بالكيفية التي نجت بها هذه الدولة الصغيرة - غير الساحلية تقريباً، والفقيرة في الموارد، والغنية باللاجئين في قلب إحدى مناطق الصراع الرائدة في العالم - في السنوات المضطربة بعد اغتيال مؤسسها، جد الملك حسين، الملك عبد الله الأول.

ولإجراء بحثي، قابلتً عشرات الوزراء ورجال الحاشية الملكية والجنرالات السابقين، واستخدمتُ حيلي للوصول إلى مجموعة الكتب والمنشورات والمذكرات المحظورة التي ملأت «الغرفة الممنوعة» - في "الجامعة الأردنية"، وكنتُ أول باحث غربي يقوم بالبحث عن الموارد الرائعة للأرشيف الوطني الأردني. كنتُ محظوظاً أيضاً للالتقاء بكثرة مع بعض كبار مستشاري العاهل الأردني في القصر الملكي وحتى بحضور العديد من المستمعين مع الملك حسين نفسه.

وفي وقت مبكر، أدركتُ أن أفضل طريقة للتأكد من أن تكون اللقاءات مع الملك حسين ذات مغزى هي عدم تضييع الوقت في السياسة المعاصرة. ولم أستغل الفرصة أبداً للسؤال عن أحدث تطوّر أو تحوّل في دبلوماسيته الهادئة مع إسرائيل، أو آخر الخطوات في تنافسه مع ياسر عرفات، الذي دام عقود من الزمن، أو أحدث تطور في علاقاته المتأرجحة مع واشنطن. ففي النهاية، كانت هذه هي الأسئلة نفسها التي كان يطرحها الصحفيون المشهورون للملك حسين حين توافدوا إلى عمّان، ومن غير المحتمل أن يخبرني بأي شيء لم يخبرهم به أساساً.

وعوضاً عن ذلك، دائماً ما ركزتُ مقابلاتنا على التاريخ - ذكرياته من الشخصيات، والأحداث، والأزمات من فترة شبابه. سألتُ الملك حسين عن لحظات حاسمة، مثل قراره بطرد قائد "الجيش العربي" الأسطوري غلوب باشا في عام 1956 ثم نجاحه في إخماد محاولة انقلابية من قبل متطرفين أردنيين داخل الجيش نفسه بعد بضعة أشهر فقط. وسألتُ عن علاقاته المتطورة مع القوى الغربية، من اعتماده على البريطانيين الذين غالباً ما كانت لديهم نزعة إلى الاستبداد، إلى تعويله على أمريكا التي سعت، في رأيه، بسذاجة إلى كسب الرجل الذي اعتبره أخطر أعدائه، الرئيس المصري جمال عبد الناصر.

والأهم من ذلك كله، سألتُ الملك حسين عن عائلته. ولم يكن هذا سهلاً دائماً. فقد كان العاهل الأردني رجلاً متحفظاً ذو شخصية عسكرية، ولم يكن شخصاً يتحدث عن الثرثرة العائلية أو يسعى إلى تسوية الحسابات بواسطة مؤرخ. وبدلاً من تطوّعه في سرد بعض الرؤى من شبابه، غالباً ما استند على إصدارات منمّقة للقصص التي أُعيد سردها ألف مرة من سيرته الذاتية، التي كتبها صحفي بريطاني عمل ككاتب ظل. وربما لأنه رأى وسمع المآسي التي لا يجب أن يشهدها أي صبي أو مراهق أو شاب: من مقتل جده في المسجد الأقصى، ذلك الحدث الذي كاد أن يؤدي إلى مقتله هو أيضاً؛ وإلى نوبات هيجان والده طلال في الأماكن العامة، التي نجمت عن مرض عقلي مأساوي؛ وإلى الإعدام الشنيع لفرع عائلته العراقي خلال الثورة ضد الحكم الهاشمي هناك عام 1958.

بذلتُ قصارى جهدي للتعامل مع محادثاتنا وتلك التي أجريتها مع مستشاريه المقربين بعناية وحذر. كان تركيزي على القيمة التاريخية لملاحظاتهم، وليس على ما قد يدغدغ مشاعر مراقبي القصر. وكانت النتيجة إنني لم أذكر أبداً أي شيء عن العائلة المالكة ما لم تكن قد ساعدت في الإجابة على السؤال الأساسي لبحثي - مصدر الصمود السياسي للأردن.

ربما كانت تلك الرعاية والتقدير هي التي وضعتني في ميزة كبيرة مع الملك حسين بعد الانتهاء من كتابة الأطروحة ونشرها ككتاب في النهاية. واصلنا الاجتماع - بشكل دوري ونادر، لن أبالغ في ذلك - في عمّان وفي "ريفر هاوس"، منزله الأمريكي بعيداً عن الوطن في بوتوماك بولاية ماريلاند الأمريكية.

وفي "ريفر هاوس"، في حزيران/يونيو 1996، أجريتُ آخر محادثة وجهاً لوجه مع الملك حسين. وفي رأيي، كانت أكثر المحادثات حميمية وأكثرها كاشفة على الإطلاق.

أتذكر المحادثة وكأنها البارحة. توافق وصولي إلى المنزل مع مغادرة جوديث كيبر، منتجة تلفزيونية سابقة ولاعبة أساسية على مسرح واشنطن المهتم بشؤون الشرق الأوسط، التي التقيتُ بها في الممر. وعندما دخلتُ، تراءى المنزل خالياً تقريباً - وبدا أنه لم يكن هناك أحد باستثناء مساعد واحد أو اثنين والملك. جلسنا في غرفة جلوس مريحة، مليئة بكراسي وأرائك فاخرة ذات لون فاتح، ومزيّنة بصور عائلية كبيرة ذات إطار معدني. وعلى الفور تقريباً، التقط الملك علبة سجائر وأشعل سيجارة. وهذا ما جعلَنا نبدأ المحادثة.

"أرى أنك ما زلتَ تدخن، يا صاحب الجلالة"، قلتُ مشككاً ضمنياً في تقدير رجل خضع لعملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني في المسالك البولية وإزالة كلية قبل ذلك بأربع سنوات.

"نعم سيدي،" قال لي - لقد كان ينادي الجميع بسيدي، متأثراً بأيام دراسته الداخلية - "ولكن كما ترى، هذه السجائر هي «مارلبورو لايتس»."

أدى هذا التبادل الى حديث لم نجريه من قبل، عن المصير، المخاطرة والخيارات. من خلال تجربتي المتواضعة، لم يكن حسين شخصاً متردداً، بمعنى أنه يشغل نفسه بالتذمين والشكوك، أو إعادة النظر بالقرارات و الخيارات التي كان عليه اتخاذها.

عندما يكون "لازماً" عليك ان تعيش على الحافة كما كان عليه أن يعيش، مواجهاً العديد من محاولات الانقلاب والاغتيالات، والمؤامرات المستمرة في القصر، وأحياناً الحروب، بالاضافة الى الكوارث التي أعقبت قتل جده، مرض الأب، والموت المفاجئ والعنيف لزوجته الثالثة علياء في تحطم طائرة مروحية - لا يتبقى لديك الكثير من الوقت للتأمل في البدائل والشكوك.

مجرد أنه كان على إستعداد للخوض في حديث كهذا، فقد كان حدثاً استثنائياً.

في النهاية، أخذ الحديث منحنى تأملياً أكثر من أي وقت مضى عندما سألت الملك حسين، الذي كان يناهز الستين عاماً في ذلك الوقت، عما كان يسبب له الشعور بالندم أكثر من أي شئ في حياته، كنت أتوقع منه ان يتحدث عن خسارة القدس، التي حكمتها الأردن من عام 1949 إلى عام 1967 والتي استولت عليها إسرائيل خلال حرب حزيران/يونيو، ولم تكن لتتنازل عنها للأردنيين أبداً. ولكنه فكر للحظة وقال ما هو غير متوقع.

"أكثر شئ ما ندمت عليه في حياتي هو الجرح الذي تسببت به لإبني عبد الله،" قال حسين.

"الجرح الكبير؟" سألته. ولكني أدركت فجأة لما كان يحاول قوله. "هل تقصد عندما قررتَ أن تأخذ منه ولاية العهد؟"

"نعم" قال. "أعرف كم كان ذلك مؤلماً. وأعد بأني سأصلح ما فعلتُه قبل أن أموت.

إسمحوا لي أن أوضح ما يعنيه ذلك: كان عبد الله، المولود في كانون الثاني/يناير 1962، ولي عهد الأردن حتى بلغ الثالثة من عمره، عندما أقنع مستشارو الملك حينها بأنه من الخطورة أن يكون ولي عهد طفلاً، وكانت حياة الملك مهددة بالخطر. وأضاف مستشارو القصر أن والدة عبد الله - زوجة حسين الثانية، منى - كانت قد ولدت بإسم توني أفريل غاردينر، إبنة ضابط بريطاني، وأن ذلك قد يضفي المزيد من التعقيدات، خاصة في ظل تزايد مشاعر القومية العربية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

إستجابة لنصائح مستشاريه، قام الملك حسين بتعديل القانون الأردني في عام 1965 لتسمية شقيقه حسن - البالغ من العمر حينها 18 عاماً - ولياً للعهد.

عندما إلتقينا مع الملك حسين في الـ "ريفر هاوس"، كان الأمير حسن قد شغل منصب ولي العهد بإقتدار وإخلاص لمدة 30 عاماً، وكان قد لعب دوراً في قرار الأردن بعقد سلام رسمي مع إسرائيل. مع ذلك، قال لي الملك، في خصوصية غرفة معيشته، أن الألم الأكبر الذي تحمله خلال هذه المدة هو تجريد ابنه من حقه بالولادة - ولقد كان من الواضح أن حسين -لا الطفل - هو الذي تحمل كل ذلك الألم.

لقد قال لي بكلمات واضحة وضوح الشمس أنه في النهاية مصمم على تغيير الخلافة وإعادة دور ولي العهد لإبنه الكبير.

تسمّرت بفعل المفاجأة. لم يكن ذلك مجرد تفصيل حول شخصية ملكية في العقود الماضية. إنها مفاجأة مذهلة حول من سيكون ملك الأردن المقبل. تسارعت دقات قلبي، ومع ذلك تابعتُ الحديث محاولاً عدم الكشف عن مدى حماسي لسماعي أفكار الملك الخاصة والعميقة، وربما أهم مسألة قي حياته - أي من سيخلفه كملك الأردن.

على غير العادة ، لم يكن عليّ أن أحثه على متابعة الحديث.  فبعد تصريحه الذي وعد فيه أن يعيد ولاية العهد لعبد الله، أوضح لي أنه أيضاً مهتم برعاية طلال وغازي - أبناء أخيه الأوسط محمد الذي أيضاً كان قد سبق وشغل منصب ولي العهد خلال العقد الذي سبق ولادة عبد الله. وبعد التطرق إلى أهمية الحفاظ على وحدة العائلة للأجيال القادمة، مرت لحظة تأمل سريعة، ومن ثم إنتهى الحديث.

ما أن نهضت عن الأريكة وهممت بالرحيل، نظر إليّ الملك حسين مباشرة وقال: "ما قلت لك الآن، سيدي، سأكون ممتناً إن أحتفظت به لنفسك." وعدته بذلك.

لم يكن من السهل دائمًاً الوفاء بهذا الوعد. عندما غير الملك حسين خط الخلافة قبل أسبوعين من وفاته، زعم البعض في عمان أن هذا القرار هو قرار متقلب ومتأثر بجرعات الدواء الثقيلة التي يتناولها الملك لآلام سرطانه المتقدم. وزعم آخرون أن الملك تصرف بغضب بسبب مزاعم الإساءة من قبل أخيه الأمير حسن وبعض أفراد عائلته. الفكرة هي أن يتم الإيحاء بأن قرار إعادة تعيين عبد الله ولياً للعهد لم يكن قراراً مفاجئاً فحسب، بل غير شرعي إلى حد ما، مشوب بحالة المرض ومؤامرات حاشية القصر، الذين استغلوا مرض الملك حسين وضعف قرارته.

بسبب محادثتي مع الملك حسين قبل وفاته بثلاث سنوات، كنت أعرف إن هذه الشائعات خاطئة - لقد كانت خاطئة عندما توفي الملك حسين في عام 1999، وبقيَتْ خاطئة بعد عقدين من الزمن. وعندما إحتفل الملك عبد الله بمرور 20 عاماً على العرش منذ عام، قررتُ أنه قد حان الوقت لأضع حداً للإشاعات الكاذبة، الزاعمة بأن قرار الملك حسين بتغيير ترتيب الخلافة قبل أسبوعين من وفاته كان مفاجئاً بسبب المرض وفراش الموت. إتخذتُ القرار بأن أوضح كيف فهمت نيته، إستناداً إلى كلماته الخاصة لي وبناءً على طلب الملك الراحل، أبقيتُ ذلك الحديث لنفسي لما يقارب ربع قرن. ولكني خلصتُ إلى أني أوفيتُ بوعدي للملك حسين، وأنه يمكنني الآن، بكل راحة ضمير، أن أروي هذه القصة.

أول من عليه أن يسمعها هو الملك عبد الله نفسه، ولذلك سعيتُ للبحث عن فرصة لإخباره بما قاله لي والده. في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وجدت فرصتي عندما كنت أقوم بمرافقة الملك عبد الله إلى قاعة إحتفالات في مدينة نيويورك. كنت محظوظ لوجودي معه - ومع زوجته الملكة رانيا، وإبنهما الأكبر ولي العهد حسين - لمدة ثلاثين دقيقة في غرفة جلوس صغيرة في الفندق، من دون الحاشية والمصورين. كنا نحن الأربعة لوحدنا، نجلس على كراسي خشبية متواضعة، بالقرب من بعضنا البعض، تكاد ركبنا تتلامس.

في تلك اللحظة الحميمة، وجدت فرصتي لأخبر العائلة المالكة عن تلك المحادثة التي أجريتها قبل 25 عاماً مع والد عبد الله.

أخبرتهم بأن الملك حسين كان ينوي تغيير ترتيب الخلافة منذ زمن طويل وأن قرار إعادة ولاية العهد لإبنه الأكبر هو طريقته لإصلاح جرح مؤلم كان يعتقد انه لحق بعبد الله منذ عقود. أخبرتهم أن القرار لا علاقة له بإستياء الملك حسين المزعوم من حسن أو عائلته (وفي الواقع، خلال محادثتي مع الملك حسين، لم ينطق بأي  انتقاد تجاه حسن، لا بل وعد العكس من ذلك، فإن أي إشادة إلى حسن كانت مصحوبة بمودة أخوية واضحة).

بما أنا شعبية الملك عبد الله اليوم مرتفعة جداً في الأردن، فأنا لا أقوم بسرد هذه القصة علانية للمرة الأولى كمحاولة لمساعدته على التغلب على أزمة ما أو فضيحة.

بعد التأمل في تفاصيل هذه الرواية، لم يكن قرار الملك حسين بإعادة ولاية العهد إلى عبد الله أمراً معقداً جداً. إنها قصة يتشابه فيها الملوك والعامة على حد سواء. إنها قصة قديمة قدم الزمن نفسه. إنها قصة أب وإبنه. روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن. وقد نُشر هذا المقال في الأصل على موقع "أمريكان إنترست" على الإنترنت.

 

تفاصيل المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والتفاهات السياسية من ردود وغيرها

مجلس الوزراء يبحث الثلاثاء في إقرار النصوص المتعلقة بالتحويلات المالية ومكافحة الفساد واستكمال بحث الخطة الإصلاحية

وطنية - السبت 25 نيسان 2020

يعقد مجلس الوزراء، جلسة في السرايا الكبيرة عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء المقبل، للبحث في المواضيع التالية:

1- إقرار النصوص والصيغ النهائية المتعلقة بالمواضيع التي سبق لمجلس الوزراء أن وافق عليها مبدئيا في جلسته التي عقدت بتاريخ 24/4/2020 وهي:

أ- إجراء تحقيقات لتحديد الحسابات التي أجريت منها تحويلات مالية واتخاذ إجراءات بحق صاحبها.

ب- اتخاذ تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.

ج- مشروع قانون معجل يتعلق باسترداد تحاويل إلى الخارج التي جرت بعد تاريخ 17/10/2019.

2- استكمال البحث في الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية للحكومة، توصلا لإقرارها.

 

دياب من مقر قوى الأمن: الدولة غير موجودة فعليا في عقول الناس والمطلوب فك ارتباطها بمصالح السلطة

وطنية - السبت 25 نيسان 2020 الساعة 13:49سياسة

زار رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، قبل ظهر اليوم، مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، يرافقه المستشاران خضر طالب وحسين قعفراني، وكان في استقباله وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وأقيمت له مراسم التشريفات الرسمية.

وعقد دياب اجتماعا مع فهمي وعثمان، في حضور طالب، قبل أن ينتقلوا إلى قاعة المؤتمرات في المديرية، في حضور قادة الوحدات في قوى الأمن الداخلي وكبار الضباط، وألقى عثمان كلمة ترحيب قال فيها: "بداية، أتشرف باسمي وباسم مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي، وضباطها ورتبائها وأفرادها، أن أرحب بكم هنا في مقر المؤسسة الأعرق في الدولة اللبنانية التي تجاوز عمرها القرن ونصف القرن، وأول مؤسسة رفع العلم اللبناني على مبانيها".

أضاف: "إن ال 159 من عمرها، مرت بأحداث ومحافل ومصاعب كثيرة اعترضت عملها، لكنها بقيت على قدر المسؤولية لتطور نفسها وتماشي المؤسسات والأجهزة الأمنية العالمية ولا سيما منها في الدول المتحضرة. قوى الأمن الداخلي وجدت لحماية حقوق المواطنين وأمنهم وتنقلاتهم وممتلكاتهم، ووجدت لحفظ النظام وتوطيد الأمن والسهر على تطبيق القوانين وحماية الحريات العامة ضمن إطارها، ولتنفيذ مهام متعددة في مجال الضابطتين الإدارية والعدلية تحت إشراف القضاء، وأوكلت إليها مهام مختلفة من حراسات وإدارة سجون وتأمين ضابطة السير. والقانون، في المقابل، أعطى قوى الأمن الداخلي حقوقا متعددة وصلاحيات إكراهية تجاه الغير، لتأمين الحماية القانونية لعناصرها في أثناء تأديتهم مهامهم وضمن قواعد محددة، تحتم اجتناب كل عنف لا تقتضيه الضرورة".

وتابع: "قوى الأمن الداخلي ملتزمة واجباتها ضمن حدود النصوص القانونية التي ترعى عملها ومهامها. وضباطها وعناصرها يبذلون ما بوسعهم لتنفيذ القوانين، وحفظ النظام وتوطيد الأمن. فمنذ 17 تشرين المنصرم لغاية تاريخه، قوى الأمن الداخلي لا تزال في جهوزية عالية مع كل حدث مستجد، وتقوم بمهامها بحرفية متميزة وبحيادية متناهية تجعلها على مسافة واحدة من الجميع. فالمؤسسة التي خاضت أشرس المعارك ضد الإرهاب والتجسس وعملت من دون كلل على مكافحتهما، بالإضافة الى مكافحة الجريمة بشتى أنواعها وأشكالها، لم ولن تصعب عليها تأدية المهام التي توكل إليها، تبعا للأحداث المتتالية التي تمر بها البلاد".

وقال: "دولة الرئيس، قوى الأمن الداخلي تقدر دعمكم الجلي لها، والذي لمسناه أيضا من معالي الوزير محمد فهمي، ابن المؤسسة العسكرية الأم، ووقوفه بحزم بجانب مؤسستنا، وذلك اقتناعا منكم بالدور الوطني الفعال والمفصلي الذي تقوم به قوى الأمن الداخلي، وقد بتنا نشعر بأن معالي الوزير هو ابن هذا البيت".

أضاف: "دولة الرئيس، معالي الوزير، وجودكم هنا اليوم هو حتما نتيجة تقدير لعمل هذه المؤسسة، لقيام عناصرها بمهامهم الحساسة بكل مسؤولية ومن دون مواربة وبشفافية ملحوظة، ولا سيما بعد ترسيخه نهج المحاسبة الجدية، والشفافة فيها. فلا شك في أننا كنا أول مؤسسة في الدولة، بادرت الى مكافحة الفساد بدءا بنفسها، وهذا ما جدد الثقة بينها وبين المواطنين، وأوجد شراكة فعالة مع المجتمع الذي يعنيه الأمن كما يعني رجل الأمن نفسه".

وختم عثمان: "دولة الرئيس، في الختام أجدد ترحيبي بكم، وأكرر تعهدي الذي قطعته على نفسي، بأن أكمل مسيرتي الأمنية على رأس هذه المؤسسة بالشكل الذي يعيد للدولة ومؤسساتها هيبتها وثقة المواطنين بها. وذلك ليس منة منا، بل هذا واجبنا ووفاء للقسم الذي أقسمناه عند انخراطنا بهذه المؤسسة. هذا الوطن في حاجة لنا جميعا، ولكل أبنائه لكي نعيد بناءه بشكل يضعه بين الدول الراقية والمتحضرة. فبلدنا وشعبه الطيب يستحقون الافضل".

فهمي

ثم ألقى وزير الداخلية كلمة قال فيها: "دولة الرئيس، أهلا وسهلا بكم في هذه المؤسسة الوطنية التي أنشئت نواتها النظامية الأولى خلال العام 1860، وأصبحت اليوم، توازي من دون أدنى شك، أهم المؤسسات الأمنية في البلدان المتقدمة، وذلك بفضل الجهود والتضحيات التي بذلتها هذه المؤسسة على مستوى حفظ النظام وتوطيد الأمن وحماية جميع اللبنانيين من المناطق كافة، بالإضافة الى حماية الممتلكات على أنواعها، وحماية القوانين وتطبيقها وتطبيق الأنظمة المنوطة بها".

أضاف: "إن دم شهداء ومصابي هذه المؤسسة، بالإضافة إلى بقية المؤسسات الأمنية، أدى الى تحقيق إنجازات كثيرة، وساهم الى حد بعيد في حماية لبنان وبقائه، وشكل عنوان تلاقي اللبنانيين كافة بأطيافهم المتعددة".

وختم: "لن أطول الكلام، بإسمي وبإسم الضباط نشكر لدولتكم دعمكم المتواصل، ونعاهدكم أن تبقى هذه المؤسسة كما كانت منذ إنشائها لخدمة لبنان واللبنانيين".

دياب

أخيرا، ألقى رئيس الحكومة كلمة قال فيها: "صباح الخير. شهر مبارك عليكم. أتوجه إليكم بالتحية أولا، على الجهد الكبير الذي تبذلونه لحفظ الأمن والنظام العام وتطبيق مندرجات إعلان التعبئة العامة، وكذلك التضحيات التي بذلتموها لحماية التعبير عن الرأي في الشارع، وبمواجهة أعمال الشغب التي حاولت حرف مطالب الناس وتشويهها، وقد تعرضتم لإصابات كثيرة في مواجهة الاعتداء على القوى الأمنية والمؤسسات الحكومية. لذلك، أتيت اليوم لأشد على أيديكم، وأنوه بالقيادة الحكيمة لقوى الأمن الداخلي، وعلى رأسها المدير العام اللواء عماد عثمان، والتي تعاملت مع هذه الوقائع بمسؤولية وطنية، لحماية المتظاهرين أولا، وحماية التعبير عن الرأي ثانيا، وحماية الأملاك العامة والخاصة ثالثا".

أضاف: "الواقع، أن صورة الدولة باهتة في نظر اللبنانيين. الدولة غير موجودة فعليا في عقول الناس. الدولة ترهلت، نتيجة ممارسات أساءت إلى دورها. الدولة خسرت هيبتها بسبب طعنات عميقة في بنيتها. الدولة فقدت ثقة الناس لأنها انفصلت عنهم. الدولة فقدت هويتها عندما تجذرت فكرة الاندماج بين السياسة والسلطة والقوى التي تحكم. فعليا، ليس لدينا ما يسمى دولة عميقة تمثل فكرة الدولة، ولا تتأثر بتغيير في السلطة إلا من حيث الأداء، إنما هناك منظومة عميقة تمثل السلطة بكل مكوناتها، ولو تغيرت صور الحاضرين على طاولتها. المطلوب اليوم فك الارتباط بين الدولة ومصالح السلطة، وربط الدولة بالمواطن مباشرة. عمليا، أنتم تمثلون واجهة الدولة أمام الناس، ويجب ألا تكونوا تحت أي ظرف، وفي أي وقت، ذراع السلطة على الناس. هكذا تستطيع الدولة استعادة هيبتها وصورتها، وهكذا تبدأ تنقية فكرة الدولة من مفهوم السلطة".

وتابع: "أنا أعلم أنكم تواجهون تحديات كثيرة، ونجحتم في الفترة الماضية، في تجاوز الكثير من حقول الألغام، بحكمة لافتة لا بد من أن أنوه بها، وبجهودكم جميعا، ضباطا ورتباء وأفراد. وأنا هنا لا أستطيع إلا أن أنوه بمعالي وزير الداخلية الذي قدم صورة ممتازة لوزارة الداخلية بكل الإدارات التابعة لها، ويشرف مباشرة على كل التفاصيل".

وختم دياب: "البلد أمانة بأيديكم، وحفظ النظام مسؤوليتكم، وأنا واثق أنكم على قدر هذه المسؤولية الوطنية، لذلك أنا هنا اليوم لأشد على أيديكم، فحمايتكم ضرورة لتكريس فكرة الدولة وهيبتها. الله يحميكم حتى تحموا الناس والبلد. عشتم وعاش لبنان".

 

نداء الوطن: الحريري يتصدّى لـ"جنرال بعبدا"… ودياب "فرق عملة" "اللعب على المكشوف"… معالم "الإنقلاب" اكتملت!

نداء الوطن: السبت 25 نيسان 2020

شارباً "حليب سباع"، أطل رئيس الحكومة حسان دياب من خلف منبر قصر بعبدا ليطلق صلية من الرشقات النارية بمختلف الأعيرة الثقيلة، التي تراوحت بين التحذير والتهديد والوعيد وصولاً إلى استخدام عبارات صاروخية تؤكد العزم على "القمع والضرب بحزم"… بهذه الصيغة الحازمة "استأسد" دياب و"كشّر عن أنياب" مستعارة من مكلّفيه، ليوجه الرسائل إلى كل من يقف حجر عثرة في مواجهة الإطباق على السلطة بكافة مفاصلها، الرئاسية والحكومية والنيابية والاقتصادية والمالية والنقدية. ولأنّ صورة إطلالة رئيس الحكومة تعكس في شكلها ومضمونها أبعاداً تشي بأنّ معالم "الانقلاب" اكتملت، دخلت البلاد في مرحلة "اللعب على المكشوف" بين الجبهات السياسية ليشكّل باكورة "أوراقها" حاكم المصرف المركزي رياض سلامة… وما حسان دياب سوى رئيس حكومة يخشى أن يذهب في أي لحظة "فرق عملة" بين السعر الرسمي والسعر الحقيقي في سوق الصرف.

فعلى الطريق نحو استيلاد "النظام الشمولي" الذي كان رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط سبّاقاً في التحذير من حياكته في أروقة السلطة، خطا دياب خطواته "العسكرية" أمس من "اليرزة" إلى "بعبدا" تحضيراً لإلقاء "البيان رقم واحد" باسم المنظومة الحاكمة، على إيقاع نشيد "ألله ياخد بإيدك" الذي نظمه وأنشده "حزب الله" له، فبدا في حزمه كمن يسدّد ديناً في رقبته لمن نصّبوه على كرسيّ السراي، فصال وجال وكال الاتهامات إلى حاكم المصرف المركزي ووضعه في قفص الاتهام بالضلوع في مؤامرة انقلابية على الحكومة، تحت راية انهيار الليرة وارتفاع الدولار، مدغدغاً بذلك أوجاع الناس الملتاعة من السياسات النقدية والمصرفية للحاكم، ومتغاضياً في المقابل عن حقيقة كونه ليس أكثر من واجهة "أكاديمية" للمنظومة السياسية نفسها، التي نهبت الخزينة العامة "على عينك يا حاكم" وأوصلت البلد إلى الحضيض في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، إن تحت وطأة ذهنية الفساد والإفساد والاستزلام في وظائف الدولة وهدر مليارات الدولارات على "كهرباء مقطوعة"، أو من خلال إدخال اللبنانيين في قطيعة عربية ودولية خدمةً للمحور الذي رعاه تكليفاً وتأليفاً.

ورداً على خطاب "فليسمعوني جيداً…"، سرعان ما أتى الرد عنيفاً على لسان الرئيس سعد الحريري بحيث صبّ فيه جام غضبه وصوّب سهامه باتجاه "جنرال بعبدا"، بعدما تلمّس في "وجبة الإفطار الأولى التي تناولها اللبنانيون على مائدة الحكومة في قصر بعبدا" كلاماً صريحاً و"خطيراً"، مفاده الإعلان عن "الإنقلاب بلغة عسكرية" والشروع في "مرحلة انتقام يكلفون رئاسة الحكومة تولي الهجوم فيها"، برتبة "جنرال يتقمص دور رئيس للحكومة". أما المعركة الحقيقية، فحرص الحريري على أن يصوب بوصلة نيرانها باتجاه "العهد القوي" الذي وجد في دياب "شحمة على فطيرته"، مؤكداً أنه سيكون "بالمرصاد" لهذا العهد الذي اختار سلوك درب عهد إميل لحود في "استحضار أدوات العام 1998 لإدارة حلقات الكيد والثأر السياسي".

وإذ من المرتقب أن يكون لحاكم المصرف المركزي "كلام قريب" يفضح فيه بعضاً من ارتكابات التركيبة الحاكمة التي أوصلت البلد إلى الانهيار، حسبما علمت "نداء الوطن" من مصادر مواكبة للحملة السياسية التي يتعرض لها سلامة، أكدت المصادر أنّ سلامة "اتخذ قراره بالرد على دياب فور سماع كلامه" أمس، وأردفت طارحةً جملة أسئلة: "هل من المعقول أن يصدر هكذا كلام عن رئيس حكومة، بحيث يلجأ إلى الشعب بدل أن يثبت قدرته على معالجة الأزمات؟ وهل يدرك رئيس الحكومة أنّ حملته ستسبب انهياراً إضافياً في سعر الليرة في السوق؟ وهل يكتفي بالشكوى أمام المواطنين ويتهرب من دور حكومته في لجم ارتفاع سعر الصرف وتسوية الوضع النقدي؟ ثم ما هي إنجازات هذه الحكومة فعلياً سوى الهيركات على ودائع المواطنين وقرار صرف 650 مليون دولار على سد بسري، وتهريب عميل إسرائيلي من السجن وعرقلة التعيينات القضائية وفرملة التعيينات المالية بانتظار الاتفاق على الحصص؟".

وليلاً، دخل "الحزب التقدمي الاشتراكي" على خط الرد على دياب وحكومته "التابعة"، لافتاً إلى أنّ تصريحه أتى "ليتنصل من الفشل وغياب الرؤية والتخبط والتردد وعمى البصيرة بفعل الكيدية التي تتحكم بمسار العمل الحكومي"، وأضاف في سياق تهكمي على توعد دياب بالضرب بحزم: "حزمك قاصر على ما يبدو عن طرق أبواب محميات فساد المتحكمين بالسلطة (…) ونحن نؤكد للحكومة الملحقة بالغرفة السوداء، ولرئيسها الذي أعلن اليوم محاولة انقلاب موصوف بالتهديد والتهويل، أنّ مصيره لن يكون سوى الفشل".

أما على ضفة رئيس مجلس النواب نبيه بري الممتنع حتى الساعة عن السير في ركب الانقلاب الجاري تنفيذ أجندته في أروقة بعبدا، فقد أوضحت مصادر وزارية قريبة من عين التينة لـ"نداء الوطن" أنّ الرئيس بري يتحفظ على طرح "الإقالة العشوائية لحاكم مصرف لبنان، خاصة في هذه الظروف التي تخلو فيها سدة حاكمية المصرف المركزي من 4 نواب للحاكم، ما سيؤدي بالتالي إلى تعطيل المصرف ذي الصلاحيات الكبرى بموجب القانون وأيضاً إلى غياب لجنة الرقابة على المصارف، مع إنتهاء ولايتها وتعطيل دور المؤسسات المصرفية في البلد".

وفي حين أعادت التحذير من أنّ "طرح تغيير الحاكم من دون تحضير الأرضية اللازمة ومن دون إعداد رؤية مناسبة للمرحلة اللاحقة ستزيد الأمور سوءاً"، ذكّرت المصادر القريبة من عين التينة بأنّ "لبنان الذي عليه إنجاز ورقة إصلاح مالية واقتصادية تتضمن إعادة هيكلة القطاع المصرفي الخاص ومصرف لبنان، يجب أن يركز جهوده على كل هذه العوامل بشكل يتضمن رؤية تفصيلية لمعالجة الأمور وليس طروحات هي كناية عن مزايدات شعبوية وعشوائية".

 

بلاغ رقم واحد"… والحريري يطلق المواجهة

النهار: السبت 25 نيسان 2020

تقول:أثقل ثنائي العهد وتياره و"حزب الله" كثيرا على رئيس الحكومة حسان دياب فحملوه ما لا يقوى بواقعه الحقيقي اطلاقا على تحمله وجعلوه رأس حربة في لعبة انقلابية سلطوية ميؤوسة لئلا يتورطوا مباشرة في التفجير السياسي الأوسع من محاولة اسقاط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والذي انكشف عن اهداف تطاول الوضع السياسي والسلطوي والإداري برمته بما ينذر بتفجير خطير لم تتأخر معالمه بالظهور مع الرد الناري للرئيس سعد الحريري على العهد والحكومة ورئيسها. ذلك ان المفاجأة الصاعقة التي فجرها رئيس الحكومة في البيان المعد سلفا الذي تلاه امس بعد جلسة مجلس الوزراء، بنبرة الجنرالات وليس رؤساء الحكومات، سرعان ما انكشف عن مخطط بديل لفشل المحاولات المتقدمة لاقالة حاكم مصرف لبنان من خلال محاولة أخيرة لدفعه الى الاستقالة عبر تحول دياب رأس حربة هجوم غير مسبوق على لسان رئيس حكومة على حاكم مصرف مركزي حتى في حقبات الحرب والانقسامات التي انعكست على المصرف المركزي وحكامه آنذاك.

وتبين انلاالهجوم الصاعق الذي تولاه دياب، جاء عقب مماحكات ونقاشات طالت اكثر من ساعة ونصف الساعة في جلسة مجلس الوزراء انقسمت فيها القوى السياسية حول ملف حاكم مصرف لبنان، اذ بدا الثنائي العهد و"التيار والوطني الحر" و"حزب الله" مندفعين نحو إيجاد مسلك لإقالة سلامة فيما تحفظ بل عارض ذلك وزراء "امل" والتزم معظم الوزراء الاخرين الصمت العاكس تحفظات ورفضا أيضا. وبدا واضحا ان محاولة إيجاد مسرب لإقالة سلامة قد أخفقت امام مسار قانوني يتعذر ان تنفد منه هذه المحاولة لان قانون النقد والتسليف لا يفسح لها أي مسلك للإقالة وخصوصا في واقع سلامة، لان القانون يلحظ حالة واحدة لاستقالة الحاكم بنفسه طوعا، اما اقالته فتستدعي إجراءات قضائية لا حكومية لإثبات وجوه القصور عن القيام بواجباته. كما ان المسلك السياسي اقفل امام محاولة دفعه للاستقالة نظرا الى الانقسام الحاصل حول القضية في مجلس الوزراء. وأفادت المعلومات ان موضوع اقالة سلامة لم يعرض على التصويت بل أعطى الوزراء آراءهم وبرز موقف لوزير المال غازي وزني الذي قال انه لا يوافق على اقالة حاكم المصرف المركزي ليس من موقع الدفاع عنه، بل لانها خطوة في المجهول في ظل الفراغ الهائل في المصرف المركزي حيث لا لجنة رقابة ولا مجلس مركزي. ولفت الى خطورة تبعات الخطوة اذا واصل الدولار قفزاته ولذلك يجب ان تدرس الأمور وتحضر بهدوء فضلا عن ان الإقالة قانونيا تخضع لآلية وفق قانون النقد والتسليف. كما لفت الى ضرورة انتظار عمل شركة التدقيق المحاسبي.

تبعا لذلك كان البديل ان ينبري رئيس الحكومة الى توجيه مضبطة اتهامية علنية الى حاكم مصرف لبنان بدت اقرب الى استعارة نبرة "البلاغ رقم واحد " الذي ينذر بمحاولات انقلابية، علما ان اللافت هنا قيام دياب قبل الجلسة بزيارة لقيادة الجيش في اليرزة! بهذه الأجواء بادر رئيس الحكومة بالهجوم على سلامة من باب إشارته أولا الى ما وصفه بـ"الغموض المريب في أداء حاكم مصرف لبنان" معتبرا ان المصرف "عاجز او معطل او او محرض على هذا التدهور المريب…ولم يعد ممكنا الاستمرار في سياسة المعالجة بالكواليس ويجب تغيير نمط التعامل مع الناس ولا يجوز ان تكون هناك معلومات مكتومة عليهم". ودعا دياب سلامة الى "ان يخرج ويعلن للبنانيين الحقائق بصراحة وما هو سقف ارتفاع الدولار وما هو افق المعالجة". بل ذهب الى القول "هل ما زال بإمكان سلامة الاستمرار في تطمين اللبنانيين الى سعر الليرة ثم فجأة تتبخر هذه التطمينات". واعتبر ان "هناك فجوة في الأداء والوضوح والصراحة والحسابات والسياسات النقدية" متحدثا عن "قرار تاريخي" بتكليف شركة دولية من اجل التحقيق المحاسبي في حسابات مصرف لبنان. وإذ قال ان خمسة مليارات دولار أخرجت من البلد في الشهرين الاولين من السنة هدد قائلا "خاطئ من يعتقد اننا سنتفرج عليهم وهم يخططون للانقلاب عبر سلب الناس أموالهم ولن نتهاون في قمع كل عابث بالاستقرار المالي والدولة ستضرب بحزم".

الحريري والرد الناري

ويمكن القول ان التطور الاخر الأكثر تفجرا تمثل في الرد الناري الذي أصدره الرئيس الحريري ليلا والذي يؤكد ان بيان دياب أستدرج البلاد الى تصعيد يصعب التكهن بما سيؤدي اليه من تداعيات وخيمة. وقد اعلن الحريري انه" لم يعد هناك من مبرر للاعتصام بالصمت بعد وجبة الإفطار الأولى التي تناولها اللبنانيون على مائدة الحكومة في قصر بعبدا والتي تعلن الانقلاب بلغة عسكرية حتى ليكاد يكون مطلقها جنرالا يتقمص دور رئيس الحكومة". ووصف بيان دياب بانه "كلام خطير يتلاعب على عواطف الناس وقلقهم المعيشي ليتبرأ من التقصير الفادح الذي تغرق فيه الحكومة" محذرا من ان "هناك عقلا انقلابيا يعمل على رمي مسؤولية الانهيار في اتجاه حاكمية مصرف لبنان وجهات سياسية محددة ويحرض الرأي العام على تبني هذا التوجه". ونبه الحريري من ان اخطر ما في هذا المخطط استخدام الغضب الشعبي وقودا لإحراق الهوية الديموقراطية والاقتصادية والاجتماعية للبنان فاحذروا أيها اللبنانيون المتاجرة السياسية والحزبية باوجاعكم ولقمة عيشكم وضمور مداخيلكم". واكد ان العهد ومعه الحكومة اختارا سلوك دروب الكيدية التقليدية والثأر السياسي " مشددا على ان "رئاسة الحكومة ستتحمل من دون ان تدري مسؤولية اغراق الليرة التي تترنح بفضائل العهد القوي على حافة الانهيار الكبير". وقال "برافو حسان دياب لقد أبليت بلاء حسنا وها انت تحقق احلامهم في تصفية النظام الاقتصادي الحر انهم يصفقون لك في القصر ويجدون فيك شحمة على فطيرة العهد القوي".

ونبه رئاسة الحكومة "من الانزلاق في هاوية الكيدية السياسية التي حفرتها جهات متخصصة بالتخريب من زمن الوصاية فلا صدقية ولا أهلية سياسية لاي مسؤول يدخل الى السرايا الكبير وفي جدول مهماته الطعن بكرامة الكبار الذين تعاقبوا على هذا الموقع الوطني". وحذر "الذين يراهنون على تحويل رئاسة الحكومة الى خندق يتجمعون فيه للانتقام من ارث السنين الماضية من ان السجل الأسود لمعظمهم في مجال القمع والهدر والاستقواء على الدولة وتعطيلها لا يستوي مع ادعاءات الشفافية والعراضات اليومية على الشاشات ونحن لهم بالمرصاد ". وعلمت "النهار"ان رد الحريري سيشكل فاتحة ردود وبيانات ومحطات إعلامية متلاحقة اذ يبدو انه قرر فتح باب المواجهة حيال كل ما أورده امس في بيانه .

جنبلاط: فريق الإفقار

وفي اول موقف بارز له من الاتجاهات التي أعلنتها الحكومة اكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لـ "النهار " ان "الأساس هو البحث في أسباب الانهيار وليس ان تحمل الحكومة سلامة او غيره المسؤولية فهناك فريق سياسي يواصل سياسة إفقار اللبنانيين ليتمكن لاحقا من تنفيذ مشروعه". وحذر جنبلاط من ان هناك "غرفة سوداء تريد انشاء لجنة برئاسة موظف كبير في وزارة المال ليقوم بالتحقيق مع الوزراء السابقين وربما الحاليين وهذا امر مستغرب" .

اما في ما يتصل بحالة التعبئة فقرر مجلس الوزراء تمديدها الى العاشر من أيار بالتزامن مع اعتماد خطة من خمس مراحل لفتح القطاعات بشكل يراعي المخاطر المحتملة وتتدرج المراحل بين 27 نيسان و8 حزيران .

 

الجمهورية:الحكومة تبحث إقالة سلامة.. وتؤجلها.. الحريري: "برافو حسان".. و"أمل" ضد "الخطوات الشعبوية"

الجمهورية/السبت 25 نيسان 2020

لعلها أعلى درجات الارباك السياسي والمالي، تلك التي سادت على المسرح الداخلي في الساعات الأخيرة، بحيث دخل كل شيء بكل شيء، هوّة سياسية تتوسّع، إنهيار مالي خطير ودولار يطيح الليرة ويحلق الى ما فوق الاربعة آلاف ليرة، عدم انسجام مجلسي - حكومي، حكومة مهتزّة بالكامل تتخبّط ذات اليمين وذات الشمال، ومودعون فقدوا كل شيء. في المحاذاة "مصرف مركزي ومصارف على منصة الاتهام الاستهداف السياسي والحراكي، وتلويح بحراكات وإجراءات وقرارات وإقالات.

كانت الساعات الماضية قد توالت فيها السيناريوهات السلبية حيال الوضع الحالي، بعضها وضع الحكومة على منصّة الترحيل، ربطاً بالوضع "المهلهل"، الذي ظهرت عليه في الجلسة التشريعية في الاونيسكو، وكذلك ربطاً بالتلاعب بالدولار الذي رفعه الى مستويات جنونية، وثمة من افترض انّ "رياح أيار" بدأت تعصف بها، عبر ارتفاع الدولار، في اشارة الى ما اصاب حكومة الرئيس عمر كرامي عام 1992. وامّا البعض الآخر من هذه السيناريوهات فصوّر البلد كجمرة تحت رماد الحراكات اقتربَ أوان اشتعالها من جديد، وبعضها ايضاً ركّز على مصرف لبنان، ويؤكد انّ حاكمه رياض سلامة صار على وشك الرحيل او الترحيل!

دياب: سلامة مسؤول

وسط هذه الصورة جاءت إطلالة رئيس الحكومة حسان دياب من القصر الجمهوري، بما تضمّنتها من تسجيل مآخذ على مصرف لبنان ودعوته الى مصارحة الناس، وكذلك ما تضمّنته من نبرة قاسية حيال "من يحيك المؤامرات". واللافت هنا الرد السريع والعنيف من قبل الرئيس سعد الحريري، مؤكداً انه بالمرصاد للوضع الانقلابي. وما بين الاطلالة والرد تلوح في الافق رائحة اشتباك سياسي عنيف سيحكم المرحلة المقبلة.

في إطلالته قال دياب: "لِمَن يحفرون الكمائن ويخططون للانقلاب من خلال سلب الناس اموالهم مرة ثانية من خلال رفع سعر صرف الدولار، نقول انّ الحكومة لن تتفرّج، ولن تسمح ولن تتهاون في منع اي عبث في الاستقرار المالي، بل ستضرب بحزم، لأن ّهؤلاء يريدون انهيار البلد لحماية أنفسهم ومصالحهم وعلى حساب مصلحة لبنان واللبنانيين".

واكد دياب "اننا لن نسمح بالمساس بمصالح اللبنانيين وممتلكاتهم وجنى عمرهم"، داعياً الى "تضافر الجهود لعبور هذا الوضع الصعب جداً". وقال: "نسمع اصوات اللبنانيين الذين يطالبوننا بالتغيير، ولكننا لسنا محكمة ثورة"، مشيراً الى "انّ التغيير يحصل من داخل آليات النظام القائم، والمحاسبة تتم تحت سقف القانون، والمرتكبون سيحاسبون".

واكد دياب "انّ الاسراع في اقرار الخطة المالية بات ضرورة ملحّة في القريب العاجل، فكلما تأخرنا في اقرارها تأخّر الانقاذ المالي"، لافتاً في هذا السياق الى "انّ الحكومة اتخذت مع رئيس الجمهورية قراراً تاريخياً بتكليف شركة دولية للتدقيق في حسابات مصرف لبنان التزاماً منّا بالشفافية"

واشار دياب الى غموض مريب يلفّ ادارة حاكم مصرف لبنان، وقال: "تدهور سعر صرف الليرة يتسارَع بشكل مريب في السوق السوداء، وغموض مريب في أداء حاكم مصرف لبنان، والمصرف عاجز او معطّل بقرار او محرّض على هذا التدهور".

أضاف: "يجب ان يكون هناك وضوح ومصارحة مع اللبنانيين، وتغيير نمط التعامل مع الناس، والابقاء على معلومات مكتومة، وعلى حاكم مصرف لبنان ان يخرج على اللبنانيين ويوضِح ما يحصل". وقال ان "السيولة في المصارف بدأت تنضب، والمطلوب اتخاذ مبادرة والتصرف سريعاً، والارقام تكشف خروج 5,7 مليارات دولار من لبنان في كانون الثاني وشباط من هذه السنة".

الحريري

وفي رد عنيف على دياب، اتهم الحريري الحكومة بإعلان الانقلاب بلغة عسكرية، وقال: "إنها مرحلة الانتقام من مرحلة كاملة يفتحونها على مصراعيها، ويكلّفون رئاسة الحكومة تولي مرحلة الهجوم فيها. لقد أغرقوا رئاسة الحكومة في شبر من العبارات المحمّلة بالتهديد والوعيد، وأخطر ما في ذلك انّ رئاسة الحكومة ستتحمل من دون ان تدري مسؤولية إغراق الليرة التي تترنّح بفضائل العهد القوي على حافة الانهيار الكبير".

اضاف: "برافو حسان دياب. لقد أبليتَ بلاء حسناً، وها انت تحقق احلامهم في تصفية النظام الاقتصادي الحر. إنهم يصفقون لك في القصر ويجدون فيك شحمة على فطيرة العهد القوي".

وقال: "هناك عقل انقلابي يعمل على رمي مسؤولية الانهيار في اتجاه حاكمية مصرف لبنان وجهات سياسية محددة، ويحرّض الرأي العام على تبنّي هذا التوجه، ويزوّده بمواد التجييش والتعبئة التي ليس من وظيفة لها سوى إثارة الفوضى وتوسيع رقعة الفلتان النقدي الذي تتبرّأ منه الحكومة لتقذفه في أحضان الآخرين. فلا وصف لكل ما يجري سوى انه تَخبّط في هاوية الافكار التجريبية والتفتيش عن ضحايا في السياسة والاقتصاد والإدارة قبل الانتقال إلى العمل بنظرية آخر الدواء الكَي. والحقيقة التي يجب الّا تغيب عن اللبنانيين في هذا المجال، انّ الاستمرار في التخبّط يضع لبنان على شفير السقوط في محنة قاسية. هناك خلل عميق في مختلف جوانب الإدارة السياسية والاقتصادية لا مجال لتغطيته والاستمرار فيه، ولكن ما هو مطروح في غرف القرار يتعلق بتغيير هوية لبنان على كل المستويات، وأخطر ما في هذا المخطط استخدام الغضب الشعبي وقوداً لإحراق الهوية الديموقراطية والاقتصادية والاجتماعية للبنان".

واشار الى انّ "العهد اختار ومعه الحكومة سلوك دروب الكيدية التقليدية واستحضار ادوات العام 1998 لإدارة حلقات الكيد والثأر السياسي، واننا ننبّه رئاسة الحكومة من الانزلاق في هاوية الكيدية السياسية التي حَفرتها جهات متخصّصة بالتخريب من زمن الوصاية، فلا مصداقية ولا أهلية سياسية لأيّ مسؤول يدخل السراي الكبير وفي جدول مهماته الطعن بكرامة الكبار الذين تعاقبوا على هذا الموقع الوطني".

اضاف: "أما الذين يراهنون على تحويل رئاسة الحكومة إلى خندق يتجمعون فيه للانتقام من إرث السنين الماضية، فيعلمون جيداً انّ شجرة الإرث الثقيل تشملهم جميعاً، كبارهم وصغارهم، وانّ السجل الاسود لمعظمهم في مجال القمع والهدر والاستقواء على الدولة وتعطيلها وتجيير مصالحها لا يستوي مع ادّعاءات النزاهة والشفافية والعراضات اليومية على الشاشات… ونحن لهم بالمرصاد".

طرح الإقالة

ولقد جاءت إطلالة دياب، بعد جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في القصر الجمهوري أمس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتقرّر فيها تمديد التعبئة أسبوعين حتى 10 ايار المقبل.

الّا انّ البارز في الجلسة، كان استعراض للوضع المالي، وبحسب مصادر وزارية، فقد عرض الواقع النقدي بشكل عميق، وجرى تقييم سلبي لأداء حاكم مصرف لبنان وطريقة ادارته للأزمة المالية الحادة، وبَدت حماسة ملحوظة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وووزراء تكتل لبنان القوي لطرح اقالة حاكم مصرف لبنان، الّا أنّ هذا الأمر قوبِل باعتراضات وتحفظات على التوقيت، من قبل بعض الوزراء، ولا سيما من قبل وزيري حركة "أمل" ووزيري تيار المردة. وخَلص النقاش الى عدم البتّ بقرار الاقالة، وإرجائه الى وقت آخر.

هجوم

وقالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية": كنّا كمَن على رؤوسنا الطير عندما طرح الرئيس حسان دياب استطلاع الرأي حول اقالة حاكم مصرف لبنان.

وبحسب معلومات "الجمهورية" فإنّ الموضوع قدّم مفتاحه رئيس الجمهورية، وفتح بابه حسّان دياب عندما قال: فخامة رئيس الجمهورية، انّ الوضع المالي والنقدي صعب جداً، وقانون النقد والتسليف الذي ينصّ على سلامة النقد واستقرار الاقتصاد وسلامة النظام المصرفي وتطور السوق النقدية "عم يخرَب" ومهدّد… فسارعَ دياب الى ملاقاته بالتصويب المباشر على حاكم المركزي من خلال طلب رأي الوزراء حول أدائه واقتراح اقالته، فكان الوزير مشرفية اول المتكلمين، حيث تحدث عن السياسات المالية الخاطئة، وتبعته الوزيرة غادة شريم بشكل أعنف وقالت انّ الناس اليوم تنتظر منّا موقفاً واضحاً ومفصلياً، مُبدية موقفاً حاداً تجاهه.

وكرّت السبحة، فاعتبرت وزيرة العدل زينة عدرا الّا سلطة فوق سلطة مجلس الوزراء في اتخاذ القرارات وتحديد السياسة المالية، فيما دعا الوزير عماد حب الله الى محاسبة الحاكم وطالب بأن تكون الحاكمية تحت سلطة المحاسبة.

ولوحظ انّ الوزير حمد حسن كان اقل هجوماً ولم يُسمّ الحاكم، لكنه طالب باتخاذ قرار جريء ومسؤول يريح البلاد من تطور كارثي لا تحمد عقباه.

وتحدث وزير الاتصالات عن انعكاس ازمة الدولار على قطاع الخلوي، مؤكدا انّ هناك ازمة دفع للشركتين بالعملة الاجنبية. فيما نبّه وزير الاقتصاد من المسؤولية التي لا تقع فقط على الحاكم، فالاقتصاد القوي يحتاج الى قضاء وسياسة مالية وعلينا اعادة النظر بالاثنين خصوصاً اننا نحتاج الى حل المشكلة قبل الذهاب الى المجتمع الدولي.

بدوره، حذر وزير الداخلية محمد فهمي من خطورة الامر، وقال انّ القوى الامنية تتحمّل اكثر من طاقتها لضبط الوضع وعلى عاتقها مهام كثيرة.

وامّا وزير المال غازي وزنة فرأى انّ المسؤولية لا يتحملها فقط الحاكم وحده، وليس هو المسؤول الوحيد عن تدهور وضع الليرة فهناك مسؤولية تقع على عاتق القوى السياسية، ويجب الاسراع بالتعيينات حتى لا يحمل شخص فقط المسؤولية كاملة، وعلينا تحصين المركزي والقيام بالتدقيق المالي، واضعاً مجلس الوزراء بنتيجة تفاوضه مع شركات التدقيق الثلاث والتي ستبدأ عملية الـ audit.

بدوره، دعا الوزير عباس مرتضى الى درس تداعيات اي قرار يتخذ على مستوى الحاكمية قبل الذهاب اليه.

فسأل دياب مباشرة الوزراء: من منكم مع اتخاذ اجراء ضد حاكم مصرف لبنان؟ فأجاب مرتضى: نحن نجهل تداعيات اي قرار وعلينا التشاور لأنّ الامر يتعلق بمصير بلد.

وانقسم الوزراء بين مَن هم مع، ومَن لم يعط جواباً. فقال دياب: بأي حال الموضوع سياسي والقرار سياسي، وسأتصل مع الجهات السياسية لبحثه ومناقشته قبل اتخاذ اي قرار، وسنناقش الامر لاحقاً. وانتهى النقاش على هذا الحد.

مرتضى

وقال الوزير مرتضى لـ"الجمهورية: انّ إقالة الحاكم لم تطرح على التصويت انما كانت من باب استطلاع الرأي، ولو كان صحيحاً انها طُرحت فلماذا لم تتم اقالته؟ فأنا والوزير وزنة وزيران داخل حكومة من 20، ولو كان صحيحاً انه جرى التصويت لكان صدر القرار ولم يسقطه صوتان. واضاف: نحن أبدينا موقفاً واضحاً بأنّ هكذا قرار مجهول النتائج والتداعيات، ويحتاج الى تشاور وبحث معمّق ووضع سيناريوهات للتعامل معها، خصوصاً انّ التعيينات المالية لم تنجز ولا نواب حاكم يتحمّلون المسؤولية في استمرارية القطاع. وختم مرتضى: إتفقنا منذ البداية ان لا ملفات تطرح من خارج جدول الاعمال، فكيف بهكذا قرار حساس ودقيق ولا تعرف انعكاساته على الارض؟.

"فتوى الاقالة"!

وبحسب المصادر الوزارية، فإنّ التوجّه نحو اقالة سلامة، على "فتوى" أعدّها احد المقرّبين من مرجع رئاسي رأت ان في الامكان الاستناد اليها لإقالة الحاكم، الذي لا توجد اي امكانية لإقالته وفق ما ينص عليه قانون النقد والتسليف الذي يؤكد في مادته الـ19 عدم امكانية اقالة الحاكم الّا لعجز صحي مُثبت، او لإخلال بواجبات الوظيفة او لخطأ فادح في تسيير الاعمال.

وتشير المصادر الى انّ هذه الفتوى ترتكز على المادة 19 من قانون النقد، بحيث تعتبر في اساسها انّ سلامة قام بعمل فادح حيال اموال المودعين، وكذلك حيال ما حصل بالبلد على صعيد الدولار وفقدان السيولة، فهو مسؤول عن ذلك، وبناء على هذه الفتوى يستطيع مجلس الوزراء ان يتخذ قراراً بإقالته وتعيين بديل منه، واذا ما اعترض سلامة على هذا الامر، يستطيع عندئذ ان يحتكم الى مجلس شورى الدولة.

وبحسب المعلومات، فإنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كان متحمّساً لهذه الفتوى، وانه تمّ إطلاع "حزب الله" عليها فلم يمانع.

عين التينة

وكان اللافت للانتباه في هذا السياق، هو التحفّظ الذي عكسته اجواء عين التينة لخطوة اقالة حاكم مصرف لبنان.

وقالت مصادر وزارية قريبة من عين التينة لـ"الجمهورية": انّ التحفظ هو على "الاقالة العشوائية" وتوقيتها، فهناك وضع اقتصادي مهترىء، ووضع نقدي غير مستقر، فضلاً عن انّ هذا الامر يطرح في وقت ان المجلس المركزي لمصرف لبنان معطّل، بشغور مراكز نواب الحاكم، وفي الوقت الذي لا توجد لجنة رقابة على المصارف، والسؤال الذي يطرح هنا كيف يمكن التفكير بهذه الخطوة في ظل هذا الوضع، وفي اللحظة التي يدخل فيها لبنان في تفاوض مع صندوق النقد الدولي ومع الدائنين ربطاً بسندات اليوروبوندز، وهل يمكن تحديد حجم تداعياتها السلبية في هذا الوقت، ومن يستطيع في هذه الحالة ان يكبح سعر الدولار المتفلّت من اي ضوابط، واي حال سيصيب مصرف لبنان في ظل الفراغ الذي سيترتّب على مثل هذه الخطوة".

ولفتت المصادر الوزارية الى انّ الاولوية هي لإنجاز الخطة الانقاذية للحكومة التي تلحظ في مضمونها اعادة هيكلة المصارف ومصرف لبنان، وكذلك التحضير لإجراء التعيينات المالية في اقرب وقت ممكن، ووضع الآلية التي باتت اكثر من مُلحّة لمواجهة التلاعب والمتلاعبين بالعملة الوطنية، وليس التلهّي بخطوات طابعها شعبوي يمكن ان تترتّب عليها اضرار جسيمة، ربما اكبر من الضرر الذي يلحقه التلاعب بالليرة كما يجري حالياً.

دخول فرنسي

الى ذلك، تحدثت معلومات عن دخول فرنسي مباشر على هذا الخط، نصح بعدم التهوّر باتخاذ خطوة من هذا النوع، من دون ان تشير المعلومات الى ما اذا كان الموقف الفرنسي الاعتراضي على إقالة سلامة يعّبر عن الفرنسيين وحدهم، او يعبّر في الوقت نفسه عن مواقف دول اخرى، وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية.

كلهم مسؤولون

وقال خبير اقتصادي لـ"الجمهورية": انّ ما يحصل في هذا المجال هو محاولة عن قصد او عن غير قصد لإطاحة النظام الاقتصادي الحر.

اضاف: من الخطأ إلقاء مسؤولية كل ما حصل من انهيار مالي على حاكم مصرف لبنان، فهو يتحمّل جانباً اساسياً من هذه المسؤولية، وكذلك المصارف، إنما هناك مسؤول اساسي لا بل المسؤول الاكبر هو الدولة اللبنانية، التي أخذت ودائع الناس واستدانَت من مصرف لبنان وصرفت الاموال وتسبّبت بالعجز والهدر والفساد والسرقات وسوء ادارة الدولة وبامتناعها حتى الآن من مكافحة الفساد وإزالة محميّاته.

ولفت الخبير نفسه الى انّ التعاميم المتتالية التي أصدرها مصرف لبنان في الآونة الاخيرة ينبغي مقاربتها بموضوعية وليس بطريقة شعبوية، ذلك انّ القصد منها "ترييح" الناس، فالمصارف كانت قبل "كورونا" قد وضعت سقفاً للدفع للناس بالدولار الى حد لا يزيد عن 500 او 600 دولار شهرياً، وبعد كورونا امتنعت هذه المصارف عن الدفع نهائياً، فجاء التعميمم الأول حول الودائع بـ5 ملايين ليرة و3 آلاف دولار، وصولاً الى التعيميم الاخير حول إمكانية السحب من الودائع بالدولار حتى 5000 آلاف دولار، بقيمة المبلغ المسحوب بالليرة اللبنانية بحسب سعر السوق، وكان المصرف في صَدد أن يَستتبع ذلك بتعميم جديد يرفع فيه الحد من 5 الى 10 آلاف دولار.

مظلة أمان!

وعلمت "الجمهورية" انّ الساعات القليلة السابقة لانعقاد جلسة مجلس الوزراء امس، شهدت حركة اتصالات مكثفة، حيث فُتحت هواتف السلطة على بعضها البعض، متابعة للوضع المالي المخيف في الشارع، خصوصاً انّ معلومات بعض المراجع الرسمية والسياسية تؤكد وجود يد خفية بدأت تحرّك الداخل في اتجاه تصعيدي خطير، وسلاحها الاول هو الدولار وضرب العملة الوطنية، بهدف خلق حالة غضب شعبية كبرى.

وبحسب هذه المعلومات فإنّ الجهات الرسمية لا ترى اي موجب لارتفاع سعر الدولار بالشكل الذي قاربَ 1000 ليرة في يوم واحد، أي يوم الخميس، في الوقت الذي لا يوجد فيه طلب بالحجم الكبير على الدولار، اضافة الى انه في الاساس لا يوجد دولار نقدي في السوق ولا حتى لدى الصرافيين. وهذا يؤكد في رأي الجهات الرسمية انّ جهات سياسية في المعارضة تقف خلف محاولة انهيار البلد التي بدأت نذرها مع رفع سعر الدولار، علماً انّ الهدف الاساس ليس إسقاط الليرة، ولا اطاحة الحكومة، بل هو استهداف للعهد وإفشاله، وبالتالي السعي الى إنهائه".

وتشير المعلومات الى أنّ جانباً أساسياً من هذه الاتصالات تركز على محاولة تأمين مظلة أمان متجدّدة للحكومة، خصوصاً أنّ الحكومة خرجت من الجلسة الاخيرة لمجلس النواب في الاونيسكو مصابة بشظايا سياسية وأضرار معنوية كبرى، حيث تزامَن معها التلاعب بالدولار.

وبحسب مصادر المعلومات، فـ"إنّ هذا الامر أثار الريبة لدى المثلث الضامن للحكومة من محاولة لتكرار سيناريو العام 1992، كما حصل مع حكومة كرامي، وانّ ما حصل من انهيار في سعر الليرة اخيراً ليس انهياراً اقتصادياً، بل هو انهيار سياسي بفِعل فاعل، ما يعني انّ هناك جهات خارج السلطة تلعب بالدولار لغايات سياسية، ربما يكونون نافذين ومسؤولين سابقين، او مصرفيين، او مصارف قريبة من بعض خصوم الحكومة ورئيسها".

ولفتت المصادر الى انه في سياق توفير مظلة الامان، اندرَجت زيارة النائب علي حسن خليل لرئيس الحكومة حسان دياب موفداً من الرئيس نبيه بري، وكذلك في إصدار رئيس المجلس بياناً تحفيزياً للحكومة في مواجهة اللعب بالدولار دعا فيه الحكومة الى العمل، مؤكداً انه لا يجوز لها ان تبقى في موقع المتفرّج والشاهد على ما يجري، والقصد من هذا البيان هو حَث الحكومة على اتخاذ قرار بما لديها من سلطات امنية ومالية وقضائية، ولكي تكشف من هم المتلاعبون بالدولار وتحاسبهم وتزجّهم في السجون.

 

الشرق: الحريري:الحكومة أعلنت انقلابا بلغة عسكرية.. ونحن لهم بالمرصاد

الشرق: السبت 25 نيسان 2020

برغم الضجيج الذي رافق عودتي الى بيروت وملأ مواقع التواصل ووسائل الاعلام بتحليلات وتوقعات وتمنيات لم تكن في معظمها موفقة، فقد آثرت مقاربة الأوضاع حيث دعت الحاجة، من منطلق الضرورات التي توجبها المصلحة العامة في مواجهة الخطر الداهم لوباء كورونا.

اليوم لم يعد هناك ما يبرر الإعتصام في الصمت بعد وجبة الافطار الاولى التي تناولها اللبنانيون على مائدة الحكومة في قصر بعبدا. وجبة لا تقيم حساباً لما بعدها وتعلن الانقلاب بلغة عسكرية، سبقتها زيارة الى اليرزة وعراضة حكومية امام كبار الضباط، حتى ليكاد ان يكون مطلقها جنرالاً يتقمص دور رئيس للحكومة.

كلام خطير يتلاعب على عواطف الناس وقلقهم المعيشي وخوفهم على لقمة عيشهم، ليتبرأ من التقصير الفادح الذي تغرق فيه الحكومة من رأسها الى أخمص القدمين. إنها مرحلة الانتقام من مرحلة كاملة يفتحونها على مصراعيها، ويكلفون رئاسة الحكومة تولي مرحلة الهجوم فيها.

لقد أغرقوا رئاسة الحكومة في شبر من العبارات المحملة بالتهديد والوعيد، وأخطر ما في ذلك ان رئاسة الحكومة ستتحمل دون ان تدري مسؤولية إغراق الليرة التي تترنح بفضائل العهد القوي على حافة الانهيار الكبير.

- برا?و حسان دياب. لقد أبليت بلاء حسناً، وها انت تحقق احلامهم في تصفية النظام الاقتصادي الحر. انهم يصفقون لك في القصر ويجدون فيك شحمة على فطيرة العهد القوي. فكيف يمكن ان تغيب عنك الجهة التي تسببت بنصف الدين العام من خلال دعم الكهرباء، وأن تغض النظر عن سبع سنوات من تعطيل المؤسسات الدستورية، وألا تسأل عن السياسات التي أضرت بعلاقات لبنان العربية والدولية، وألا تلتفت الى المسؤوليات التي يتحملها الاوصياء الجدد على رئاسة الحكومة. هل هي جميعها من صناعة حاكم مصرف لبنان؟

يقول المثل اللبناني؛ إن الدنيا وجوه وعتاب. ويبدو ان الوجوه التي دخلت جنة الحكم كان حضورها كافياً لإدخال البلاد في جهنم نقدية واقتصادية استكملوا خطواتها في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وأن عتبة العهد، التي شاركنا للأسف في تبليطها، ضربت الرقم القياسي في الانهيار النقدي والمالي منذ قيام دولة الاستقلال.

هناك عقل انقلابي يعمل على رمي مسؤولية الانهيار في اتجاه حاكمية مصرف لبنان وجهات سياسية محددة، ويحرّض الرأي العام على تبني هذا التوجه، ويزوّده بمواد التجييش والتعبئة التي ليس من وظيفة لها سوى إثارة الفوضى وتوسيع رقعة الفلتان النقدي الذي تتبرأ منه الحكومة لتقذفه في احضان الآخرين.

لا وصف لكل ما يجري سوى انه تخبط في هاوية الافكار التجريبية والتفتيش عن ضحايا في السياسة والاقتصاد والإدارة قبل الانتقال إلى العمل بنظرية آخر الدواء الكي. والحقيقة التي يجب ألا تغيب عن اللبنانيين في هذا المجال، ان الاستمرار في التخبط يضع لبنان على شفير السقوط في محنة قاسية، أين أضرارها وخسائرها وتداعياتها الاقتصادية والمالية والمعيشية من النتائج المترتبة على وباء الكورونا. والمسؤولية تقتضي الصدق والصراحة وعدم الاختفاء وراء شعارات الموسم، وتنبيه اللبنانيين من الاندفاع الأعمى نحو هذا السقوط، وركوب موجات اليأس ودعوات الانتقام من الذات، وصولاً الى تدمير بناء اقتصادي واجتماعي شكل نموذجاً للنهوض والنمو والازدهار على مدى عقود طويلة.

هناك خلل عميق في مختلف جوانب الإدارة السياسية والاقتصادية لا مجال لتغطيته والاستمرار فيه، ولكن ما هو مطروح في غرف القرار يتعلق بتغيير هوية لبنان على كل المستويات، وأخطر ما في هذا المخطط استخدام الغضب الشعبي وقوداً لإحراق الهوية الديموقراطية والاقتصادية والاجتماعية للبنان.

فاحذروا ايها اللبنانيون، المتاجرة السياسية والحزبية بأوجاعكم ولقمة عيشكم وضمور مداخيلكم، ولا تقدموا لتجار الهيكل فرصة الانقضاض على النظام الاقتصادي الحر. ما تسمعونه من مواقف وتقرأونه من أوراق عمل يعدها منظرو الحكم والحكومة، يشكل دعوة لتكليف الذئب في رعاية القطيع، او هو اسلوب مبتكر في إعطاء المتهم صلاحية التحقيق في الاتهامات المنسوبة إليه.

لقد وقع الانهيار نتيجة المماطلة في تحديد مسارات الانقاذ منذ حكومة العهد الأولى. وتدرّج الانهيار طوال الأشهر الماضية، ليصل إلى ما وصل اليه في الساعات الأخيرة، حيث ضرب سعر الدولار رقماً غير مسبوق حتى في أسوأ ظروف الحرب الأهلية. الى ذلك اختار العهد ومعه الحكومة سلوك دروب الكيدية التقليدية واستحضار ادوات العام 1998 لإدارة حلقات الكيد والثأر السياسي.

فكم كان يستحسن في هذا الظرف العصيب ان تقتدي الحكومة بتوجيهات الأطباء إلتزام التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي، فتعتمد التباعد السياسي والحجر الحكومي عن الأفكار الموبؤة والنصائح المسمومة من جهابذة المرحلة وسماسرتها ومنظريها، ورمي التهم يميناً ويساراً للتغطية على ادوارهم في مسلسل التعطيل والفرص الضائعة.

لقد جاء الكلام الذي صدر بعد جلسة مجلس الوزراء في بعبدا ليؤكد انخراط الحكومة في النهج الانتقامي الذي ساد منذ أواخر التسعينات والذي اعتقدنا ان المتغيرات والمصالحات التي شهدتها السنوات الاخيرة يمكن ان تنجح في وقفه وإزالة الغِل الكامن في بعض النفوس. ونحن في هذا السبيل لا نتوقف عند كلام الدكتور حسان دياب لأنه يقع في دائرة المواقف التي تعودنا عليها منذ التسعينات وارتأى هو الانتساب إليها بعد ما أنزلت عليه رئاسة الحكومة في ليلة لم تكن في الحسبان، لكننا نتوقف عند الكلام الذي يصدر عن رئاسة الحكومة بما هي موقع مركزي في المعادلة الوطنية، من غير المسموح ان تكون مطية لمآرب الناشطين على مواقع الاحقاد الدفينة وموطئاً للمستشارين المزروعين في أروقة السراي لتصفية بعض الحسابات السياسية والشخصية.

الحكومة تحاول ان تستجدي التحركات الشعبية بإغراءات شعبوية وتمارس سياسة تبييض صفحة العهد ورموزه على طريقة تبييض الوجوه والأموال والمسروقات، ثم تلجأ إلى ركوب موجة المطالب دون ان تتمكن من تلبيتها وترمي تخبطها ودورانها حول نفسها على الإرث الثقيل للحكومات المتعاقبة.

استحضروها لمهمة عجزت عنها وحوش الوصاية في عز سيطرتها، وها هم يطلون من جحورهم مرة اخرى، ويتخذون من رئاسة الحكومة جسراً لاعلان الحرب على مرحلة مضيئة من تاريخ لبنان أطلقت مشروع اعادة الاعتبار للدولة بعدما اجتمع جنرالات الحروب العبثية على كسرها.

إننا ننبّه رئاسة الحكومة من الانزلاق في هاوية الكيدية السياسية التي حفرتها جهات متخصصة بالتخريب من زمن الوصاية، فلا مصداقية ولا أهلية سياسية لأي مسؤول يدخل السراي الكبير وفي جدول مهماته الطعن بكرامة الكبار الذين تعاقبوا على هذا الموقع الوطني.

أما الذين يراهنون على تحويل رئاسة الحكومة إلى خندق يتجمعون فيه للانتقام من إرث السنين الماضية، فيعلمون جيداً ان شجرة الإرث الثقيل تشملهم جميعاً، كبارهم وصغارهم، وأن السجل الاسود لمعظمهم في مجال القمع والهدر والاستقواء على الدولة وتعطيلها وتجيير مصالحها لا يستوي مع ادعاءات النزاهة والشفافية والعراضات اليومية على الشاشات… ونحن لهم بالمرصاد".

 

/New A/E LCCC Postings for todayجديد موقعي الألكتروني ل ليوم 25-26 نيسان/2020

رابط الموقع
http://eliasbejjaninews.com

الذكرى السنوية لاندحار وانسحاب جيش الأسد المجرم من وطن الأرز المقدس

الياس بجاني/26 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/74244/%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%b3-%d8%a8%d8%ac%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%af%d8%ad%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%a7/

يتذكر شعبنا اللبناني اليوم اندحار وانسحاب جيش نظام الأسد الجزار من لبنان وهو بذل يجرجر الهزيمة والخيبة والانكسار. خرج جيش الأسد من لبنان مجبراً بضغط سلمي وحضاري ومشرّف من قِّبل ثوار الأرز وثورتهم وبدعم دولي وإقليمي. إلا أن الجيش الإيراني، الذي هو حزب الله الإرهابي والمذهبي والغزواتي حل مكان الجيش السوري وبقي لبنان حتى يومنا هذا محتلاً ومصادراً قراره ومضطهدون وملاحقون فيه الأحرار والسياديين والشرفاء.رحل جيش الأسد الغازي والستاليني، رحل الأصيل وبقي البديل والوكيل، جيش الولي الفقيه الذي يتباهى أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بأنه جندي فيه.

 

 

للمراسلين والمراسلات، فاعلي الخير، للسياسيين...

يوسف ي. الخوري/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85399/85399/

 

وليد فارس: إزاحة حاكم مصرف لبنان او قائد الجيش قرار وفعل إيراني

المركزية/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85426/%d8%af-%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%af-%d9%81%d8%a7%d8%b1%d8%b3-%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%83%d8%b2%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7/

 

 

 

وضع المصرف المركزي في لبنان تحت الوصاية الدولية، لانقاذه/د.وليد فارس/25 نيسان/2020

Lebanon’s Central Bank under International Control/Dr.Walid Phares/April 25/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85426/%d8%af-%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%af-%d9%81%d8%a7%d8%b1%d8%b3-%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%83%d8%b2%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7/

 

مسؤولية الحكام ومسؤولية الحاكم!

علي حماده/النهار/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85405/%d8%b9%d9%84%d9%8a-%d8%ad%d9%85%d8%a7%d8%af%d9%87-%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d8%a7%d9%85-%d9%88%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad/

 

عندما تنزع الثورة كمامات «كورونا»!

راجح الخوري/الشرق الأوسط//25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85407/%d8%b1%d8%a7%d8%ac%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d8%aa%d9%86%d8%b2%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d9%83/

 

15 سنة على انسحاب الجيش السوري من لبنان: أي لبنان وأي سوريا اليوم/عمل النظام السوري على تفكيك النسيج الاجتماعي اللبناني و"اختراع قيادات" للطوائف تابعة له

رفيق خوري/انديبندت عربية/25 نيسان/2020

http://eliasbejjaninews.com/archives/85410/%d8%b1%d9%81%d9%8a%d9%82-%d8%ae%d9%88%d8%b1%d9%8a-15-%d8%b3%d9%86%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%86%d8%b3%d8%ad%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a/

قصة سوريا في لبنان ومعه طويلة، مذ اعتبرت أن إعلان "لبنان الكبير" عام 1920 "خطأ تاريخي"، ثم في التدخل العسكري غير المباشر في حرب لبنان عام 1975 الذي بدأ قبل الدخول العسكري المباشر.

فلا الدور السوري بدأ مع الحرب، ولا هو انتهى بالخروج العسكري في مثل هذه الأيام قبل 15 سنة.

الدخول جاء باتفاق مع أميركا والخروج كان بقرار أميركي- فرنسي.

 

Armenians across coronavirus-hit Middle East commemorate 105th genocide anniversary with vigils and online ceremonies
 Gasia Ohanes/The New Arab/April 25/2020
 
كاتيا أوهانس: الأرمن في دول الشرق الأوسط يحييون الذكرى ال 105 للإبادة التي تعرض لها شعبهم على أيد العثمانيين
 
http://eliasbejjaninews.com/archives/85428/%d9%83%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%a7-%d8%a3%d9%88%d9%87%d8%a7%d9%86%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d9%85%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b3/